في أقل من 12 ساعة عقب إعلان الرئيس جو بايدن انسحابه من السباق الرئاسي لإعادة انتخابه وتأييده نائبته كامالا هاريس لخوض السباق، شهدت حملة هاريس تدفقاً كبيراً للتبرعات الشعبية لحملتها الانتخابية التي استطاعت جمع ما يقرب من 50 مليون دولار من التبرعات خلال ساعات.
وقالت لورين هيت، المتحدثة باسم حملة هاريس، في بيان: «منذ أن أيَّد الرئيس (بايدن) نائبة الرئيس هاريس بعد ظهر الأحد، قدّم الأميركيون العاديون 49.6 مليون دولار من التبرعات الشعبية لحملتها».
وأثار هذا المبلغ الكبير إعجاب الاستراتيجيين داخل أروقة الحزب الديمقراطي؛ إذ اعتبروه علامة على الحماسة الشعبية بين الناخبين الديمقراطيين لتأييد هاريس في أعقاب قرار بايدن عدم الترشح لإعادة انتخابه. ووصف بعض الخبراء قدرة حملة هاريس على جمع هذا المبلغ بأنه يعكس قوة هاريس باعتبارها الخيار الأكثر ترجيحاً لتحل محل الرئيس على رأس القائمة. ويشكّل سلاح المال عاملاً مهماً في تقييم قدرة المرشح الرئاسي على حشد الدعم والتأييد.
«النساء السوداوات»
وفي علامة على قدرتها على حشد أصوات الناخبين من الأميركيين السود وأصوات النساء، أعلنت حركة «فز مع النساء السوداوات» win with Black women حشد أكثر من 45 ألف شخص مساء الأحد في مكالمة عبر تطبيق «زووم» لدعم حملة هاريس التي استطاعت جمع 1.5 مليون دولار خلال ساعة ونصف الساعة. وقالت رئيسة الحركة جوتاكا ايدي، والنائبة جويس بيتي، وارلين برادلي، المديرة التنفيذية للمجلس الوطني للنساء السوداوات، إن الحركة ستستمر في حشد الدعم وجمع التبرعات لكامالا هاريس.
ومنذ إعلان بايدن الانسحاب من السباق، خرجت هاريس لتؤكد أنها تخطط للفوز بترشيح الحزب وأنها ستعمل على توحيد الصف الديمقراطي. وهي قالت، في بيان بعد نحو ساعتين من إعلان بايدن تأييده لها، إنها «تتشرف بالحصول على تأييد الرئيس ونيتي كسب هذا الترشيح والفوز به». وأضافت: «سأبذل كل ما في وسعي لتوحيد الحزب الديمقراطي - وتوحيد أمتنا - لهزيمة دونالد ترمب وأجندته المتطرفة لمشروع 2025». وقال مصدر مطلع لشبكة «فوكس نيوز» إن بايدن وهاريس تحدثا مرات عدة يوم الأحد قبل إعلان الرئيس الانسحاب.
ويقول خبراء إنه يتعين على هاريس حشد كبار المانحين وكبار قيادات الحزب الديمقراطي لتأييدها، لكن الخطوة الأهم ستكون حصد أصوات المندوبين خلال المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي الذي سيبدأ أعماله في 19 أغسطس (آب) المقبل في شيكاغو، وسيكون عليها التغلب على أي منافسين قد يترشحون أمامها. وليس من الواضح ما إذا كانت ستواجه أي منافسين جدد خلال الأسابيع الأربعة المقبلة قبل بدء أعمال المؤتمر.
ويؤكد خبراء أن تأييد الرئيس بايدن يمكن أن يحبط أي تفكير من جانب ديمقراطيين طامحين في محاولة الترشح للرئاسة، كما أن منصب هاريس نائبة رئيس كانت على ورقة حملة «بايدن - هاريس» يمنحها الأولوية ويمنحها أيضاً النفاذ إلى الأموال التي جمعتها حملتهما خلال الأشهر الماضية والتي تزيد على 120 مليون دولار. لكن يتعين عليها أن تعمل لهيكلة جديدة لحملتها وإثبات قدرتها على القيادة وكسب التأييد داخل الحزب الديمقراطي وجذب الناخبين لحملتها وبرنامجها الانتخابي.
100 مكالمة
وقال شخص مطلع على الأمر إن هاريس قضت يوم الأحد في العمل على الهاتف، وأمضت ما يقرب من عشر ساعات في إجراء مكالمات لأكثر من 100 من قادة الحزب وأعضاء الكونغرس والمحافظين والقادة العماليين وجماعات الحقوق المدنية. وأوضحت هاريس في تلك المكالمات أنها تقدّر تأييد بايدن، لكنها تخطط للعمل من أجل الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي بنفسها.
وقد حصلت هاريس بالفعل على تأييد من أكثر من ستة حكام ديمقراطيين، بما في ذلك حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم وحاكمة نيويورك كاثي هوشول؛ إلى جانب أكثر من 178 مشرعاً ديمقراطياً في مجلسي النواب والشيوخ. وكان أقوى إعلانات التأييد التي حصلت عليها بعد تأييد بايدن لها هو إعلان الرئيس السابق بيل كلينتون ووزيرة الخارجية السابقة والسيناتور السابقة هيلاري كلينتون، المرشحة الديمقراطية للرئاسة لعام 2016، تأييدها. كما سارع ريد هوفمان، أحد مؤسسي موقع LinkedIn، وهو أحد أكبر المانحين لحملة بايدن، إلى تأييد هاريس.
أوباما وبيلوسي
ورغم التأييد من عدد كبير من قادة وصقور الحزب الديمقراطي والمشرّعين الديمقراطيين في الكونغرس، فإن التحالف الذي قاده الرئيس السابق باراك أوباما، ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وزعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر لإقناع بايدن بالانسحاب من السباق، لم يعلن تأييده هاريس. وقد أحجم أوباما عن إعلان تأييد هاريس، وأعلن أنه يدعم عملية يمكن أن يظهر فيها مرشح «متميز». وكتب الرئيس السابق في رسالة: «سنبحر في مياه مجهولة في الأيام المقبلة. لكن لدي ثقة غير عادية في أن قادة حزبنا سيكونون قادرين على خلق عملية يخرج منها مرشح بارز». وكان أوباما والسيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما من بين العشرات من كبار الديمقراطيين الذين أشادوا ببايدن لوضعه الأمة والحزب فوق الطموحات الشخصية.
وسيكون موقف نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب السابقة، وزعيم الديمقراطيين في مجلس النواب حكيم جيفريز، وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، بالغ الأهمية في طريقة نيل هاريس تأييد حزبها لخوض الانتخابات.
وفي حين قال جمهوريون إن إحجام أوباما عن تأييد هاريس هو دليل على الازدراء وعدم اقتناعه بقدراتها، قال قريبون منه إنه أراد وضع نفسه كرجل دولة محايد يرتقي فوق المكائد والانقسامات التي يمكن أن تحدث داخل الحزب الديمقراطي، ونفوا أن هناك مرشحاً بديلاً لديه.
من جانب آخر، أرسل رئيس اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي، جيمي هاريسون، مذكرة لأعضاء الحزب أشار فيها إلى التزام اللجنة الوطنية الديمقراطية بالمضي في عملية شفافة ومنظمة قدماً كحزب موحد لاختيار مرشح للحزب يستطيع هزيمة المرشح الجمهوري دونالد ترمب في نوفمبر (تشرين الثاني). وأضافت المذكرة: «في الأيام المقبلة ستسمعون المزيد حول الخطوات التالية لاختيار مرشحنا رسمياً، وبينما نمضي قدماً ستبقى قيمنا كديمقراطيين هي حماية الحرية والنضال من أجل الأسر الأميركية العاملة وإنقاذ ديمقراطيتنا من تهديد الديكتاتورية».