يُعدّ اختيار المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية، دونالد ترمب، جيمس ديفيد (جي دي) فانس لمنصب نائب الرئيس سبباً في إثارة المخاوف في أوروبا من أنه قد ينتهج سياسة خارجية تقوم على مبدأ «أميركا أولاً»، التي يمكن أن تبلغ ذروتها في إجبار أوكرانيا على الإذعان للرئيس الروسي فلاديمير بوتين والسعي من أجل السلام مع روسيا.
وقال أحد كبار الدبلوماسيين الأوروبيين في واشنطن: «إنه أمر سيئ بالنسبة إلينا، لكنه خبر فظيع بالنسبة إلى أوكرانيا... فانس ليس حليفنا»، وفقاً لصحيفة «الغارديان».
وكثيراً ما وصف الدبلوماسيون والمراقبون الأجانب سياسات ترمب الفعلية بأنها «صندوق أسود»، قائلين إنه من المستحيل معرفة ما سيفعله الزعيم الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته عندما يكون في السلطة.
وقد هدأ البعض أنفسهم عبر الإشارة إلى أن الأسماء المرشحة للمناصب العليا، مثل مستشار الأمن القومي السابق روبرت أوبراين، ستحافظ على الوضع الراهن للسياسة الخارجية بينما يركز ترمب على الشؤون الداخلية.
لكن إدارة ترمب المرتقبة لديها الآن بديل أكثر نشاطاً سوف يغذي شكوك ترمب تجاه أوكرانيا وأوروبا، في حين يحث على التجارة العدوانية والسياسة الخارجية المتشددة للحزب في أماكن أخرى من العالم.
وقال مايكل ماكفول، مدير «معهد فريمان سبوجلي للدراسات الدولية»، والسفير السابق لدى روسيا: «كان السيناتور فانس أحد المعارضين الرئيسيين لحزمة المساعدة الجديدة لأوكرانيا في الربيع الماضي، وقد أعرب عن عدم اكتراثه بما يحدث في تلك الحرب... من خلال اختيار فانس لمنصب نائب الرئيس، أوضح ترمب خياره للناخبين الأميركيين في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل فيما يتعلق بالسياسة الخارجية».
وتابع: «استراتيجية السياسة الخارجية للرئيس بايدن تتناقض بشكل جذري مع نهج ترمب... لقد عزز بايدن وهاريس الديمقراطية ووقفا في وجه المستبدين. لم يهتم ترمب وفانس بتعزيز الديمقراطية في الخارج، وبدلاً من ذلك احتضنا المستبدين».
وأضاف: «التناقض في التوجهات الخارجية التي يتبناها المرشحان الرئاسيان أكثر وضوحاً من أي وقت مضى».
انتقادات علنية
في العلن، انتقد فانس حزم المساعدات الأميركية لأوكرانيا، ودعا إلى إجراء مفاوضات مع روسيا، على الرغم من أن أوكرانيا قالت إنها لا ترغب في إجراء محادثات. واتهم إدارة بايدن بعدم الدفع باتجاه إنهاء الحرب في غزة، وقال إن على أميركا «تمكين إسرائيل من إنهاء المهمة فعلياً».
وقد دعا إلى احتواء الصين، قائلاً إن أميركا «منتشرة بشكل ضعيف للغاية» في أوروبا، ويضغط من أجل فرض قيود تجارية صارمة على الصين وحماية الملكية الفكرية منها.
وطالب الدول الأوروبية بدفع حصة أكبر من ناتجها المحلي الإجمالي إلى «حلف شمال الأطلسي»، فكتب هذا العام: «لقد وفرت الولايات المتحدة غطاءً من الأمن لأوروبا لمدة طويلة جداً».
وقالت إيما أشفورد، من «برنامج إعادة تصور الاستراتيجية الأميركية الكبرى» في «مركز ستيمسون» بواشنطن: «أعتقد أن فانس اختير؛ جزئياً على الأقل، بسبب سياسته الخارجية وسياسته التجارية».
وأوضحت: «يمثل فانس إلى حد كبير هذا الجناح اليميني الجديد الذي ينمو في الحزب الجمهوري. إنهم أكثر قومية، وحمائية إلى حد ما، ومناهضون للهجرة...».
وقد قدم فانس نفسه على أنه «قصة نجاح حديثة من (حزام الصدأ الأميركي)»، ويقال إن ترمب اختاره لخلفيته الدرامية وحضوره على المسرح بقدر ما اختاره لسياساته. لكنه صنع لنفسه اسماً أيضاً بوصفه من أبرز منتقدي المساعدات المقدمة لأوكرانيا.
قال فانس في مقابلة عام 2022: «أعتقد أنه من السخافة أن نركز على هذه الحدود في أوكرانيا. يجب أن أكون صادقاً: لا يهمني حقاً ما يحدث لأوكرانيا بشكل أو بآخر».
وفي «مؤتمر ميونيخ الأمني» خلال فبراير (شباط)، وجه ما سماه موظفوه «نداء تنبيه» لأوروبا، حيث قلل من التهديد الذي يشكله الزعيم الروسي وقال إن الولايات المتحدة لا تستطيع تصنيع الأسلحة اللازمة لتزويد أوكرانيا السلاح لمواصلة الحرب.
وقال فانس: «لا أعتقد أن فلاديمير بوتين يشكل تهديداً وجودياً لأوروبا، وبقدر ما يمثله هذا، فإن ذلك يشير مرة أخرى إلى أن أوروبا يجب أن تقوم بدور أكثر تشدداً فيما يرتبط بأمنها».
وأشار المرشح لمنصب نائب الرئيس أيضاً إلى أنه يعتقد أن حرب أوكرانيا «ستنتهي بالسلام عن طريق التفاوض»، وهو الرأي الذي يبدو أنه أيده يوم الثلاثاء رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الذي كان مسافراً في «مهمة سلام» إلى موسكو ومنزل إقامة ترمب، حيث أكد أن المرشح الجمهوري سيبدأ العمل «وسيطَ سلام»، حتى قبل تنصيبه، حال فوزه.