بايدن وترمب يتبادلان الاتهامات الشخصية والسياسية

انزعاج بين الديمقراطيين حول الأداء السيئ للرئيس بايدن خلال المناظرة

جانب من المناظرة بين بايدن وترمب (أ.ف.ب)
جانب من المناظرة بين بايدن وترمب (أ.ف.ب)
TT

بايدن وترمب يتبادلان الاتهامات الشخصية والسياسية

جانب من المناظرة بين بايدن وترمب (أ.ف.ب)
جانب من المناظرة بين بايدن وترمب (أ.ف.ب)

تبادل الرئيسان الحالي والسابق الاتهامات والشتائم والهجمات الشخصية خلال المناظرة الأولي في مدينة أتلانتا بولاية جورجيا، التي سعى فيها كل من الرئيس جو بايدن المرشح الديمقراطي والرئيس السابق دونالد ترمب المرشح الجمهوري لكسب أصوات الناخبين. وتنازع كل من بايدن وترمب حول قضايا الاقتصاد والضرائب والهجرة والإجهاض والحرب الروسية ضد أوكرانيا والصراع بين إسرائيل و«حماس».

ورغم الاستعداد المكثف للرئيس جو بايدن الذي أمضى أكثر من 5 أيام في منتجع كامب ديفيد للاستعداد للمناظرة، فإن أداءه وصوته المتحشرج والضعيف، إضافة إلى بعض الزلات التي سارع إلى تصحيحها، زادت من مخاوف الناخبين حول قدرته البدنية وهو يترشح للفوز لولاية ثانية، وهو يبلغ من العمر 81 عاماً. ونشرت حملة ترمب فور انتهاء المناظرة، بياناً أعلنت فيه انتصار ترمب على بايدن. وقالت الحملة في بيان: «رغم قضاء بايدن إجازة في (كامب ديفيد) للتحضير للمناظرة، فإنه لم يتمكن من الدفاع عن سجلِّه الكارثي في الاقتصاد والسياسة». وفي المقابل سارعت حملة بايدن إلى الادعاء أن الرئيس يعاني من نزله برد.

جانب من المناظرة بين بايدن وترمب (أ.ف.ب)

واعترف الديمقراطيون بأن أداء بايدن لم يكن على المستوى المطلوب خلال المناظرة، وقالت مجموعة من المشرِّعين الديمقراطيين في مجلس النواب إن المناظرة كانت كارثية، ولم يقم الرئيس بايدن بتقديم حجج قوية وأداء قوي في قضية حق الإجهاض التي تُعد أقوى القضايا التي يتفوق فيها بايدن على منافسه. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» أن الأداء السيئ للرئيس بايدن خلال المناظرة آثار نقاشات حول تداعيات ذلك على الحزب وأفكاراً حول مطالبة بايدن بالتنحي والبحث عن بديل أصغر سناً. وأشار التقرير إلى أن النقاشات اشتعلت حول ما إذا كان الوقت قد فات للدعوة إلى بديل أصغر سناً.

ولم يكن أداء الرئيس السابق دونالد ترمب بالمثالي والقوي، لكنه بدا أكثر يقظة طوال المناظرة وتجنَّب الانفعال والانسياق وراء محاولات بايدن استثارته ووصفه بالمجرم المدان واتهامه بالكذب عدة مرات. لكن التهرّب من الإجابة عن أسئلة المذيعَيْن دانا باش وجيك تابر، والتشتت في إثارة موضوعات مختلفة عن الأسئلة الموجهة، كان مشهداً متواصلاً لكل من ترمب وبايدن، اضطر معه المذيعان إلى تكرار الأسئلة، ومطالبة المرشحين بالإجابة عن السؤال المحدد. لكن المناظرة شهدت التزاماً بالوقت المخصص لكل مرشح دون خروج عن النظام، وهو ما يرجع إلى قرار «سي إن إن» بإغلاق ميكروفونات المرشحين حينما لا يتحدثون، وعدم وجود جمهور.

وقال استطلاع للرأي أجرته «سي إن إن»، عقب المناظرة إن 33 في المائة قالوا إن بايدن فاز خلال المناظرة، بينما قال 67 في المائة إن ترمب هو الفائز.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (إ.ب)

تبادل الاتهامات

وقد بدأت المناظرة دون مصافحة بين الرئيسين. وخلال 90 دقيقة، تبادلا الاتهامات الشخصية، حيث سعى بايدن مراراً وتكراراً إلى مواجهة دونالد ترمب وانتقاده ووصفة بالمجرم المدان والتركيز على دوره في تشجيع أنصاره على الهجوم على مبني «الكابيتول»، وفي إقامة علاقة غير شرعية مع ممثلة إباحية خلال زواجه، وفي المقابل أظهر ترمب المزيد من الهجوم العدواني، واتهم بايدن بأنه أسوأ رئيس لأميركا على الإطلاق، واستشهد بإدانة ابنه هانتر بايدن، وكرر ترمب مراراً أن مشاكله القانونية العديدة كانت بتدبير ومكايدة من الرئيس بايدن، وأنه كان ليخوض سباق الانتخابات، لولا مخاوفه حول ما يقوم به بايدن من أداء سيئ.

وهاجم ترمب تراجع القوة الاقتصادية في عهد بايدن وارتفاع معدلات التضخم وارتفاع أسعار السلع بأكثر من 4 مرات، وقال ترمب: «بايدن تسبب في التضخم، والتضخم يقتل عائلات السود والعائلات اللاتينية، وقد أعطيتَه البلاد (...) وكل ما كان عليه فعله هو ترك البلاد وشأنها، لكنه قام بتدميرها». وتفاخر ترمب بأنه حقق خلال ولايته أعظم اقتصاد في التاريخ، وهو ما اعتبره المحللون ادعاء غير صحيح، بالنظر إلى الناتج المحلي ومعدلات النمو، حيث كان معدل النمو في عهد ترمب 2.6 في المائة، وبلغ في عهد بايدن 3.4 في المائة.

وكانت عثرات بايدن واضحة خلال إجابته، وبدا متجمداً لعدة ثوانٍ خلال إجابته على سؤال حول الاقتصاد، وتعثَّر حول أرقام الوظائف التي تم إنشاؤها في ظل إدارته، وتعثر حول الحد الأقصى لتكلفة الأدوية، مثل الإنسولين، التي تشكل ركيزة أساسية لمحاولته إعادة انتخابه. وفي دفاعه عن زيادة الضرائب على الأميركيين الأثرياء تلعثم بايدن، وبدا أنه فقد ترتيب أفكاره، لكنه واصل إجابته قائلاً إن «زيادة الضرائب على الأثرياء ستودي إلى زيادة الإيرادات الفيدرالية، وهذا سيجعلنا قادرين على القيام بأمور مثل رعاية الطفل ورعاية المسنين والتأكد من تعزيز نظام الرعاية الصحية».

وانتظر ترمب بصبر حتى انتهي بايدن من إجابته، ثم انقض عليه، واتهمه بتدمير برامج الرعاية الصحية ونظام الأمان الاجتماعي، وشن ترمب هجمات متلاحقة حول سجلّ بايدن في السماح بتدفق المهاجرين غير الشرعيين والإرهابيين والمجرمين عبر الحدود وانتشار المخدرات والجريمة.

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال المناظرة الرئاسية الأولى لانتخابات عام 2024 (أ.ف.ب)

واستغل ترمب اهتزاز بايدن وعثراته للتأكيد على مخاوف الناخبين حول قدرة بايدن، وحينما تأخر بايدن في إجابته حول قضية الهجرة، قال ترمب: «أنا حقاً لا أعرف ما قاله في نهاية تلك الجملة، ولا أعتقد أنه يعرف ما قاله أيضاً». وفي الرد على أسئلة حول العمر المتقدم لكليهما، تفاخر ترمب بمهارته في لعبة الغولف وفوزه ببطولتين، مؤكداً على لياقته البدنية. وقال: «للقيام بذلك عليك أن تكون ذكياً، وتكون قادراً على ضرب الكرة»، فيما رد بايدن بتحدٍّ أنه مستعد للعب الغولف إذا قبل ترمب بحمل الحقيبة له.

وكان من المفترض أن يكون الإجهاض إحدى أقوى القضايا للرئيس بايدن، لكن إجابته حول سؤال عن تلك القضية أثارت كثيراً من القلق لدى حلفائه، حيث اختلط عليه الأمر بين وفيات النساء بسبب الإجهاض، وقيام المهاجرين غير الشرعيين باغتصاب النساء.

إسرائيل و«حماس»

أكد كل من بايدن وترمب دعمهما القوي لإسرائيل خلال المناظرة، مما رفع من احتمالات استمرار الدعم الأميركي لإسرائيل خلال الإدارة المقبلة، بغضّ النظر عمن سيفوز في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، كما رفع من المخاوف أن احتمالات فوز ترمب تعني أن إسرائيل ستستمر في قتل المزيد من المدنيين الفلسطينيين. وقال بايدن خلال المناظرة: «نحن أكبر داعم لإسرائيل، ونزود إسرائيل بالأسلحة التي تحتاج إليها، ولم نمنع سوى شحنة واحدة من القنابل التي تزن ألفَيْ رطل، لأنه يتعين على إسرائيل توخي الحذر في استخدامها بالمناطق السكنية».

ورد ترمب متهماً بايدن بأنه أصبح فلسطينياً ضعيفاً. وتفاخر ترمب بأنه الرئيس الوحيد الذي لم تشهد فترة ولايته موت أي جندي في أي مكان بالعالم. وشدد على أن إيران كانت لا تملك الأموال في عهده لتمويل وكلائها، مثل «حماس» و«حزب الله». وشدد على أنه لم يسمح لإيران بإقامة علاقات تجارية.

جانب من المناظرة بين بايدن وترمب (أ.ف.ب)

وتجادَل المرشحان حول الحرب الروسية - الأوكرانية، وربما كانت أقوى لحظات بايدن حينما اتهم بقوة ترمب بأنه على استعداد للتخلي عن أوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي، مشيراً إلى أن ترمب قال إنه سيسمح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالقيام بما يشاء في أوكرانيا، وفي وجه حلف «الناتو». وقال بايدن: «لم أسمع قط هذا القدر من الحماقة؛ فهذا الرجل يريد الخروج من (الناتو)». ورد ترمب قائلاً: «أنا لم أقل ذلك»، وشدد على أنه الوحيد الذي دفع دول حلف شمال الأطلسي إلى دفع مئات المليارات من الدولارات.

كما أشار إلى أن شروط بوتين لإنهاء الحرب غير مقبولة، وقال إنه لو كان رئيساً للولايات المتحدة ما كانت الحرب لتحدث على الإطلاق، مما انتقد حجم الأموال التي أنفقتها الولايات المتحدة لدعم أوكرانيا. وتعهَّد ترمب بأنه، بمجرد فوزه بالانتخابات، سيعمل على إطلاق سراح الصحافي إيفان غيرشكوفينش.

وحينما سُئِل ترمب عما إذا كان يعتزم اتخاذ إجراءات لمواجهة أزمة المناخ، ردَّ قائلاً إنه يريد مياهاً نقية ونظيفة، محاولاً التهرب من قراره في عام 2020 بسحب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، التي تستهدف خفض الانبعاثات الضارة بالبيئة.

وحاول كل من بايدن وترمب الإشارة إلى جهودهما لدعم الأسر الأميركية من أصل أفريقي، لكنّ الناخبين السود أعربوا عن غضبهم من تعليقات المرشحَيْن خاصةً ادعاء ترمب بأن المهاجرين غير الشرعيين يسرقون الوظائف من السود.

جانب من المناظرة بين بايدن وترمب (أ.ف.ب)

وقد تهرَّب ترمب من الإجابة عن سؤال حول ما إذا كان سيقبل بنتيجة الانتخابات المقبلة في الخامس من نوفمبر المقبل، ومع تكرار السؤال أجاب أنه سيفعل ذلك إذا كانت الانتخابات نزيهة وقانونية وجيدة. وقد صرح ترمب سابقاً بأن أي انتخابات لا يفوز بها من المرجح أن تكون مزورة. وفي المقابل، وصف بايدن خصمه بأنه رجل متذمر يواصل الترويج للأكاذيب حول تزوير انتخابات 2020.

وفي بيانه الختامي، انتقد ترمب بايدن وإخفاقاته في سياسات الأمن القومي والهجرة، واتهمه بجعل الولايات المتحدة غير آمنة، في حين شدد بايدن في بيانه الختامي على أن البلاد حققت تقدماً كبيراً في الاقتصاد والرعاية الصحية بعد الفوضى التي شهدتها ولاية ترمب، وتعهَّد بمواصلة خفض معدلات التضخم.


مقالات ذات صلة

وزارة العدل الأميركية تُسقط كل الدعاوى الفيدرالية ضد ترمب

الولايات المتحدة​ الرئيس دونالد ترمب خلال جلسة محاكمة ضده في نيويورك (أ.ف.ب)

وزارة العدل الأميركية تُسقط كل الدعاوى الفيدرالية ضد ترمب

أسقطت وزارة العدل الأميركية قضيتين جنائيتين رفعتا ضد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بتهم محاولته قلب نتائج انتخابات عام 2020، ونقل وثائق سرية إلى منزله في فلوريدا.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن يستقبل الرئيس المنتخب دونالد ترمب في البيت الأبيض في 13 نوفمبر 2024 (أ.ب)

لن يرد بالمثل... بايدن يحضر حفل تنصيب ترمب

أعلن البيت الأبيض، الاثنين، أنّ الرئيس جو بايدن سيحضر حفل تنصيب دونالد ترمب في يناير، على الرغم من أنّ الأخير تغيّب قبل 4 سنوات عن مراسم أداء القسم الرئاسي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

ترمب: القضايا المرفوعة ضدي «فارغة ولا أسس قانونية لها»

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الاثنين، على منصته «تروث سوشيال»، إن القضايا القانونية ضده «فارغة ولا أسس قانونية لها وما كان يجب رفعها».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي «حماس» تقول إن عرض هدنة في قطاع غزة لمدة 5 أيام هو أمر مرفوض (أ.ف.ب)

قيادي في «حماس»: الحديث عن هدنة 5 أيام في غزة مرفوض

قال القيادي في حركة «حماس» أسامة حمدان اليوم الاثنين إن عرض هدنة في قطاع غزة لمدة 5 أيام هو أمر مرفوض، مؤكدا أن الحركة معنية في الوقت نفسه بوقف الحرب.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ مبنى الكابيتول في واشنطن (أ.ف.ب)

أزمة في الكونغرس بسبب «الحمامات» مع وصول أول نائبة متحولة جنسياً

وافق رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون على تشريع قدمته النائبة الجمهورية نانسي ماس مؤخراً يحظر على النساء المتحولات جنسياً استخدام حمام النساء.

«الشرق الأوسط» (لندن)

وزارة العدل الأميركية تُسقط كل الدعاوى الفيدرالية ضد ترمب

الرئيس دونالد ترمب خلال جلسة محاكمة ضده في نيويورك (أ.ف.ب)
الرئيس دونالد ترمب خلال جلسة محاكمة ضده في نيويورك (أ.ف.ب)
TT

وزارة العدل الأميركية تُسقط كل الدعاوى الفيدرالية ضد ترمب

الرئيس دونالد ترمب خلال جلسة محاكمة ضده في نيويورك (أ.ف.ب)
الرئيس دونالد ترمب خلال جلسة محاكمة ضده في نيويورك (أ.ف.ب)

تحرّك المستشار القانوني الخاص المُعين من وزارة العدل الأم، جاك سميث، لإسقاط القضيتين الجنائيتين ضد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، منهياً تحقيقات تاريخية نشأت بسبب محاولة ترمب إلغاء هزيمته أمام الرئيس جو بايدن في انتخابات 2020، وكذلك الاحتفاظ بوثائق سريّة بعد خروجه من البيت الأبيض.

وحصل سميث على موافقة من القاضية الفيدرالية في واشنطن، تانيا تشوتكان، الاثنين، لإسقاط التهم الموجهة إلى ترمب بأنه حاول منع فوز بايدن، بعدما استشهد بإرشادات وزارة العدل بأنه لا يمكن المضي في القضية، لأن ترمب رئيس حالي. ووافقت تانيا تشوتكان بسرعة على التخلّي عن القضية من دون تحيز. وهذا ما يترك الباب مفتوحاً أمام احتمال توجيه اتهامات مرة أخرى بمجرد مغادرة ترمب منصبه. ومن خلال موافقتها على رفض القضية، أوضحت تانيا تشوتكان أنها ستترك فرصة لمحكمة مستقبلية لإحيائها. وكتبت أن «الفصل دون تحيز يتوافق أيضاً مع فهم الحكومة أن الحصانة الممنوحة للرئيس الحالي مؤقتة، وتنتهي عندما يغادر منصبه».

وبعد فترة وجيزة، قدّم سميث طلباً للتخلّي عن استئناف قدّمه هذا الصيف بشأن رفض القاضية، آيلين كانون، في فلوريدا، القرار الاتهامي الخاص بالوثائق السرية التي اتُهم فيها ترمب بالاحتفاظ بمواد سريّة بشكل غير قانوني، وعرقلة جهود الحكومة لاستعادتها.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لدى مغادرته المحكمة في نيويورك (أرشيفية - أ.ب)

«ثابرت... وانتصرت»

ويُمثل ذلك خاتمة بالغة الأهمية لفصل غير مسبوق في التاريخ السياسي وتاريخ تنفيذ القانون في الولايات المتحدة؛ حيث حاول المسؤولون الفيدراليون محاسبة الرئيس السابق، بينما كان مرشحاً في الوقت نفسه لولاية أخرى. وخرج ترمب منتصراً، بعدما نجح في تأخير التحقيقات عبر مناورات قانونية، ثم فاز بإعادة انتخابه، رغم القرارات الاتهامية التي وصفت أفعاله بأنها تهديد للأسس الدستورية للبلاد.

وكتب ترمب في منشور على موقعه «تروث سوشيال» ومنصة «إكس» للتواصل الاجتماعي: «ثابرت رغم كل الصعاب، وانتصرت». وقال إن «هذه القضايا، مثل كل القضايا الأخرى التي اضطررت إلى المرور بها، فارغة وخارجة عن القانون، وما كان ينبغي رفعها مطلقاً».

صورة مركبة تجمع بين الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والمستشار القانوني الخاص لوزارة العدل جاك سميث (رويترز)

وخلال إعداد هاتين الدعويين بدا أن ترمب يدرك أن أفضل أمل له لتجنُّب المحاكمات هو الفوز بالرئاسة مرة أخرى، وهي حقيقة أكدها نائب الرئيس المنتخب، جاي دي فانس، الذي كتب على منصة «إكس» أنه «لو خسر دونالد ترمب الانتخابات، لربما أمضى بقية حياته في السجن». وأضاف: «كانت هذه الملاحقات القضائية دائماً سياسية. والآن حان الوقت لضمان عدم تكرار ما حدث للرئيس ترمب في هذا البلد مرة أخرى».

دور المستشار القانوني

وكان وزير العدل الأميركي، ميريك غارلاند، قد عيّن سميث، وهو مدعٍ عام سابق للفساد حقق في جرائم حرب في لاهاي، لتولي تحقيقات ترمب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، بعد أيام من إعلان كل من ترمب وبايدن أنهما سيترشحان للرئاسة مرة أخرى. وعدّ غارلاند أن هناك حاجة إلى مستشار قانوني خاص يتمتع باستقلالية أكبر من المدعي العام التقليدي لوزارة العدل لضمان ثقة الجمهور في التحقيقات.

وفي الدعوى المرفوعة في واشنطن العاصمة، واجه ترمب 4 تهم تتعلّق بالتآمر لعرقلة نتائج انتخابات 2020. واتُهم باستخدام مزاعم كاذبة عن تزوير الناخبين للضغط على المسؤولين الفيدراليين في الولايات لتغيير نتائج الانتخابات، وحرمان الشعب الأميركي من حقه في احترام أصواته.

وبدأ التحقيق في الوثائق السرية خلال ربيع 2022، بعد أشهر من الخلاف بين ترمب وإدارة المحفوظات والسجلات الوطنية حول صناديق الوثائق التي تبعت ترمب من البيت الأبيض إلى مارالاغو؛ منزله في فلوريدا وناديه الخاص.

وتقول أوراق المحكمة إن أكثر من 300 وثيقة مصنفة بأنها سرية عثر عليها في منزل ترمب، بما في ذلك بعض الوثائق ردّاً على أمر استدعاء، وأكثر من 100 وثيقة أثناء تفتيش مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» للممتلكات بتفويض من المحكمة. وجرى تخزين الوثائق بشكل عشوائي.

رسم توضيحي للمدعية سوزان هوفينغر ستورمي دانيلز أمام القاضي خوان ميرشان خلال محاكمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في محكمة ولاية مانهاتن 7 مايو 2024 (رويترز)

«دوافع سياسية»

وحاول فريق الدفاع عن ترمب مراراً تأطير القضايا المرفوعة ضده على أنها محاولات ذات دوافع سياسية لإضعاف فرصه في الانتخابات، علماً بأنه لا دليل على تورط بايدن في التحقيقات. ومنذ انتخابه، اختار ترمب عدداً من محامي الدفاع الجنائيين الشخصيين في هذه القضايا للعمل في مناصب عليا في وزارة العدل في إدارته. ونشرت صحيفة «واشنطن بوست»، الجمعة، أن ترمب يخطط لطرد سميث وكل الفريق الذي يعمل معه، بمن في ذلك المحامون المهنيون الذين يتمتعون عادة بالحماية من الانتقام السياسي.

وأصدرت القرارات الاتهامية الفيدرالية بحق ترمب في غضون أشهر من توجيه الاتهام إليه في نيويورك بتهم تزوير سجلات أعمال للتغطية على دفع أموال مقابل الصمت عام 2016، وفي جورجيا بتهم محاولة عرقلة نتائج الانتخابات في تلك الولاية.

وأجريت المحاكمة فقط في قضية نيويورك؛ حيث أدين ترمب بـ34 تهمة جنائية، لكن النطق بالحكم عليه تأجَّل مرتين منذ هذا الصيف. ويتوقع أن يقرر قاضي المحاكمة الشهر المقبل ما إذا كان سيُؤجل الأمر إلى ما بعد الولاية الثانية لترمب.

نسخ من صحيفة «نيويورك تايمز» بعد إعلان إدانة الرئيس السابق دونالد ترمب في قضية «أموال الصمت» (أرشيفية - رويترز)

ونفى ترمب ارتكاب أي مخالفات في كل هذه القضايا، واستأنف الحكم الصادر في نيويورك. وأصبحت الملاحقات القضائية محوراً رئيساً لحملته الرئاسية؛ حيث حشد ترمب وحلفاؤه المؤيدين الذين اعتقدوا أنه مستهدف بشكل غير عادل.

وبمجرد فوز ترمب في الانتخابات، لم يكن أمام سميث سوى خيارات قليلة لإبقاء القضيتين الفيدراليتين. وقال أشخاص مطلعون على خططه إنه يعتزم الاستقالة قبل أن يصير ترمب رئيساً، ما يمنع ترمب من الوفاء بوعده بإقالته.

وقبل ذلك، يمكن أن يسلم سميث إلى غارلاند تقريراً يوضح نتائج التحقيقات. وسيكون الأمر متروكاً لغارلاند، الذي قال بشكل عام إن مثل هذه التقارير يجب نشرها علناً، ليُقرر مقدار المواد التي سينشرها سميث.