ترمب يستعد لسياسة أكثر تشدداً تجاه الصين إذا عاد للبيت الأبيض

لا تطابق بين الجمهوريين والديمقراطيين حول السياسات مع بكين

ترمب يلقي كلمة في ديترويت في 15 يونيو 2024 (أ.ب)
ترمب يلقي كلمة في ديترويت في 15 يونيو 2024 (أ.ب)
TT

ترمب يستعد لسياسة أكثر تشدداً تجاه الصين إذا عاد للبيت الأبيض

ترمب يلقي كلمة في ديترويت في 15 يونيو 2024 (أ.ب)
ترمب يلقي كلمة في ديترويت في 15 يونيو 2024 (أ.ب)

مع تصاعد حالة عدم الثقة بالحكومة الصينية في واشنطن، في صفوف الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وتخلي العديد من شركات الضغط عن عملائها الصينيين، يستعد الرئيس السابق دونالد ترمب، إلى استكمال حربه التجارية مع الصين، في حال إعادة انتخابه الخريف المقبل.

وتحدثت تقارير إعلامية أميركية عن أن «صقور» المتشددين ضد الصين، يعملون الآن على إغلاق السبل أمام «لوبي» الشركات الممثلة أو المرتبطة بالصين، لمنعها من ممارسة الضغوط على المشرعين الأميركيين، خصوصاً بعدما كشفت تقارير سابقة عن استعداد الكونغرس لإدراج تلك الشركات على القائمة السوداء، بسبب عملها مع شركات مرتبطة بالجيش الصيني.

علما الصين والولايات المتحدة مرفوعان على أحد الأعمدة في ولاية أميركية خلال زيارة سابقة لوفد صيني إلى واشنطن (رويترز)

خلاف على مواجهة الصين

ومع ذلك، لا يبدو أن «الإجماع» المتصاعد بين الحزبين على مواجهة الصين، قد وصل إلى حد التطابق في وجهات نظرهما، بشأن ما إذا كان ينبغي «الفصل الاستراتيجي» بين اقتصاد الولايات المتحدة والاقتصاد الصيني، الذي يدعمه الجمهوريون، أم إدارة «التنافس» من دون هذا الفصل، بحسب الديمقراطيين.

وما عزز المخاوف بشأن سياسات ترمب المحتملة ضد الصين، ما نقلته وسائل إعلام عن مستشارين ومساعدين لترمب، بأنه أقل اهتماماً بالتوصل إلى اتفاق معها، كما جرى خلال رئاسته السابقة، بعدما امتنعت الصين عن تطبيق بنوده، فيما يتعلق بالتبادل التجاري بين البلدين.

ونقل موقع «سيمافور» عن روبرت أوبراين، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي لترمب، قوله: «لا أعتقد أننا سنرى صفقة مثل التي رأيناها في الولاية الأولى. أعتقد أن الناس كانوا سعداء بشكل عام بالمرحلة الأولى، ولكن كما تبين، فإن الصينيين لم يحترموها».

وكان ترمب قد دخل خلال فترة رئاسته الأولى، في معركة حول التعريفات الجمركية مع الصين، هزت الأسواق وأثارت المخاوف بشأن الركود المحتمل. لكن مع تصاعد المخاوف من خروج هذه المعركة عن نطاق السيطرة، اختارت الدولتان وقف التصعيد، وأبرمتا اتفاقاً مرحلياً، وافقت بموجبه الصين على شراء 200 مليار دولار إضافية من السلع الأميركية. لكن هذه المشتريات الإضافية، لم تحدث أبداً، وبدلاً من ذلك، اشترت الصين سلعاً أميركية أقل مما كانت عليه قبل الخلاف التجاري. وقال مسؤول سابق في الأمن القومي بإدارة ترمب، إن الرئيس السابق، أصبح أكثر تصميماً على محاولة فرض تعريفات أكثر صرامة نتيجة لذلك.

سيارات كهربائية من شركة «بي واي دي» في ميناء ليان يونغان بمقاطعة جيانغسو الصينية (أرشيفية - رويترز)

ترمب يعارض الاعتدال

وفي تعارض واضح مع توجهات الديمقراطيين، قال المسؤول السابق، إن ترمب «يرى أن عدم نجاح التعريفات في المرة الأخيرة فيما يتعلق بتغيير السلوك الصيني ليس انعكاساً لعدم نجاحها، ولكن بسبب النصائح التي تلقاها بأن يكون أكثر اعتدالاً بشأن التعريفات باعتبارها فاشلة». كما أن وباء «كوفيد» يلعب دوراً رئيسياً في تفكير ترمب، الذي يحمل الصين المسؤولية عن إخفاء أصول الوباء، والتسبب بخسارته انتخابات الرئاسة عام 2020.

وخلال اجتماع مع الجمهوريين في مجلس النواب الأسبوع الماضي في مبنى الكونغرس، طرح ترمب بالفعل فرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المائة أو أكثر على كل الواردات الصينية كجزء من أجندة حمائية أوسع. ووصف التعريفات بأنها «أداة قوية للسلطة التنفيذية» لانتزاع امتيازات من الصين وحماية الصناعات الأميركية.

وصرح عدد من حلفاء ترمب، بأن السياسة الاقتصادية العدوانية تجاه الصين من المحتمل أن تذهب إلى ما هو أبعد من مجرد الرسوم الجمركية. ويقولون إنها قد تشمل ضوابط أكثر صرامة على تصدير التقنيات الأميركية الرئيسية، بهدف عرقلة الصناعة الصينية، وقيوداً على الاستثمارات الأميركية في الصين.

ويعتقد البعض أن ترمب قد يحاول أيضاً تشكيل تحالف دولي للحد من هيمنة الصين الناشئة على صادرات السيارات الكهربائية، مع التركيز على شركة «بي واي دي» الصينية العملاقة للسيارات الكهربائية.

شعار «تيك توك» (رويترز)

ورغم أن ترمب قد بدل موقفه من تطبيق «تيك توك» الصيني وقام بفتح حساب فيه، وعارض التشريع الذي يهدف إلى بيعه، في محاولة منه للوصول إلى الناخبين الشباب، أصرّ أوبراين على أن ترمب «كان واضحاً للغاية بشأن التجسس الصيني ضد الولايات المتحدة والدعاية الصينية وعمليات التأثير ضد الولايات المتحدة»، وأن التشريع ضد «تيك توك» سوف يمضي قدماً في ظل رئاسته الجديدة.

وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن مسؤولي الحكومة الصينية «يستعدون لدراما» في العلاقات الأميركية إذا تم انتخاب ترمب مرة أخرى.

وبحسب استطلاع جديد لمعهد «رونالد ريغان»، يشعر 8 من كل 10 أميركيين بقلق «إلى حد ما» أو «بالغ» بشأن الممارسات التجارية للصين.


مقالات ذات صلة

شي وبوتين يدعوان في أستانا إلى عالم «متعدّد الأقطاب»

آسيا الرئيس البيلاروسي ونظيره الصيني (يمين ويسار الصورة من الخلف) (رويترز)

شي وبوتين يدعوان في أستانا إلى عالم «متعدّد الأقطاب»

تدخل قمة أستانا في إطار تحرّكات دبلوماسية مستمرّة في آسيا الوسطى، التي يجتمع قادة دولها بانتظام مع بوتين وشي.

«الشرق الأوسط» (استانا (كازاخستان))
الاقتصاد وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث في جامعة تشجيانغ خلال زيارته إلى الصين يوم 23 يونيو 2024 (د.ب.أ)

ألمانيا تحث أوروبا على «منافسة» الصين

حث وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك دول الاتحاد الأوروبي على التضامن والتعاون حتى تتمكن من «منافسة» الصين

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مئات السيارات الصينية في طريقها للشحن بميناء يانتاي جنوب شرقي البلاد (أ.ف.ب)

الصين: التصعيد الأوروبي قد يؤدي إلى «حرب تجارية»

قالت وزارة التجارة الصينية يوم الجمعة إن الاتحاد الأوروبي قد يشعل «حربا تجارية» إذا استمر في تصعيد التوترات، متهمة التكتل بـ«اللعب غير النزيه»

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد عمال في أحد مصانع البطاريات شرق الصين (أ.ف.ب)

إرهاصات «حرب التجارة» تخيّم مجدداً على الأفق العالمي

أعلنت بكين الأربعاء فرض عقوبات على 12 شركة أميركية ومديرين تنفيذيين بسبب سياسة «الإكراه الاقتصادي» التي تعتمدها واشنطن حيال شركات صينية.

«الشرق الأوسط» (بكين - واشنطن)
الاقتصاد علما الصين والولايات المتحدة مرفوعان على أحد الأعمدة في ولاية أميركية خلال زيارة سابقة لوفد صيني إلى واشنطن (رويترز)

الصين تتعهد اتخاذ «كل الإجراءات اللازمة» رداً على الرسوم الأميركية الجديدة

أعلن البيت الأبيض في وقت لاحق أن الولايات المتحدة رفعت الرسوم على السيارات الكهربائية من الصين من 25 إلى 100 في المائة

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)

إدارة بايدن تخطط لإعلان دعم دفاعي جوي لأوكرانيا

ينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي يشارك في مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني أولاف شولتس في أبريل (د.ب.أ)
ينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي يشارك في مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني أولاف شولتس في أبريل (د.ب.أ)
TT

إدارة بايدن تخطط لإعلان دعم دفاعي جوي لأوكرانيا

ينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي يشارك في مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني أولاف شولتس في أبريل (د.ب.أ)
ينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي يشارك في مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني أولاف شولتس في أبريل (د.ب.أ)

يعتزم قادة حلف شمال الأطلسي التعهد خلال قمة واشنطن، الأسبوع المقبل، مواصلة ضخ الأسلحة والذخيرة لأوكرانيا، واتخاذ خطوات لإضفاء الطابع المؤسسي في علاقة أوكرانيا بالحلف، وإنشاء قيادة لحلف «الناتو» في ألمانيا؛ لمتابعة الوضع الميداني في أوكرانيا.

وقال مسؤول أميركي كبير، الجمعة، إن دول حلف شمال الأطلسي ستكشف خلال قمتها في واشنطن الأسبوع المقبل، عن خطة «الجسر إلى عضوية» أوكرانيا، وستعلن عن خطوات لتعزيز الدفاعات الجوية لكييف لمواصلة الدفاع عن نفسها وردع العدوان الروسي في المستقبل. وقال المسؤول للصحافيين: «سيؤكد الحلفاء أن مستقبل أوكرانيا يكمن في حلف شمال الأطلسي، وسيصدرون إعلانات جديدة مهمة حول كيفية زيادة الدعم السياسي والمالي العسكري الذي يقدمه (الناتو) لأوكرانيا، وهذا جزء من مسار أوكرانيا إلى عضوية (الناتو)».

وشدد المسؤول على نجاح الحلف في دفع 23 دولة إلى إنفاق 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع الجماعي، وأن القمة ستناقش خططاً لزيادة هذا الإنفاق إلى 3 في المائة.

بايدن خلال حدث انتخابي في ويسكونسن الجمعة (أ.ب)

ويستضيف الرئيس الأميركي جو بايدن قادة الدول في قمة تبدأ يوم الثلاثاء، وتستمر لمدة ثلاثة أيام، ويتخللها الاحتفال بالذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس الحلف، في وقت تتجه فيه الأنظار إلى مخاطر العدوان الروسي لأوكرانيا في عامه الثالث، والقلق من عودة محتملة للرئيس السابق دونالد ترمب الذي قوض الثقة بين الولايات المتحدة والحلف.

ويشارك في القمة ما يزيد على 40 زعيماً، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي و«دول معرضة للعدوان الروسي» في شرق أوروبا مثل مولدوفا، وجورجيا، والبوسنة، والهرسك، وفق «الناتو». ومن المقرر أن يقيم الرئيس بايدن حفلاً لإحياء الذكرى الخامسة والسبعين لإنشاء الحلف في موقع التوقيع الأصلي لتأسيس الحلف في 4 أبريل (نيسان) 1949.

وتأتي القمة في خضم تحديات وأزمات اقتصادية وتغييرات انتخابية في العديد من الدول الأوروبية، وفي خضم سباق انتخابي أميركي ساخن، إضافة إلى استمرار الحرب الروسية ضد أوكرانيا التي تحتل جانباً كبيراً من النقاشات خلال القمة.

ثلاث قضايا أساسية

رئيس الوزراء الهولندي السابق مارك روته سيتسلم منصب الأمين العام في أكتوبر (أ.ف.ب)

وقد وضعت قمة واشنطن ثلاثة مواضيع رئيسة على مائدة المشاورات؛ الأول هو تعزيز الدفاع وجهود الردع للدول الأعضاء بالحلف، والثاني هو دعم أوكرانيا للدفاع عن نفسها، وهو البند الأكثر إلحاحاً على جدول أعمال القمة، والثالث هو تعزيز الشراكات العالمية للحلف، خاصة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وستكون هذه القمة هي الأخيرة للأمين العام ينس ستولتنبرغ الذي سيسلم زمام الأمور لرئيس الوزراء الهولندي مارك روتا.

ووفقاً للبيت الأبيض، سيرحب الرئيس الأميركي جو بايدن، الأربعاء، بانضمام السويد كأحدث عضو في الحلف في اجتماع للدول الأعضاء الاثنين والثلاثين، كما يعقد حفل عشاء بالبيت الأبيض لقادة «الناتو»، مساء الأربعاء. ويعقد «الناتو» اجتماعات يوم الخميس مع الاتحاد الأوروبي وشركاء «الناتو» في منطقة المحيط الهادئ، حيث يشارك قادة أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا في الاجتماعات.

ومن المقرر أن يلتقي الرئيس بايدن مع رئيس الوزراء الجديد السير كير ستارمر على هامش القمة. وقد تحدث بايدن تليفونياً، مساء الجمعة، مع رئيس الوزراء البريطاني وناقش معه التحديات الجيوسياسية والوضع في أوكرانيا.

متابعة مخرجات مدريد

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء المجري في كييف 2 يوليو (إ.ب.أ)

ويستضيف الرئيس بايدن اجتماعات مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعشرين زعيماً من الدول الأعضاء بالحلف، الذين وقعوا اتفاقات أمنية ثنائية مع أوكرانيا. وقد عمل حلف شمال الأطلسي في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا على مفهوم استراتيجي جديد في اجتماعه في قمة مدريد، للتركيز على تعزيز الدفاع والردع وزيادة الإنفاق الدفاعي ورفع مستوى التدريبات الدفاعية الجماعية.

واتفق الحلفاء في قمة فيلنيوس على خطط لتنفيذ هذه الاستراتيجية، وستركز قمة واشنطن على متابعة تنفيذ هذه الخطط، والاتفاق على إنفاق مزيد من الأموال والمزيد من الاستعدادات القتالية وقدرات الردع، إضافة إلى تعزيز التعاون بين أعضاء الحلف.

وقد صرح ينس ستولتنبرغ، الجمعة، بأن الدول الأعضاء أنفقت 43 مليار دولار سنوياً على المعدات العسكرية لأوكرانيا منذ بداية الحرب في فبراير (شباط) 2022، مشدداً على خطين أحمرين؛ الأول عدم منح أوكرانيا عضوية بالحلف حتى تنتهي الحرب، والثاني عدم نشر قوات الحلف على أراضي أوكرانيا. وسيقع على عاتق القمة مناقشة آفاق عضوية أوكرانيا دون السماح لها بالانضمام للحلف، بينما يتواصل القتال خوفاً من جر الحلف إلى حرب أوسع مع روسيا.

عقد ستولتنبرغ مؤتمراً صحافياً في بروكسل الجمعة (إ.ب.أ)

وترفع المخاوف من مجيء الرئيس السابق دونالد ترمب إلى السلطة مرة ثانية وتوجهاته الانعزالية، من عزم القادة على تقديم مساعدات عسكرية لأوكرانيا لمدة خمس سنوات بقيمة 100 مليار دولار، وهي فكرة طرحها الأمين العام ستولتنبرغ وكانت قيد النقاش بين الدول الأعضاء. وقال الأدميرال روب باور، رئيس اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي، إن حلف «الناتو» حريص على وضع أوكرانيا على المسار لتصبح شريكاً قادراً عسكرياً، وحينما تأتي اللحظة السياسية يمكن للقوات الأوكرانية الاندماج بسلاسة في قوات «الناتو» مثل فنلندا والسويد.

الصين والمحيط الهادئ

وتناقش القمة الشراكات مع دول منطقة المحيطين الهندي والهادئ، والتي تشمل أستراليا واليابان ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية، كما تناقش التعاون المتزايد بين روسيا والصين وكوريا الشمالية. ومن المتوقع أن يعلن الحلف والشركاء في منطقة المحيطين الهندي والهادئ تقديم مزيد من الدعم لأوكرانيا، ومزيد من التعاون لمواجهة الهجمات السيبرانية الروسية والصينية ومكافحة «الإكراه الاقتصادي الصيني»، على حد تعبير مطلعين على جدول أعمال «الناتو».