هل حاول الرئيس بايدن الجلوس على كرسي خيالي؟ (فيديو)

خلال حفل إحياء ذكرى الإنزال في الحرب العالمية الثانية

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال إلقاء خطبة في ذكرى الإنزال (أ.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال إلقاء خطبة في ذكرى الإنزال (أ.ب)
TT

هل حاول الرئيس بايدن الجلوس على كرسي خيالي؟ (فيديو)

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال إلقاء خطبة في ذكرى الإنزال (أ.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال إلقاء خطبة في ذكرى الإنزال (أ.ب)

انتشر فيديو في الساعات الأخيرة للرئيس الأميركي جو بايدن، وهو يحاول الجلوس على كرسي لم يكن موجوداً، وذلك خلال حفل في فرنسا شهد إحياء قادة عدد من دول العالم الذكرى الـ80 لإنزال النورماندي الذي قاد إلى الانتصار على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية.

 

وبينما كان قدامى المحاربين في الحرب العالمية الثانية وقادة العالم يجتمعون، شارك مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي المقطع القصير، في إشارة لأن الرئيس الأميركي أصبح طاعناً في السن وعاجزاً.

 

وفي الفيديو، يتصافح بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أثناء وقوفهما بين زوجتيهما، جيل بايدن وبريجيت ماكرون. ثم ينظر الرئيس لفترة وجيزة من فوق كتفه اليسرى، وينحني ويحوم في هذا الوضع، بينما يتم إعلان أن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن هو المتحدث التالي في الحدث.

 

وتعرّض بايدن لموجة من الانتقادات عقب انتشار الفيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتكهن مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي بأن السيدة الأولى كانت تأمر الرئيس بعدم الجلوس، إذ ظهرت أنها تهمس للرئيس.

 

وأظهر تقييم لوكالة «أسوشييتد برس» أنه تم قطع مقطع الفيديو، الذي يظهر فيه كرسي بايدن بشكل واضح في معظمه، قبل أن يجلس الرئيس. وتُظهر اللقطات الكاملة للحفل الرئيس وهو ينظر من فوق كتفه إلى كرسيه ويتوقف قبل الجلوس.

 

وكتب أحد المعلقين على الفيديو عبر موقع «إكس»: «هذا أمر مثير للقلق، الرئيس يحاول حرفياً العثور على الكرسي غير المرئي للجلوس عليه. الأمر كله محزن للغاية ومخزٍ للحاضرين الذين يرغبون في تكريم الرجال الشجعان الذين ماتوا لحماية أمتنا من الحكومات الاستبدادية».

وكتب نجل الرئيس السابق دونالد ترمب على حسابه في «إكس» مرفقاُ الفيديو: «هل يأتي وقت يدرك فيه الأميركيون مدى الإحراج الذي يشكله هذا الأمر على المسرح العالمي؟ هل هذا النوع من عدم الكفاءة والضعف يشجع أعداءنا على التصرف بالطريقة التي يتصرفون بها؟ بالطبع يفعل!».

وجاء في منشور آخر عبر «إكس» من أحد المعلقين: «بايدن يحاول الجلوس على كرسي غير موجود. المشكلة أنه ينوي الاستمرار في الترشح للانتخابات الرئاسية».

 

لكن الفيديو المنتشر عبر الإنترنت ينقطع قبل أن يشغل بايدن مقعده. وفي لقطات الحفل بالكامل، يلقي الرئيس نظرة على كرسيه، وينحني، ويتوقف مؤقتاً عندما تبدأ مقدمة أوستن، ثم يجلس في الوقت نفسه مع ماكرون وزوجتيهما والأشخاص الجالسين خلفهم. ويظهر كرسي بايدن في جميع أنحاء الفيديو على الرغم من حجبه في بعض الأقسام، حسب «أسوشييتد برس».

 

وتحدّث بايدن في وقت لاحق من هذا الحدث، متعهداً: «إننا لن نبتعد» عن أوكرانيا، ووصف يوم الإنزال بأنه «مثال قوي على كيف أن التحالفات، والتحالفات الحقيقية، تجعلنا أقوى».

 

كما تعهد بايدن بعدم التخلي عن التحالفات الدولية أو أوكرانيا في حربها أمام روسيا، في تصريح موجه ضد ترمب الذي شكّك علناً بأهمية منظمات مثل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال بايدن: «نعيش في حقبة أصبحت فيها الديمقراطية معرضة للخطر في كل أنحاء العالم أكثر من أي وقت مضى منذ نهاية الحرب». وأضاف أن «الانعزالية لم تكن الحلّ قبل 80 عاماً، وهي ليست الحلّ اليوم».


مقالات ذات صلة

ترمب يدعم ضرب «النووي» الإيراني… وإسرائيل لا تقدم ضمانات لبايدن

شؤون إقليمية المرشح الرئاسي الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترمب يتحدث في تجمع لحملته الانتخابية في نورث كارولاينا (رويترز) play-circle 00:56

ترمب يدعم ضرب «النووي» الإيراني… وإسرائيل لا تقدم ضمانات لبايدن

أرسلت وزارة الدفاع الأميركية(البنتاغون) مجموعة كبيرة من الأسلحة إلى المنطقة، ومنها حاملات طائرات ومدمرات بصواريخ موجهة وسفن هجومية برمائية وأسراب من المقاتلات.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ لحظة إصابة دونالد ترمب في أذنه اليمنى (رويترز)

ترمب يعود اليوم الى مسرح محاولة اغتياله في بنسلفانيا

يعود المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترمب، اليوم السبت، إلى بلدة باتلر في ولاية بنسلفانيا حيث تعرّض لمحاولة اغتيال بالرصاص.

«الشرق الأوسط» (بيتسبرغ)
أوروبا الرئيس الأميركي جو بايدن (يمين) يصافح رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون (رويترز)

بسبب «الكثير من الخطوات»... جونسون يكشف رفض بايدن زيارة حاملة طائرات بريطانية

رفض الرئيس الأميركي جو بايدن زيارة حاملة الطائرات الرائدة للبحرية البريطانية بسبب عدد الخطوات خلال زيارته إلى المملكة المتحدة عام 2021.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ المسؤولون الأميركيون أكدوا دعمهم لرد إسرائيل على الهجوم الصاروخي الإيراني لكنهم عبروا عن مخاوفهم من اشتعال حريق إقليمي واسع النطاق (رويترز)

«لا ضمانات» إسرائيلية لأميركا بعدم استهداف البرنامج النووي الإيراني

نقلت شبكة «سي إن إن» للتلفزيون عن مسؤول رفيع في وزارة الخارجية أن إسرائيل «لم تقدم ضمانات» لواشنطن بأنها لن تستهدف المنشآت النووية في إيران.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دمار هائل في خان يونس جنوب قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)

رسائل بريد إلكتروني تُظهر مخاوف أميركية مبكرة بشأن جرائم حرب إسرائيلية في غزة

بينما كانت إسرائيل تقصف شمال غزة بغارات جوية في أكتوبر الماضي، وتأمر بإجلاء مليون فلسطيني، وجّهت مسؤولة كبيرة في «البنتاغون» تحذيراً صريحاً للبيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

رسائل بريد إلكتروني تُظهر مخاوف أميركية مبكرة بشأن جرائم حرب إسرائيلية في غزة

دمار هائل في خان يونس جنوب قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)
دمار هائل في خان يونس جنوب قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)
TT

رسائل بريد إلكتروني تُظهر مخاوف أميركية مبكرة بشأن جرائم حرب إسرائيلية في غزة

دمار هائل في خان يونس جنوب قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)
دمار هائل في خان يونس جنوب قطاع غزة نتيجة القصف الإسرائيلي (رويترز)

بينما كانت إسرائيل تقصف شمال قطاع غزة بغارات جوية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وتأمر بإجلاء أكثر من مليون فلسطيني من المنطقة، وجّهت مسؤولة كبيرة في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تحذيراً صريحاً للبيت الأبيض.

فقد كتبت دانا سترول، نائبة مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط آنذاك، في رسالة بالبريد الإلكتروني بتاريخ 13 أكتوبر (تشرين الأول) إلى كبار مساعدي الرئيس جو بايدن تقول إن النزوح الجماعي سيشكل كارثة إنسانية، وقد يمثل انتهاكاً للقانون الدولي، ما قد يؤدي إلى توجيه اتهامات إلى إسرائيل بارتكاب جرائم حرب. وذكرت سترول، في الرسالة، أنها كانت تنقل تقييماً للجنة الدولية للصليب الأحمر «جمّد الدماء في عروقها»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

وبينما تقترب حرب غزة من إتمام عامها الأول، ويتأرجح الشرق الأوسط على شفا حرب أوسع نطاقاً، تظهر رسائل سترول عبر البريد الإلكتروني، ومراسلات أخرى لم ترد تقارير عنها من قبل، صراع إدارة بايدن من أجل الموازنة بين المخاوف الداخلية إزاء ارتفاع أعداد القتلى في غزة ودعمها العلني لإسرائيل في أعقاب هجوم حركة «حماس» الفلسطينية في 7 أكتوبر على جنوب إسرائيل، التي تقول إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص.

وراجعت «رويترز» 3 مجموعات من الرسائل المتبادلة عبر البريد الإلكتروني بين كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، التي يرجع تاريخها إلى الفترة من 11 إلى 14 أكتوبر، أي بعد أيام قليلة من اندلاع الأزمة. وأدت الحملة الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 41 ألفاً و800 فلسطيني في غزة، ما فجّر احتجاجات في الولايات المتحدة، قادها نشطاء عرب أميركيون ومسلمون.

قلق مبكر... وكارثة أسوأ

تكشف رسائل البريد الإلكتروني، التي لم ترد تقارير عنها من قبل، عن قلق مبكر في وزارة الخارجية والبنتاغون، من أن ارتفاع عدد القتلى في غزة قد ينتهك القانون الدولي ويعرّض العلاقات الأميركية مع العالم العربي للخطر. وتُظهر الرسائل أيضاً ضغوطاً داخلية في إدارة بايدن لتغيير رسالتها، من إظهار التضامن مع إسرائيل إلى الحديث عن التعاطف مع الفلسطينيين وضرورة السماح بدخول مزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة.

ولا يزال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعيد المنال، على الرغم من مرور أشهر من المفاوضات التي توسطت فيها الولايات المتحدة. والآن أصبح جزء كبير من غزة خراباً. ويلوح خطر اندلاع حرب إقليمية مع إيران في الأفق بعد الهجمات التي شنّتها إسرائيل على لبنان واغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية، المدعومة من طهران، الأسبوع الماضي، والهجمات الصاروخية الإيرانية على إسرائيل.

ويقول مسؤولون كبار في إدارة بايدن إنهم يعتقدون أن ضغوط البيت الأبيض على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تلك الأيام الأولى من الحرب أحدثت فرقاً، ومنعت وقوع كارثة أسوأ.

وفي أحاديث خاصة، طلب البيت الأبيض من إسرائيل تأجيل هجومها البري لمنح منظمات الإغاثة مزيداً من الوقت لإعداد المساعدات للنازحين وإعطاء إسرائيل مزيداً من الوقت للتوصل إلى اتفاق مع «حماس»، وذلك وفقاً لما قاله مسؤولون في الإدارة للصحافيين في إفادات غير علنية حينها.

بطء في التعامل مع معاناة الفلسطينيين

لكن 3 مسؤولين أميركيين كباراً شاركوا في عملية صنع القرار قالوا إن واشنطن كانت بطيئة في التعامل مع معاناة الفلسطينيين. ورغم أن الغزو البري تأخر في نهاية المطاف نحو 10 أيام، عزا المسؤولون الثلاثة ذلك التأخير إلى الاستعدادات العملياتية للجيش الإسرائيلي أكثر من الضغوط الأميركية.

وبعد نشر هذه القصة، قال السيناتور الديمقراطي، كريس فان هولن، إن رسائل البريد الإلكتروني تُظهر أن «الكارثة الإنسانية التي تكشّفت في غزة كانت واضحة بشكل مؤلم منذ الأيام الأولى للحرب، إذ نبّه خبراء كبار إلى انتهاك المعايير الدولية»، وإلى تجاهل البيت الأبيض «لمخاوف مشروعة».

وقال البيت الأبيض رداً على أسئلة بشأن رسائل البريد الإلكتروني: «كانت الولايات المتحدة تقود الجهود الدولية الرامية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة»، و«كان ذلك وسيظل أولوية قصوى». وأضاف أنه قبل «تدخل (الولايات المتحدة)، لم يكن هناك طعام أو ماء أو دواء يدخل إلى غزة».

جرائم حرب

يجري التحقيق بشأن ارتكاب قادة في إسرائيل و«حماس» جرائم حرب في أعقاب الهجمات التي شنّتها الحركة الفلسطينية.

ففي يونيو (حزيران)، خلصت لجنة تابعة للأمم المتحدة إلى وجود أدلة موثوقة على أن «حماس» وجماعات فلسطينية مسلحة أخرى ارتكبت جرائم حرب تشمل التعذيب واحتجاز رهائن. كما وجدت اللجنة أدلة على ارتكاب إسرائيل جرائم حرب نتيجة لاستخدامها قنابل ضخمة في غزة في الأشهر الأولى من الحرب.

ولا تزال إدارة بايدن والحملة الرئاسية لنائبة الرئيس كامالا هاريس عالقة بين مجموعتين انتخابيتين قويتين، هما الديمقراطيون المؤيدون لإسرائيل والتقدميون الأصغر سناً الداعمون للفلسطينيين.

ويقول منافس هاريس عن الحزب الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترمب، إنه «سيحسم» الحرب «سريعاً» إذا فاز في الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني)، دون أن يخوض في تفاصيل عن كيفية ذلك. لكن محللي السياسة الخارجية يستبعدون أن تؤدي الانتخابات إلى تغيير كبير في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل، بالنظر إلى دعم كلا الحزبين طويل الأمد لها.

وتُظهِر رسائل البريد الإلكتروني التي راجعتها وكالة «رويترز» محاولات حثيثة داخل إدارة بايدن لتحذير البيت الأبيض من الأزمة الوشيكة، ومقاومة مبدئية من البيت الأبيض لوقف إطلاق النار خلال الأيام الأولى الفوضوية من الحرب. وبدأ تبادل المجموعات الثلاث من رسائل البريد الإلكتروني في 11 أكتوبر، أي في اليوم الخامس من الغارات الجوية الإسرائيلية بعد هجوم «حماس».

«فقدان المصداقية»

في مرحلة مبكرة، تزايدت المخاوف داخل الإدارة بشأن صورة الولايات المتحدة في نظر حلفائها العرب.

وبعد أن استهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية مستشفيات ومدارس ومساجد غزة، أبلغ كبير مسؤولي شؤون الدبلوماسية العامة في وزارة الخارجية الأميركية، بيل روسو، كبار المسؤولين في الوزارة بأن واشنطن «تفقد مصداقيتها بين الجماهير الناطقة بالعربية» بعدم تعاملها مع الأزمة الإنسانية مباشرة، وذلك وفقاً لرسالة بالبريد الإلكتروني أرسلت يوم 11 أكتوبر. وذكرت السلطات الصحية في غزة في ذلك اليوم أن عدد القتلى بلغ نحو 1200 شخص.

وبينما دافعت إسرائيل عن الضربات، قائلة إن «حماس» تستخدم المباني المدنية لأغراض عسكرية، كتب روسو أن الدبلوماسيين الأميركيين في الشرق الأوسط يراقبون التقارير الإعلامية العربية التي تتهم إسرائيل بشنّ «إبادة جماعية» وواشنطن بالتواطؤ في جرائم حرب.

كما كتب روسو أن «عدم استجابة الولايات المتحدة للأوضاع الإنسانية للفلسطينيين ليس غير فعال وله نتائج عكسية فقط، بل إننا متهمون أيضاً بالتواطؤ في جرائم حرب محتملة من خلال التزام الصمت حيال أفعال إسرائيل بحق المدنيين».

وبينما خاطب روسو كبار المسؤولين في وزارة الخارجية، حثّ على التحرك سريعاً لتغيير موقف الإدارة المعلن المتمثل في الدعم غير المشروط لإسرائيل وعمليتها العسكرية في غزة. وكتب: «إذا لم يتم عكس هذا المسار بسرعة، ليس عبر الرسائل فقط، وإنما بالأفعال، فإن هناك مخاطرة بالإضرار بموقفنا في المنطقة لسنوات مقبلة».

واستقال روسو في مارس (آذار)، عازياً ذلك لأسباب شخصية. وأحجم عن التعليق.

«تخفيف السرعة»

في يوم 13 أكتوبر، أي بعد يومين من رسالة روسو، ألقت طائرات إسرائيلية منشورات على شمال غزة تأمر مليون شخص من سكان القطاع بمغادرة منازلهم. وأعطى نتنياهو السكان مهلة 24 ساعة للفرار، في حين بدأت القوات الإسرائيلية مدعومة بالدبابات هجوماً برياً داخل القطاع الذي تديره «حماس»، والذي يبلغ عدد سكانه 2.3 مليون نسمة. وتعهّد نتنياهو بالقضاء على «حماس» بسبب هجومها.

وأثارت أوامر الإخلاء قلق وكالات الإغاثة والأمم المتحدة. وبحلول ذلك الوقت، كانت الغارات الجوية الإسرائيلية قد محت أحياء بأكملها.

وأصدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف بياناً قالت فيه إن الأمر الإسرائيلي «لا يتوافق مع القانون الدولي الإنساني» لأن من شأنه أن يقطع الغذاء والمياه والاحتياجات الأساسية الأخرى عن غزة. وفي محادثة هاتفية في ذلك اليوم مع سترول، كان فابريزيو كاربوني، المدير الإقليمي للشرق الأوسط باللجنة الدولية للصليب الأحمر، أكثر وضوحاً، كما تظهر رسائل البريد الإلكتروني.

فقد قالت سترول، في رسالتها يوم 13 أكتوبر، التي وصفت فيها المحادثة بينهما، إن «اللجنة الدولية للصليب الأحمر ليست مستعدة لقول ذلك علناً، لكنها تدق ناقوس الخطر في أحاديث خاصة، بأن إسرائيل تقترب من ارتكاب جرائم حرب». وكانت رسالتها عبر البريد الإلكتروني موجهة إلى كبار المسؤولين في البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والدفاع.

وكتبت سترول: «هاجسهم الرئيسي هو أنه من المستحيل أن يتحرك مليون مدني بهذه السرعة». وقال أحد المسؤولين الأميركيين، في سلسلة رسائل البريد الإلكتروني، إنه سيكون من المستحيل تنفيذ مثل هذا الإخلاء دون التسبب في «كارثة إنسانية».

وقال عدة مسؤولين أميركيين كبار لوكالة «رويترز» إن بعض كبار المسؤولين الأميركيين عبّروا عن قلقهم في أحاديث خاصة من عدم وجود طريق آمنة للخروج من القطاع المكتظ بالسكان.

بدورها، كتبت بولا توفرو، المسؤولة الكبيرة في البيت الأبيض المعنية بالاستجابة الإنسانية، في البريد الإلكتروني: «تقييمنا هو أنه ببساطة لا توجد طريقة لحدوث هذا النطاق من النزوح دون التسبب في كارثة إنسانية»، وسوف يستغرق الأمر «شهوراً» لتهيئة الهياكل اللازمة لتوفير «الخدمات الأساسية» لأكثر من مليون شخص. وطلبت من البيت الأبيض أن يطلب من إسرائيل إبطاء هجومها. وكتبت توفرو: «نحتاج من حكومة إسرائيل التخفيف من سرعة دفع الناس إلى الجنوب».

وحثّ آندرو ميلر، الذي كان نائب مساعد وزير الخارجية في مكتب شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية آنذاك، زملاءه على التحرك بسرعة.

وكتب ميلر: «إذا كنا نميل إلى التدخل لدى الإسرائيليين لثنيهم عن السعي إلى عمليات إخلاء جماعية، فسوف يتعين علينا فعل ذلك قريباً، وعلى مستوى رفيع وعبر نقاط اتصال متعددة». واستقال ميلر في يونيو (حزيران)، عازياً ذلك إلى أسباب عائلية.

تسريع التسليح

بينما كان المسؤولون الأميركيون يقيّمون الأزمة الإنسانية، ضغطت إسرائيل على واشنطن للحصول على مزيد من الأسلحة.

ووفقاً لرسائل البريد الإلكتروني، حثّ مسؤول كبير في السفارة الإسرائيلية في واشنطن وزارة الخارجية الأميركية في 14 أكتوبر على تسريع شحن 20 ألف بندقية آلية للشرطة الإسرائيلية.

وفي ذلك اليوم، اعتذر المستشار الدفاعي الإسرائيلي، أوري كتساف، في رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى نظيرته في وزارة الخارجية الأميركية، عن إزعاجها خلال عطلة نهاية الأسبوع، لكنه قال إن شحنة البنادق «عاجلة جداً»، ويجب أن توافق عليها الولايات المتحدة.

وقالت كريستين ميناريتش، وهي مسؤولة في إدارة ضوابط التجارة في الأصناف الدفاعية، القسم المعني بالموافقة على مبيعات الأسلحة في وزارة الخارجية، لكتساف إن البنادق لن تتم الموافقة عليها خلال الساعات الأربع والعشرين أو الثماني والأربعين المقبلة. وقد تستغرق مثل هذه الشحنات الضخمة من الأسلحة وقتاً طويلاً، إذ تتطلب موافقة وزارة الخارجية وإخطار الكونغرس. وأحجم كتساف والسفارة الإسرائيلية عن التعليق.

وأعادت جيسيكا لويس، التي كانت مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية والعسكرية آنذاك، إرسال رسالة ميناريتش وطلب إسرائيل الحصول على البنادق إلى مكتب شؤون الديمقراطية والعمل وحقوق الإنسان التابع لوزارة الخارجية. ويتولى المكتب مراجعة مبيعات الأسلحة الأميركية المحتملة لضمان عدم إرسالها إلى الجيوش الضالعة في انتهاكات لحقوق الإنسان.

وبحسب رسائل البريد الإلكتروني، طلبت لويس من المكتب تسريع مراجعته، وأن يشرح «بشكل عاجل» أي معارضة منه لصفقات أسلحة محددة لإسرائيل. واستقالت لويس في يوليو (تموز).

وأوصى كريستوفر لومون، نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الديمقراطية والعمل وحقوق الإنسان، برفض أكثر من 12 صفقة أسلحة، بما في ذلك قاذفات قنابل، وقطع غيار، وبنادق. وفي ردّه على لويس، أشار إلى مخاوف بشأن «سلوك» وحدات معينة من الشرطة الإسرائيلية، مثل وحدة دوريات الحدود (يمام)، وهي وحدة من القوات الخاصة.

وكتب لومون أن هناك «تقارير كثيرة» عن تورط وحدة يمام في «انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان». وأبدى مكتب شؤون الديمقراطية والعمل وحقوق الإنسان اعتراضاً على 16 صفقة أسلحة منفصلة لإسرائيل، وفقاً لرسالة البريد الإلكتروني ومصدر مطلع.

وقال المصدر إنه تم المضي في جميع الصفقات تقريباً، على الرغم من اعتراضات المكتب.