رفضت الإدارة الأميركية خطوة إسبانيا والنرويج وآيرلندا الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وقال مسؤول بمجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض للصحافيين، يوم الأربعاء، إن الرئيس الأميركي جو بايدن مؤيد قوي لحلّ الدولتين، وكان كذلك طوال حياته المهنية، لكنه يعتقد أن الدولة الفلسطينية يجب أن تتحقق من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين، وليس من خلال الاعتراف الأحادي الجانب.
وأضاف المسؤول أن الرئيس بايدن لا يزال يدعم مساراً يؤدي إلى حل الدولتين، وسيواصل السعي لتحقيق ذلك من خلال المفاوضات الدبلوماسية بين الجانبين.
وصرّح الرئيس بايدن عدة مرات أن السبيل الوحيدة لحلّ الصراع العربي الإسرائيلي هو حلّ الدولتين، وقال في أحدث تلك التصريحات في خطابه، يوم الأحد، في حفل التخرج لكلية مورهاوس، إن حلّ الدولتين هو الحلّ الوحيد الذي يضمن أن يعيش الشعبان الفلسطيني والإسرائيلي في سلام وأمن وكرامة.
وتؤيد الولايات المتحدة ودول غربية أخرى فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل لحلّ الصراع الأكثر تعقيداً في منطقة الشرق الأوسط، لكن الإدارة الأميركية تصرّ على أن إقامة دولة فلسطينية يجب أن تأتي كجزء من تسوية يتم التفاوض عليها، وهي حجة يراها مراقبون أنها غير قابلة للتحقق على أرض الواقع في المدي القصير بعد توقف محادثات السلام منذ عام 2009.
قرار الدول الثلاث يأتي وسط غضب دولي بشأن عدد الضحايا المدنيين الذين سقطوا خلال القصف الإسرائيلي، إضافة إلى الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غياب حلول سياسية لإنهاء الحرب، والتحذيرات الأممية من صعوبات تواجه توزيع المساعدات الإنسانية على الفلسطينيين مع استمرار العمليات العسكرية.
وعلى الرغم من أن الدول الثلاث أشارت إلى «إمكانية الاعتراف بالدولة الفلسطينية»، فإن هذه الخطوة الرمزية ستزيد من الضغوط الدولية على إسرائيل للقيام بمفاوضات لإنهاء الحرب، مع دخول العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة شهرها الثامن.
وأشارت مصادر متابعة إلى أن هذه الخطوة قد تحفز دولاً أخرى في الاتحاد الأوروبي على اتخاذ نفس الخطوة، مثل مالطا وسلوفانيا. وقد يعزز ذلك اتخاذ مزيد من الخطوات في «الأمم المتحدة»، ويؤدي إلى عزلة إسرائيل على الساحة الدولية، خاصة أن نحو 140 دولة من بين 190 دولة في «الأمم المتحدة» اعترفت بالفعل بالدولة الفلسطينية.
القرار يتزامن أيضاً مع إعلان المحكمة الجنائية الدولية نية إصدار أوامر اعتقال بحقّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، إلى جانب قادة «حماس»، يحيى السنوار ومحمد الضيف وإسماعيل هنية، بتهم ارتكاب جرائم حرب خلال الصراع بين إسرائيل و«حماس».
غيرشون باسكن، مدير إدارة الشرق الأوسط بمنظمة المجتمعات الدولية، ومقرها المملكة المتحدة، عدّ أن قرار الدول الثلاث الاعتراف بدولة فلسطينية خطوة كان ينبغي اتخاذها منذ عقود، وشدّد على أن هزيمة الإرهاب والجماعات المتطرفة لن تتحقق إلا بوجود مسار سياسي.
على الجانب الآخر، هاجم ديفيد فريدمان، سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل في عهد دونالد ترمب، قرار الدول الأوروبية الثلاث، وصرّح الثلاثاء أن «هذا الاعتراف سيكون أكثر تدميراً لإسرائيل من هجمات السابع من أكتوبر»، فيما كتب جيسون غرينبلات، مبعوث ترمب السابق للشرق الأوسط على «إكس»: «الاعتراف بدولة فلسطينية من شأنه أن يشجع (حماس) والإرهابيين الآخرين على مواصلة هجومهم الدموي».
تصدع أميركي أوروبي
تُعقّد القضية الفلسطينية العلاقات بين الولايات المتحدة وأقرب حلفائها، وتثير التساؤلات حول ما يمكن أن يحدث من تصدع في العلاقات الأميركية الأوروبية، إذا اتخذت دول أخرى خطوات الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ولم تعبأ بالحجج الأميركية، خصوصاً مع ابتعاد دول أوروبية، مثل فرنسا وألمانيا، إضافة إلى النرويج وآيرلندا وإسبانيا، عن موقف واشنطن، من انتقاد المحكمة الجنائية الدولية، ودافعت على استقلال المحكمة وقراراتها.
وقال مسؤول كبير للصحافيين في مؤتمر على الهاتف، يوم الثلاثاء، إن النقاشات حول اليوم التالي للعمليات العسكرية في غزة لا تزال جارية، وتستهدف التوصل إلى مرحلة ما بعد الصراع، وطريق تنفيذ حلّ الدولتين بمجرد انتهاء القتال. وأشار المسؤول إلى أن الولايات المتحدة تناقش هذه الأفكار مع العواصم العربية الأخرى وإسرائيل.