أمه «تدور في فلكه» ووالده اختار اسمه... ماذا نعرف عن بارون أصغر أبناء ترمب؟

ظهر الأبوان معاً في حفل تخرجه أمس

بارون ترمب يشارك في حفل تخرجه بأكاديمية أوكسبريدج في بالم بيتش (إ.ب.أ)
بارون ترمب يشارك في حفل تخرجه بأكاديمية أوكسبريدج في بالم بيتش (إ.ب.أ)
TT

أمه «تدور في فلكه» ووالده اختار اسمه... ماذا نعرف عن بارون أصغر أبناء ترمب؟

بارون ترمب يشارك في حفل تخرجه بأكاديمية أوكسبريدج في بالم بيتش (إ.ب.أ)
بارون ترمب يشارك في حفل تخرجه بأكاديمية أوكسبريدج في بالم بيتش (إ.ب.أ)

انتشرت صور على وسائل الإعلام الأجنبية ومواقع التواصل الاجتماعي للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وزوجته ميلانيا معاً أمس (الجمعة)، في حفل تخرج ابنهما بارون من المدرسة الثانوية في فلوريدا.

وبارون هو واحد من 116 من طلاب السنة الدراسية الأخيرة في أكاديمية أوكسبريدج في ويست بالم بيتش الذين حصلوا على شهاداتهم يوم الجمعة، وفقاً لصحيفة «بالم بيتش بوست».

ترمب يلوّح بيده لابنه أثناء تخرجه (أ.ف.ب)

تظهر الصور حضور ترمب وميلانيا لمشاهدة بارون وهو يسير عبر المسرح.

وذكرت صحيفة «بالم بيتش بوست» أن الشاب البالغ من العمر 18 عاماً يدرس في أكاديمية أوكسبريدج منذ أن غادر ترمب البيت الأبيض عام 2021.

بارون ترمب يشارك في حفل تخرجه بأكاديمية أوكسبريدج في بالم بيتش (أ.ف.ب)

كان ترمب يضغط منذ أسابيع لحضور حفل تخرج ابنه في المدرسة الثانوية. ووافق القاضي الذي يرأس محاكمته الجنائية في مانهاتن، القاضي خوان ميرشان، في نهاية المطاف على طلب ترمب حضور حفل تخرج بارون.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مع السيدة الأولى السابقة ميلانيا ترمب (يسار) يحضران حفل تخرج ابنه بارون ترمب في أكاديمية أوكسبريدج في بالم بيتش (أ.ف.ب)

وبحسب «فوكس نيوز»، تصف أكاديمية أوكسبريدج نفسها بأنها «مدرسة إعدادية جامعية رائدة ومستقلة ومختلطة تقع في حرم جامعي جميل مساحته 54 فداناً في ويست بالم بيتش بفلوريدا».

وغالباً ما عاش بارون، الابن الأصغر لدونالد ترمب، خارج دائرة الأضواء، إلا أن المشهد تبدل منذ نحو الشهر بعد رفضه تمثيل فلوريدا في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري لعام 2024.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مع السيدة الأولى السابقة ميلانيا ترمب (يسار) يحضران حفل تخرج ابنه بارون ترمب في أكاديمية أوكسبريدج في بالم بيتش (أ.ف.ب)

فماذا نعرف عن بارون؟

بعد وقت قصير من زواج الرئيس السابق بزوجته ميلانيا ترمب في عام 2005، علم الزوجان أنهما ينتظران طفلاً. وُلد بارون في 20 مارس (آذار) 2006، ليصبح الطفل الخامس لدونالد والأول لميلانيا، بحسب مجلة «بيبول».

وقضى بارون طفولته في شقة السقيفة الفخمة الخاصة بعائلته في مدينة نيويورك أثناء التحاقه بمدارس خاصة مرموقة في الجانب الغربي العلوي من مانهاتن.

وعندما تم انتخاب دونالد ترمب رئيساً وبدأ فترة ولايته في يناير (كانون الثاني) 2017، بقي بارون وميلانيا في مانهاتن حتى يتمكن من إنهاء العام الدراسي. وفي ذلك الصيف، التحق بمدرسة سانت أندرو الأسقفية في ماريلاند، وانتقل رسمياً إلى البيت الأبيض مع بقية أفراد العائلة.

في حين أن أكبر أبناء ترمب سناً: إيفانكا ودونالد ترمب جونيور وإريك وتيفاني، لعبوا دوراً عملياً أكبر في رئاسة والدهم، كانت خصوصية بارون تحت حراسة مشددة.

وبحسب ما قال مصدر لمجلة «بيبول»، فإن «بارون كان دائماً الأولوية الأولى في حياة ميلانيا».

وأضاف: «لقد وضعته دائماً في المرتبة الأولى. إنها أم جيدة».

يبدو أن دونالد يضع ابنه في المقام الأول عندما يتعلق الأمر بقضاياه القانونية. وعندما بدأت محاكمته الجنائية بشأن أموال الصمت في أبريل (نيسان) 2024، طلب محاميه من القاضي خوان ميرشان تأجيل المحكمة لتخرج بارون بالمدرسة الثانوية في مايو (أيار). وفي 30 أبريل، وافق القاضي على الطلب، وسمح لدونالد بتفويت موعد المحكمة للوجود هناك.

أيام نشأته الأولى

تفاجأ دونالد عندما اكتشف أن ميلانيا كانت تنتظر مولودها في عام 2005، اكتشف دونالد وميلانيا أنهما ينتظران طفلهما الأول معاً بعد نحو ستة أشهر من زفافهما. أثناء النظر إلى اللحظة التي أخبرت فيها دونالد أنها حامل، اعترفت ميلانيا بأن زوجها كان مندهشاً بعض الشيء من الأخبار، بحسب المجلة.

وفي 20 مارس 2006، أنجبت ميلانيا بارون، وكان وزن الطفل الصغير 8 أرطال. واختار دونالد عدم الوجود في غرفة الولادة، موضحاً أنه يعتقد أنه سيكون «أسهل» بالنسبة لميلانيا إذا لم يكن هناك. قالت ميلانيا لاحقاً إن المخاض الذي استغرق ثماني ساعات كان في الواقع «سهلاً جداً جداً».

دونالد ترمب اختار اسمه

وكان دونالد هو من اختار اسم بارون؛ لأنه كان يحبه دائماً، ولكن لم تتح له الفرصة لاستخدامه لأبنائه الآخرين.

وقال في برنامج أوبرا وينفري: «إنه اسم أحببته دائماً، ولكن لم يكن لديّ الشجاعة لاستخدامه قَطّ. لقد أعطيت الفكرة لميلانيا فقالت لقد كنت أدعوه بارون بينما كان في بطني ولا يمكنك تغييره».

دونالد وبارون ترمب (أ.ف.ب)

التحق بارون بالمدرسة في نيويورك وماريلاند وفلوريدا

أثناء نشأته، التحق بارون بالعديد من المدارس المرموقة. وأثناء إقامته في مدينة نيويورك، التحق بمدرسة كولومبيا النحوية والإعدادية في الجانب الغربي العلوي من مانهاتن. بعد أن بدأ دونالد فترته الرئاسية في يناير (كانون الثاني) 2017، بقي بارون في مدينة نيويورك، وأنهى العام الدراسي.

خلال السنة الأخيرة لبارون في مدرسة كولومبيا النحوية والإعدادية، أخذ فصله الخامس بأكمله في رحلة إلى واشنطن.

انضمت مجموعة من نحو 80 طالباً إلى بارون (مع المعلمين وعملاء الخدمة السرية) في رحلة إلى البيت الأبيض، حيث التقوا بوالد بارون. كما قامت المجموعة بجولة في عاصمة البلاد وأمضت ليلتها في أحد الفنادق قبل العودة إلى الوطن.

وفي مايو 2017، أُعلن أن بارون سيلتحق بمدرسة سانت أندرو الأسقفية في بوتوماك بولاية ماريلاند.

وتكلف الرسوم الدراسية في جامعة سانت أندرو عائلة ترمب نحو 40 ألف دولار سنوياً. كان تسجيل بارون بمثابة خروج عن القاعدة التي حددتها عائلات الرؤساء السابقين - بمن في ذلك عائلة أوباما وبوش وكلينتون - التي أرسلت أطفالها إلى «Sidwell Friends»، وهي مدرسة خاصة تابعة لشركة «كويكر» تقع في العاصمة وبيثيسدا بولاية ماريلاند.

وبعد انتهاء فترة ولاية دونالد الرئاسية في عام 2021، تم الكشف عن أن بارون سيلتحق بأكاديمية أوكسبريدج في بالم بيتش بفلوريدا، حيث سيتخرج مع دفعة عام 2024.

بارون، الذي بلغ 18 عاماً في مارس 2024، لم يقرر بعد المكان الذي سيلتحق فيه بالجامعة. ووفقاً لمصدر للمجلة، فمن المرجح أن تتبعه ميلانيا أينما ذهب إلى المدرسة.

كان بارون متوتراً بشأن الانتقال إلى البيت الأبيض

عندما تم انتخاب دونالد ترمب رئيساً لأول مرة، قال إن بارون كان متردداً بشأن ترك حياته في مدينة نيويورك، والانتقال إلى البيت الأبيض. وأوضح أن الطفل البالغ من العمر 9 سنوات آنذاك أحب نيويورك ومدرسته، وكانت هذه الخطوة بمثابة «تغيير كامل للحياة».

وقال ترمب آنذاك: «لديه مدرسة جيدة جداً في نيويورك حيث لديه الكثير من الأصدقاء. لكني كنت أقول له إننا إذا انتقلنا فإنني سأساعد الناس، والأطفال مثله، وهذا جعله سعيداً. إنه صبي صغير يبلغ من العمر 9 سنوات، وهو قوي وذكي وقد فهم ذلك».

بارون ترمب أصغر أبناء الرئيس الأميركي السابق (أ.ف.ب)

يتحدث اللغتين الإنجليزية والسلوفينية

بارون يمكنه التحدث باللغتين الإنجليزية والسلوفينية، وهي لغة أمه الأصلية. وعندما كان طفلاً صغيراً، تقول ميلانيا إن بارون كان يتصل بجدته في كثير من الأحيان ويتحدث معها باللغة السلوفينية حصرياً.

بينما كانت ميلانيا من مؤيدي تحدث بارون بعدة لغات، فقد أشارت إلى أنها وزوجها يتفقان على أن اللغة التي يجب أن يستخدمها بارون في الأماكن العامة هي الإنجليزية.

وقالت لـ«بيبول»: «رأيي هو أنه من الأفضل أن تتحدث المزيد من اللغات، لكن عندما تأتي إلى أميركا، فإنك تتحدث الإنجليزية».

تعرض للتنمر

وفي عام 2018، تعرض بارون للتنمر من خلال مقطع فيديو يقول إنه يعاني من التوحد.

ودافعت عنه حينها تشيلسي كلينتون ابنة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، وجينا بوش ابنة الرئيس السابق جورج بوش.

وطالبت تشيلسي بالتغريد في عدة مناسبات، الآخرين بمنح بارون الفرصة ليكبر من دون الكثير من الانتقادات.

أيضاً كتبت تشيلسي رداً على مقال سلبي عن بارون: «لقد حان الوقت لوسائل الإعلام والجميع أن يتركوا بارون ترمب يتمتع بالطفولة الخاصة التي يستحقها».

جينا أيضاً دافعت عن بارون وقالت في تغريدة: «الحقيقة هي أنه من الواضح أن بارون ترمب لم يطلب من والده الترشح للرئاسة. لم يكن قراره».

ميلانيا تحمل بارون عندما كان طفلاً صغيراً (إكس)

ميلانيا تدور في فلك بارون

طوال مسيرة ميلانيا المهنية كعارضة أزياء، كان من المعروف أنها تحافظ على خصوصيتها. حتى خلال فترة عملها كسيدة أولى، كانت تقضي وقتاً في المقام الأول مع عائلتها بدلاً من الأصدقاء.

والآن بعد أن أصبح دونالد ترمب خارج منصبه، أخبرت مصادر مجلة «بيبول» أن ميلانيا لا تزال تتمتع بخصوصية كبيرة وتراقب بارون عن كثب.

وقال مصدر آخر للمجلة: «أصدقاء ميلانيا هم أفراد عائلتها، العديد من أعضاء نادي مارالاغو وغيرهم يعرفون ميلانيا ويرونها. لكنهم ليسوا أصدقاء. إنهم لا يجتمعون ويثرثرون أو يتواصلون اجتماعياً. لقد أحاطت نفسها دائماً بالعائلة، فهي أم شغوفة ببارون وتحميه بشدة».

وأضاف المصدر أن والدَي ميلانيا، اللذين يعيشان في منزل عائلة ترمب في مارالاغو، «قريبان أيضاً من بارون وكان لهما دور فعال في تربيته».

ووفق المجلة، فإن بارون خجول ومتحفظ، وكانت ميلانيا أماً جيدة له طوال هذه السنوات، فميلانيا تدور حول بارون وعائلتها. لقد كانت دائماً مهتمة بالأسرة، وبالإضافة إلى بعض الأعمال الخيرية التي قامت بها، فإن الاهتمام بقضايا الأسرة هو أولويتها.

رفض تمثيل فلوريدا في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري

تم اختيار بارون لتمثيل فلوريدا كمندوب في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في يوليو (تموز) 2024 المقبل، ومع ذلك فقد رفض بسبب التزامات سابقة.

وتصدر بارون عيون العامة وعناوين الأخبار العالمية منذ نحو أسبوع، عندما بدا أنه سيكون أحدث عضو في عائلة ترمب يدخل الساحة السياسية، لكنّ بياناً صادراً عن مكتب والدته ميلانيا، سرعان ما وضع حداً لمخطط المؤتمر.

وقال البيان: «بينما يتشرف بارون باختياره مندوباً من جانب الحزب الجمهوري في فلوريدا، فإنه يرفض بأسف المشاركة بسبب التزامات سابقة».


مقالات ذات صلة

ترمب يرد على مزاعم تشكك بإصابته برصاصة في أذنه

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب بضمادة على أذنه بعد محاولة اغتياله (رويترز)

ترمب يرد على مزاعم تشكك بإصابته برصاصة في أذنه

ردّ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب اليوم (الجمعة) على ما أثير من شكوك بشأن الجرح الذي أصاب أذنه خلال محاولة اغتياله.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس (أ.ف.ب)

استطلاع: ترمب يتقدم بفارق ضئيل على هاريس في السباق للبيت الأبيض

أظهر استطلاع لصحيفة «وول ستريت جورنال» أن مرشح الجمهوريين للبيت الأبيض دونالد ترمب يتقدم بفارق نقطتين مئويتين على كامالا هاريس المرشحة المحتملة عن الديمقراطيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​  الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب يعلن أنه سيقيم تجمعاً انتخابياً في بلدة تعرض فيها لإطلاق نار

قال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إنه سيقيم قريباً تجمعاً انتخابياً آخر في بتلر بولاية بنسلفانيا، وهي البلدة التي أطلق فيها مسلح النار عليه.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشح الجمهوري دونالد ترمب يضع ضمادة على أذنه اليمنى بسبب إصابته في محاولة اغتيال في بنسلفانيا (أ.ف.ب)

طبيب: لا دليل على أن إصابة ترمب في أذنه سببها شيء آخر غير الرصاصة

قال الطبيب السابق لدونالد ترمب إنه لا يوجد دليل على أن شيئاً آخر غير الرصاصة هو الذي تسبب في إصابة المرشح الجمهوري في أذنه خلال محاولة اغتيال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة آخر لقاء جمع الرئيس دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي في 15 سبتمبر 2020 (أ.ب)

نتنياهو يلتقي ترمب بأمل الحصول على تأييد أكبر لإسرائيل

يراهن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقائه بالرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري، دونالد ترمب، على نيل تأييد أكبر لأمن إسرائيل.

هبة القدسي (واشنطن)

هاريس امرأة سوداء تُعيد تشكيل «تحالف أوباما»… ومقعد البيت الأبيض

كامالا هاريس تُلقي كلمة خلال مؤتمر اتحاد المعلمين الأميركيين في هيوستون الخميس (أ.ف.ب)
كامالا هاريس تُلقي كلمة خلال مؤتمر اتحاد المعلمين الأميركيين في هيوستون الخميس (أ.ف.ب)
TT

هاريس امرأة سوداء تُعيد تشكيل «تحالف أوباما»… ومقعد البيت الأبيض

كامالا هاريس تُلقي كلمة خلال مؤتمر اتحاد المعلمين الأميركيين في هيوستون الخميس (أ.ف.ب)
كامالا هاريس تُلقي كلمة خلال مؤتمر اتحاد المعلمين الأميركيين في هيوستون الخميس (أ.ف.ب)

بعد أقل من أسبوع على بدء انسحاب الرئيس جو بايدن من الحلبة السياسية الأميركية، بدت نائبة الرئيس، كامالا هاريس، على وشك إنجاز حلقات الدعم الضرورية، ليس فقط لنيل بطاقة الحزب الديمقراطي، بل أيضاً لتشكيل تحالف يمكّنها من الفوز بانتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

يعتقد كثيرون أن حملة هاريس يمكن أن تكرّر، بعد 100 يوم من الآن، الإنجاز الانتخابي الهائل الذي نتج عن «موجة زرقاء» عالية، أوصلت أول شخص أسود، هو الرئيس باراك أوباما، إلى البيت الأبيض عام 2008، وأبقته عام 2012، ثم دفعت نائب الرئيس في عهده جو بايدن إلى سُدّة الرئاسة عام 2020 إلى تلك المكانة، على رغم الجدار العالي الذي بناه الرئيس السابق دونالد ترمب وحلفاؤه بين الجمهوريين المحافظين في مساعيهم لإعادة «جعل أميركا بيضاء مرة أخرى»، وهو الظل الخفي لشعار ترمب الشعبوي «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى».

لهذه الأسباب وغيرها، تبدو الانتخابات لاختيار الرئيس الـ47 للولايات المتحدة أكثر صداميّة من سابقاتها.

الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما معانقاً نائبة الرئيس كامالا هاريس بمناسبة إقرار قانون للرعاية الميسّرة في البيت الأبيض عام 2022 (أ.ف.ب)

خلال حملتها القصيرة للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة عام 2019، حاولت هاريس محاكاة استراتيجية أوباما لعام 2008، فتعاملت مع ساوث كارولينا، وهي ولاية تضم عدداً كبيراً من ذوي البشرة السوداء، باعتبارها موقعاً لاختراقها المحتمل، ولكنها حشدت الموارد في آيوا تحضيراً لهذا الاختراق، من خلال طمأنة الناخبين السود بأنها قادرة على الفوز في الولاية ذات الغالبية البيضاء، وكانت تتمتع بميزة إضافية تتمثل في كونها من كاليفورنيا، وفي لحظة من الانتخابات التمهيدية فيما يسمى «الثلاثاء الكبير» في مارس (آذار) عامذاك، وبعد أدائها الناجح في مناظرة يونيو (حزيران) 2019، بدا أن هاريس في طريقها إلى تحقيق هذا الإنجاز، ما يهدّد تقدّم بايدن في استطلاعات ساوث كارولينا وآيوا. لكن هذا «التهديد» الانتخابي ضد بايدن لم يدُم طويلاً، بسبب «نفاد المال والحظ»، ما دفع هاريس إلى الانسحاب من الانتخابات التمهيدية.

قطبان رئيسيان

أما الآن، فأصبحت هاريس المرشّحة المفترضة عن الديمقراطيين، من دون الحاجة إلى اجتياز أي تمهيديات، ومع ذلك لا تزال تواجه بعض القرارات الاستراتيجية الرئيسية، في ضوء تراجُع بايدن باستمرار عن ترمب في الاستطلاعات، بسبب أدائه الضعيف بين فئتي الشباب وغير البِيض، وهما قطبان رئيسيان في «تحالف أوباما». ووسط تساؤلات عما إذا كانت هاريس تستطيع تعويض بعض هذه الخسائر المحتملة من دون التضحية بدعم ناخبين آخرين، أقدمت نائبة الرئيس على الدخول إلى منصة «تيك توك» المفضلة عند أجيال «إكس» و«زد» والألفية في الولايات المتحدة، فضلاً عن مساعيها الهادئة لنيل تأييد علني من الفنانة الأميركية الأشهر تايلور سويفت، بعدما حظيت بدعم الفنانة بيونسيه، والممثلة جينيفر أنيستون، وإذ تدرك أن الطاقة مُعدِية، فالصور المتحركة السريعة والموسيقى تؤكد على ديناميكية حملتها التي تميل إلى التنوع.

أميركيون يؤيدون ترشيح كامالا هاريس في لوس أنجليس الجمعة (أ. ب)

«الأمل والتغيير»

منذ الخطوة التي اتخذها بايدن، الأحد الماضي، وقلبت المشهد الانتخابي الأميركي رأساً على عقب، بعدما هيمن ترمب عليه بشكل كامل تقريباً على أثر محاولة اغتياله في بنسلفانيا قبل نحو أسبوعين، يجد كثيرون الآن فرصة لأن تتمكّن هاريس من الإفادة من سحر «الأمل والتغيير»، الذي تمتع به أوباما في بطاقته الديمقراطية قبل 16 عاماً. وتقع المفارقة في أن الاستطلاعات كانت تشير بوضوح إلى أن نسبة كبيرة من الأميركيين يشكّكون في القدرات الذهنية لترمب، بسبب وقوعه في سلسلة من الأخطاء اللفظية وهفوات الذاكرة، غير أن ذلك لم يحظَ باهتمام كبير، في ظل الصعوبات الكبيرة التي كان يواجهها بايدن. ولكن استبدال الأخير بهاريس يبعث الأمل في استعادة الناخبين الأصغر سناً، والناخبين السود واللاتينيين، الذين ابتعدوا عن بايدن منذ عام 2020. وفي الوقت ذاته، يمكنها توسيع هوامش الديمقراطيين القوية بالفعل بين النساء المتعلمات في الكليات والداعمات لحقوق الإجهاض.

وبالإضافة إلى هذه الشرائح المهمة، تسعى هاريس منذ سنوات إلى إيجاد مكانة لها في أوساط المهتمين بالقضايا التجارية والاقتصادية، وبينما يتذكر البعض إصرارها في مناظرة رئاسية عام 2019، على أنها «ليست ديمقراطية حمائية»، فهي ليست من مؤيدي التجارة الحرة أيضاً. وقد أكّدت أنها كانت ستعارض اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية عام 1992، علماً بأن بايدن صوَّت مؤيداً لها أثناء خدمته في مجلس الشيوخ، وكذلك اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ التي دعمها أوباما. وعام 2020 كانت بين 10 سيناتورات صوّتوا ضد اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، بعد انسحاب الرئيس دونالد ترمب من اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية.

كامالا هاريس تتجه للصعود إلى «آير فورس تو» في مطار هيوستون الخميس (أ.ف.ب)

ويعتقد فريق ترمب أن في إمكانه تعويض مكاسب هاريس المحتملة، من خلال تصويرها «راديكالية كاليفورنيا»، ورمزاً للتنوع الذي يمكن أن ينفّر الناخبين البِيض الأكبر سناً، الذين كان بايدن يتمتع ببعض القوة المتبقية معهم. ولكن أوباما تغلّب على عناصر مشابهة عام 2008، وساعده على ذلك الانهيار المالي، والتململ الشعبي من سياسات الحرب الجمهورية في العراق.

آثار استراتيجية

ويرجّح أن تكون لجهود هاريس لاتّباع مسار أوباما آثار استراتيجية كبرى على خريطة المعركة الانتخابية؛ لأن أي تحسّن كبير في أدائها بين الناخبين السود واللاتينيين، ومَن هم دون سن الثلاثين يمكن أن يُعيد ولايات متأرجحة، مثل أريزونا ونيفادا وجورجيا ونورث كارولينا، التي كادت تميل لمصلحة ترمب في الأسابيع الأخيرة إلى قلب السباق، علماً أيضاً بأن تآكل دعم بايدن بين الناخبين البِيض الأكبر سناً، وغير الحاصلين على تعليم جامعي، أدّى إلى إضعاف فرص الديمقراطيين بالفوز في ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن.

وبات من المؤكد أن هذه الخيارات الاستراتيجية يمكن أن تؤثر على اختيار هاريس في عملية الترشيح لمنصب نائب الرئيس، ليس فقط لجهة اختياره من ولاية تشكّل ساحة معركة، ولكن بوصفه وسيلة لتعظيم التحول الناتج عن انسحاب بايدن. ويعتقد البعض أن هاريس يمكن أن تتبع مثال الرئيس الأسبق بيل كلينتون عام 1992 لمضاعفة نقاط قوتها، من خلال اختيار امرأة أخرى هي حاكمة ميشيغان، غريتشن ويتمر.

ولكن هذا الخيار الجريء والتاريخي يحمل «مخاطرة أكبر»، وإن كان يشبه إلى حدٍّ نموذج عام 1992، عندما وقع اختيار كلينتون على آل غور مرشحاً لمنصب نائب الرئيس، على رغم أنه من مواليد فترة الطفرة في الجنوب الأميركي، وليس من واشنطن.

«فخر» روزفلت

منذ الساعات الأولى لترشيحها، بدأت هاريس العمل على إعادة تجميع «تحالف أوباما» بطريقة فعّالة للغاية، وهذا ما ظهر في إعلانها الانتخابي الأول: «كان روزفلت ليشعر بالفخر؛ ففي خطابه عن حال الاتحاد عام 1941 حدّد 4 حريات: حرية التعبير، وحرية العبادة، والحرية من العوز، والحرية من الخوف»، وتشدّد هاريس، بمساعدة من بيونسيه، باستمرار على الحرية باعتبارها الإطار الأساسي لحملتها، وهي تؤكد بشكل خاص على الحرية من العوز، والحرية من الخوف، مع الإشارة إلى الأمن الاقتصادي، والرعاية الصحية، وحقوق الإنجاب، والأمان من الأسلحة النارية. ومثل روزفلت، أعادت هاريس صوغ «الحرية» ــ وهي جزء أساسي من معجم المحافظين ــ لإعطائها دلالات تقدّمية.

نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس الأسبق بيل كلينتون عام 2023 (أ.ف.ب)

ويحتفي إعلانها بالتنوع الأميركي مع وفرة من الأشخاص الملوّنين؛ لأنها تريد زيادة الإقبال بشكل كبير بين السود واللاتينيين، والناخبين الأصغر سناً، الذين يشكّلون أهمية أساسية لـ«تحالف أوباما».

حتى الآن، أثمرت استراتيجية هاريس لإعادة تجميع «تحالف أوباما» عن أرباح فورية، ظهرت في ال​​استطلاعات، التي تُوحِي أن لديها الموارد والمتطوعين لدفع نسبة المشاركة على غرار أوباما، ولكن سباق الأيام الـ100 سيكون طويلًا وصعباً، على رغم أن رسالتها المبكرة تلقى صدى.