حراك تشريعي للإفراج عن شحنة أسلحة لإسرائيل

بايدن «يسترضي» الديمقراطيين بحزمة جديدة من المعدات العسكرية

يسعى الجمهوريون لإرغام بايدن على الإفراج عن شحنة الأسلحة لإسرائيل (رويترز)
يسعى الجمهوريون لإرغام بايدن على الإفراج عن شحنة الأسلحة لإسرائيل (رويترز)
TT

حراك تشريعي للإفراج عن شحنة أسلحة لإسرائيل

يسعى الجمهوريون لإرغام بايدن على الإفراج عن شحنة الأسلحة لإسرائيل (رويترز)
يسعى الجمهوريون لإرغام بايدن على الإفراج عن شحنة الأسلحة لإسرائيل (رويترز)

مواجهة مرتقبة بين البيت الأبيض من جهة وجمهوريي الكونغرس من جهة أخرى، عنوانها: إسرائيل. فقرار الإدارة الأميركية تجميد شحنة أسلحة لتل أبيب ولّد موجة من الانتقادات في المجلس التشريعي، تجسّدت في طرح مشروع قانون يرغم الرئيس الأميركي جو بايدن على تسليم الأسلحة المذكورة. مشروع طموح، والأرجح ألا يبصر النور في مجلس الشيوخ الذي تسيطر عليه غالبية ديمقراطية، لكنه يسلّط الضوء على الجدل المتزايد في أروقة الكونغرس حول السياسة الأميركية تجاه إسرائيل، كما يمثل سابقة تشريعية في تفاصيله؛ إذ يمنع تجميد أو وقف أو إلغاء تسليم أسلحة أو خدمات دفاعية لإسرائيل، كما يلزم وزير الخارجية الأميركي بالإفراج عن أي «مواد دفاعية» وتسليمها لإسرائيل فوراً.

ولا يتوقف المشروع عند هذا الحد، بل يتخطى التفاصيل المرتبطة بقرار التجميد ليشمل قطع رواتب المسؤولين في وزارتي الدفاع والخارجية الذين كان لهم دور في تجميد أو إلغاء تسليم الأسلحة لإسرائيل، كما يجمد جزءاً من تمويل الوزارتين والبيت الأبيض إلى أن تتم الموافقة على التسليم. وتتخطى بنود هذا المشروع صلاحيات الإدارة بشكل مباشر؛ ما دفع ببايدن إلى التلويح بحق النقض (الفيتو) ضده، رغم صعوبة إقراره في مجلس الشيوخ، في خطوة أراد من خلالها إبراز المعارضة الشديدة له، مشيراً إلى أنه «يهدد قدرته على تطبيق السياسة الخارجية بشكل فعال».

وهذا التهديد سارع الجمهوريون إلى رفضه على لسان رئيس مجلس النواب مايك جونسون، الذي اتهم في بيان لاذع اللهجة بايدن بالتخلي عن إسرائيل والتساهل مع «حماس» وإيران. وقال جونسون في بيان: «الرئيس لم يتخذ خطوات حاسمة عندما كانت إيران تخطط للهجوم على إسرائيل، والآن وبينما تقاتل إسرائيل من أجل وجودها، قرر تجميد الأسلحة وهدد باستعمال (الفيتو) ضد مشروع يعطي الإسرائيليين ما يحتاجون إليه للدفاع عن انفسهم بالشكل اللازم». وختم جونسون قائلاً: «على الرئيس وإدارته تغيير المسار فوراً والوقوف إلى جانب إسرائيل ضد الإرهاب والفظائع من إيران ووكلائها».

بايدن ونتنياهو في تل أبيب في 18 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

حزمة أسلحة جديدة

لكن مشكلة الإدارة لا تكمن في استرضاء الجمهوريين، الذين لن يتراجعوا عن مساعيهم، بل في استقطاب الأصوات الديمقراطية من حزبه للحرص على عدم انشقاق الصف الديمقراطي في مجلس النواب وامتداد الشرخ إلى الشيوخ؛ لهذا السبب فقد عمدت الإدارة إلى إخطار المشرّعين بنيتها إرسال حزمة أسلحة جديدة لإسرائيل بقيمة مليار دولار، بحسب ما أكدت مصادر في الكونغرس لـ«الشرق الأوسط»؛ وذلك في محاولة منها لرص الصف الديمقراطي، خاصة بين داعمي الحزب، كما دفعت بكل من مستشار الأمن القومي جايك سوليفان ونائبه جون فاينر للتواصل مع الديمقراطيين وإقناعهم بالتصويت ضد المشروع.

وبالفعل، ظهرت بوادر هذه المساعي واضحة في تصريحات أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين الذين اتهموا الجمهوريين بمحاولة التسبب بشرخ في صفوف حزبهم، وهذا ما قاله كبير الديمقراطيين في لجنة القوات المسلحة آدم سميث الذي أشار إلى أن الرئيس الأميركي «كان واضحاً في موقفه الحريص على أن إسرائيل سيكون لديها ما تحتاج إليه للدفاع عن نفسها»، كما انتقد النائب الديمقراطي جاريد موسكوفيتش، المعروف بدعمه الشديد لإسرائيل، المشروع الجمهوري، معتبراً أنه تخطى حدود السلطة التشريعية، ومشيراً إلى أنه لن يبصر النور في مجلس الشيوخ.

السيناتور الجمهوري توم كوتون طرح مشروع قانون مطابقاً في مجلس الشيوخ (إ.ب.أ)

مجلس الشيوخ ومصير متأرجح

وفي حين يحتدم الجدل في مجلس النواب، تتوجه الأنظار إلى مجلس الشيوخ، حيث طرح السيناتور الجمهوري توم كوتون مشروع قانون لتقييد يدي بايدن في ملف الأسلحة لإسرائيل بعنوان: «قانون دعم المساعدات الأمنية لإسرائيل».

وترجّح مصادر في الكونغرس لـ«الشرق الأوسط» أن يعمد كوتون إلى دفع المشروع نحو التصويت، الخميس؛ ما سيؤدي على الأرجح إلى تصدي الديمقراطيين له برئاسة زعيمهم في المجلس تشاك شومر. ويذكّر الجمهوريون إدارة بايدن بإقرار الكونغرس بمجلسيه لحزمة المساعدات لإسرائيل «بهدف إرسال رسالة واضحة لخصوم الولايات المتحدة»، ويتهمونها في هذا الإطار بـ«إعاقة أمن الولايات المتحدة القومي وإرسال رسالة خطيرة مفادها أنه لا يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة كحليف»، وذلك من خلال قراره تجميد شحنة الأسلحة.

وقد أرسل كبير الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية في الشيوخ جيم ريش، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في النواب مايك مكول رسالة إلى بايدن يتهمونه فيها بممارسة سياسة التعتيم مع الكونغرس في قرار التجميد، وتقول الرسالة: «رغم مطالب متعددة من مجلسي الكونغرس، ليس لدينا أجوبة حول الأسلحة التي أوقفت تسليمها». وتابع الجمهوريان: «حلفاء أميركا وخصومها يشاهدون ما يجري... وهم يستنتجون بأن الولايات المتحدة هي صديق متقلب لا يمكن الاعتماد عليه لاحترام التزاماته في وقت الضيق».

بالإضافة إلى البنود المذكورة، يتضمن مشروع القانون بنداً يلزم وزير الدفاع الأميركي بتقديم تقرير شهري للكونغرس حول تسليم الأسلحة لإسرائيل.


مقالات ذات صلة

ترمب في عهده الثاني: نسخة جديدة أم تكرار لولايته الأولى؟

الولايات المتحدة​ الاستعدادات جارية لحفل تنصيب ترمب أمام مبنى الكابيتول في 12 يناير 2025 (أ.ف.ب)

ترمب في عهده الثاني: نسخة جديدة أم تكرار لولايته الأولى؟

يأمل كبار السياسيين بواشنطن في أن تكون إدارة دونالد ترمب الثانية مختلفة عن الأولى، وأن يسعى لتحقيق توازن في الحكم ومدّ غصن زيتون للديمقراطيين.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ عرض الأعلام الأميركية على الواجهة الغربية لمبنى الكابيتول الأميركي حيث يتم إجراء مراسم التنصيب الرئاسي تقليدياً في 17 يناير 2025 بالعاصمة الأميركية واشنطن (أ.ف.ب)

الحفل الثاني لتنصيب ترمب... صقيع قطبي واستنفار أمني وعمالقة التكنولوجيا

سيصبح دونالد ترمب الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة يوم الاثنين في واشنطن التي تشهد ذروة فعاليات تمتد أربعة أيام وسط درجات حرارة قطبية متوقعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ جون هوستيد (أ.ب)

هوستيد يستعد لخلافة فانس في مجلس الشيوخ الأميركي

توقع مصدران مطلعان أن يختار حاكم ولاية أوهايو، الجمهوري مايك ديواين، نائبه جون هوستيد، الجمعة، لخلافة نائب الرئيس المنتخب جي دي فانس في مجلس الشيوخ الأميركي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب وروبين في حدث انتخابي في كارولاينا الشمالية 4 نوفمبر 2024 (رويترز)

روبيو... صقر جمهوري لمنصب وزير الخارجية

حرص ماركو روبيو، الذي اختاره دونالد ترمب لوزارة الخارجية في إدارته الجديدة، أمام مجلس الشيوخ، الأربعاء، على مهاجمة الصين.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ التجهيزات جارية لحفل تنصيب ترمب أمام مبنى الكابيتول (إ.ب.أ)

«الشيوخ» يتأهب للمصادقة على فريق ترمب

يسعى الجمهوريون للمصادقة على تعيينات ترمب الوزارية واستكمال فريقه، الذي تنتظره مهمات شاقة ومتشعبة في الإدارة الجديدة.

رنا أبتر (واشنطن)

استنفار أمني في واشنطن عشية تنصيب ترمب

عزّزت السلطات الأميركية الانتشار الأمني في العاصمة عشية تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
عزّزت السلطات الأميركية الانتشار الأمني في العاصمة عشية تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
TT

استنفار أمني في واشنطن عشية تنصيب ترمب

عزّزت السلطات الأميركية الانتشار الأمني في العاصمة عشية تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
عزّزت السلطات الأميركية الانتشار الأمني في العاصمة عشية تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

حذّرت وكالات الأمن الأميركية من أن حفل تنصيب الرئيس المنتخب، دونالد ترمب، سيكون «هدفاً محتملاً جذاباً» لتهديدات إرهابية، سواء من متطرفين في الداخل أو من أشخاص مدفوعين من الخارج، رغم عدم وجود تهديدات محددة ذات صدقية حتى الآن.

ونشرت وسائل إعلام أميركية عدة تقييمات أمنية لتلك التهديدات، صادرة من وكالات الاستخبارات وإنفاذ القانون، تفيد بأن الأفراد المحتملين، خصوصاً أولئك الذين لديهم «مظالم تتعلّق بالانتخابات»، قد يرون أن أداء الرئيس المنتخب لقسم اليمين هو «فرصتهم الأخيرة للتأثير في نتائج الانتخابات من خلال العنف».

بيئة سياسية أكثر توتراً

وتعكس مخاوف الوكالات الأمنية، البيئة السياسية المتوترة التي سيتولّى فيها ترمب السلطة، في ظل تصاعد العنف الذي كاد يودي بحياة ترمب نفسه، عندما تعرّض لمحاولتي اغتيال خلال حملته الانتخابية الصيف الماضي.

ومع توقع مشاركة الكثير من الشخصيات والمسؤولين في حفل التنصيب، فإن مهمة توفير الأمن في 20 يناير (كانون الثاني) لا تقتصر على حماية ترمب. واستعانت السلطات الأمنية في العاصمة واشنطن بأعداد كبيرة من رجال الأمن من الولايات كافّة، بلغ عددهم 4 آلاف، فضلاً عن ألف رجل آخرين لدعم شرطة مبنى «الكابيتول». وسيبلغ مجموع عدد رجال الأمن والعسكريين الذين سيتولون توفير الأمن لحفل التنصيب نحو 25 ألفاً، بتنسيق مع «البنتاغون» و«الحرس الوطني» في العاصمة.

ومنذ محاولتي اغتيال ترمب، أصبح مسؤولو الأمن في حالة تأهب قصوى، زاد من حدّتها الهجوم الإرهابي في نيو أورليانز ليلة رأس السنة؛ وهو ما فرض على وكالات الأمن وضع سيناريوهات عدة، قد ينفذّها إرهابيون أجانب أو متطرفون محليون وذئاب منفردة، يمكن أن تبدأ بعمليات خداع عن وجود قنابل كاذبة أو تهديدات باقتحام الحشود، أو باستخدام طائرات مسيّرة أو الدهس بمركبات.

مظاهرات... وتهديدات إيران

ومع تقديم عدد من المجموعات السياسية طلبات للحصول على تصاريح لتنظيم مظاهرات خلال يوم التنصيب، يخشى المسؤولون أيضاً من أن تتحول إلى احتجاجات واضطرابات في محيط موقع التنصيب. كما يتخوّفون من احتجاجات متعلّقة بالحرب في غزة من دون سابق إنذار، بعد سوابق أدت إلى تعطيل مبنى «الكابيتول» العام الماضي، خصوصاً إذا لم تصمد الهدنة التي اتفقت عليها إسرائيل وحركة «حماس».

إلى ذلك، يخشى المسؤولون من تهديدات إيران ضد ترمب، التي يتّهمونها بمحاولة قتله أو مستشاريه للأمن القومي، انتقاماً لمقتل قائد «الحرس الثوري» قاسم سليماني، الذي أمر به ترمب خلال ولايته الأولى.

وحسب التقييمات الأمنية، كان هناك أكثر من 700 ألف مستخدم لتطبيق التواصل الاجتماعي «تلغرام»، هددوا باغتيال ترمب في اليوم التالي لفوزه في الانتخابات، وذلك رداً على مقطع فيديو نشرته مؤسسة إعلامية داعمة لـ«الحرس الثوري» الإيراني.

وتعتقد وكالات الأمن أن البيئة السياسية والأمنية هذا العام أخطر بكثير من تلك التي كانت سائدة في حفل تنصيب جو بايدن قبل أربع سنوات، رغم اقتحام أنصار ترمب مبنى «الكابيتول» في 6 يناير 2021.

وفي الأسبوع الماضي فقط، ألقت شرطة «الكابيتول» القبض على رجل حاول إدخال ساطور وثلاثة سكاكين إلى مركز الزوار، في حين كان جثمان الرئيس جيمي كارتر مسجى في المبنى. وفي اليوم نفسه، ألقت الشرطة القبض على رجل آخر أشعل النار في سيارة بالقرب من «الكابيتول» خلال وجود ترمب في المبنى.