عودة ترمب إلى البيت الأبيض تثير مخاوف داخلية وخارجية

ينوي إعادة هيكلة المؤسسات الفيدرالية وإقامة معسكرات لإبعاد المهاجرين جماعياً

صورة أرشيفية لترمب وستولتنبيرغ خلال قمة «الناتو» في واتفورد البريطانية ديسمبر 2019 (أ.ب)
صورة أرشيفية لترمب وستولتنبيرغ خلال قمة «الناتو» في واتفورد البريطانية ديسمبر 2019 (أ.ب)
TT

عودة ترمب إلى البيت الأبيض تثير مخاوف داخلية وخارجية

صورة أرشيفية لترمب وستولتنبيرغ خلال قمة «الناتو» في واتفورد البريطانية ديسمبر 2019 (أ.ب)
صورة أرشيفية لترمب وستولتنبيرغ خلال قمة «الناتو» في واتفورد البريطانية ديسمبر 2019 (أ.ب)

تُثير عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض لولاية ثانية، مخاوف داخلية وقلق حلفاء واشنطن في الخارج.

وفاقم حوار خصّ به ترمب مجلة «تايم» الأميركية من حدّة هذه المخاوف، إذ يخشى حلفاء الولايات المتحدة تراجع الالتزام الأميركي بأمنهم في حال فوز المرشح الجمهوري بولاية رئاسية ثانية.

داخلياً، تثير تصريحات ترمب على صعيد قضية الهجرة قلقاً واسعاً، خصوصاً مع تلويحه حديثاً بترحيل «ملايين» المهاجرين غير القانونيين. وعكَسَ حديث «الشرق الأوسط» مع موظفيْن حكوميين، طلبا عدم نشر اسميهما، جانباً آخر من المخاوف الداخلية. يقول الأول إن «عودة ترمب، المحتملة هذه المرة، ستكون مختلفة تماماً عن مجيئه عام 2016»، موضحاً أنه «بخلاف المرة السابقة حين استوجب الأمر كثيراً من الوقت كي يتعرف فريق ترمب على هيكلية المؤسسات الفيدرالية وكيفية عملها، ومن ثم كيفية اتخاذ القرارات فيها»، فإن هؤلاء «باتوا يعرفون الآن كل التفاصيل والعمليات المعقدة التي تقوم بها الإدارات الفيدرالية،سواء أكان لجهة رسم السياسات واتخاذ القرارات، أم لجهة النشاطات الإدارية والمالية».

ويعتقد الموظف الثاني، الذي يعمل في السلك الحكومي منذ نحو 15 عاماً واشتغل لدى إدارات ديمقراطية وجمهورية، أن ترمب في حال انتخابه رئيساً: «سيقوم على الفور بعملية (تطهير) للأشخاص الذين يُشكّك في ولائهم له». ورأى أن «الخطوات التي ستُتخذ يمكن أن تكون لها انعكاسات؛ ليس على الداخل الأميركي فحسب، بل أيضاً على علاقات الولايات المتحدة مع بقية أطراف المجتمع الدولي وأطرافه».

سياسات وأولويات

اجتماع سابق لترمب مع قادة «الناتو» في بروكسل (أرشيفية - رويترز)

وفي خضم المشكلات القضائية التي يعانيها، ولا سيما في المحاكمة الجنائية التي تشهدها نيويورك بقضية «أموال الصمت»، وجد الرئيس ترمب متسعاً من الوقت لإجراء حوار شامل وُصف بأنه «صريح» على دفعتين مع مجلة «تايم» في شأن السياسات التي سيعتمدها ويطبقها إذا جاءت نتيجة انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل لمصلحته. وإذ وضع على رأس أولوياته عمليات ترحيل جماعية لملايين المهاجرين، أعلن أن الولايات المتحدة لن تدافع عن حلفائها الأجانب من العدوان في ظروف معينة، وهذا ما أثار مخاوف عدد من الدول، بما فيها الأعضاء في حلف شمال الأطلسي «الناتو».

داخلياً، تعهّد ترمب بالقضاء على البيروقراطية الفيدرالية وتوظيف مُوالين له سياسياً في المناصب المدنية الرئيسية.

وكان لافتاً تكرار ترمب تحذيره من تداعيات خسارة الانتخابات، ونشر صورة قاتمة لمستقبل أميركا إذا لم يعد إلى البيت الأبيض.

وخلافاً للمرات السابقة التي تحدّث فيها بطريقته الشعبوية المحبَّبة لدى مؤيديه، عن قضايا مهمة مثل تدفق المهاجرين عبر الحدود الجنوبية، أو قوانين الإجهاض وحق الأجنّة بالحياة، أو تحفيز الاقتصاد في مواجهة التحديات المختلفة مع الصين، وغيرها من القضايا المتعلقة بالحلفاء والأعداء على حد سواء، قدَّم ترمب تصوراً شاملاً للسياسات التي سيعتمدها فور انتخابه. وتطرَّق إلى عدد من الموضوعات التي تُعدّ عوامل مهمة للناخبين قبل نوفمبر المقبل، ومنها تعليقات مثيرة حول العنف السياسي، واستخدام الجيش ضد المدنيين، وصولاً إلى القضايا الجنائية المرفوعة ضده.

وفيما يلي بعض النقاط التي حدّدها ترمب بوصفها سياسة له في ولايته الثانية، إذا فاز في الانتخابات بعد ستة أشهر.

حقوق الإجهاض

أنصار «الحق في الإجهاض» يتظاهرون بولاية أوهايو في أكتوبر 2023 (أ.ب)

بعد قرار المحكمة العليا الأميركية بغالبيتها المحافظة إلغاء قضية «رو ضد وايد»، ملغيةً بذلك الحق الفيدرالي في الإجهاض، تجنّب ترمب، إلى حد كبير، الإجابة عن أسئلة حول السياسة التي سيعتمدها بصفته رئيساً، بحجة أن القرارات المتعلقة بهذا الشأن تتخذ الآن على مستوى كل ولاية. وقال إنه «لن يضطر إلى التزام» قيود الإجهاض الفيدرالية «أولاً لأن ذلك لن يحدث أبداً. وثانياً، يتعلق الأمر بحقوق الولايات. لا نريد العودة إلى الحكومة الفيدرالية».

ويلتزم ترمب جانب الحذر في هذا الأمر؛ لأنه يحتاج بشدة إلى أصوات النساء، وهن الطرف المعنيُّ بصورة رئيسية بأي قرارات يمكن أن تُتخذ في هذا الشأن، علماً بأن الناخبين والناخبات انحازوا حتى الآن إلى المدافعين عن حقوق الإجهاض في كل مرة تُطرَح فيها هذه القضية على بطاقات الاقتراع.

أزمة الهجرة

يشكل موقف ترمب العدائي من الهجرة حجر الزاوية في حملته لعام 2024، فضلاً عن كونها قضية رئيسية لدى عدد من الناخبين الجمهوريين. غير أن الأمر لا يقتصر على هؤلاء، بل على كثيرين آخرين لديهم مخاوف في شأن تدفق آلاف المهاجرين عبر الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.

وفي خطاباته الانتخابية، تعهّد ترمب تنفيذ «أكبر عملية ترحيل» في التاريخ، وإلغاء كل سياسات إدارة بايدن تقريباً حول الحدود. وذهب أخيراً إلى أنه سيستخدم الحرس الوطني والجيش الأميركي لملاحقة المهاجرين، وهو ما قد يشكل انتهاكاً لـ«قانون بوسي كوميتاتوس» الأميركي الذي يمنع استخدام القوات الفيدرالية ضد المدنيين.

توقيف مهاجرين عند الحدود الأميركية المكسيكية في 3 يناير الماضي (أ.ب)

وعندما سُئل عن هذا البند، شرح أن الأشخاص الموجودين في البلاد بشكل غير قانوني «ليسوا مدنيين». ولم يستبعد بناء معسكرات إضافية لاحتجاز المهاجرين.

العنف السياسي

عندما استضافه شون هانيتي في برنامجه على شبكة «فوكس نيوز» للتلفزيون، أعلن ترمب أنه لا يريد أن يصير ديكتاتوراً، «إلا في اليوم الأول: أريد إغلاق الحدود». وبرَّر هذا التصريح، في وقت لاحق، بأنه كان «على سبيل المزاح»، وادعى أن كثيرين «يحبون» اللغة التي تتحدث عن كونهم ديكتاتوريين.

تجمع لأنصار ترمب قبل زيارته الحدود الأميركية المكسيكية في إيغل باس بولاية تكساس 29 فبراير 2024 (أ.ف.ب)

وإذ أكد أنه ليس قلقاً في شأن العنف السياسي، خلال الانتخابات الرئاسية لهذا العام، لكنه ربط ذلك بسبب فوزه، متجاهلاً الأحكام التي صدرت على أكثر من 800 من أنصاره لارتكاب جرائم مختلفة مرتبطة باقتحام «الكابيتول» في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، سعياً إلى وقف المصادقة على انتخاب الرئيس جو بايدن.

وفي مرات عدة، خلال السنوات القليلة الماضية، أعلن ترمب أنه سيلاحق المعارضين السياسيين، وسيسعى إلى محاكمتهم، بدءاً من بايدن، إلى المدّعين العامّين المحليين الذين لا يتوافقون مع آرائه في شأن الجريمة. ومع أنه قال إنه لن يلاحق بايدن، أضاف أنه إذا لم تجد المحكمة العليا أن الحصانة الرئاسية مطبقة على جهوده لإلغاء انتخابات 2020، فإن بايدن «سيحاكَم على كل جرائمه؛ لأنه ارتكب عدداً من الجرائم».

وإذا انتخب مرة أخرى، أكّد ترمب أنه سيُنهي البيروقراطية الفيدرالية ويعيد تشكيلها، كما أنه لن يوظف «أي شخص يعتقد أن بايدن فاز في انتخابات 2020».


مقالات ذات صلة

ترمب يرد على مزاعم تشكك بإصابته برصاصة في أذنه

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب بضمادة على أذنه بعد محاولة اغتياله (رويترز)

ترمب يرد على مزاعم تشكك بإصابته برصاصة في أذنه

ردّ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب اليوم (الجمعة) على ما أثير من شكوك بشأن الجرح الذي أصاب أذنه خلال محاولة اغتياله.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس (أ.ف.ب)

استطلاع: ترمب يتقدم بفارق ضئيل على هاريس في السباق للبيت الأبيض

أظهر استطلاع لصحيفة «وول ستريت جورنال» أن مرشح الجمهوريين للبيت الأبيض دونالد ترمب يتقدم بفارق نقطتين مئويتين على كامالا هاريس المرشحة المحتملة عن الديمقراطيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​  الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب يعلن أنه سيقيم تجمعاً انتخابياً في بلدة تعرض فيها لإطلاق نار

قال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إنه سيقيم قريباً تجمعاً انتخابياً آخر في بتلر بولاية بنسلفانيا، وهي البلدة التي أطلق فيها مسلح النار عليه.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشح الجمهوري دونالد ترمب يضع ضمادة على أذنه اليمنى بسبب إصابته في محاولة اغتيال في بنسلفانيا (أ.ف.ب)

طبيب: لا دليل على أن إصابة ترمب في أذنه سببها شيء آخر غير الرصاصة

قال الطبيب السابق لدونالد ترمب إنه لا يوجد دليل على أن شيئاً آخر غير الرصاصة هو الذي تسبب في إصابة المرشح الجمهوري في أذنه خلال محاولة اغتيال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة آخر لقاء جمع الرئيس دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي في 15 سبتمبر 2020 (أ.ب)

نتنياهو يلتقي ترمب بأمل الحصول على تأييد أكبر لإسرائيل

يراهن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقائه بالرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري، دونالد ترمب، على نيل تأييد أكبر لأمن إسرائيل.

هبة القدسي (واشنطن)

آسيان تعبر عن قلقها إزاء العدد المروع للقتلى في غزة

طفل فلسطيني يعاني من سوء التغذية يتم حمله أثناء تلقيه العلاج في مستشفى ميداني تابع لهيئة الخدمات الطبية الدولية في دير البلح في جنوب قطاع غزة (رويترز)
طفل فلسطيني يعاني من سوء التغذية يتم حمله أثناء تلقيه العلاج في مستشفى ميداني تابع لهيئة الخدمات الطبية الدولية في دير البلح في جنوب قطاع غزة (رويترز)
TT

آسيان تعبر عن قلقها إزاء العدد المروع للقتلى في غزة

طفل فلسطيني يعاني من سوء التغذية يتم حمله أثناء تلقيه العلاج في مستشفى ميداني تابع لهيئة الخدمات الطبية الدولية في دير البلح في جنوب قطاع غزة (رويترز)
طفل فلسطيني يعاني من سوء التغذية يتم حمله أثناء تلقيه العلاج في مستشفى ميداني تابع لهيئة الخدمات الطبية الدولية في دير البلح في جنوب قطاع غزة (رويترز)

عبرت رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) اليوم السبت عن قلقها بخصوص الوضع الإنساني المتدهور في قطاع غزة و«العدد المروع» للقتلى هناك. كما ندد وزراء خارجية آسيان بالعنف ضد المدنيين في ميانمار الخاضعة لحكم عسكري، وحضوا جميع الأطراف على إنهاء الأعمال القتالية وتطبيق خطة سلام متفق عليها.

وفي بيان مشترك صدر بعد يومين من اجتماعات مغلقة في لاوس، رحبت المجموعة أيضاً بإجراءات عملية غير محددة لتهدئة التوتر في بحر الصين الجنوبي ومنع الحوادث وسوء التقدير. ووصف البيان الاختبارات الصاروخية التي تجريها كوريا الشمالية بالتطور المقلق، وحض على حلول سلمية للنزاعات في أوكرانيا وغزة.