صفقة غزة... رهان بايدن للفوز بالبيت الأبيض؟

سيستفيد منها لتعزيز حظوظه وخفض الغضب الشعبي ضد سياساته

شرطي أميركي أمام متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار بغزة في نيويورك في 25 أبريل 2024 (أ.ب)
شرطي أميركي أمام متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار بغزة في نيويورك في 25 أبريل 2024 (أ.ب)
TT

صفقة غزة... رهان بايدن للفوز بالبيت الأبيض؟

شرطي أميركي أمام متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار بغزة في نيويورك في 25 أبريل 2024 (أ.ب)
شرطي أميركي أمام متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار بغزة في نيويورك في 25 أبريل 2024 (أ.ب)

تشعر إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، بالحاجة الملحة بالتوصل إلى صفقة لوقف النار في غزة، وتجنب اجتياح رفح، بعد أكثر من 6 أشهر من الحرب المأساوية، وأثارت انقسامات داخل الحزب الديمقراطي الحاكم وبين التقدميين والجالية العربية والمسلمة، وأطلقت ثورة غضب بين شباب الجامعات تضامناً مع الفلسطينيين.

وتظهر استطلاعات الرأي تراجعاً كبيراً في حظوظ بايدن مقابل منافسه الجمهوري، دونالد ترمب، على خلفية الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة. ووصلت شعبية بايدن إلى مستوى تاريخي منخفض بلغ 38.7 في المائة، وفقاً لمؤسسة «غالوب»، وهي نتيجة لم تكن بهذا السوء لأي رئيس أميركي منذ أكثر من 70 عاماً. ولم يعد القلق فقط من عمر الرئيس بايدن وقدراته الذهنية والبدنية هو العامل الذي يثير المخاوف من تراجع فرص إعادة انتخابه، بل أصبح هناك غضب عارم لدى الناخبين الشباب من الديمقراطيين، وقطاع عريض ممن يطلق عليهم جيل «Z» الذين يصوتون لأول مرة في انتخابات 2024، إضافة إلى تراجع الدعم من الأقليات من الأفارقة والإسبان.

الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال لقائهما بتل أبيب في 18 أكتوبر 2023 (رويترز)

وأظهرت نتائج الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في ميتشيغان ومينيسوتا مخاطر تصويت الناخبين بـ«غير ملتزم» على مسارات الانتخابات في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل في هاتين الولايتين، وربما في ولايات أخرى. وتشير نتائج استطلاع للرأي لمعهد السياسة الاجتماعية حول توجهات الجماعات الدينية المختلفة تجاه وقف إطلاق النار، أن الناخبين الأميركيين من المسلمين يريدون وقف إطلاق النار بنسبة 78 في المائة، ويؤيد هذا الأمر أيضاً الناخبون اليهود الديمقراطيون بنسبة 57 في المائة.

ويقول محللون إنه في خضم عام انتخابي صعب فإن بايدن يحتاج إلى بعض الزخم الإيجابي لتحسين وضعه، واستعادة التأييد لأدائه بما يؤدي إلى إعادة انتخابه لفترة ولاية ثانية.

بايدن يتحدث خلال العشاء السنوي لمراسلي البيت الأبيض في 27 أبريل 2024 (أ.ف.ب)

مصداقية أميركا

على المستوى الدولي، لم تواجه الولايات المتحدة تراجعاً في نفوذها ومصداقيتها على الساحة الدولية مثلما تواجه في الوقت الحالي. فرغم كل ما يملكه رئيس الولايات المتحدة من أدوات ضغط ونفوذ فإنه لم يستطع فرضها بصورة قوية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وانخفضت قوة الردع والمصداقية لدى الولايات المتحدة إلى أدنى مستوياتها منذ الانسحاب الفوضوي من أفغانستان، ثم الحرب الروسية في أوكرانيا وتهديدات الحوثيين في البحر الأحمر، وفرض سياسة احتواء لإيران من دون القدرة على تنفيذها بصورة تمنع هجوم إيران على إسرائيل، أو توقف خطط إيران للحصول على السلاح النووي، إضافة إلى التوترات مع بكين ومطالب الرئيس المتكررة بألا تبدأ الصين حرباً ضد تايوان. وكل ذلك يعني عدم القدرة على السيطرة على الأحداث ما وضع مصداقية الولايات المتحدة على المحك.

متظاهرون يحتجون على استمرار حرب غزة بواشنطن في 27 أبريل 2024 (أ.ب)

ولدى مسؤولي البيت الأبيض و«الخارجية الأميركية» ومجتمع الاستخبارات رؤية بأن خطوة إبرام صفقة تؤدي إلى وقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح بعض الرهائن، ومنهم رهائن أميركيون، ستكون ضرورية في سلسلة من الإجراءات التي يمكن أن تؤدي، في أفضل الظروف وأفضل السيناريوهات، إلى إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط، وتساعد بايدن على الفوز بانتخابات 2024.

ويراهن بايدن على أن يتمكن، بعد إبرام صفقة وقف إطلاق النار لفترة مؤقتة، من فرض وقف أطول للحرب، وفرض أجندة لليوم الثاني في غزة، ومناقشة مستقبل حل الدولتين، والأهم بالنسبة لإرثه التاريخي وإنجازاته السياسية هو ما يمكن أن يحققه من تقدم في اتفاق بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل.

وتقول صحيفة «نيويورك تايمز» إن بايدن وأعضاء فريقه للأمن القومي يرون نافذة ضيقة لإبرام اتفاق من شأنه أن يوقف الحرب في غزة مؤقتاً، وربما ينهيها إلى الأبد. ويراهن فريق بايدن على الاستفادة من الدفاع الناجح عن إسرائيل ضد الهجوم الإيراني، وزيادة الضغط الشعبي في إسرائيل لإطلاق سراح الرهائن، وحرص القوى الإقليمية على إنهاء الحرب، ووقف إراقة دماء الشعب الفلسطيني.

وأوضح مارتن أنديك الذي عمل سفيراً لدى إسرائيل للصحيفة: «إن الإسرائيليين يخففون من موقفهم، و(حماس) تبدو أكثر إيجابية، كما وضعت السعودية شروطها للتطبيع واستعدادها للتنفيذ على الطاولة، ولذا تبدو الأمور أفضل مما كانت عليه قبل أسابيع عدة».

مظاهرة ضد استمرار الحرب على غزة بواشنطن في 27 أبريل 2024 (أ.ب)

رئيس «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية» كليفورد ماي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن بايدن يسعى لإبرام هذه الصفقة بتحقيق هدف آخر بوقف طموحات المرشد الأعلى الإيراني على خامنئي، الذي يسعى لإنشاء إمبراطورية شرق أوسطية جديدة عاصمتها طهران، ويعمل على إخضاع الدول العربية والسنية في الشرق الأوسط. ونصح ماي الرئيس بايدن بالتخلي عن محاولة إحياء الاتفاق النووي الذي أبرمه الرئيس باراك أوباما.

السيناريو الأسوأ

إذا رفضت «حماس» هذا الاتفاق، وانهارت المفاوضات، فإن الأمور ستأخذ منحى خطيراً للرئيس بايدن، بدءاً من إصرار نتنياهو على اجتياح رفح مع ما سينتج عنه نتائج إنسانية كارثية، ستؤدي بالتأكيد إلى علاقة تزداد توتراً مع نتنياهو، وستحبط أي فرصة قصيرة المدى للسلام، وستثير انتقادات من المجتمع الدولي، إضافة إلى إثارة توترات مصرية - إسرائيلية، وأردنية - إسرائيلية، وتراجع المملكة العربية السعودية عن محادثات تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وازدياد الاحتجاجات والمظاهرات داخل الولايات المتحدة. وكل ذلك سيلقي بظلال وخيمة على المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في مدينة شيكاغو في أغسطس (آب) المقبل. وسيستغل الجمهوريون هذا الوضع المضطرب ورقةً للهجوم الشرس على بايدن وسياساته وإخفاقاته.

ترى صحيفة «بوليتيكو» أن إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار ليس الحل السحري لجميع مشكلات بايدن، لكنه سيكون الخطوة الأولى الضرورية. وتسود نغمة تفاؤل بين مسؤولي إدارة بايدن حول نجاح زيارة وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى الرياض، وقد أعلن بلينكن خلال الزيارة عن اتفاقات أمنية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. لكن الجانب الصعب هو احتمال الاعتراف السعودي بإسرائيل مقابل وضع مسار لا رجعة فيه لإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، لذا تحاول إدارة بايدن حلحلة الأوضاع للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ثم اتفاق إقليمي أكبر مما سيعزز حملة بايدن الرئاسية، ويتيح لها الترويج السياسي والإعلامي لهذا الإنجاز الكبير.


مقالات ذات صلة

ما مدى احتمال استخدام روسيا أسلحتها النووية؟

أوروبا جانب من التجارب الروسية على إطلاق صواريخ لمحاكاة رد نووي (أرشيفية - أ.ف.ب)

ما مدى احتمال استخدام روسيا أسلحتها النووية؟

تتبادل الولايات المتحدة وروسيا معلومات بشأن صواريخهما النووية طويلة المدى الاستراتيجية بموجب معاهدة «ستارت» الجديدة التي سينتهي العمل بها عام 2026

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا صورة لقمر اصطناعي تُظهر عملية توسيع لمجمع رئيسي لتصنيع الأسلحة في شمال كوريا (رويترز)

كوريا الشمالية توسِّع مصنعاً لإنتاج صواريخ تستخدمها روسيا في أوكرانيا

قال باحثون إن كوريا الشمالية توسع مجمعاً رئيسياً لتصنيع الأسلحة، يستغل لتجميع نوع من الصواريخ قصيرة المدى تستخدمه روسيا في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
أوروبا مدنيون أوكرانيون يرتدون زياً عسكرياً خلال تدريبات عسكرية نظمها الجيش الأوكراني في كييف (أ.ف.ب)

القوات الروسية تعتقل رجلاً بريطانياً يقاتل مع أوكرانيا في كورسك

قال مصدر أمني لوكالة الإعلام الروسية إن القوات الروسية ألقت القبض على بريطاني يقاتل مع الجيش الأوكراني في منطقة كورسك.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا كالين جورجيسكو المرشح لمنصب الرئيس يتحدث لوسائل الإعلام في بوخارست (أ.ب)

مرشح مُوال لروسيا يتصدر الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا

أثار مرشح مؤيد لروسيا مفاجأة في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية برومانيا، بحصوله على نتيجة متقاربة مع تلك التي حققها رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا.

«الشرق الأوسط» (بوخارست)

ترمب يرشح طبيبة من أصل عربي لمنصب جراح عام الولايات المتحدة

TT

ترمب يرشح طبيبة من أصل عربي لمنصب جراح عام الولايات المتحدة

د. جانيت نشيوات (أ.ف.ب)
د. جانيت نشيوات (أ.ف.ب)

رشح الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، الطبيبة من أصل أردني، جانيت نشيوات، جراحاً عاماً للولايات المتحدة، بحسب قناة «فوكس نيوز» السادسة عشرة الإخبارية.

وقال ترمب، في بيان، إن الطبيبة نشيوات مدافعة شرسة، ومحاورة قوية، في مجال الطب الوقائي والصحة العامة. وأضاف: «أنا فخور جداً بأن أعلن اليوم أن الطبيبة نشيوات ستكون طبيبة الأمة، جراحة عامة للولايات المتحدة، وهي حاصلة على البورد المزدوج، ولديها التزام لا يتزعزع بإنقاذ وعلاج الآلاف من أرواح الأميركيين، وهي مناصرة قوية ومتواصلة في مجال الطب الوقائي والصحة العامة».

وتابع ترمب: «هي ملتزمة بضمان حصول الأميركيين على رعاية صحية عالية الجودة وبأسعار معقولة، وتؤمن بتمكين الأفراد من تولي مسؤولية صحتهم ليعيشوا حياة أطول وأكثر صحة»، وفق وكالة «بترا» الأردنية للأنباء.

ويعد منصب جراح عام الولايات المتحدة أعلى منصب طبي في البلاد، يمنح صاحبه القرار بإجازة أي دواء لأي وباء في العالم، ويرتبط بالرئيس الأميركي مباشرة.

د. جانيت نشيوات تحضر حفل توزيع جوائز «فوكس» العام الماضي (أ.ف.ب)

وقال ترمب إنها عالجت المرضى أثناء جائحة كوفيد-19، واهتمت بضحايا إعصار كاترينا وإعصار جوبلين، وعملت في منظمة إغاثة الكوارث «Samaritan's Purse» التي تقدم الرعاية في المغرب وهايتي وبولندا، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

ويعرفها الكثير من الأميركيين بصفتها مساهمة في قناة «فوكس نيوز»، وناقشت قضايا مثل سلالة جدري القردة، وتأثيرات تعاطي الكحول والمخدرات، أو الإغاثة من الكوارث الطبيعية. وكانت نشيوات مساهمة طبية في شبكة «فوكس نيوز»، وقال متحدث باسم الشبكة إنه بدءاً من إعلان ترمب، لم تعد مساهمة في القناة.

وكتبت نشيوات عبر موقع «إكس»: «أشعر بفخر شديد وتواضع كبير بسبب هذا الترشيح لشغل منصب الجراح العام للولايات المتحدة. أشكرك يا سيدي الرئيس على ثقتك. أتعهد بالعمل بلا كلل لتعزيز الصحة وإلهام الأمل وخدمة أمتنا بإخلاص وتعاطف».

وسوف يتطلب تعيين نشيوات تأكيد مجلس الشيوخ.