ترمب يهاجم المحكمة ويتحدى أمر الصمت المفروض عليه من القاضي

الادعاء يطالب بتغريمه 10 آلاف دولار... وسط تشكيك بصدقية الدفاع

الرئيس السابق دونالد ترمب خلال انتظاره بدء إجراءات المحكمة في نيويورك الثلاثاء (أ.ب)
الرئيس السابق دونالد ترمب خلال انتظاره بدء إجراءات المحكمة في نيويورك الثلاثاء (أ.ب)
TT

ترمب يهاجم المحكمة ويتحدى أمر الصمت المفروض عليه من القاضي

الرئيس السابق دونالد ترمب خلال انتظاره بدء إجراءات المحكمة في نيويورك الثلاثاء (أ.ب)
الرئيس السابق دونالد ترمب خلال انتظاره بدء إجراءات المحكمة في نيويورك الثلاثاء (أ.ب)

عقد القاضي المشرف على المحاكمة الجنائية للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في نيويورك خوان ميرشان جلسة استماع، الثلاثاء، بطلب من المدعين العامين الذين يتهمون ترمب بـ«ازدراء» المحكمة، ويسعون إلى تغريمه بسبب عدم التزامه أمراً قضائياً يحظر عليه نشر أي تعليقات تتعلق بالمعنيين في قضية «أموال الصمت» المتهم بدفعها للممثلة الإباحية ستورمي دانيالز، خلال حملته للانتخابات الرئاسية عام 2016.

واستشهد ممثلو الادعاء في أول محاكمة من نوعها ضد رئيس أميركي سابق، بعشر تغريدات نشرها ترمب في حسابه على منصته «تروث سوشيال» وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، وموقع حملته للانتخابات المقبلة في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، معتبرين أنها تنتهك الأمر الذي يمنعه من الإدلاء بتصريحات عن الشهود في القضية، واصفين ذلك بأنه «انتهاك متعمد» لأمر المحكمة. وطالبوا بأن يدفع ترمب غرامة قدرها ألف دولار عن كل منشور.

وقال المدعي العام كريستوفر كونروي، إن «المدعى عليه انتهك هذا الأمر مراراً وتكراراً ولم يتوقف»، مضيفاً أن الانتهاكات استمرت حتى الاثنين بتصريحات للصحافيين خارج قاعة المحكمة، حول محاميه السابق مايكل كوهين الذي يعد شاهداً ملكاً. وكذلك أشار إلى منشور بتاريخ 10 أبريل (نيسان) يصف فيه دانيالز وكوهين بأنهما «فاسقان»، مضيفاً أن ترمب «يعرف ما لا يُسمح له بفعله، وهو يفعل ذلك على أي حال». وخلص إلى أن «عصيانه متعمد».

ازدراء المحكمة

ويسمح قانون نيويورك للقاضي ميرشان بوضع ترمب خلف القضبان لمدة تصل إلى 30 يوماً، بتهمة ازدراء المحكمة؛ لكن كونروي قال لميرشان إنه لا يسعى إلى سجن ترمب في هذه المرحلة، مع أنه «يبدو أن المدعى عليه يسعى إلى ذلك».

ورد وكيل الدفاع عن ترمب، المحامي تود بلانش، بأن منشوراته كانت رداً على الهجمات السياسية التي يقوم بها كوهين، وليست مرتبطة بالشهادة المتوقعة منه، مضيفاً أنه «مسموح له بالرد على الهجمات السياسية». وقال: «لا يوجد خلاف في أن الرئيس ترمب يواجه وابلاً من الهجمات السياسية».

ويمكن أن تحدد جلسة الاستماع عقوبة محتملة لترمب، وتعزز المعايير حول المدى الذي يمكن أن يذهب إليه المرشح الجمهوري الأفضل حظاً حتى الآن، في انتقاد قضية يصر على أنها تشكل «اضطهاداً سياسياً».

الرئيس السابق دونالد ترمب خلال توجهه إلى محكمة نيويورك الثلاثاء (أ.ب)

وفي جلسة الاستماع للنظر في هذه القضية، بدا أن ميرشان يشعر بالإحباط؛ لأن بلانش لم يقدم أمثلة محددة للهجمات التي قيل إن ترمب كان يرد عليها. وقال لبلانش: «لم تقدم شيئاً (...) طلبت منك 8 أو 9 مرات. أرني المنشور الذي كان يرد عليه بالضبط. لم تتمكن حتى من القيام بذلك مرة واحدة»، مضيفاً: «السيد بلانش، أنت تفقد كل صدقيتك. يجب أن أخبرك الآن أنك تفقد كل صدقيتك لدى المحكمة».

رسم لوكيل الدفاع عن الرئيس السابق دونالد ترمب المحامي تود بلانش متحدثاً أمام القاضي خوان ميرشان في محكمة نيويورك الثلاثاء (رويترز)

بعد الجلسة، سارع ترمب إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ليكرر ادعاءه بأن أمر حظر النشر ينتهك حقوقه الدستورية في حرية التعبير. وكتب: «هذه محكمة الكنغر (أي فاسدة) وعلى القاضي أن يتنحى»!

وسبقت جلسة الاستماع هذه استئناف الجلسة الرئيسية للشهود في القضية «أموال الصمت»، وأبرزهم حالياً الناشر السابق لمجلة «ناشيونال أنكوايرير» ديفيد بيكر، الذي يقول المدعون إنه عمل مع ترمب وكوهين على استراتيجية تسمى «القبض والقتل» لطمس القصص السلبية عن ترمب في أوج حملته للانتخابات الرئاسية عام 2016، حين فاز ضد المرشحة ضده وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون.

«مخطط إجرامي»

وكانت شهادة بيكر قد بدأت الاثنين عقب المرافعات الافتتاحية للمحاكمة التاريخية، والتي زعم فيها ممثلو الادعاء أن ترمب سعى إلى التأثير بشكل غير قانوني على سباق 2016، من خلال منع نشر قصص ضارة عن حياته الشخصية للعامة، بما في ذلك من خلال الموافقة على دفع أموال مقابل الصمت، لممثلة تدَّعي أنها كانت على علاقة معه خارج نطاق الزواج. ونفى ترمب ذلك.

واتهم المدعي العام ماثيو كولانجيلو ترمب بأن أفعاله ترقى إلى «تزوير في الانتخابات، بكل وضوح وبساطة». وأضاف: «قام المدعى عليه دونالد ترمب بتدبير مخطط إجرامي لإفساد الانتخابات الرئاسية لعام 2016 (...) ثم قام بالتستر على تلك المؤامرة الإجرامية من خلال الكذب في سجلات أعماله في نيويورك مراراً وتكراراً».

ورد بلانش بمهاجمة قضية الولاية ونزاهة كوهين. وقال إن «الرئيس ترمب بريء. الرئيس ترمب لم يرتكب أي جرائم»؛ بل إنه «لم يكن ينبغي لمكتب المدعي العام في مانهاتن أن يرفع هذه القضية على الإطلاق».

وتمثل هذه القضية أول محاكمة جنائية لرئيس أميركي سابق، والأولى من 4 محاكمات لترمب تصل إلى هيئة محلفين. وبما يتناسب مع هذا التاريخ، سعى المدعون منذ البداية إلى التركيز على خطورة القضية التي أفادوا بأنها تتعلق بشكل أساسي بالتدخل في الانتخابات، من خلال مدفوعات «أموال الصمت» السرية للممثلة الإباحية.

ويواجه ترمب 34 تهمة جنائية تتعلق بتزوير سجلات أعماله، في تهم يعاقب على كل منها بالسجن لمدة تصل إلى 4 سنوات، على الرغم من أنه ليس من الواضح ما إذا كان القاضي ميرشان سيسعى إلى وضعه خلف القضبان. ولن تمنع الإدانة ترمب من أن يصير رئيساً مرة أخرى، ولكن لأنها قضية ولاية، فلن يتمكن من العفو عن نفسه إذا ثبتت إدانته.

«عيون وآذان»

وتعيد القضية التي رفعها المدعي العام لمنطقة مانهاتن ألفين براغ النظر في فصل مضى عليه سنوات من سيرة ترمب، عندما اصطدم ماضيه المشهور بطموحاته السياسية. وبالإضافة إلى ستورمي دانيالز التي تلقت الرشوة من كوهين، يمثل بيكر ما يتهمه ممثلو الادعاء بأنه وافق على العمل بمثابة «عيون وآذان» لحملة ترمب الانتخابية.

وتشكل السجلات المزورة المزعومة العمود الفقري للائحة الاتهام المكونة من 34 تهمة ضد ترمب.

وسعى بلانش إلى تقويض صدقية كوهين بشكل استباقي، الذي أقر بأنه مذنب في التهم الفيدرالية المتعلقة بدوره في مخطط الأموال السرية، كشخص لا يمكن الوثوق به. وقال إن ترمب لم يفعل أي شيء غير قانوني، عندما سجلت شركته الشيكات المقدمة لكوهين بوصفها نفقات قانونية. ورأى أنه ليس مخالفاً للقانون أن يحاول أحد المرشحين التأثير على الانتخابات.


مقالات ذات صلة

أميركي يُعلن تخليه عن جنسيته أثناء جلسة محاكمته في روسيا

العالم أوقف جوزيف تاتر في منتصف أغسطس بعد شجار في أحد فنادق موسكو (أ.ف.ب)

أميركي يُعلن تخليه عن جنسيته أثناء جلسة محاكمته في روسيا

أعلن مواطن أميركي موقوف في روسيا بتهمة تعنيف شرطي، أمام محكمة في موسكو، الخميس، تخليه عن جنسيته قائلاً إنه ضحية للاضطهاد السياسي في بلاده.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
يوميات الشرق إيواو هاكامادا مع شقيقته هيديكو وسط محبيه (أ.ب)

تبرئة متهم انتظر الإعدام عقوداً في اليابان... ما قصة إيواو هاكامادا؟

بعد أكثر من خمسة عقود، أُعلنت براءة أقدم سجين محكوم بالإعدام في العالم، بحسب تقرير لشبكة «سي إن إن».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ريان ويسلي روث المتهم بمحاولة اغتيال ترمب (رويترز)

اتهام المشتبه بمحاولة اغتيال ترمب بحيازة سلاح بشكل غير قانوني

وُجهت إلى المشتبه به الذي اعتقل، الأحد، في إطار التحقيق في محاولة اغتيال مفترضة تعرض لها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، تهمتا حيازة سلاح في شكل غير قانوني.

أوروبا مقدم البرامج التلفزيونية البريطاني السابق هيو إدواردز (إ.ب.أ)

السجن مع إيقاف التنفيذ لمذيع سابق في «بي بي سي» بسبب صور غير لائقة لأطفال

أصدرت محكمة في لندن، الاثنين، حكماً مع إيقاف التنفيذ بحق مقدم البرامج التلفزيونية البريطاني السابق هيو إدواردز، الوجه الشهير لأحد أبرز برامج الأخبار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا محمود شعيب شاهين القيادي بحزب عمران خان «حركة إنصاف» الباكستانية قبل مثوله أمام محكمة مكافحة الإرهاب 10 سبتمبر (أيلول) 2024 (أ.ف.ب)

الإفراج بكفالة عن 10 نواب باكستانيين من حزب عمران خان

أفرجت محكمة مكافحة الإرهاب في باكستان بكفالة عن عشرة نواب من حزب رئيس الوزراء السابق المسجون عمران خان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)

اختلافات جوهرية في سياسات ترمب وهاريس الخارجية

هاريس وزيلينسكي في البيت الأبيض في 26 سبتمبر 2024 (د.ب.أ)
هاريس وزيلينسكي في البيت الأبيض في 26 سبتمبر 2024 (د.ب.أ)
TT

اختلافات جوهرية في سياسات ترمب وهاريس الخارجية

هاريس وزيلينسكي في البيت الأبيض في 26 سبتمبر 2024 (د.ب.أ)
هاريس وزيلينسكي في البيت الأبيض في 26 سبتمبر 2024 (د.ب.أ)

شهدت نيويورك، هذا الأسبوع، اجتماعات مكثفة لقمة المستقبل تحت سقف الأمم المتحدة، شارك فيها زعماء العالم، وألقى خلالها الرئيس الأميركي جو بايدن خطابه الأخير أمام الجمعية العامة قبل مغادرته منصبه وتسليم الشعلة إما لكامالا هاريس أو لخصمها دونالد ترمب.

في هذه الأثناء، لم يجلس هاريس وترمب ساكنين بانتظار نتيجة الانتخابات، فوجود قادة العالم على الأراضي الأميركية فرصة ذهبية لإثبات أهليتهما على صعيد السياسة الخارجية. وعقدا اجتماعات دلّت بشكل من الأشكال على أولوية كل منهما في ساحة الصراعات الدولية، التي لا تخلو من تحديات متزايدة، بدءاً من أوكرانيا مروراً بالمنافسة مع الصين، وصولاً إلى التصعيد المستمر في منطقة الشرق الأوسط.

يستعرض برنامج تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، نقاط الاختلاف بين المرشحين في هذه الملفات المعقدة، بالإضافة إلى مدى اهتمام الناخب الأميركي بالسياسة الخارجية.

التصعيد في الشرق الأوسط

بايدن في مؤتمر صحافي في البيت الأبيض في 26 سبتمبر 2024 (أ.ب)

يُخيّم شبح التصعيد في المنطقة على الانتخابات الأميركية. ويقول جيمس جيفري، السفير السابق إلى العراق وسوريا والمبعوث الخاص السابق للتحالف الدولي لهزيمة «داعش»، إن المرشحين يركزان لدى تطرقهما إلى هذا الملف على السياسة الأميركية تجاه إيران. ويشير جيفري إلى أنه سيكون على المرشحين التعامل مع هذا الواقع في المنطقة، مضيفاً: «إن الفارق الرئيسي بينهما هو أن ترمب سيكون مصراً جداً على فرض العقوبات، بينما ستتبع هاريس سياسة بايدن، وربما موقف أوباما، لمحاولة التوصل إلى اتفاق من أجل مشاركة المنطقة مع إيران».

وتعدُّ لورا كيلي، مراسلة صحيفة «ذي هيل» للشؤون الخارجية، أن إيران تُشكّل قضية أساسية في حملتي كل من ترمب وهاريس، مشيرةً إلى أن ترمب يقدم نفسه على أنه «الرجل القوي» الذي يستطيع مواجهة إيران إن وصل إلى البيت الأبيض ويرغمها على القيام بما يريد وبالتراجع، بينما ستحرص هاريس على إكمال ما بدأت به إدارة بايدن، وهو محاولة التنسيق بين مختلف اللاعبين في الشرق الأوسط، مضيفة: «لكن كما نرى حالياً، ما يجري على أرض الواقع يتغلب على كافة الجهود الدبلوماسية».

ترمب يتحدث مع الصحافيين في نيويورك في 26 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

ويوافق روبرت فورد، السفير الأميركي السابق في سوريا والجزائر، على أن سياسة هاريس ستكون «استكمالاً لسياسة بايدن في الشرق الأوسط، على الأقل في البداية»، مضيفاً: «إنها لا تملك خبرة واسعة في العمل على قضايا المنطقة، ولا تعرف القادة كما كان يعرفهم بايدن، وبصراحة أعتقد أن اهتماماتها تصب أكثر على القضايا المحلية والصين وحتى روسيا». واستبعد فورد أن تتخذ هاريس أي مبادرات رئيسية فيما يتعلق بالشرق الأوسط. وفيما يتعلق بترمب، ذكّر فورد بأنه من الصعب توقّع مواقف الرئيس السابق في القضايا الدولية، مضيفاً: «لقد صرح مرتين خلال حملته هذا الشهر بأنه قد ينظر في رفع العقوبات عن طهران، ليس بسبب طريقة تصرّف هذه الأخيرة تحديداً، لكن لأنه قلق حول انتشار استخدام العملة الصينية في الأسواق العالمية».

ويوافق جيفري الذي عمل في إدارة ترمب على أنه من الصعب التكهن بمواقف الرئيس السابق، مُذكّراً بإعلانه مرتين عن نيته سحب القوات الأميركية من سوريا، وتراجعه عن ذلك، لكنه شدد على أهمية الفريق المحيط بالرئيس، عادّاً أن ترمب كان لديه فريق متميز في السياسة الخارجية. وأضاف: «عندما يكون لديك فريق عمل كهذا، من الأرجح أن نرى سلوكاً يسهل التنبؤ به في إطار رؤية دونالد ترمب للعالم».

وهنا عقّبت كيلي على تصرفات ترمب التي لا يمكن توقعها في بعض الأحيان، مشيرةً إلى تصريح أدلى به مؤخراً قال فيه إن إيران «ترغب بأن تكون طرفاً في اتفاقات إبراهام»، مضيفة: «لقد ألقى هذا التصريح ضوءاً مثيراً للاهتمام على طريقة تفكيره وشعوره حول كيفية تغيير الأوضاع في الشرق الأوسط». لكن كيلي أشارت في الوقت نفسه إلى أنه في حال وصول ترمب إلى البيت الأبيض، فإن عدداً كبيراً من مستشاريه السابقين لن يكونوا معه بسبب توتر العلاقات بينهم، أما بالنسبة لهاريس فثمّة توقعات بأن يتسلم مدير الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) ويليام بيرنز منصب وزير الخارجية، على حد قولها.

«الضغط» على نتنياهو

تتزايد الدعوات لإدارة بايدن بوقف الأسلحة لاسرائيل (أ.ب)

وفيما تواجه إدارة بايدن انتقادات حول تعاطيها مع ملفات المنطقة، وفشلها في وقف التصعيد في غزة ولبنان، يعدُّ فورد أن سياسة بايدن تجاه إسرائيل هي انعكاس لآراء الرئيس «الذي يتمتع بتاريخ طويل مع منطقة الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن القرارات المتعلقة بهذا الملف مرتبطة باعتقاداته.

وتحدث فورد عن التوتر في العلاقة بين بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فأشار إلى فارق أساسي في مقاربة الطرفين، قائلاً: «يبدو أن نتنياهو يؤمن بوجود حل أمني لمشكلة غزة، وللمشاكل في لبنان، ويعتقد أنه لا يجب أن يكون هناك وجود للدولة الفلسطينية، وأنه على إسرائيل أن تحكم هذه الأراضي إلى الأبد، وأن الفلسطينيين في هذه الأراضي لن يكون لهم الحق بتقرير مصيرهم. إنها ببساطة رؤية يملكها رئيس وزراء إسرائيل مع قسم كبير من حكومته، إن لم يكن معظمهم. إذن هذا هو الفارق الرئيسي مع العديد من الديمقراطيين، لكن هناك أيضاً جمهوريين يدعمون حل الدولتين، من حيث المبدأ على الأقل. وطالما هناك هذا الفارق بين الأميركيين الذين يدعمون حل الدولتين والحكومة الإسرائيلية المحافظة، دائماً ما سيكون هناك احتكاك في ما يتعلق بالاستراتيجيات والسياسات».

ويرجح فورد أن نتنياهو «يفضل عودة ترمب إلى البيت الأبيض»، لكن رغم ذلك «فهو مضطر إلى التعاون مع إدارة بايدن لقرابة الأربعة أشهر المتبقية في ولايته».

ترمب يتحدث أمام المجلس الأميركي الإسرائيلي في 19 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

ويواجه بايدن دعوات من أعضاء حزبه التقدميين لفرض قيود على المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، واستعمالها ورقة ضغط على نتنياهو، وهو ما رفضه بايدن ونائبته هاريس. وهنا، تقول كيلي إنه من غير المؤكد أن حجب الولايات المتحدة للأسلحة عن إسرائيل سوف يؤدي إلى دفع نتنياهو لاتخاذ قرارات تتماشى أكثر مع إدارة بايدن، مضيفة: «لكن إن نظرنا إلى إدارة ترمب، فهو قد يعطي المجال لنتنياهو لإطلاق العنان للقوة العسكرية على نطاق واسع دون أي قيود قد تفرضها إدارة بايدن».

أوكرانيا

زيلينسكي مع زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي تشاك شومر (يمين)، وزعيم الأقلية ميتش ماكونيل (أ.ف.ب)

تحتل أوكرانيا مساحةً كبيرةً من النقاش في الموسم الانتخابي، وقد سلّطت زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي للولايات المتحدة الضوء على التجاذبات الداخلية الحادة المحيطة بالملف. ففيما اجتمع الزعيم الأوكراني بهاريس ومن المتوقع أن يلتقي ترمب، فإن مواقف كل منهما مختلفة فيما يتعلق بحل الصراع هناك.

وبينما يعرب جيفري عن تفاؤله في قضية أوكرانيا، مشيراً إلى أن روسيا لم تحقق الفوز «فهي متوترة وتحارب دولة أصغر منها»، على حد تعبيره، تشير كيلي إلى أن السباق الانتخابي الحالي يعكس «أوقاتاً عصيبةً جداً لأوكرانيا»، مشيرة إلى الجدل الذي ولدته زيارة زيلينكسي إلى بنسلفانيا لدى الجمهوريين الذين اتهموا الرئيس الأوكراني بمحاولة التدخل في الانتخابات الأميركية من خلال زيارته لولاية متأرجحة. وقالت كيلي إن هذه الخطوة ساهمت في «تغذية التعصب الحزبي المتزايد بشأن السياسة الأميركية تجاه أوكرانيا»، مشيرةً إلى أن زيلينكسي «تلقى أبرد استقبال على الإطلاق في الكونغرس خلال زيارته إلى واشنطن».

الناخب الأميركي والسياسة الخارجية

هاريس في حدث انتخابي في ويسكونسن في 20 سبتمبر 2024 (د.ب.أ)

رغم القضايا الخارجية العالقة والتوترات المتزايدة، فإن الناخب الأميركي لا يركز عادة على السياسة الخارجية لدى توجهه إلى صناديق الاقتراع. وهذا ما تحدث عنه فورد قائلاً: «عندما فكر كيف تنظر أميركا إلى العالم وهي على مشارف الانتخابات، أعتقد أن السؤال الأكبر هو ما مقدار الاهتمام الذي يريد الشعب الأميركي أن توليه واشنطن للسياسة الخارجية مقارنة بالقضايا الداخلية؟ وبرأيي هذه الانتخابات في 2024 تتمحور بشكل أساسي حول القضايا المحلية مثل الاقتصاد والهجرة، وهذا التفضيل الشعبي سيؤثر على الوقت الذي يمضيه إما الرئيس ترمب أو الرئيسة هاريس على السياسة الخارجية».

أما جيفري فلديه مقاربة مختلفة، ويقول «إن الأميركيين يتجاهلون السياسة الخارجية حتى تأتي هذه الأخيرة وتهز كيانهم». وأعطى مثالاً على ذلك في هجمات سبتمبر التي «جرّت أميركا إلى حرب كبيرة أدت إلى سقوط عدد هائل من الضحايا في العراق و أفغانستان». وأضاف جيفري: «في الواقع رغم التجاذبات التي نتحدث عنها لدينا سياسة حول العالم من خلال حلفائنا ومعهم، تسعى للحفاظ على هدوء العالم». ويحذر قائلاً: «إن تزعزع الأمن في العالم، يحدث أمران: أولاً التجارة والعولمة واستخدام الدولار الأميركي وغيرها من الفوائد التي يستفيد منها الأميركيون ستختفي. ثانياً وهي النقطة الأهم هناك 20 أو 30 دولة، إن لم تستطع الاعتماد على الولايات المتحدة في الحالات الطارئة، فهي ستجد بديلاً نووياً مما سيؤدي إلى عالم مسلح نووياً سينعكس سلباً على السلام العالمي وعلى فرص نجاة الولايات المتحدة».