انطلاق المحاكمة التاريخية ضد ترمب بتهمة «الكذب مراراً وتكراراً»

وكلاء الدفاع يؤكدون براءته من «مؤامرة إجرامية» لكسب انتخابات 2016

رسم فني لترمب خلال جلسة محاكمته الاثنين (رويترز)
رسم فني لترمب خلال جلسة محاكمته الاثنين (رويترز)
TT

انطلاق المحاكمة التاريخية ضد ترمب بتهمة «الكذب مراراً وتكراراً»

رسم فني لترمب خلال جلسة محاكمته الاثنين (رويترز)
رسم فني لترمب خلال جلسة محاكمته الاثنين (رويترز)

أبلغ المدعي العام الأميركي في نيويورك ماثيو كولانجيلو، هيئة المحلفين، في مستهل محاكمة تاريخية للرئيس السابق دونالد ترمب في قضية «أموال الصمت»، بأن المدعى عليه «كذب مراراً وتكراراً» للتستر على الفضيحة الشخصية في سياق «مخطط إجرامي لإفساد» الانتخابات الرئاسية لعام 2016. غير أن وكلاء الدفاع عن المرشح الرئاسي الأوفر حظاً للجمهوريين في الانتخابات المقبلة، أكدوا أنه «بريء» من التهم التي كان ينبغي عدم توجيهها له على الإطلاق.

وبدأت، الاثنين، المرافعات الأولية في أول محاكمة جنائية للرئيس أميركي سابق، على خلفية سباق شديد التنافس إلى البيت الأبيض بين الرئيس جو بايدن الأوفر حظاً عند الديمقراطيين من جهة، وترمب الذي بات المرشح الوحيد للحزب الجمهوري، علماً بأنه يواجه احتمال وضعه خلف القضبان، إذا قررت هيئة المحلفين المؤلفة أنه «مذنب» في التهم الـ34 الموجهة ضده في قضية تزوير وثائق في شركة ترمب لطمس ادعاءات عن دفع مبلغ 130 ألف دولار للممثلة الإباحية ستورمي دانيالز لإسكاتها ومنع كشف علاقتها به خلال الحملات الانتخابية لعام 2016، حين فاز ضد منافسته الديمقراطية وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون.

رسم فني يظهر المدعي العام الأميركي في نيويورك ماثيو كولانجيلو يقدم مطالعته الافتتاحية في محكمة مانهاتن الاثنين (رويترز)

ولن تمنع الإدانة ترمب من أن يصير رئيساً مرة أخرى، ولكن لأنها قضية ولاية، فلن يتمكن من محاولة العفو عن نفسه إذا ثبتت إدانته في القضية التي تعيد النظر في فصل من تاريخ ترمب عندما اصطدم ماضيه المشهور بطموحاته السياسية.

«مخطط إجرامي»

وقال كولانجيلو في مطالعته: «قام المدعى عليه دونالد ترمب بتدبير مخطط إجرامي لإفساد الانتخابات الرئاسية لعام 2016، ثم قام بالتستر على تلك المؤامرة الإجرامية من خلال الكذب في سجلات أعماله في نيويورك مراراً وتكراراً». ووصف كيف قام ترمب، ومحاميه السابق مايكل كوهين والناشر ديفيد بيكر، بتدبير «مؤامرة» لدفن القصص الضارة، بما فيها قصة ستورمي دانيالز، التي تلقت المبلغ من كوهين لشراء صمتها. وعوضه ترمب عن هذا المبلغ، مضيفاً أن الأخير «قام بتزوير سجلات الأعمال هذه لأنه أراد إخفاء سلوكه الإجرامي وسلوك الآخرين»، فيما «يُظهر مدى أهمية إخفاء الطبيعة الحقيقية للدفع غير القانوني من كوهين للسيدة دانيالز والمؤامرة الانتخابية الشاملة التي أطلقوها».

مؤيدون لترمب خارج محكمة مانهاتن في نيويورك الاثنين (أ.ف.ب)

ويتوقع أن يكون كوهين، الذي كان نائباً تنفيذياً للرئيس في شركة ترمب، وبيكر من الشهود الرئيسيين في القضية.

وعلى الأثر، باشر وكيل الدفاع الرئيسي عن ترمب المحامي تود بلانش عرضه بالإعلان أن «الرئيس ترمب بريء»، مضيفاً أن «الرئيس ترمب لم يرتكب أي جرائم».

«ثغر» في الاتهام

ويتوقع أن يحاول الدفاع إحداث ثغر في الرواية التي قدمها مكتب المدعي العام في مانهاتن ألفين براغ، بالتركيز على كوهين، واصفاً إياه بأنه «كذاب متسلسل لديه فأس (ضغينة) ضد ترمب».

وأصر كولانجيلو على أن الكثير من شهادة كوهين سيجري تأكيده، بما في ذلك من خلال شهود من صحيفة التابلويد «ناشونال أنكوارير» و«مسار توثيقي واسع النطاق».

ترمب يدخل قاعة محكمة مانهاتن الاثنين (أ.ب)

ورد كولانجيلو أصول جهود ترمب أواخر حملة عام 2016 إلى تسجيل شريط فيديو عن «الوصول إلى هوليوود» عام 2005، حين كان يتباهى بالتحرش بالنساء. وقال: «كان تأثير هذا الشريط على الحملة فورياً ومتفجّراً». ورأى أن الأدلة ستظهر أن اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري نظرت فيما إذا كان من الممكن إبدال ترمب بمرشح آخر. وأوضح أيضاً أنه وفي غضون أيام من نشر شريط «الوصول إلى هوليوود»، نبهت صحيفة «ناشونال أنكوارير» كوهين إلى أن الممثلة الإباحية دانيالز كانت تسعى إلى إعلان ادعاءاتها في شأن لقاء مع ترمب في عام 2006.

وقال كولانجيلو للمحلفين إنه «بناء على توجيهات ترمب، تفاوض كوهين على صفقة لشراء قصة السيدة دانيالز لمنع الناخبين الأميركيين من سماع تلك القصة قبل يوم الانتخابات». ووصف المدفوعات الأخرى التي كانت أيضاً جزءاً مما يُعرف في صناعة الصحف الشعبية بحيلة «القبض والقتل»؛ وهي الحصول على قصة يمكن أن تكون ضارة عن طريق شراء حقوقها، ثم قمعها أو قتلها من خلال اتفاقات تمنع الشخص المدفوع الأجر من رواية القصة لأي طرف آخر.

ترمب يتحدث للصحافيين خارج قاعة محكمة مانهاتن بنيويورك الاثنين (أ.ف.ب)

فضيحة إضافية؟

وتحدث كولانجيلو أيضاً عن ترتيبات اتخذت لدفع مبلغ 150 ألف دولار لعارضة «بلاي بوي» السابقة كارين ماكدوغال لطمس ادعاءاتها بشأن علاقة استمرت لمدة عام تقريباً مع ترمب خارج نطاق الزواج. وقال إن ترمب «لم يكن يريد بشدة أن تصير هذه المعلومات عن كارين ماكدوغال علنية؛ لأنه كان قلقاً في شأن تأثيرها على الانتخابات».

وكان ترمب وصل إلى المحكمة قبيل الساعة التاسعة صباحاً، بعد دقائق من انتقاده للقضية بأحرف كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، ووصفها بأنها «تدخل في الانتخابات» و«مطاردة ساحرات».

ستتطلب المحاكمة منه تمضية أيامه في قاعة المحكمة بدلاً من الانصراف إلى الحملة الانتخابية، وهي حقيقة اشتكى منها، الاثنين، بالتعبير للصحافيين عن أسفه لأنه «هنا بدلاً من أن يكون قادراً على الوجود في بنسلفانيا وجورجيا والعديد من الأماكن الأخرى في الحملات الانتخابية، وهذا أمر غير عادل مطلقاً».

وكما جلس ترمب خلال عملية اختيار هيئة المحلفين، سيضطر إلى البقاء في المحكمة حيث تعلن تفاصيل بذيئة وربما غير سارة عن حياته الشخصية أمام هيئة المحلفين.

متهم ومرشح

ومع ذلك، سعى ترمب إلى تحويل وضعه بوصفه متهماً جنائياً إلى رصيد لحملته، وجمع الأموال من المخاطر القانونية التي يواجهها، وانتقد مراراً وتكراراً نظام العدالة الذي ادعى لسنوات أنه استُخدم سلاحاً ضده.

وستختبر هذه القضية قدرة المحلفين على تنحية أي انحياز جانباً، وكذلك قدرة ترمب على الالتزام بقيود المحكمة، مثل أمر حظر النشر الذي يمنعه من مهاجمة الشهود. ويسعى المدعون إلى فرض غرامات عليه بسبب انتهاكات مزعومة لهذا الأمر.

ولا تتهم هذه المزاعم ترمب بإساءة استخدام السلطة بشكل فاضح مثل القضية الفيدرالية في واشنطن التي تتهمه بالتخطيط لقلب الانتخابات الرئاسية لعام 2020، أو بانتهاك بروتوكولات الأمن القومي مثل القضية الفيدرالية في فلوريدا التي تتهمه بالاحتفاظ بوثائق رسمية سرية.


مقالات ذات صلة

ترمب يرد على مزاعم تشكك بإصابته برصاصة في أذنه

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب بضمادة على أذنه بعد محاولة اغتياله (رويترز)

ترمب يرد على مزاعم تشكك بإصابته برصاصة في أذنه

ردّ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب اليوم (الجمعة) على ما أثير من شكوك بشأن الجرح الذي أصاب أذنه خلال محاولة اغتياله.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس (أ.ف.ب)

استطلاع: ترمب يتقدم بفارق ضئيل على هاريس في السباق للبيت الأبيض

أظهر استطلاع لصحيفة «وول ستريت جورنال» أن مرشح الجمهوريين للبيت الأبيض دونالد ترمب يتقدم بفارق نقطتين مئويتين على كامالا هاريس المرشحة المحتملة عن الديمقراطيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​  الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب يعلن أنه سيقيم تجمعاً انتخابياً في بلدة تعرض فيها لإطلاق نار

قال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إنه سيقيم قريباً تجمعاً انتخابياً آخر في بتلر بولاية بنسلفانيا، وهي البلدة التي أطلق فيها مسلح النار عليه.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشح الجمهوري دونالد ترمب يضع ضمادة على أذنه اليمنى بسبب إصابته في محاولة اغتيال في بنسلفانيا (أ.ف.ب)

طبيب: لا دليل على أن إصابة ترمب في أذنه سببها شيء آخر غير الرصاصة

قال الطبيب السابق لدونالد ترمب إنه لا يوجد دليل على أن شيئاً آخر غير الرصاصة هو الذي تسبب في إصابة المرشح الجمهوري في أذنه خلال محاولة اغتيال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة آخر لقاء جمع الرئيس دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي في 15 سبتمبر 2020 (أ.ب)

نتنياهو يلتقي ترمب بأمل الحصول على تأييد أكبر لإسرائيل

يراهن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقائه بالرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري، دونالد ترمب، على نيل تأييد أكبر لأمن إسرائيل.

هبة القدسي (واشنطن)

ترمب يرد على مزاعم تشكك بإصابته برصاصة في أذنه

الرئيس الأميركي دونالد ترمب بضمادة على أذنه بعد محاولة اغتياله (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب بضمادة على أذنه بعد محاولة اغتياله (رويترز)
TT

ترمب يرد على مزاعم تشكك بإصابته برصاصة في أذنه

الرئيس الأميركي دونالد ترمب بضمادة على أذنه بعد محاولة اغتياله (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب بضمادة على أذنه بعد محاولة اغتياله (رويترز)

ردّ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، (الجمعة)، على ما أثير من شكوك بشأن الجرح الذي أصاب أذنه خلال محاولة اغتياله بأن أعاد نشر بيان لطبيبه السابق يؤكد فيه أنّ الجرح ناجم عن رصاصة وليس «شظية»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكتب روني جاكسون، طبيب ترمب السابق الذي بات الآن عضواً جمهورياً في الكونغرس عن ولاية تكساس، على منصة «تروث سوشال» الاجتماعية التي يملكها الرئيس السابق: «لا يوجد دليل على الإطلاق على أنه كان أيّ شيء آخر غير رصاصة»، وأعاد ترمب نشر البيان.

صورة قريبة لأذن ترمب المصابة بمحاولة الاغتيال بعد إزالته الضمادة (أ.ب)

والجمعة نشر مكتب التحقيقات الفيدرالي بياناً أكّد فيه أنّ «أذن ترمب أصيبت برصاصة سواء أكانت كاملة أو مجزّأة إلى أجزاء صغيرة».

وكان مدير الـ«إف بي آي» كريستوفر راي قال لمشرعين أميركيين، الأربعاء، إنّ هناك بعض الشكوك إن كانت رصاصة أو شظية، كما تعلمون، ما أصاب أذنه».

وأصيب ترمب في أذنه اليمنى خلال تجمّع انتخابي في 13 يوليو (تموز) في بنسلفانيا، ونجا ممّا وصفه مكتب التحقيقات الفيدرالي بأنه محاولة اغتيال، عندما أطلق مسلّح ثماني رصاصات عليه في أثناء إلقائه خطاباً.

ولم يصدر أيّ تأكيد لطبيعة جرح ترمب من أي جهة طبية أو من سلطات إنفاذ القانون، وكانت تعليقات راي هي أول تفصيل رسمي مدوّن بهذا الشأن من مسؤول كبير.

ترمب يتحدث في تجمع انتخابي يوم الأربعاء 24 يوليو بعد إزالة الضمادة الكبيرة البيضاء (أ.ب)

وردّاً على بيان مكتب التحقيقات الفيدرالي، قال ترمب في منشور على منصّته للتواصل الاجتماعي «تروث سوشال»: إنّ «هذا على ما يبدو لي أفضل اعتذار سنحصل عليه من المدير راي، لكنّه اعتذار مقبول بالكامل».

وأصيب اثنان من المشاركين في التجمّع بجروح خطيرة في الهجوم، كما قُتل رجل إطفاء يبلغ 50 عاماً من ولاية بنسلفانيا برصاصة، وفقاً لمسؤولين. وقُتل مطلق النار برصاصة قناص من جهاز «الخدمة السرية»، الحرس الرئاسي الأميركي.

وجعل ترمب من محاولة اغتياله مدماكاً رئيسياً في حملته الانتخابية؛ إذ قال أمام حشد في ميشيغان إنّه «تلقى رصاصة من أجل الديمقراطية».

وفي تجمعاته الانتخابية، لجأ العديد من أنصاره إلى وضع ضمّادات على آذانهم اليمنى، في إشارة إلى الهجوم.

والخميس، نفى ترمب تعليقات راي واتّهمه بالانحياز السياسي.

يرتدي بليك فونج ضمادة فوق أذنه تكريماً لترمب في أثناء حضوره حملة المرشح الجمهوري (رويترز)

وقال: «لقد كانت، للأسف، رصاصة أصابت أذني بقوة. لم يكن هناك زجاج، ولم تكن هناك شظايا».

وأورد تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز»، نُشر الجمعة، أنّ «تحليلاً تفصيلياً لمسارات الرصاصات واللقطات المصورة والصور والصوت (...) يشير بقوة إلى أن ترمب أصيب بأول رصاصة من ثمانٍ أطلقها المسلّح».

ولم تنشر حملة ترمب أيّ تقارير طبية، بل نقلت أقوالاً عن جاكسون، طبيب البيت الأبيض السابق والحليف الوثيق للرئيس السابق.

تظهر صورة لترمب التقطها مصور وكالة «أسوشييتد برس» إيفان فوتشي بينما تدلي مديرة جهاز الخدمة السرية للولايات المتحدة كيمبرلي شيتل بشهادتها أمام لجنة الرقابة والمساءلة بمجلس النواب (أ.ف.ب)

وكان جاكسون موضع جدل في الماضي، إذ توصل تحقيق أجرته وزارة الدفاع الأميركية عام 2021 إلى أنه «استخفّ بمرؤوسيه وتنمّر عليهم وأذلّهم» في أثناء خدمته في البيت الأبيض.

كما قال التحقيق إنه «أدلى بتصريحات جنسية ومهينة حول إحدى مرؤوساته»، إضافة إلى مخاوف بشأن تناوله حبوباً منومة في أثناء الخدمة.

وذكرت وسائل إعلام أميركية في مارس (آذار)، أنّ البحرية الأميركية خفضت رتبة جاكسون من رتبة نائب أميرال إلى نقيب عقب التحقيق.