روسيا تصرّ على اتهام الولايات المتحدة وأوكرانيا بالوقوف وراء هجوم كروكوس

رغم تحذير واشنطن من احتمال تعرض موسكو له قبل أسبوعين من وقوعه

صورة عامة لقاعة كروكوس للحفلات الموسيقية خارج موسكو بعد الهجوم عليها (رويترز)
صورة عامة لقاعة كروكوس للحفلات الموسيقية خارج موسكو بعد الهجوم عليها (رويترز)
TT

روسيا تصرّ على اتهام الولايات المتحدة وأوكرانيا بالوقوف وراء هجوم كروكوس

صورة عامة لقاعة كروكوس للحفلات الموسيقية خارج موسكو بعد الهجوم عليها (رويترز)
صورة عامة لقاعة كروكوس للحفلات الموسيقية خارج موسكو بعد الهجوم عليها (رويترز)

تصرّ روسيا على اتهام الولايات المتحدة وأوكرانيا بالوقوف وراء هجوم كروكوس الدموي قبل أسبوعين، رغم التحذيرات والمعلومات الدقيقة التي حصلت عليها من واشنطن. وقال المسؤول الأمني الروسي نيكولاي باتروشيف، الأربعاء، إن «أجهزة خاصة أوكرانية» تقف وراء إطلاق النار الذي وقع الشهر الماضي، في أثناء حفل موسيقي قرب موسكو، مضيفاً أن أوكرانيا تخضع لسيطرة الولايات المتحدة.

ولم يقدم باتروشيف، أمين مجلس الأمن الروسي، أي دليل على ما قيل في أحدث تصريح يصدر من موسكو بشأن تورط أوكرانيا. ونفت أوكرانيا أن يكون لها أي علاقة بالهجوم الذي أودى بحياة 144 شخصاً على الأقل وقالت الولايات المتحدة إن عناصر بتنظيم «داعش» المتشدد هم وحدهم من ارتكبوا الهجوم.

تفحم صالة «كروكوس سيتي هول» للحفلات في موسكو بسبب الهجوم (أ.ف.ب)

كشف مسؤولون أميركيون عن أن واشنطن قدمت لموسكو معلومات عالية الدقّة عن احتمال تعرض قاعة مدينة كروكوس الشهيرة للحفلات الموسيقية في موسكو لعمل إرهابي، قبل أكثر من أسبوعين من الهجوم الدامي. فيما واصل المسؤولون الروس إلقاء بعض التبعات تارة على الولايات المتحدة وطوراً على أوكرانيا.

وتضمن التحذير الأميركي درجة عالية من التحديد فيما يعكس ثقة واشنطن بأن تنظيم «داعش - فرع خراسان» كان يعد لهجوم يستهدف عدداً كبيراً من المدنيين، وبما يتناقض بشكل مباشر أيضاً مع ادعاءات موسكو بأن التحذيرات الأميركية كانت عمومية إلى درجة أنها لا تساعد في استباق هجوم 22 مارس (آذار) الماضي.

ورأت صحيفة «واشنطن بوست» أن تحديد قاعة كروكوس هدفاً محتملاً في التحذير الأميركي «يثير تساؤلات جديدة حول سبب فشل السلطات الروسية في اتخاذ إجراءات أقوى لحماية المكان»، حيث قتل المسلحون أكثر من 140 شخصاً وأضرموا النار في القاعة.

وكذلك نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن بعض المسؤولين الغربيين أن روسيا «أولت بعض الاهتمام للتحذير الذي وجهته وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه). واتخذت خطوات للتحقيق في التهديد».

أوكرانيا وأميركا

وأعلن التنظيم المصنف إرهابياً مسؤوليته عن الهجوم الذي أدى إلى إضعاف صورة القوة لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقال المسؤولون الأميركيون إن «(داعش) تتحمل المسؤولية وحدها» عن الهجوم. غير أن الزعيم الروسي حاول إلقاء التبعات على أوكرانيا. بل إنه رفض التحذيرات الأميركية قبل ثلاثة أيام فقط من هجوم 22 مارس، واصفاً إياها بـ«الابتزاز الصريح» ومحاولات «تخويف مجتمعنا وزعزعة استقراره».

صورة من الأرشيف للرئيس الروسي فلاديمير بوتين يضيء شمعة تذكاراً لضحايا هجوم قاعة كروكوس للحفلات الموسيقية قرب موسكو (أ.ب)

أما رئيس مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف فصرح، الأربعاء، خلال اجتماع في كازاخستان أن المسؤولين الأميركيين «يحاولون أن يفرضوا علينا أن العمل الإرهابي لم يرتكبه نظام كييف، بل أنصار الفكر الإسلامي المتطرف، ربما أعضاء في الفرع الأفغاني لتنظيم داعش». وأضاف: «ومع ذلك، من المهم للغاية تحديد هوية العميل والراعي لهذه الجريمة البشعة بسرعة. آثارها تؤدي إلى الخدمات الخاصة الأوكرانية. لكن الجميع يعلمون أن نظام كييف ليس مستقلاً ويخضع بالكامل لسيطرة الولايات المتحدة»

الدمار الذي لحق صالة «كروكوس سيتي هول» للحفلات في موسكو بسبب الهجوم (إ.ب.أ)

وتحدث المسؤولون الأميركيون بشرط عدم نشر أسمائهم لمناقشة المعلومات الحساسة والاستخبارات التي شاركتها واشنطن مع موسكو. وأكد مجلس الأمن القومي الأميركي سابقاً نقل معلومات حول «هجوم إرهابي مخطط له في موسكو»، لكنه لم يشر إلى قاعة مدينة كروكوس كهدف محتمل.

وفي موسكو، قال رئيس جهاز المخابرات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين للصحافيين في موسكو إن المعلومات التي شاركتها الولايات المتحدة كانت «عمومية للغاية، ولم تسمح لنا بالتعرف بشكل كامل على أولئك الذين ارتكبوا هذه الجريمة الفظيعة».

وأضاف أنه رداً على المعلومات الاستخبارية الأميركية، اتخذت روسيا «الإجراءات المناسبة» لمنع الهجوم. لكن وسائل الإعلام الروسية أفادت يوم الهجوم بأن وحدات الشرطة المتخصصة لم تصل إلى المكان إلا بعد مرور أكثر من ساعة على بدء إطلاق النار، ثم انتظرت أكثر من 30 دقيقة لدخول المبنى.

«واجب التحذير»

وأفاد مسؤولون بأنه بينما تشارك الولايات المتحدة بشكل روتيني المعلومات حول الهجمات الإرهابية المحتملة مع دول أجنبية، بموجب سياسة تسمى «واجب التحذير»، فمن غير المعتاد إعطاء معلومات حول أهداف محددة لخصم؛ إذ إن القيام بذلك يخاطر بكشف كيفية الحصول على المعلومات الاستخبارية، مما قد يعرض نشاطات المراقبة السرية أو المصادر البشرية للخطر.

السفراء وممثلو البعثات الدبلوماسية المعتمدون في روسيا يحضرون حفل وضع الزهور على النصب التذكاري لضحايا هجوم قاعة كروكوس للحفلات الموسيقية في كراسنوغورسك خارج موسكو (رويترز)

لكن المعلومات التي أشارت إلى الهجوم المحتمل ضد قاعة الحفلات الموسيقية، حذرت أيضاً من خطر محتمل يمكن أن يتعرض له الأميركيون في روسيا. وفي 7 مارس، وأعلنت السفارة الأميركية في موسكو أنها «تراقب التقارير التي تفيد بأن المتطرفين لديهم خطط وشيكة لاستهداف التجمعات الكبيرة في موسكو، بما في ذلك الحفلات الموسيقية. ونصحت المواطنين الأميركيين بـ«تجنب التجمعات الكبيرة خلال الساعات الـ48 المقبلة». وطبقاً للمسؤولين الأميركيين، فإن الولايات المتحدة شاركت معلوماتها مع روسيا في اليوم السابق لهذا التحذير العلني.

وفي إطار سياسة «واجب التحذير»، كانت الولايات المتحدة تبادلت معلومات متعلقة بالإرهاب مع خصم آخر هو إيران. ففي يناير (كانون الثاني) الماضي، حذر مسؤولون أميركيون من أن «داعش» يخطط لتنفيذ هجمات. ورأى المسؤولون الأميركيون أن «المعلومات الاستخبارية كانت محددة بدرجة كافية لدرجة أنها ربما كانت ستساعد السلطات الإيرانية على إحباط تفجيرين انتحاريين مزدوجين أديا إلى مقتل 95 شخصاً في مدينة كرمان».

من جانب آخر، أعلن الجيش الروسي، الأربعاء، ازدياداً في عدد الأشخاص الذين يتطوّعون للقتال في أوكرانيا منذ الهجوم الإرهابي الدامي على صالة للحفلات الموسيقية في موسكو الشهر الماضي. وقالت وزارة الدفاع، الأربعاء: «على مدى الأسبوع ونصف الأسبوع الأخيرين، سجّلت نقاط التجنيد زيادة كبيرة في عدد الأشخاص الراغبين بتوقيع عقود مع وزارة الدفاع الروسية للمشاركة في العملية العسكرية الخاصة». وذكّرت الوزارة بأن أكثر من 100 ألف شخص تطوّعوا للقتال حتى الآن في 2024، بينهم 16 ألفاً في الأيام العشرة التي تلت الهجوم. وقالت في بيان على «تلغرام»، كما نقلت عنه «الصحافة الفرنسية»، إن «معظم المرشحين أشاروا إلى أن الدافع الأساسي للتوقيع على العقد كان الرغبة في الانتقام لضحايا المأساة التي وقعت في 22 مارس». وأفاد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف الصحافيين بأن الزيادة في عمليات التجنيد هي «دليل إضافي» على دعم المجتمع الروسي لبوتين والعملية العسكرية.


مقالات ذات صلة

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)
أفريقيا جنود نيجيريون مع جنود من القوة الإقليمية المختلطة لمحاربة «بوكو حرام» (صحافة محلية)

​نيجيريا... مقتل 5 جنود وأكثر من 50 إرهابياً

سبق أن أعلن عدد من كبار قادة الجيش بنيجيريا انتصارات كاسحة في مواجهة خطر «بوكو حرام»

الشيخ محمد (نواكشوط)
أوروبا القاتل النرويجي أندرس بيرينغ بريفيك (إ.ب.أ)

«سفاح النرويج» يطلب الإفراج المشروط للمرة الثانية

مَثُل القاتل النرويجي، أندرس بيرينغ بريفيك، الذي قتل 77 شخصاً في حادث تفجير وإطلاق نار عشوائي عام 2011، أمام المحكمة، الثلاثاء، لحضور جلسة استماع بشأن إطلاق

«الشرق الأوسط» (أوسلو)

حاكم تكساس الأميركية يأمر أجهزة الولاية بوقف الاستثمار في الصين

حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)
حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)
TT

حاكم تكساس الأميركية يأمر أجهزة الولاية بوقف الاستثمار في الصين

حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)
حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري غريغ أبوت، الأجهزة المعنية بوقف استثمار أموال الولاية في الصين، وبيع هذه الاستثمارات في أقرب فرصة، مشيراً إلى مخاطر مالية وأمنية.

وقال أبوت في رسالة إلى أجهزة ولاية تكساس بتاريخ 21 نوفمبر (تشرين الثاني) نُشِرت على موقعه الإلكتروني: «نظراً لأن العداء الصيني ضد الولايات المتحدة وحلفائها من المرجح أن يستمر على ما يبدو، فإن المخاطر المالية المرتبطة بالاستثمار في الصين سترتفع أيضاً»، حسب وكالة «رويترز» للأنباء.

وأضاف: «أوجّه الكيانات المعنية بالاستثمار في تكساس بأنه يحظر عليكم أي استثمارات جديدة لأموال الولاية في الصين. لدرجة أنه يتعين عليكم التخلص من أي استثمارات حالية في الصين في أقرب فرصة».