بايدن يتخذ إجراءات عقابية ضد الصين

خوفاً من ترمب أم تحسباً لغزو سيارات «بي واي دي» الصينية لأسواق أميركا؟

علما الولايات المتحدة والصين (رويترز)
علما الولايات المتحدة والصين (رويترز)
TT

بايدن يتخذ إجراءات عقابية ضد الصين

علما الولايات المتحدة والصين (رويترز)
علما الولايات المتحدة والصين (رويترز)

على الرغم من انشغالها بأزمات دولية وإقليمية أكثر حدةً، كالحرب الأوكرانية الروسية والحرب الإسرائيلية على غزة، اتخذت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، في الأيام الأخيرة، سلسلة من الإجراءات العقابية ضد الصين، في إطار مواصلتها سياسة الضغط على أكبر منافس استراتيجي لها، وهو ما طرح التساؤلات عن توقيتها، بعد الانفراجة الكبيرة التي حققها البلدان أخيراً، في إعادة علاقاتهما إلى «مسارها الطبيعي».

الرئيس الأميركي جو بايدن يلتقي نظيره الصيني شي جينبينغ في كاليفورنيا (أ.ب)

وفي غضون أسبوع واحد، أصدر الرئيس بايدن أمراً تنفيذياً لحماية البيانات الشخصية للأميركيين من الخصوم الأجانب، بما في ذلك الصين، وأطلقت إدارته تحقيقاً في التهديدات الأمنية المحتملة من الآليات التي تستخدم التكنولوجيا الصينية، وفرضت عقوبات على كيانات صينية لدعمها غزو روسيا لأوكرانيا.

وجاءت هذه الإجراءات ضد الصين في أعقاب اجتماع بين وزيري خارجية البلدين وانغ يي وأنتوني بلينكن، على هامش اجتماعات مؤتمر ميونيخ الأمني، الشهر الماضي. وفي الاجتماع، حذر وانغ، بلينكن، من أن تحويل عملية تقليص الأخطار إلى «إزالة الصين»، و«بناء ساحات صغيرة وجدران عالية»، والانخراط في «الانفصال عن الصين» (في إشارة إلى تايوان) سيؤدي في نهاية المطاف إلى نتائج عكسية على الولايات المتحدة.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ (أرشيفية - رويترز)

وبالفعل، فإن الإجراءات التي اتخذها بايدن تتناقض مع الأجواء الإيجابية التي نتجت عن القمة التي عقدها مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في كاليفورنيا، وخُصصت لتحسين العلاقات الثنائية التي تضررت العام الماضي، ووصلت إلى أدنى مستوياتها. كما زادت في الأشهر الماضية اللقاءات الدبلوماسية بين الجانبين، واستؤنفت الاتصالات العسكرية التي جمدت في أعقاب زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة نانسي بيلوسي عام 2022 إلى تايوان. وهو ما ساهم في ضمان عدم حصول أي حادث «غير مقصود» في مضيق تايوان، التي أجرت انتخاباتها الرئاسية في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي.

كما أطلق البلدان مجموعة عمل مشتركة لوقف تدفق المواد الصينية المستخدمة في صناعة مخدر «الفنتانيل» وغيرها، إلى الولايات المتحدة، وهو ما عُدّ إشارةً واضحةً عن نية البلدين تعزيز تعاونهما. فلماذا اتخذت إدارة بايدن هذه الإجراءات ضد الصين الآن؟

صورة وزعها خفر السواحل الفلبيني الأحد تظهر سفينة صينية قرب أخرى فلبينية في المياه المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي (إ.ب.أ)

قلق أمني من الصين؟

رغم تجنب البيت الأبيض الرد على هذا التساؤل من عدد من الصحافيين في أعقاب الإعلان عن تلك الإجراءات، اكتفت نائبة المتحدثة باسم البيت الأبيض، أوليفيا دالتون، بالقول إن بايدن «قلق بشأن دول مثل الصين»، مضيفة أن «الصين تتطلع الآن إلى إغراق السوق هنا في الولايات المتحدة وفي جميع أنحاء العالم بمركبات مجهزة بتكنولوجيا متقدمة... إنها قضية أمن قومي نأخذها على محمل الجد».

الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

وقال مسؤول في الإدارة للصحافيين خلال مؤتمر صحافي إن التحقيق الذي أطلقته وزارة التجارة يوم الخميس للتأكد من أن السيارات الصينية التي تسير على الطرق الأميركية لا تقوض الأمن القومي الأميركي، هو «مكمل ومتميز» عن الأمر التنفيذي الذي أصدره بايدن، لحماية البيانات الشخصية للأميركيين من الصين وغيرها من الخصوم الأجانب، ويمنع عمليات النقل الجماعي للبيانات مثل معلومات تحديد الموقع الجغرافي والقياسات الحيوية والصحية والمالية إلى «البلدان المثيرة للقلق».

وكان بايدن قد حذر من تلك الأخطار، وقال في بيان إن «المركبات المتصلة من الصين يمكنها جمع بيانات حساسة حول مواطنينا وبنيتنا التحتية وإرسالها مرة أخرى إلى الصين».

مضيق تايوان (أ.ب)

سيارات «بي واي دي» الصينية

غير أن مراقبين أشاروا إلى أن هذه الخطوة بدت استعداداً «لغزو متوقع» من السيارات الصينية الكهربائية منخفضة الأسعار، للأسواق الأميركية، بعدما فتحت شركة «بي واي دي» الصينية العملاقة مصنعاً في المكسيك، من شأنه أن يستفيد من تخفيضات جمركية كبيرة، بموجب اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (رويترز)

ورغم ذلك، أشار آخرون إلى أن بايدن، الذي يواجه حملة انتخابية قاسية ضد خصمه الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترمب، أراد الظهور بموقف قوي تجاه الصين، في مواجهة التحريض الذي يمارسه ترمب ضده، متهماً إياه بالضعف في التعامل مع الصين، وبأنه يوازن في علاقته معها بين تعزيز التعاون وبين الدفاع عن مصالح الولايات المتحدة.

وأعلنت إدارة بايدن، الأسبوع الماضي، فرض عقوبات على شركات وكيانات صينية، في إطار الإجراءات التي اتخذتها بمناسبة الذكرى الثانية للغزو الروسي لأوكرانيا. واستهدفت العقوبات التجارية كيانات في روسيا وفي دول تعدها الإدارة داعمة للمجهود الحربي لموسكو.


مقالات ذات صلة

أميركا: «تيك توك» يجمع البيانات ويتلاعب بالمحتوى

الولايات المتحدة​ علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

أميركا: «تيك توك» يجمع البيانات ويتلاعب بالمحتوى

فصل جديد من الرفض الأميركي للتطبيق الصيني «تيك توك» انطلاقاً من كونه «يشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا وزير الخارجية الصيني وانغ يي في لاوس (أ.ف.ب)

تحذير صيني للفلبين من نشر صواريخ أميركية

حذر وزير الخارجية الصيني وانغ يي الفلبين من نشر الصواريخ الأميركية متوسطة المدى، قائلاً إن هذه الخطوة قد تغذي التوترات الإقليمية وتشعل سباق تسلح.

«الشرق الأوسط» (بكين)
حصاد الأسبوع كمالا هاريس... أمام الأختبار السياسي الأكبر (رويترز)

اختيار هاريس قد لا يكفي لتجنيب الديمقراطيين الهزيمة

هل نجح انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن من سباق الرئاسة في تجنيب الديمقراطيين هزيمة... كانت تتجمع نُذُرها حتى من قبل «مناظرته الكارثية» مع منافسه الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب بكثير؟ الإجابة عن هذا السؤال، لا يختصرها الإجماع السريع الذي توافقت عليه تيارات الحزب لدعم كامالا هاريس، نائبة الرئيس الحالية. ذلك أن الصعوبات التي يواجهها الديمقراطيون، والأزمات التي لم يتمكنوا بعد من ابتكار الحلول لها، أكبر من أن يحتويها استعاضتهم عن مرشح مسنّ ضعيف وغير ملهم، بمرشحة شابة ملوّنة. ولكن مع ذلك، يبدو أن الديمقراطيين مقتنعون الآن بأنه باتت لديهم الفرصة لإعادة تصوير السباق على أنه تكرار لهزيمة مرشح «مهووس بالغرور والانتقام»، في حين يعيد خصومهم الجمهوريون تشكيل سياسات حزبهم، وفق أجندة قد تغير وجهه ووجهة أميركا، التي عدّها البعض، «دعوة للعودة إلى الوراء».

الولايات المتحدة​ 
ترمب ونتنياهو قبل بدء اجتماعهما أمس (د.ب.أ)

نتنياهو يستكمل «مظلته» الأميركية بلقاء ترمب

بلقائه الرئيس الأميركي السابق، وربما اللاحق، دونالد ترمب، أكمل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس، مظلته الأميركية، التي شملت وقفة في الكونغرس

هبة القدسي (واشنطن) نظير مجلي (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ 
بايدن وهاريس في فيلادلفيا 3 فبراير 2023 (أ.ب)

بعد دعم أوباما... هاريس تقترب من الترشيح الديمقراطي

اقتربت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس من انتزاع ترشيح الحزب الديمقراطي رسمياً لخوض سباق الرئاسة أمام دونالد ترمب، بعد التأييد الذي حظيت به علناً من الرئيس.

علي بردى (واشنطن) هبة القدسي (واشنطن)

أميركا: «تيك توك» يجمع البيانات ويتلاعب بالمحتوى

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)
علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)
TT

أميركا: «تيك توك» يجمع البيانات ويتلاعب بالمحتوى

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)
علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

طلبت وزارة العدل الأميركية في وقت متأخر أمس (الجمعة) من محكمة استئناف اتحادية رفض طعون قضائية بقانون يلزم شركة «بايت دانس»، ومقرها الصين، ببيع أصول تطبيق «تيك توك» في الولايات المتحدة بحلول 19 يناير (كانون الثاني) أو مواجهة حظر.

وقالت الوزارة في الطلب إن خضوع تطبيق «تيك توك» للملكية الصينية يشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي بسبب قدرته على الوصول إلى بيانات شخصية واسعة للأميركيين.

وأضافت الوزارة: «التهديد الخطير للأمن القومي الذي يشكله (تيك توك) حقيقي... يقدم (تيك توك) للحكومة الصينية وسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي بطريقتين رئيسيتين: جمع البيانات والتلاعب الخفي بالمحتوى».

وطلبت إدارة الرئيس جو بايدن من محكمة الاستئناف في مقاطعة كولومبيا رفض دعاوى أقامتها منصة «تيك توك» وشركة «بايت دانس» المالكة لها ومجموعة من صناع المحتوى على «تيك توك» لمنع سن القانون الذي من شأنه حظر التطبيق الذي يستخدمه 170 مليون أميركي.

ودأبت المنصة على نفي أنها ستشارك بيانات المستخدمين الأميركيين مع الصين، أو أنها تتلاعب بنتائج مقاطع الفيديو.

وتسرد دعوى وزارة العدل بالتفصيل المخاوف واسعة النطاق المتعلقة بالأمن القومي إزاء ملكية «بايت دانس» لـ«تيك توك».

وقالت الحكومة: «تتضمن استراتيجية الصين الجيوسياسية على المدى الطويل تطوير أصول وتجهيزها سلفاً ليتسنى نشرها في اللحظات المناسبة».

وأقرت الحكومة في إعلان منفصل بأنها لا تملك معلومات عن حصول الحكومة الصينية على بيانات لمستخدمي «تيك توك» في الولايات المتحدة، لكنها قالت إن خطر حدوث ذلك مرتفع للغاية. وأضافت: «الولايات المتحدة ليست ملزمة بالانتظار حتى يتخذ خصمها الأجنبي تحركات ضارة بعينها قبل الرد على التهديد».