كامالا هاريس إلى مؤتمر ميونيخ للأمن لتهدئة قلق الحلفاء

مخاوف متزايدة حول أوكرانيا وغزة وتصريحات ترمب المعادية لـ«الناتو»

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تلوّح بعد هبوطها في المطار لدى وصولها لحضور مؤتمر ميونيخ للأمن (أ.ف.ب)
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تلوّح بعد هبوطها في المطار لدى وصولها لحضور مؤتمر ميونيخ للأمن (أ.ف.ب)
TT

كامالا هاريس إلى مؤتمر ميونيخ للأمن لتهدئة قلق الحلفاء

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تلوّح بعد هبوطها في المطار لدى وصولها لحضور مؤتمر ميونيخ للأمن (أ.ف.ب)
نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تلوّح بعد هبوطها في المطار لدى وصولها لحضور مؤتمر ميونيخ للأمن (أ.ف.ب)

تواجه نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، خلال مشاركتها في مؤتمر ميونيخ للأمن بألمانيا الذي يبدأ أعماله الجمعة، مهمة صعبة هي طمأنة الحلفاء إلى أن الولايات المتحدة «لا تزال ملتزمة بالدفاع عن أمن دول حلف (الناتو)» بعد تصريحات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، المرشح الأوفر حظاً للفوز بترشيح الحزب الجمهوري لخوض السباق الرئاسي، من أنه «لن يدافع عن الدول الحلفاء في حلف (الناتو) في حال تعرضهم لهجوم من روسيا، إذا لم يدفعوا ما يكفي في الميزانيات الدفاعية».

ويطغى تهديد ترمب على أعمال مؤتمر ميونيخ، حيث يشكل الالتزام الأميركي بالدفاع حجر الزاوية في المعاهدة التأسيسية لحلف شمال الأطلسي وقفاً للمادة الخامسة من ميثاق الحلف، والتي اكتسبت أهمية إضافية منذ الهجوم الروسي الشامل على أوكرانيا في عام 2022.

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في مهمة الدفاع عن سياسات الولايات المتحدة والتزاماتها الدفاعية داخل حلف شمال الأطلسي (رويترز)

وقد اختار الرئيس بايدن عدم المشاركة في المؤتمر السنوي، وأرسل نائبته التي ستلقي صباح الجمعة خطابات تحت عنوان «أهمية الوفاء بدور الولايات المتحدة في القيادة العالمية»، وتتناول في كلمتها ركائز السياسة الخارجية الأميركية فيما يتعلق بأمن حلف «الناتو»، والدفاع عن أوكرانيا، كما ستتطرق إلى الحرب الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة.

أوكرانيا وغزة والصين

وتشارك هاريس في المؤتمر للمرة الثالثة، بعد أن مثلت الولايات المتحدة في عامي 2022 و2023. وينظر قادة الدول المشاركة إلى رسالة الولايات المتحدة هذا العام باهتمام كبير؛ لأنها تأتي في خضم الاضطرابات السياسية التي تواجه الولايات المتحدة والسباق الانتخابي الساخن لتقرير من سيتولى القيادة خلال السنوات الأربع المقبلة في البيت الأبيض. وهناك مخاوف واسعة النطاق إزاء قدرة واشنطن على الاستمرار في تقديم مليارات الدولارات بوصفها مساعداتٍ دفاعية لأوكرانيا، والقلق حول السياسات الأميركية بشأن دعمها للحرب الإسرائيلية في غزة، وتصاعد الاضطرابات في الشرق الأوسط، إضافة إلى التساؤلات حول طموحات الصين العسكرية في تايوان.

الرئيس السابق دونالد ترمب هدد في تصريحات انتخابية الأسبوع الماضي بعدم الدفاع عن أعضاء حلف «الناتو» إذا تعرضت دولة للهجوم من روسيا (إ.ب.أ)

وتتزايد مخاوف الدول الأعضاء في حلف «الناتو» مع استطلاعات الرأي التي تظهر تقارباً ومنافسة شديدة في مباراة العودة بين ترمب والرئيس جو بايدن في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، والتساؤلات في حال فوز ترمب أن يمضي في مسار يقوض جوهر العمل الدفاعي المشترك لحلف «الناتو».

وقد سارع الرئيس الأميركي جو بايدن إلى انتقاد تصريحات ترمب بشأن «الناتو»، ووصفها بأنها «خطيرة» و«غير أميركية»، وتثير الشكوك بين الشركاء حول موثوقية الولايات المتحدة في المستقبل على المسرح العالمي. وقال البيت الأبيض إن هاريس ستستغل ارتباطاتها في ميونيخ للتأكيد «على أن إدارة بايدن لا تزال تدعم بقوة حلف شمال الأطلسي».

مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان مدافعاً عن الالتزام الأميركي في حلف شمال الأطلسي خلال المؤتمر الصحافي بالبيت الأبيض مساء الأربعاء (أ.ب)

وقال مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، يوم الأربعاء، لبايدن إن التحالف «أقوى وأكثر حيوية مما كان عليه منذ 75 عاماً، بعد أن أضيفت فنلندا للتو، وعلى وشك إضافة السويد». وأشار أيضاً إلى أنه منذ أن تولى بايدن منصبه، ارتفع التحالف من تسعة أعضاء أوفوا بالتزامهم بإنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، إلى 18 هذا الشهر.

وقد أثارت تصريحات ترمب كثيراً من الانتقادات اللاذعة، وهاجم المستشار الألماني أولاف شولتس ترمب قائلاً إن «أي تخفيض نسبي لضمان دعم (الناتو) هو أمر غير مسؤول وخطير، ويصب في مصلحة روسيا وحدها، ولا يمكن لأحد أن يتلاعب مع أمن أوروبا».

الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ يحضر اجتماع وزراء دفاع مجلس «الناتو» وأوكرانيا في مقر التكتل في بروكسل في 15 فبراير 2024 (أ.ف.ب)

وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ إن تعليقات مثل دعوة ترمب للتشكيك في مصداقية الالتزام الأمني الجماعي لحلف «الناتو» - المادة 5 من المعاهدة التأسيسية للمنظمة، والتي تنص على أن أي هجوم على أي دولة عضو سيقابل برد من جميع الدول الأعضاء. وأضاف: «فكرة (الناتو) بأكملها هي أن الهجوم على حليف واحد سيؤدي إلى رد فعل من الحلف بأكمله، وما دمنا نقف وراء هذه الرسالة معاً، فإننا نمنع أي هجوم عسكري على أي حليف؛ أي إشارة إلى أننا لا ندافع عن بعضنا البعض، أو أننا لن نحمي بعضنا البعض، فهذا يقوض أمننا جميعاً».

وحينما سئل عما إذا كانت تصريحات ترمب تعني أن على الدول الأوروبية الاستعداد لانسحاب أميركي من حلف (الناتو) قال ستولتنبرغ «هذا سيعتمد على الكيفية التي ستنتهي بها الانتخابات الأميركية». ويعقد مؤتمر ميونيخ للأمن في الوقت الذي تدخل فيه حرب إسرائيل ضد حركة «حماس» في غزة شهرها الخامس، ومن المقرر أن يشارك الرئيس الإسرائيلي إسحاق هيرتسوغ، ورئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية في المؤتمر، إضافة إلى عائلات الرهائن الإسرائيليين المحررين وعائلات الرهائن الذين لا يزالون محتجزين.

ويرافق نائبة الرئيس كامالا هاريس، وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى المؤتمر ووزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس، بعد أيام فقط من عزله من قبل مجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون. ويعمل الثلاثة على التأكيد على القيادة الأميركية، وكيفية مواجهة التحديات غير المسبوقة للقواعد واللوائح العالمية التي دافعت عنها الولايات المتحدة. ويفتتح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أعمال المؤتمر والذي يشارك فيه كبير الدبلوماسيين الصينيين وانغ بي، والمستشار الألماني أولاف شولتس، ورئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين، ورؤساء حكومات لبنان وقطر والعراق، ويعقد وزراء مجموعة السبع اجتماعاً على هامش المؤتمر، وسط درجة عالية من التشاؤم لدى الدول الغربية بشأن آفاق الأمن والازدهار الاقتصادي.


مقالات ذات صلة

غزة وأوكرانيا على رأس أولويات بايدن قبل تركه البيت الأبيض

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن وحفيده بو بايدن خلال مغادرة البيت الأبيض والتوجه للمروحية الرئاسية (إ.ب.أ)

غزة وأوكرانيا على رأس أولويات بايدن قبل تركه البيت الأبيض

أمام الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، جو بايدن، قائمة طويلة من التحركات على الجبهتين الخارجية والداخلية، مع تبقي شهر واحد فقط قبل تركه رئاسة الولايات المتحدة.

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

منع المدعية ويليس من مقاضاة ترمب في قضية التدخل بنتائج الانتخابات في جورجيا

قضت محكمة استئناف في جورجيا، الخميس، بمنع المدعية العامة لمقاطعة فولتون، فاني ويليس، من مقاضاة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والعديد من حلفائه.

«الشرق الأوسط» (أتلانتا)
المشرق العربي تصاعد الدخان عقب انفجار في قطاع غزة كما شوهد من جنوب إسرائيل (أ.ب)

بلينكن «متفائل» بإمكان التوصل لهدنة في غزة قبل انتهاء ولاية بايدن

أعلن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أنّه ما زال «متفائلًا» بإمكان التوصّل خلال ولاية الرئيس جو بايدن إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل و«حماس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ مؤيدون للرئيس المنتخب دونالد ترمب خلال الانتخابات الأخيرة (أرشيفية - أ.ف.ب)

ترمب يقاضي صحيفة وشركة لاستطلاعات الرأي توقعتا فوز هاريس في الانتخابات

رفع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب دعوى قضائية ضد صحيفة في ولاية أيوا وشركة استطلاعات رأي كانت وراء نشر توقع غير صحيح بفوز منافسته الديمقراطية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

جديد قضية شراء الصمت... محامو ترمب يتهمون أعضاء هيئة المحلفين بسوء السلوك

قال محامو الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إن إدانته بدفع رشوة لشراء الصمت تخللها سوء سلوك أعضاء هيئة المحلفين، مما يفتح جبهة جديدة في معركتهم لإلغاء الحكم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ترمب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما

TT

ترمب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما

تولت الولايات المتحدة مسؤولية بناء القناة وإدارة المنطقة المحيطة بالممر لعقود من الزمن (رويترز)
تولت الولايات المتحدة مسؤولية بناء القناة وإدارة المنطقة المحيطة بالممر لعقود من الزمن (رويترز)

اتهم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بنما، أمس (السبت)، بفرض رسوم باهظة مقابل استخدام قناة بنما، وقال إنه إذا لم تُدر بنما القناة بطريقة مقبولة، فسوف يطالب البلد الحليف للولايات المتحدة بتسليمها.

وفي منشور مسائي على موقعه للتواصل الاجتماعي «تروث سوشيال»، حذّر ترمب أيضاً من أنه لن يسمح للقناة بالوقوع في «الأيدي الخطأ»، وبدا كأنه يحذر من التأثير الصيني المحتمل على الممر المائي، وكتب أن القناة لا ينبغي أن تديرها الصين.

دونالد ترمب (أ.ف.ب)

كان هذا المنشور مثالاً نادراً للغاية لرئيس أميركي يقول إنه يستطيع الضغط على دولة ذات سيادة لتسليم أراضٍ. كما يؤكد التحول المتوقع بالدبلوماسية الأميركية في عهد ترمب، الذي لم يتردد من قبل في تهديد الحلفاء واستخدام الخطاب العدواني عند التعامل مع النظراء.

وتولت الولايات المتحدة مسؤولية بناء القناة وإدارة المنطقة المحيطة بالممر لعقود من الزمن. لكن الحكومة الأميركية سلمت السيطرة الكاملة على القناة إلى بنما في عام 1999، بعد فترة من الإدارة المشتركة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

الحكومة الأميركية سلمت السيطرة الكاملة على القناة إلى بنما في عام 1999 (أ.ف.ب)

وكتب ترمب، في منشور على موقع «تروث سوشيال»، أن «الرسوم التي تفرضها بنما سخيفة، خصوصاً بالنظر إلى الكرم الاستثنائي الذي قدمته الولايات المتحدة لها».

وأضاف: «لم يتم منحها (السيطرة) من أجل مصلحة الآخرين، بل بوصفها رمزاً للتعاون معنا ومع بنما. وإذا لم يتم اتباع المبادئ الأخلاقية والقانونية لهذه البادرة الكريمة، فإننا سنطالب بإعادة قناة بنما إلينا بالكامل، ودون أدنى شك».

ولم ترد سفارة بنما في واشنطن حتى الآن على طلب للتعليق. لكن عدداً من الساسة في بنما انتقدوا تصريحات ترمب وطالبوا الحكومة بالدفاع عن القناة. وقالت غريس هيرنانديز، النائبة في البرلمان عن حزب «إم أو سي إيه» المعارض، عبر منصة «إكس»: «على الحكومة واجب الدفاع عن استقلالنا كدولة مستقلة... تستلزم الدبلوماسية الوقوف في وجه (مثل هذه) التصريحات المؤسفة».

وشيدت الولايات المتحدة جزءاً كبيراً من القناة وتولت إدارة المنطقة المحيطة بالممر لعقود من الزمن. لكن الولايات المتحدة وبنما وقّعتا اتفاقيتين في عام 1977 مهدتا الطريق أمام عودة القناة إلى السيطرة البنمية الكاملة. وسلمت الحكومة الأميركية السيطرة الكاملة على القناة إلى بنما في عام 1999 بعد فترة من الإدارة المشتركة. ويمثّل الممر المائي الذي يسمح بعبور ما يصل إلى 14000 سفينة سنوياً 2.5 في المائة من التجارة العالمية المنقولة بحراً، وهو أمر بالغ الأهمية لواردات الولايات المتحدة من السيارات والسلع التجارية عن طريق سفن الحاويات من آسيا ولصادرات الولايات المتحدة من السلع، ومنها الغاز الطبيعي المسال. وليس من الواضح كيف سيسعى ترمب لاستعادة السيطرة على القناة، ولن يكون لديه أي سبيل بموجب القانون الدولي إذا قرر المضي قدماً في مسعاه للسيطرة على القناة.