هل الانسحاب الأميركي من سوريا أمر حتمي ووشيك؟

إدارة بايدن لن تقدم على الخطوة الآن كي لا تكون استجابة لضغوط إيران

دورية أميركية بالقرب من القامشلي الأربعاء (أ.ف.ب)
دورية أميركية بالقرب من القامشلي الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

هل الانسحاب الأميركي من سوريا أمر حتمي ووشيك؟

دورية أميركية بالقرب من القامشلي الأربعاء (أ.ف.ب)
دورية أميركية بالقرب من القامشلي الأربعاء (أ.ف.ب)

لم يؤد النفي الذي صدر عن البيت الأبيض وتناولته وسائل إعلام عدة عن نية إدارة الرئيس جو بايدن سحب القوات الأميركية من سوريا إلى وقف التكهنات عن هذا الأمر على قاعدة أنه «لا دخان من دون نار».

لم يكن تسريب خبر الانسحاب ولا نفيه، هو الأول، وغالبا ما حظي خبر سحب القوات الأميركية من سوريا بشد وجذب طوال 5 سنوات، عندما قرر الرئيس السابق دونالد ترمب، عام 2019، وبشكل مفاجئ، سحب كل القوات الأميركية من سوريا. ولم يمنع هذه الخطوة من التحقق بالكامل، سوى إصرار قادة البنتاغون على ضرورة الاحتفاظ بوجود أميركي، يبلغ الآن نحو 900 جندي، بعدما أقنعوا ترمب بضرورة تحقيق أهداف عدة: أهمية مواصلة الحرب ضد «داعش» للأمن القومي الأميركي، وفرض «توازن» بين القوات المنتشرة على الأرض، وخصوصا مع تركيا لحماية الأكراد، أبرز حليف أميركي في سوريا، ومنع إيران من تعزيز سيطرتها على خط طهران بغداد دمشق بيروت.

قوة أميركية بالقرب من مدينة القامشلي الأربعاء (أ.ف.ب)

الضغط الإيراني

غير أن التسريب الأخير، يأتي في سياق التوتر المتصاعد في المنطقة على خلفية الحرب المندلعة في غزة، والضغط المتزايد الذي تقوم به إيران حيث صعدت الميليشيات المدعومة منها هجماتها ضد المنشآت العسكرية الأميركية في جزء من جهد طويل الأمد لإخراج أميركا مما تعتبره طهران منطقة نفوذها الخاصة.

وبحسب التسريب الذي نشرته وسائل الإعلام الأميركية، فقد طرح البنتاغون خطة لحلفائه الأكراد السوريين في الحملة ضد «داعش» للدخول في شراكة مع النظام السوري، كجزء من مراجعة متجددة لسياسة الولايات المتحدة في سوريا، والتي تجري حاليا في وزارة الخارجية وفي الولايات المتحدة، مع سعي واشنطن للحصول على مشاركة تركيا، الحليف الرئيسي في حلف «الناتو» للتعاون في هذا المجال.

جندي أميركي خلال دورية بالقرب من القامشلي الأربعاء (أ.ف.ب)

البنتاغون ينفي

غير أن البنتاغون رفض التعليق على التسريب الذي نشرته صحيفة «ألمونيتور» للمرة الأولى. ورفض الجنرال بات رايدر، المتحدث باسم وزارة الدفاع خلال مؤتمره الصحافي الثلاثاء الماضي، الرد مباشرة على هذا «الافتراض» قائلا: «ليس لدي أي شيء في هذا الشأن. لم أر تلك التقارير سأحيلك إلى قوات سوريا الديمقراطية». وعاد رايدر للتركيز على هدف هزيمة «داعش» قائلا إنه «الهدف الرئيسي لوجودنا في سوريا»رافضا الحديث عن «الاستراتيجية طويلة الأمد لواشنطن في سوريا».

ولفت مصدر سوري معارض، في حديث مع «الشرق الأوسط»، إلى أن تلك التسريبات، قد تكون على علاقة بالتغييرات التي تشهدها سوريا، والتي تتابعها واشنطن بشكل حثيث. فإضافة إلى حملة التغييرات التي قام بها نظام الرئيس السوري بشار الأسد، في قيادة أجهزة الأمن، من بينها علي مملوك، الذي يعد أحد أبرز المعارضين لتطبيع العلاقة مع الأكراد، فقد عمد أيضا إلى تغيير في هيكلية تلك الأجهزة وعملها. ويضيف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته: «على سبيل المثال، فقد ألغي فرع الأمن الاقتصادي، الذي كان يتدخل في الشؤون الداخلية للمواطنين والموظفين». كما قام بتغيير المسؤولين الميدانيين ولم يكتف بتغيير رؤساء الأفرع الأمنية وأجهزة التحقيق.

النظام السوري يلمع صورته

وعد هذه الخطوات، إضافة لتعزيز الوضع المالي للجيش السوري، واعتقال بعض «حيتان» المال، من أمثال أبو علي خضر، جزءا من جهود النظام، ليس فقط لتعزيز التطبيع مع الدول العربية، بل ولتغيير صورته أمام العالم، وخصوصا الولايات المتحدة.

دورية أميركية بالقرب من القامشلي الأربعاء (أ.ف.ب)

وبحسب التسريبات، فإن الخطوط العريضة للاستراتيجية المقترحة خلال اجتماع عقده مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، بناء على طلب من وزارة الدفاع لتشكيل لجنة سياسات مشتركة بين الوكالات، تضم ممثلين عن وزارة الخارجية ووكالة الاستخبارات المركزية (سي أي إيه). ورغم أن جوهر اقتراح البنتاغون، لم يجر إيضاحه، غير أن الإعلان عن أن الهدف هو حماية «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) عززه ما قاله أعلاه الجنرال رايدر، المتحدث باسم وزارة الدفاع.

بيد أن نفي البيت الأبيض، عده العديد من المراقبين، محاولة للتخفيف من حدة التكهنات في أن تكون خطوة البحث في سحب القوات الأميركية من سوريا، وكذلك بدء المناقشات الرسمية الأميركية العراقية لبحث مستقبل قوات التحالف، جاءت تحت الضغط الإيراني. ويرى هؤلاء أن إدارة بايدن، كما إدارة ترمب قبلها، مقتنعة بعدم الحاجة لإبقاء القوات الأميركية في سوريا، وصرحت مرارا وتكرارا وفي محادثات خاصة مع «قوات سوريا الديمقراطية» بهذا الأمر. ورغم ذلك، فمن غير المتوقع حصول هذه الخطوة على الفور، رغم حتميتها، إن لم تكن وشيكة. لكن البيت الأبيض، يفضل حصولها في فترة لاحقة، بعد ترتيب مخرج سياسي ملائم للحرب في غزة، رغم تصاعد الضغوط على الرئيس بايدن، وخصوصا من حزبه الديمقراطي للإعلان عن وقف لإطلاق النار.


مقالات ذات صلة

«المرصد السوري» يعلن ارتفاع عدد قتلى الهجوم الإسرائيلي على تدمر إلى 92

المشرق العربي صورة من موقع غارة إسرائيلية على معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا - 20 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

«المرصد السوري» يعلن ارتفاع عدد قتلى الهجوم الإسرائيلي على تدمر إلى 92

قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، اليوم (الجمعة)، إن عدد قتلى القصف الأخير الذي شنَّته إسرائيل على مدينة تدمر، في ريف حمص الشرقي بوسط البلاد هذا الأسبوع ارتفع

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

قالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي أشخاص فارّون من القصف الإسرائيلي في لبنان يعبرون حفرة ناجمة عن غارة إسرائيلية في منطقة المصنع على الجانب اللبناني من معبر الحدود مع سوريا 20 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات الإسرائيلية على تدمر هي «على الأرجح» الأكثر فتكاً في سوريا

اعتبرت مسؤولة بالأمم المتحدة، اليوم (الخميس)، أن الغارات الإسرائيلية التي أودت الأربعاء بالعشرات في مدينة تدمر هي «على الأرجح الأكثر فتكاً» في سوريا حتى الآن.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي دخان الغارات في تدمر (متداولة)

ارتفاع حصيلة الغارات الإسرائيلية على تدمر إلى 79 قتيلاً موالياً لإيران

طائرات إسرائيلية استهدفت ثلاثة مواقع في تدمر، من بينها موقع اجتماع لفصائل إيرانية مع قياديين من حركة «النجباء» العراقية وقيادي من «حزب الله» اللبناني.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي جانب من دخان القصف على درعا (المرصد السوري لحقوق الانسان)

إسرائيل تضرب في تدمر... عشرات القتلى والجرحى

في هجوم هو الأكثر دموية والعاشر منذ بداية الشهر الحالي داخل الأراضي السورية، قتل أكثر من 40 شخصاً وجرح نحو 50 آخرين في غارات إسرائيلية على مدينة تدمر.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

الولايات المتحدة تؤكد أنها «لا تسعى إلى حرب» مع روسيا

لقطة من فيديو تظهر القصف الذي طال مدينة دنيبرو الأوكرانية بصاروخ بالستي جديد متوسط المدى روسي (أ.ب)
لقطة من فيديو تظهر القصف الذي طال مدينة دنيبرو الأوكرانية بصاروخ بالستي جديد متوسط المدى روسي (أ.ب)
TT

الولايات المتحدة تؤكد أنها «لا تسعى إلى حرب» مع روسيا

لقطة من فيديو تظهر القصف الذي طال مدينة دنيبرو الأوكرانية بصاروخ بالستي جديد متوسط المدى روسي (أ.ب)
لقطة من فيديو تظهر القصف الذي طال مدينة دنيبرو الأوكرانية بصاروخ بالستي جديد متوسط المدى روسي (أ.ب)

أعلنت الولايات المتحدة الخميس أنها "لا تسعى إلى حرب مع روسيا"، متهمة موسكو بـ"إثارة التصعيد" في أوكرانيا بعد أن قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الصراع في هذا البلد اكتسب "عناصر ذات طابع عالمي".

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار إن "روسيا هي من يتسبب بالتصعيد" في أوكرانيا، بينما تتهم موسكو واشنطن بتصعيد النزاع عبر السماح للجيش الأوكراني بقصف عمق الأراضي الروسية. وأضافت جان-بيار "التصعيد الأساسي يتمثل في أن روسيا تستعين ببلد آخر"، في إشارة إلى مشاركة جنود كوريين شماليين في قتال كييف.

من جهتها، أكدت نائبة المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية سابرينا سينغ أن الولايات المتحدة "لا تسعى إلى صراع إقليمي أوسع" في أوروبا. وقالت "نحن لا نسعى إلى الحرب مع روسيا" ، لكنها شددت في الوقت نفسه على أن إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن ستواصل "تسليح أوكرانيا ودعمها".

وغداة تنفيذ أوكرانيا أولى ضرباتها على الأراضي الروسية مستخدمة صواريخ أميركية وبريطانية، قال بوتين الخميس إنّ "النزاع في أوكرانيا اكتسب عناصر ذات طابع عالمي". وحذّر من أن موسكو لا تستبعد ضرب الدول التي تستخدم أوكرانيا أسلحتها ضد الأراضي الروسية. وأعلن بوتين أنّ قواته قصفت أوكرانيا بصاروخ بالستي جديد متوسط المدى فرط صوتي، في إشارة منه إلى القصف الذي طال مدينة دنيبرو، ردا على إطلاقها صواريخ غربية على روسيا.

وكانت روسيا قد حذّرت الولايات المتحدة قبل 30 دقيقة من إطلاق الصاروخ، وفق ما نقلت وكالات أنباء روسية عن المتحدث باسم الكرملين. وأكدت سينغ أن واشنطن "أُبلِغت قبل فترة وجيزة من إطلاق" روسيا للصاروخ، وذلك عبر "قنوات الحد من المخاطر النووية". وعندما سئلت عن تصريحات بوتين، أجابت سينغ "سنكون دائما قلقين حيال الخطاب الخطير" لموسكو وإزاء "إجراءات التصعيد".