خبراء لـ«الشرق الأوسط»: الاستعصاء الأكبر يتمثل بـ«عقدة الحكم» في غزة والضفة

بعد جولة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأخيرة في دول المنطقة التي يزورها أيضاً المبعوث الأميركي الرئاسي الخاص بريت ماكغورك، تصاعد الحديث عن «خطة عمل أميركية» تتجاوز إحراز تقدم في المفاوضات الجارية مع قطر ومصر لتأمين إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في غزة، وجعل هذا الأمر جزءاً من صفقة شاملة، يمكن أن تؤدي إلى إنهاء الأعمال العدائية.

عقدة حكم الأراضي الفلسطينية

غير أن العقدة الرئيسية التي ما زالت تحول دون الإعلان صراحة عن وقف لإطلاق النار، تتمثل فيما بات يسمى «اليوم التالي» بعد انتهاء الحرب في غزة، وسط ضبابية تلف مشهد المنطقة. وقالت مصادر أميركية إن «عقدة حكم» كل من قطاع غزة والضفة الغربية، تعد الاستعصاء الأكبر، في ظل تفكك السلطة الفلسطينية، وعجز أي من الأطراف المعنية، بما فيها إسرائيل، عن وضع تصور واضح لطبيعة السلطة التي ستحكم الأراضي الفلسطينية. ورجحت المصادر ذاتها أن زيارة الوزير بلينكن إلى تركيا، التي لم تكن مدرجة في برنامج جولته الأخيرة، شهدت على الأرجح نقاشاً مع المسؤولين الأتراك في الفكرة التي يطرحونها بخصوص لعب دور في قطاع غزة والضفة الغربية.

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال اجتماعه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب في أكتوبر الماضي (رويترز)

مقترحات منفصلة عن الواقع

وقال ريتشارد غولدبيرغ، المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي في إدارة الرئيس دونالد ترمب، وكبير الباحثين في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إن المقترحات التي تتصور وقفاً لإطلاق النار، قبل تفكيك قيادة «حماس» وبنيتها التحتية في غزة، أو سحب كامل قوات الأمن الإسرائيلية، أو تسليم السيطرة على غزة إلى السلطة الفلسطينية التي لم يتم إصلاحها، هي مقترحات منفصلة عن وجهات نظر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية والرأي العام الساحق في إسرائيل، بحسب ما قال لـ«الشرق الأوسط».

في المقابل، قال بول سالم، رئيس «معهد الشرق الأوسط» في واشنطن، لـ«الشرق الأوسط»، إن الخلاف بين الرئيس جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يدور على كل شيء عموماً. وأضاف أن مشكلة إدارة بايدن أنها قامت بتبني هدف إسرائيل بتدمير «حماس» منذ بدء الحرب على غزة، ولا تزال عالقة فيه، ولم تدع بعد إلى وقف لإطلاق النار، وهو أمر يقوّي موقف نتنياهو الرافض لذلك.

دبابات الجيش الإسرائيلي تتحرك نحو قطاع غزة (أ.ف.ب)

عدم الاستقرار

وبينما يراهن البعض على أن إسرائيل قد تكون مجبرة على القبول بحل دائم لضمان استقرارها واستقرار المنطقة على المدى الأوسع، أشار سالم إلى أن الاستقرار ليس مشكلة إسرائيل فقط، بل كل دول المنطقة. فالمجتمع الإسرائيلي كما مجتمعات الدول الأخرى، متعايش مع هذا الواقع، ومتمسك بهويته وتاريخه الخاص، مع فارق رئيسي، أن نظام إسرائيل السياسي مستقر، واقتصادها كبير، وعلاقاتها الدولية متينة، من أميركا وأوروبا إلى الهند والصين.

ولفت غولدبيرغ إلى استطلاع رأي أصدره معهد الدوحة هذا الشهر، جاء فيه أن صفراً في المائة من فلسطينيي الضفة الغربية يعدون «مذبحة» 7 أكتوبر «غير شرعية». وقال: «سيكون أمراً مذهلاً وصادماً أن تزعم واشنطن أن الطريق إلى السلام يمر عبر رام الله». لكنه أضاف أن مفهوم الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، التي تسبقها إصلاحات داخلية كبيرة في السلطة الفلسطينية، ليس مستبعداً.

خلاف بايدن - نتنياهو

وأكد سالم، من جهته، أن الخلاف بين واشنطن وتل أبيب على المدى الأبعد، هو على حل الدولتين؛ حيث تدعو إدارة بايدن للتعامل مع الدول العربية كشريكة. لكن نتنياهو يرفض ذلك مستنداً إلى موقف إسرائيلي يشكك في جدوى وشرعية وضمانة إقامة دولة فلسطينية. ورغم ذلك لا تستطيع إسرائيل الاستمرار بوصفها دولة محتلة، والدعوات لحل الدولتين ستأخذ بعداً أكبر في المرحلة المقبلة، بحسب سالم.