هل اقترب الاتفاق بين بايدن والجمهوريين على تمرير صفقة أوكرانيا وأمن الحدود؟

القيادة الأميركية لجهود دعم كييف «محرجة»

الرئيس الأميركي جو بايدن (د.ب.أ)
الرئيس الأميركي جو بايدن (د.ب.أ)
TT

هل اقترب الاتفاق بين بايدن والجمهوريين على تمرير صفقة أوكرانيا وأمن الحدود؟

الرئيس الأميركي جو بايدن (د.ب.أ)
الرئيس الأميركي جو بايدن (د.ب.أ)

هل اقتربت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من التوصل إلى اتفاق مع الجمهوريين لتمرير المساعدات الأميركية لأوكرانيا؟ سؤال طرح نفسه بقوة في اليومين الماضيين، مع إعلان كثير من المشرعين الذين حضروا الاجتماع بين قادة الكونغرس من الحزبين مع بايدن بعد ظهر الأربعاء، أن هناك اتفاقاً واسع النطاق على الحاجة إلى تمويل أوكرانيا في المستقبل.

الرئيس الأوكراني يصافح نظيره الليتواني ويبدو الرئيس الأميركي وعدد من القادة الأوروبيين خلال اجتماع «مجلس أوكرانيا - الناتو» في فيلنيوس الشهر الماضي (أ.ف.ب)

ورغم ذلك، نقلت وسائل إعلام أميركية عدة عن النائب الجمهوري، مايكل مكول، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب قوله: «عندما يكون لديك إجماع، فإن الشيطان يكمن دائماً في التفاصيل».

مؤشرات مشجعة

بيد أن مؤشرات عدة شجعت كثيراً على التفاؤل بأن الاتفاق قد يكون قريباً بالفعل. وعلى رأس تلك المؤشرات، الضغوط الأوروبية، خصوصاً من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، التي أعلنت في الأيام الماضية توقيع كثير من الاتفاقيات مع أوكرانيا لتزخيم المساعدات العسكرية لها، تحت مظلة مجموعة الاتصال الدفاعية لأوكرانيا التي ترأسها الولايات المتحدة. وهو ما عد إحراجاً لواشنطن، التي كان من المفترض أن تكون هي التي تقود هذه الجهود، في الوقت الذي تصب فيه الالتزامات الأوروبية، في مصلحة دعوات الجمهوريين، خصوصاً من أنصار الرئيس السابق دونالد ترمب، التي كانت تدعو إلى زيادة حصة الأوروبيين في «الدفاع عن أنفسهم».

وجاءت تصريحات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأربعاء، خلال مشاركته في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، لتؤكد هذا الإحراج.

قال : «إذا لم نحصل على هذه الأموال، فستكون مشكلة حقيقية. إنها مشكلة حقيقية لأوكرانيا. أعتقد أنها مشكلة لنا ولقيادتنا في جميع أنحاء العالم». وأضاف أن إدارة بايدن «تعمل بجد» لتأمين تمويل إضافي لأوكرانيا من الكونغرس، محذراً من أن الفشل في القيام بذلك سيكون «مشكلة حقيقية».

وزير الخارجية الأميركي بلينكن خلال مشاركته في «منتدى دافوس» (رويترز)

مصلحة الجمهوريين التوافق مع الديمقراطيين

وعلى الرغم من عدم خروج اجتماع البيت الأبيض بنتيجة فورية، فإن اللغة التي استخدمها قادة الكونغرس، بدت في معظمها إيجابية. وما عزز هذه التوقعات، تصريحات عدد من النواب والسناتورات الجمهوريين، على رأسهم زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، السناتور ميتش ماكونيل، التي أشارت إلى أن من مصلحتهم التوصل إلى اتفاق الآن، وعدم الانتظار أو الرهان على نتائج الانتخابات العامة والرئاسية، لأنه من غير المحتمل أن يوافق الديمقراطيون بعدها، «لأنهم لن يخسروا شيئا».

زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ شاك شومر متحدثاً إلى الصحافيين الأربعاء مع زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب حكيم جيفريز بعد خروجهما من اجتماع بالبيت الأبيض (أ.ب)

وقال: «أحد الأشياء التي أظل أذكّر بها أعضاء فريقي هو أنه إذا كانت لدينا حكومة جمهورية بنسبة 100 في المائة، من رئيس ومجلس نواب ومجلس شيوخ، فمن المحتمل ألّا نحصل على صوت ديمقراطي واحد» لإصلاح أمن الحدود. «هذه فرصة فريدة لإنجاز شيء ما في حكومة منقسمة».

وقال النائب الأول لماكونيل، السناتور النافذ جون ثون، إن الوقت ينفد لمساعدة أوكرانيا. وقال إن اجتماع البيت الأبيض «سيخلق شعوراً بالإلحاح بشأن إنجاز ذلك، خاصة في ما يتعلق بأوكرانيا».

زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ السناتور ميتش ماكونيل (رويترز)

وما زاد من هذه المخاوف، أن يكون الجمهوريون في مجلس النواب، مضطرين للتوافق مع الديمقراطيين، ويحتاجون إلى أصواتهم لتمرير أي تشريع حقيقي في عام 2024 كله، بسبب تعليق قاعدة تسمى «الحكم في ظل التعليق». ويتجاوز هذا الإجراء بشكل أساسي لجنة القواعد بمجلس النواب، مما يمنع المحافظين من خنق التشريعات قبل أن تصل إلى قاعة المجلس.

وسبق لرئيس المجلس، مايك جونسون، أن استخدمه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي لتمرير إقراره الضريبي توجاوز اعتراضات المحافظين. ووفق موقع «أكسيوس»، فقد أرسل قادة الحزب الجمهوري برقية إلى نوابهم، مفادها أن أي تشريع مهم هذا العام، مثل تمويل الحكومة أو مشروع قانون ضريبي محتمل، سيتم طرحه على الأرض في ظل تعليق تلك القواعد. وهو ما سيتطلب لتمرير أي قانون، الحصول على أغلبية الثلثين، أو ما يقرب من 290 صوتاً، الأمر الذي يجعل مجلس النواب من الناحية العملية شبيهاً بمجلس الشيوخ، حيث يحتاج التشريع إلى أغلبية 60 صوتاً حتى يصبح قانوناً.

ويدرس الكونغرس 3 تشريعات مهمة هذا الشتاء: مشروع قانون التمويل والحدود لأوكرانيا، واقتراح ضريبي يقايض فترات الراحة التجارية بإعفاء ضريبي للأطفال، وتشريع لإبقاء الحكومة مفتوحة (والتي من المرجح أن تكون عبارة عن مشروعي قانون منفصلين). وفيما أن المشروعين الأولين اختياريان إلى حد ما، غير أن المشروع الثالث أكثر إلحاحاً، إذا أراد المشرعون تجنب إغلاق الحكومة.

جونسون ينسق مع ترمب

ورغم ذلك لا يزال رئيس المجلس جونسون يشدد على «الأولوية القصوى» في أي صفقة محتملة، مكرراً الموقف المتشدد الذي يشير إلى أن مجلس النواب لن يقبل التسوية التي سيتم مناقشتها في مجلس الشيوخ. كما ظهرت مشكلة جديدة عندما أكد جونسون في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» مساء الأربعاء، أنه كان يتحدث مع دونالد ترمب «في كثير من الأحيان» حول صفقة الحدود التي يتم التفاوض عليها في مجلس الشيوخ، التي يحث الرئيس السابق الجمهوريين على معارضتها. وقال: «علينا أن نحتفظ بموقفنا لنرى ما سينتج عنه»، مضيفاً أن الاتفاق «لا يبدو جيداً حتى الآن».

ومع ذلك، قال زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، السناتور تشاك شومر، إن المفاوضين يحرزون «تقدماً جيداً حقاً»، بينما توقع زعيم الأقلية الجمهورية، السناتور ميتش ماكونيل، أنه يمكن النظر في مشروع قانون يجمع بين أمن الحدود والمساعدات الأوكرانية الأسبوع المقبل.

ويحض ماكونيل الجمهوريين، على عدم التركيز فقط على بند أمن الحدود من الصفقة، بل النظر على نطاق أوسع إلى الاحتياجات الأمنية الملحة للبلاد. وقال: «باقي مشروع القانون مهم. لكن نحن نتعرض لإطلاق النار. الحوثيون يطلقون النار على سفننا وعلى السفن التجارية. لدينا حرب في إسرائيل، وحرب في أوكرانيا. أنا متأكد من أن الصينيين لم يكونوا راضين عن نتيجة الانتخابات الرئاسية في تايوان قبل أيام قليلة... أعتقد أن الوقت قد حان للمضي قُدماً في الملف الإضافي، وأتوقع أن يكون أمامنا الأسبوع المقبل».

وأطلع خبراء أمنيون في اجتماع البيت الأبيض، يوم الأربعاء، الذي حضره مستشار الأمن القومي جيك سوليفان ومديرة المخابرات الوطنية أفريل هاينز، جونسون والقادة الآخرين، على الوضع «المزري» الذي تواجهه أوكرانيا. ويقول المشرعون إن الهدف كان تسليط الضوء على أن الوقت ينفد لدى الكونغرس لتمرير ملحق طارئ، وأن الشخص المستهدف الأساسي هو جونسون.


مقالات ذات صلة

بسبب هجمات أوكرانية... منطقة بيلغورود الحدودية الروسية تعلن حالة الطوارئ

أوروبا لدمار يظهر على مبنى بعد هجوم سابق بطائرة مُسيّرة على منطقة بيلغورود الروسية (رويترز)

بسبب هجمات أوكرانية... منطقة بيلغورود الحدودية الروسية تعلن حالة الطوارئ

أعلن حاكم منطقة بيلغورود الروسية الأربعاء حالة الطوارئ في ظل وضع «بالغ الصعوبة» في المنطقة الحدودية التي تتعرض للقصف الأوكراني.

«الشرق الأوسط» (موسكو )
أوروبا 
قوة أوكرانية تتقدم عبر معبر حدودي مع روسيا أمس (رويترز)

أوكرانيا ترهن إنهاء توغلها في روسيا بـ«سلام عادل»

أعلنت أوكرانيا، أمس، أنها لن تبقي الأراضي الروسية التي استولت عليها خلال عمليتها المفاجئة عبر الحدود تحت سيطرتها، ورهنت وقف هجومها بموافقة موسكو.

«الشرق الأوسط» (كييف - موسكو)
أوروبا من لقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مع وفد مجلس الشيوخ الأميركي (أ.ف.ب)

سيناتور أميركي يثني على التوغل الأوكراني في روسيا

قال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، خلال زيارة إلى كييف، اليوم (الاثنين)، إن التوغل الأوكراني المباغت عبر الحدود في منطقة كورسك الروسية «رائع وجريء».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي طفلان فلسطينيان يجلسان أمام مبنى مدمر بعد غارة إسرائيلية على قطاع غزة 12 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

واشنطن تتوقع أن تمضي محادثات وقف إطلاق النار في غزة قدماً

قالت واشنطن، الاثنين، إنها تتوقع أن تمضي محادثات السلام في غزة قدماً مثلما هو مخطط لها، مضيفة أنها تعتقد أن اتفاق وقف إطلاق النار لا يزال ممكناً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا جنود أوكرانيون يقودون دبابات «تي64» سوفياتية الصنع بمنطقة سومي بالقرب من الحدود مع روسيا يوم 11 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

التوغل الأوكراني في روسيا يحرج بوتين... كيف سيؤثر الهجوم على مسار الحرب؟

كشف التوغّل الأوكراني السريع وواسع النطاق بمنطقة كورسك الروسية عن نقاط ضعف روسية، ووجّه ضربة مؤلمة للكرملين. فكيف سيؤثر الهجوم على مسار الحرب؟

«الشرق الأوسط» (كييف)

هل تنجح واشنطن في منع طهران من توجيه ضربة لإسرائيل؟

قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن الولايات المتحدة ستعزز وجودها العسكري في الشرق الأوسط وتنشر سفناً حربية وطائرات مقاتلة إضافية لحماية الأفراد الأميركيين والدفاع عن إسرائيل وسط التوترات المتزايدة في المنطقة (أ.ف.ب)
قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن الولايات المتحدة ستعزز وجودها العسكري في الشرق الأوسط وتنشر سفناً حربية وطائرات مقاتلة إضافية لحماية الأفراد الأميركيين والدفاع عن إسرائيل وسط التوترات المتزايدة في المنطقة (أ.ف.ب)
TT

هل تنجح واشنطن في منع طهران من توجيه ضربة لإسرائيل؟

قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن الولايات المتحدة ستعزز وجودها العسكري في الشرق الأوسط وتنشر سفناً حربية وطائرات مقاتلة إضافية لحماية الأفراد الأميركيين والدفاع عن إسرائيل وسط التوترات المتزايدة في المنطقة (أ.ف.ب)
قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن الولايات المتحدة ستعزز وجودها العسكري في الشرق الأوسط وتنشر سفناً حربية وطائرات مقاتلة إضافية لحماية الأفراد الأميركيين والدفاع عن إسرائيل وسط التوترات المتزايدة في المنطقة (أ.ف.ب)

تتسع المسافة بين محاولات التهوين من ضربة إيرانية ضد إسرائيل، والتقليل من إقدام طهران على شن ضربة موسعة، وبين التهويل في توقعات أن تقدم إيران على هجمات كبيرة ضد إسرائيل خلال الأسبوع الحالي.

وزادت تصريحات جون كيربي للصحافيين، مساء الاثنين، حول المخاوف الأميركية الإسرائيلية حول قيام إيران بمجموعة كبيرة من الهجمات خلال ساعات أو أيام قليلة، من المخاوف من تبعات هذه المواجهات والتوترات الجيوسياسية.

وكثّف الرئيس جو بايدن من محادثاته مع الزعماء الأوروبيين لتأكيد الرسالة لإيران على التراجع عن تهديداتها المستمرة بشن هجوم عسكري ضد إسرائيل، وناقش مع زعماء المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا العواقب الوخيمة على الأمن الإقليمي في حالة وقوع مثل هذا الهجوم. وقام كبار مسؤولي الإدارة بجهود دبلوماسية مكثفة في التواصل مع قادة القوى الإقليمية لتقييم الوضع ومناقشة السيناريوهات المتوقعة، والدفع بمسار إحياء المفاوضات حول وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحركة «حماس».

الأربعة الكبار

وأرسلت الإدارة الأميركية «الأربعة الكبار» إلى المنطقة، حيث يقوم وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومدير الاستخبارات وليام بيريز، ومستشار الرئيس لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك، والمبعوث الرئاسي أموس هوكشتاين، بجولات مكثفة بين عواصم مهمة بالمنطقة لدفع هذه الجهود الدبلوماسية وممارسة الضغوط على إسرائيل وعلى إيران، بما تملكه واشنطن من أدوات الترهيب والترغيب، لمنع التصعيد وتوسع الحرب. وتفرض هذه الجهود تساؤلات حول مدى نجاح إدارة بايدن في وقف هذه المواجهة.

استعراض القوة العسكرية

قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن الولايات المتحدة ستعزز وجودها العسكري في الشرق الأوسط وتنشر سفناً حربية وطائرات مقاتلة إضافية لحماية الأفراد الأميركيين والدفاع عن إسرائيل وسط التوترات المتزايدة في المنطقة (أ.ف.ب)

فبالتزامن مع الجهود الدبلوماسية، كثّفت وزارة الدفاع الأميركية وجودها العسكري في المنطقة، وأصدرت قيادة القوات المسلحة الأميركية تعليماتها لمجموعة حاملة الطائرات «أبراهام لينكولن» بالإبحار بسرعة أكبر إلى المنطقة. كما أمرت أميركا الغواصة الموجهة «يو إس إس جورجيا» بالتوجه إلى الشرق الأوسط، في حين كانت مجموعة حاملة الطائرات «يو إس إس ثيودور روزفلت» في خليج عمان.

كما حلّقت طائرات مقاتلة إضافية من طراز «إف 22» إلى المنطقة، في حين توجد «يو إس إس واسب»، وهي سفينة هجومية برمائية كبيرة تحمل طائرات مقاتلة من طراز «إف 35»، في البحر الأبيض المتوسط. وترسل هذه التعزيزات العسكرية الأميركية رسالة ردع قوية لإيران، كما تعد استعراضاً للقوة العسكرية الأميركية أمام كل من روسيا والصين.

وتحمل الغواصة «جورجيا» أكثر من 150 صاروخ «توما هوك»، الذي يصل مداه إلى ألف ميل، وهو ما يعادل تغطية جيدة داخل ايران.

ووفقاً لصحيفة «واشنطن بوست»، فإن الانتشار العسكري الأميركي يشمل 6 سفن في الخليج العربي، واثنين أخريين في البحر الأحمر، إضافة إلى السفينة «يو إس إس لابون»، التي تقوم بردع الطائرات من دون طيار والصواريخ والقوارب التابعة للحوثيين منذ عدة أشهر، إضافة إلى ما ينشره البنتاغون من مدمرات محملة بصواريخ «ستاندرد» للدفاع الجوي في جميع أنحاء المنطقة.

فرص التفاؤل

يرى بعض الخبراء أن الدفع باتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتعزيز الجهود المستمرة من شهور لوقف الحرب في القطاع قد يؤديان إلى إقناع إيران بوقف ضربتها أو الحد من مداها، لكن الفشل في تحقيق نتائج جادة من هذه المفاوضات قد يدفع إيران بشنّ هجوم معقد بطائرات من دون طيار وإطلاق الصواريخ بالتزامن مع ميليشيات «حزب الله»، وهو ما قد يدفع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى شن هجوم مباشر على إيران وجر منطقة الشرق الأوسط إلى حرب إقليمية أوسع.

هذه المخاوف تدفع أيضاً موجات الدبلوماسية الأميركية والفرنسية والألمانية والبريطانية لحثّ إيران عن تصعيد التوترات والتحذير من تعريض فرصة الاتفاق على وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن للخطر. وأرسلت الولايات المتحدة تحذيرات لإيران عبر الوسيط السويسري من عواقب تخنق الاقتصاد الإيراني، إذا أقدمت طهران على التصعيد، وأقدمت على ضربة انتقامية رداً على مقتل زعيم حركة «حماس» إسماعيل هنية.

مخاطر سوء التقدير

أشار وزير الدفاع الأسبق وليام كوهين لشبكة «سي إن إن»، صباح الثلاثاء، إلى أن سوء التقدير هي الكلمة السحرية، وأن «حزب الله» كان يعلم حينما أطلق الصواريخ على مرتفعات الجولان وقتل 12 طفلاً أن إسرائيل سترد، وكانت إسرائيل تعلم أنه إذا قتلت زعيم «حماس» أثناء وجوده في طهران، فإن إيران سترد. ولذا، ونحن نرى كل هؤلاء يصعّدون، ونرى إيران تحجم عن توجيه ردّها الآن، وكأنها تضع سيفاً مسلطاً على إسرائيل، وتقول سنضرب في الوقت والمكان الذي نختار، ويتزايد القلق لدى واشنطن وتل أبيب من ضربة كبرى، فما تناقشه واشنطن بعد إرسال مختلف أنواع التحذير، هو كيف سيكون الرد الرادع لإيران؟

وأوضح كوهين أن أكبر مخاوف إيران هو استهداف منشآتها النووية، وقد يقرر الإسرائيليون بالتعاون مع الولايات المتحدة القضاء على أكبر تهديد يخشونه، وهو برنامج الأسلحة النووية الإيراني. وقال: «آمل أن يستجيب الإسرائيليون والإيرانيون للجهود الدبلوماسية، وأن يروا أن هناك فرصة لاتخاذ خطوة من أجل السلام في الشرق الأوسط، لأن العواقب ستكون وخيمة للغاية».

وحول الوجود العسكري الأميركي المكثف في المنطقة والرسالة الموجهة لإيران، قال وزير الدفاع الأسبق إن غواصة الصواريخ «يو إس إس جورجيا» التي أعلن البنتاغون إرسالها إلى شرق البحر المتوسط ترسل رسالة قوية، فهي ليست غواصة لإسقاط الصواريخ أو القذائف، وإنما تستطيع بمفردها القضاء على إيران، ويوجد أكثر من 150 صاروخ كروز من طراز «توما هوك» يمكن توجيهها إلى أهداف، ربما في لبنان أو سوريا أو العراق، إذا تعرضت القوات الأميركية هناك للخطر، ويمكن أن تصل هذه الصواريخ إلى إيران بسهولة.

وشدّد وزير الدفاع الأسبق على خطورة الموقف وضرورة إطلاق التحذيرات، لأن حرب كبرى ستؤدي إلى مقتل عشرات الآلاف، بما في ذلك الجنود الأميركيون في المنطقة، وأنه يتعين الضغط على الإسرائيليين ليفهموا أنهم لا يستطيعون شن هجمات، والاعتقاد أن الإيرانيين لن يردوا. وناشد كلاً من إسرائيل و«حماس» أن يكونا على استعداد للجلوس والتوصل إلى وقف إطلاق النار وإعادة الرهائن.