طرح تاريخي في الكونغرس لـ«تقييد» المساعدات لإسرائيل

مجلس الشيوخ يرفض وساندرز يتوعّد

طرح تاريخي في الكونغرس لتقييد المساعدات لإسرائيل (أ.ف.ب)
طرح تاريخي في الكونغرس لتقييد المساعدات لإسرائيل (أ.ف.ب)
TT

طرح تاريخي في الكونغرس لـ«تقييد» المساعدات لإسرائيل

طرح تاريخي في الكونغرس لتقييد المساعدات لإسرائيل (أ.ف.ب)
طرح تاريخي في الكونغرس لتقييد المساعدات لإسرائيل (أ.ف.ب)

أحبط مجلس الشيوخ مشروع قرار يضع شروطاً على المساعدات الأميركية لإسرائيل. وصوّت المجلس بأغلبية 72 صوتاً معارضاً مقابل 11 صوتاً داعماً للمشروع الذي طرحه السيناتور التقدمي المستقل برني ساندرز.

وقال ساندرز في خطاب أمام المجلس متوجهاً إلى زملائه: «مهما كان رأيكم حيال هذه الحرب الفظيعة، لا يمكننا الاختباء... فمنذ بداية النزاع لم نناقش مشروعاً واحداً تطرق إلى الدمار غير المسبوق والأزمة الإنسانية واستعمال أسلحة أميركية في حملة عسكرية خلّفت الكثير من القتلى والجرحى والنازحين».

السيناتور التقدمي المستقل برني ساندرز لجأ لأول مرة لبند يسمح بفرض قيود على المساعدات الأميركية (أ.ب)

طرح تاريخي

ورغم فشل المشروع في الحصول على الأصوات المطلوبة لإقراره، وهو أمر كان متوقعاً، إلا أن طرحه للنقاش في المجلس «خطوة استثنائية» بغاية الأهمية، إذ إنها تظهر تزايد المعارضة لسياسة الرئيس الأميركي جو بايدن تجاه إسرائيل في صفوف داعميه.

وقد استند ساندرز في طرحه هذا على قانون المساعدات الخارجية الذي أقر في العام 1961، فاستعمل، وللمرة الأولى منذ إقرار القانون، بنداً يسمح لأعضاء مجلس الشيوخ بتقديم طلب رسمي لوزارة الخارجية للحصول على تقرير مفصل يعرض ما إذا كانت إسرائيل تستعمل الأسلحة الأميركية بطريقة تنتهك حقوق الإنسان. وفي حال فشلت الخارجية بتقديم دلائل تثبت العكس، يتم تجميد المساعدات العسكرية لتل أبيب، وهو ما رفضه الجمهوريون وعدد من الديمقراطيين، رفضاً باتاً، فقال زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل مدافعاً عن إسرائيل: «إسرائيل تتخذ مخاطر استثنائية للحد من الخسائر المدنية. بينما تسعى حماس والجهاد الإسلامي جاهدين لفعل العكس. ولا يجب أن نخلط الأمرين لهذا من الضروري رفض مشروع ساندرز».

وقد وافق بعض الديمقراطيين مع مقاربة مكونيل، فقالت السيناتورة باتي موراي «رغم أني أعتقد أنه يجب إبلاغ الكونغرس بطبيعة الحرب الإسرائيلية في غزة فيما نستمر في دعم حليفنا، فإني قلقة من أن يؤدي المشروع إلى قطع كل المساعدات الأميركية لإسرائيل إلى إرسال دعوة إلى خصومنا في المنطقة لتوسيع رقعة النزاع الحالي».

لكن ساندرز الذي بدأ منذ فترة حملته الشاجبة لممارسات إسرائيل، رفض هذه التصريحات مشدداً على أهمية الحرص على توظيف المساعدات الأميركية بطريقة تحترم حقوق الإنسان والقوانين الأميركية مضيفاً: «رغم أن إسرائيل لديها الحق للدفاع عن نفسها، فإنها لا تمتلك حق استعمال المساعدات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة لشن حرب ضد كل الشعب الفلسطيني...».

من ناحيته، رفض البيت الأبيض مشروع ساندرز، فاعتبر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي أن المشروع ليس «الآلية الصحيحة لمعالجة هذه القضايا»، مشيراً إلى أن الوقت ليس مناسباً بما أن إسرائيل قد تخفف من حدة عملياتها في غزة قريباً، على حد تعبيره.

متظاهرون ضد الحرب داخل مبنى الكابيتول في 19 ديسمبر 2023 (أ.ب)

معارضة متزايدة

لكن مقاربة بايدن هذه دفعت بأغلبية الناخبين الشباب إلى معارضته والتهديد بعدم التصويت لصالحه في الانتخابات الرئاسية، الأمر الذي أدى إلى تدهور حاد في شعبيته. وهذا ما تحدث عنه ساندرز الذي شرح مقاربة التقدميين الذين يدعون لوقف إطلاق النار ويسعون لوضع شروط على المساعدات الأميركية لإسرائيل، فقال إنهم «قلقون من استعداد الولايات المتحدة لتقديم المزيد من الأموال لحكومة نتنياهو اليمينية للاستمرار بحملته العسكرية الفظيعة».

وفي هذا الكلام إشارة إلى أن أميركا تقدم مساعدات عسكرية سنوية لإسرائيل بقيمة 3.8 مليار دولار، كما أن إدارة بايدن طلبت من الكونغرس الموافقة على مبلغ 14.3 مليار دولار في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن المشرعين لم يوافقوا على المبلغ حتى الساعة بسبب خلافات داخلية متعلقة بإصلاح قانون الهجرة، الأمر الذي دفع بالبيت الأبيض إلى السعي لتخطي صلاحيات الكونغرس عبر قانون الطوارئ، وإرسال مساعدات عسكرية بقيمة 106 ملايين دولار تقريباً لإسرائيل في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.


مقالات ذات صلة

سموتريتش يدعو مجدداً إلى تهجير نصف سكان غزة

شؤون إقليمية مستوطنون يرقصون في مؤتمر يدعو إلى إعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في غزة 21 أكتوبر الماضي (تايمز أوف إسرائيل)

سموتريتش يدعو مجدداً إلى تهجير نصف سكان غزة

دعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، مجدداً، إلى احتلال قطاع غزة، وتشجيع نصف سكانه البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة على الهجرة خلال عامين.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي أفراد من القوات المسلحة الأردنية يسقطون مساعدات جوية على غزة 9 أبريل 2024 (رويترز)

طائرات عسكرية أردنية تسقط مساعدات على شمال قطاع غزة

قال مصدر رسمي إن طائرات عسكرية أردنية أسقطت، الثلاثاء، مساعدات على شمال غزة لأول مرة في خمسة أشهر للمساعدة في تخفيف وطأة الوضع الإنساني المتردي في القطاع.

«الشرق الأوسط» (عمّان)
شؤون إقليمية وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش (أ.ب)

وزير المالية الإسرائيلي يدعو لخفض عدد سكان غزة للنصف

دعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، اليوم الاثنين، إلى خفض عدد سكان قطاع غزة إلى النصف من خلال تشجيع الهجرة الطوعية لتسهيل السيطرة على القطاع.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب) play-circle 00:39

الأمطار تزيد معاناة الغزيين... وتحرمهم من المصدر الوحيد للكهرباء

منذ أن قطعت الحكومة الإسرائيلية الكهرباء عن غزة بفعل حربها المستمرة ضد القطاع منذ نحو 14 شهراً، اعتمد السكان على البديل الوحيد المتوفر، وهو الطاقة الشمسية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون نازحون في أحد شوارع غرب مدينة غزة اليوم (أ.ف.ب)

حكومة غزة: مئات آلاف النازحين يستعدون للعيش في الشوارع دون مساعدات أو مأوى

قال مكتب الإعلام الحكومي في غزة إن مئات آلاف النازحين في القطاع يستعدون للعيش في الشوارع دون مساعدات أو مأوى.

«الشرق الأوسط» (غزة)

وزارة العدل الأميركية تُسقط كل الدعاوى الفيدرالية ضد ترمب

الرئيس دونالد ترمب خلال جلسة محاكمة ضده في نيويورك (أ.ف.ب)
الرئيس دونالد ترمب خلال جلسة محاكمة ضده في نيويورك (أ.ف.ب)
TT

وزارة العدل الأميركية تُسقط كل الدعاوى الفيدرالية ضد ترمب

الرئيس دونالد ترمب خلال جلسة محاكمة ضده في نيويورك (أ.ف.ب)
الرئيس دونالد ترمب خلال جلسة محاكمة ضده في نيويورك (أ.ف.ب)

تحرّك المستشار القانوني الخاص المُعين من وزارة العدل الأم، جاك سميث، لإسقاط القضيتين الجنائيتين ضد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، منهياً تحقيقات تاريخية نشأت بسبب محاولة ترمب إلغاء هزيمته أمام الرئيس جو بايدن في انتخابات 2020، وكذلك الاحتفاظ بوثائق سريّة بعد خروجه من البيت الأبيض.

وحصل سميث على موافقة من القاضية الفيدرالية في واشنطن، تانيا تشوتكان، الاثنين، لإسقاط التهم الموجهة إلى ترمب بأنه حاول منع فوز بايدن، بعدما استشهد بإرشادات وزارة العدل بأنه لا يمكن المضي في القضية، لأن ترمب رئيس حالي. ووافقت تانيا تشوتكان بسرعة على التخلّي عن القضية من دون تحيز. وهذا ما يترك الباب مفتوحاً أمام احتمال توجيه اتهامات مرة أخرى بمجرد مغادرة ترمب منصبه. ومن خلال موافقتها على رفض القضية، أوضحت تانيا تشوتكان أنها ستترك فرصة لمحكمة مستقبلية لإحيائها. وكتبت أن «الفصل دون تحيز يتوافق أيضاً مع فهم الحكومة أن الحصانة الممنوحة للرئيس الحالي مؤقتة، وتنتهي عندما يغادر منصبه».

وبعد فترة وجيزة، قدّم سميث طلباً للتخلّي عن استئناف قدّمه هذا الصيف بشأن رفض القاضية، آيلين كانون، في فلوريدا، القرار الاتهامي الخاص بالوثائق السرية التي اتُهم فيها ترمب بالاحتفاظ بمواد سريّة بشكل غير قانوني، وعرقلة جهود الحكومة لاستعادتها.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لدى مغادرته المحكمة في نيويورك (أرشيفية - أ.ب)

«ثابرت... وانتصرت»

ويُمثل ذلك خاتمة بالغة الأهمية لفصل غير مسبوق في التاريخ السياسي وتاريخ تنفيذ القانون في الولايات المتحدة؛ حيث حاول المسؤولون الفيدراليون محاسبة الرئيس السابق، بينما كان مرشحاً في الوقت نفسه لولاية أخرى. وخرج ترمب منتصراً، بعدما نجح في تأخير التحقيقات عبر مناورات قانونية، ثم فاز بإعادة انتخابه، رغم القرارات الاتهامية التي وصفت أفعاله بأنها تهديد للأسس الدستورية للبلاد.

وكتب ترمب في منشور على موقعه «تروث سوشيال» ومنصة «إكس» للتواصل الاجتماعي: «ثابرت رغم كل الصعاب، وانتصرت». وقال إن «هذه القضايا، مثل كل القضايا الأخرى التي اضطررت إلى المرور بها، فارغة وخارجة عن القانون، وما كان ينبغي رفعها مطلقاً».

صورة مركبة تجمع بين الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والمستشار القانوني الخاص لوزارة العدل جاك سميث (رويترز)

وخلال إعداد هاتين الدعويين بدا أن ترمب يدرك أن أفضل أمل له لتجنُّب المحاكمات هو الفوز بالرئاسة مرة أخرى، وهي حقيقة أكدها نائب الرئيس المنتخب، جاي دي فانس، الذي كتب على منصة «إكس» أنه «لو خسر دونالد ترمب الانتخابات، لربما أمضى بقية حياته في السجن». وأضاف: «كانت هذه الملاحقات القضائية دائماً سياسية. والآن حان الوقت لضمان عدم تكرار ما حدث للرئيس ترمب في هذا البلد مرة أخرى».

دور المستشار القانوني

وكان وزير العدل الأميركي، ميريك غارلاند، قد عيّن سميث، وهو مدعٍ عام سابق للفساد حقق في جرائم حرب في لاهاي، لتولي تحقيقات ترمب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، بعد أيام من إعلان كل من ترمب وبايدن أنهما سيترشحان للرئاسة مرة أخرى. وعدّ غارلاند أن هناك حاجة إلى مستشار قانوني خاص يتمتع باستقلالية أكبر من المدعي العام التقليدي لوزارة العدل لضمان ثقة الجمهور في التحقيقات.

وفي الدعوى المرفوعة في واشنطن العاصمة، واجه ترمب 4 تهم تتعلّق بالتآمر لعرقلة نتائج انتخابات 2020. واتُهم باستخدام مزاعم كاذبة عن تزوير الناخبين للضغط على المسؤولين الفيدراليين في الولايات لتغيير نتائج الانتخابات، وحرمان الشعب الأميركي من حقه في احترام أصواته.

وبدأ التحقيق في الوثائق السرية خلال ربيع 2022، بعد أشهر من الخلاف بين ترمب وإدارة المحفوظات والسجلات الوطنية حول صناديق الوثائق التي تبعت ترمب من البيت الأبيض إلى مارالاغو؛ منزله في فلوريدا وناديه الخاص.

وتقول أوراق المحكمة إن أكثر من 300 وثيقة مصنفة بأنها سرية عثر عليها في منزل ترمب، بما في ذلك بعض الوثائق ردّاً على أمر استدعاء، وأكثر من 100 وثيقة أثناء تفتيش مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» للممتلكات بتفويض من المحكمة. وجرى تخزين الوثائق بشكل عشوائي.

رسم توضيحي للمدعية سوزان هوفينغر ستورمي دانيلز أمام القاضي خوان ميرشان خلال محاكمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في محكمة ولاية مانهاتن 7 مايو 2024 (رويترز)

«دوافع سياسية»

وحاول فريق الدفاع عن ترمب مراراً تأطير القضايا المرفوعة ضده على أنها محاولات ذات دوافع سياسية لإضعاف فرصه في الانتخابات، علماً بأنه لا دليل على تورط بايدن في التحقيقات. ومنذ انتخابه، اختار ترمب عدداً من محامي الدفاع الجنائيين الشخصيين في هذه القضايا للعمل في مناصب عليا في وزارة العدل في إدارته. ونشرت صحيفة «واشنطن بوست»، الجمعة، أن ترمب يخطط لطرد سميث وكل الفريق الذي يعمل معه، بمن في ذلك المحامون المهنيون الذين يتمتعون عادة بالحماية من الانتقام السياسي.

وأصدرت القرارات الاتهامية الفيدرالية بحق ترمب في غضون أشهر من توجيه الاتهام إليه في نيويورك بتهم تزوير سجلات أعمال للتغطية على دفع أموال مقابل الصمت عام 2016، وفي جورجيا بتهم محاولة عرقلة نتائج الانتخابات في تلك الولاية.

وأجريت المحاكمة فقط في قضية نيويورك؛ حيث أدين ترمب بـ34 تهمة جنائية، لكن النطق بالحكم عليه تأجَّل مرتين منذ هذا الصيف. ويتوقع أن يقرر قاضي المحاكمة الشهر المقبل ما إذا كان سيُؤجل الأمر إلى ما بعد الولاية الثانية لترمب.

نسخ من صحيفة «نيويورك تايمز» بعد إعلان إدانة الرئيس السابق دونالد ترمب في قضية «أموال الصمت» (أرشيفية - رويترز)

ونفى ترمب ارتكاب أي مخالفات في كل هذه القضايا، واستأنف الحكم الصادر في نيويورك. وأصبحت الملاحقات القضائية محوراً رئيساً لحملته الرئاسية؛ حيث حشد ترمب وحلفاؤه المؤيدين الذين اعتقدوا أنه مستهدف بشكل غير عادل.

وبمجرد فوز ترمب في الانتخابات، لم يكن أمام سميث سوى خيارات قليلة لإبقاء القضيتين الفيدراليتين. وقال أشخاص مطلعون على خططه إنه يعتزم الاستقالة قبل أن يصير ترمب رئيساً، ما يمنع ترمب من الوفاء بوعده بإقالته.

وقبل ذلك، يمكن أن يسلم سميث إلى غارلاند تقريراً يوضح نتائج التحقيقات. وسيكون الأمر متروكاً لغارلاند، الذي قال بشكل عام إن مثل هذه التقارير يجب نشرها علناً، ليُقرر مقدار المواد التي سينشرها سميث.