هل تفتح أيوا باب الانتصارات لترمب أمام منافسيه الجمهوريين؟

مع انطلاق الانتخابات التمهيدية

الرئيس دونالد ترمب يوصل شرائح بيتزا لإطفائيين في مدينة ووكي بولاية أيوا الأحد (أ.ب)
الرئيس دونالد ترمب يوصل شرائح بيتزا لإطفائيين في مدينة ووكي بولاية أيوا الأحد (أ.ب)
TT

هل تفتح أيوا باب الانتصارات لترمب أمام منافسيه الجمهوريين؟

الرئيس دونالد ترمب يوصل شرائح بيتزا لإطفائيين في مدينة ووكي بولاية أيوا الأحد (أ.ب)
الرئيس دونالد ترمب يوصل شرائح بيتزا لإطفائيين في مدينة ووكي بولاية أيوا الأحد (أ.ب)

حبس سكان أيوا، والأميركيون عموماً، أنفاسهم لساعات للتحقق مما إذا كانت نتائج أول انتخابات فعلية ستطابق الاستطلاعات التي أظهرت مراراً وتكراراً خلال الأشهر الأخيرة أن الرئيس السابق دونالد ترمب سيحقق فوزاً ساحقاً على منافسيه الجمهوريين، ويفتح الطريق أمامه لانتزاع بطاقة «الحزب القديم العظيم» إلى الانتخابات الرئاسية في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

لافتات عن المؤتمرات الحزبية بشارع رئيسي في دي موين بولاية أيوا (رويترز)

على الرغم من الطقس الشديد البرودة ودرجات الحرارة التي تدنت إلى 25 درجة تحت الصفر، توجه سكان الولاية المترامية الأطراف في وسط الغرب الأميركي، إلى 1657 من المجالس والتجمعات الانتخابية للمشاركة فيما يسمى نظام «الكَوْكَسة» الذي يقتضي عقد اجتماعات لأهل المحلّة في القاعات العامة والمدارس والكنائس وغيرها من دور العبادة، وحتى في المنازل، من أجل التداول في أسماء المرشحين للانتخابات واختيار المفضل بينهم عبر مندوبين يبلغ عددهم بالنسبة إلى الجمهوريين 2500، على أن يحصل المرشح المفضل على ما لا يقل عن 1215 مندوباً. ويعتمد الديمقراطيون طريقة مختلفة في مجالسهم وتجمعاتهم، علماً أن عدد المندوبين لديهم هو 3900، ويحتاج المرشح الأوفر حظاً إلى 1969 مندوباً على الأقل.

وفيما كانت النتائج ترد بسرعة وأحياناً فوراً من «الكَوْكَسات» الصغيرة والقريبة من دي موين، احتاجت المراكز البعيدة والكبيرة نسبياً إلى مزيد من الوقت قبل إعلان النتائج النهائية للانتخابات التمهيدية للجمهوريين في الولاية.

من يحل ثانياً؟

وحتى اللحظات الأخيرة قبل البدء بعملية الانتخاب وإعلان النتائج، كان كثيرون يترقبون من سيحل ثانياً بعد ترمب الذي أظهرت الاستطلاعات أنه يحظى بدعم نحو 50 في المائة من الأصوات، فيما كانت المؤشرات تعطي نيكي هايلي زهاء 20 في المائة، وديسانتيس قرابة 16 في المائة. أما الملياردير الشاب فيفيك راماسوامي فبقي دون عتبة الـ10 في المائة، مما يوحي بأن خروجه من السابق صار رهن الوقت الذي يختاره. في الوقت ذاته، راهن آخرون على مفاجآت حصلت بالفعل خلال التجارب الماضية. ولكن الهوة بين المرشحين لم تكن يوماً بهذا الاتساع. ولم يكن رودغر (في الخمسينات من العمر) متحمساً لهذه العملية، فقال لـ«الشرق الأوسط» في طريقه من المطار إلى منزله في دي موين إن «انتخابات أميركا لم تعد كما كانت. لا يعجبني أحد من المرشحين، لا من الجمهوريين ولا من الديمقراطيين. هذا قرف». لم يكن متأكداً مما إذا كان سيشارك في «الكوكسة» لاختيار من يمثله في أيوا، لأن «الطقس كما ترى. لم أر شيئاً مثل هذا في حياتي. ثم إنهم (أي الجمهوريين) غيّروا مكان مجمعي الانتخابي. صار بعيداً ولا يريدون تأمين عملية النقل لي ولصديقتي. لا أعرف. ربما أذهب. لا أريد أن أتحدث أكثر عن الموضوع».

أما أكرم كوجر، وهو من أصل كردي بالعراق وترك منطقة زاخو على الحدود في التسعينات من القرن الماضي ليستوطن في أيوا منذ ذلك الحين، فقال إن الصوت العربي «يؤثر كثيراً» في الانتخابات الأميركية، معبراً عن اعتقاده أن الحزب الجمهوري سيفوز في انتخابات أيوا هذه السنة لأن الرئيس جو بايدن «لم يعمل جيداً». وأشار إلى مواقفه من غزة وفلسطين ودعمه لإسرائيل بالسلاح والمال. وقال: «هذا ظلم، ظلم على الشعب الفلسطيني. حرام. إنهم يقتلون المدنيين الفلسطينيين. هو يقتل المدنيين الفلسطينيين لأنه يدعم بالسلاح والمال وكل شيء».

الصوت الإنجيلي

قال أكرم الذي يعمل إن هذه الولاية الزراعية يمكن أن تأتي بمفاجآت. تتقرر نتيجة انتخاباتها من المواطنين البيض الذين يغلبون بنسبة نحو 90 في المائة على سكانها. المزارعون يؤيدون دونالد ترمب وهو «الأوفر حظاً». ولكن هناك أيضاً مؤيدون لنيكي هايلي ورون ديسانتيس.

قبل أن يفوز بترشيح الحزب الجمهوري لعام 2016، ويفوز بالرئاسة ويعيد تشكيل الحزب في صورته المعادية للمهاجرين والمحطمة للأعراف، خسر ترمب المؤتمرات الحزبية في ولاية أيوا أمام مرشح محافظ من تكساس، كان قد عزز دعم القادة الإنجيليين والناخبين في الولاية. وبعد ثماني سنوات، صار ترمب المرشح الأوفر حظاً للفوز في أيوا، مدعوما بالناخبين الإنجيليين الذين باتوا من مؤيديه الأكثر موثوقية، وصارت حملته الأكثر تنظيماً بعد مغازلة جميع الزعماء الدينيين الذين ساعدوا في دفع حملة السناتور تيد كروز إلى النصر عام 2016.

 

حاكم فلوريدا رون ديسانتيس خلال برنامج رئاسي للحزب الجمهوري بجامعة دريك في دي موين بأيوا (رويترز)

وكان ديسانتيس الأكثر عدوانية في محاولة تقليص هذه الميزة، مما جعل التواصل مع الناخبين المسيحيين المحافظين عنصراً أساسياً في استراتيجيته لكسب بعض مؤيدي كروز البارزين على الرغم من الصعوبات في استطلاعات الرأي. كما وصف ديسانتيس، الذي وقع على حظر الإجهاض لمدة ستة أسابيع في فلوريدا، ترمب بأنه لا يدعم قيود الإجهاض بشكل كافٍ.

وانتقد الرئيس السابق الحظر الذي فرض في فلوريدا، لكنه كثيراً ما ذكّر الناخبين بأنه قام بتعيينات في المحكمة العليا أدت إلى إلغاء قضية «رو ضد وايد» التي شرعت الإجهاض قبل أكثر من نصف قرن في أميركا.

المندوبة الأميركية السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي تتحدث في ضاحية أديل القريبة من دي موين بأيوا (أ.ب)

هايلي وديسانتيس

ولم تركز هايلي، وهي حاكمة ولاية كارولاينا الجنوبية سابقاً، بالقدر نفسه على مغازلة الناخبين الإنجيليين في أيوا، بل سارت على خط حذر بشكل خاص فيما يتعلق بحقوق الإجهاض في سعيها إلى الظهور بوصفها البديل الأكثر اعتدالا والتيار السائد لترمب.

ويوضح قساوسة أيوا الذين دعموا كروز عام 2016، سبب احتضان كثير من الناخبين الجمهوريين لترمب الآن، على الرغم من التهم الـ91 التي يواجهها ومسؤولياته في الانتخابات العامة - في حين تعكس التوترات التي لا تزال مشتعلة في الحزب حول ما إذا كانت شخصيته مهمة إلى درجة عدم الاهتمام بالتهم الموجهة إليه.

وبصرف النظر عن العاصفة الثلجية التي لم يسبق لها مثيل منذ نصف قرن في أيوا، فإن درجة الحرارة المتوقعة ليلة المجالس والتجمعات الانتخابية جعلت الكثير من الناس يتساءلون عما إذا كان ذلك سيؤثر على عدد الأشخاص الذين سيشاركون في العملية، وفي نهاية المطاف على النتائج.

وقال ترمب في آخر تجمع له في أيوا: «سنحقق نصراً عظيماً وسنهزم جو بايدن المحتال، أسوأ رئيس في تاريخ بلادنا، ولا حتى منافسة».


مقالات ذات صلة

ترمب يتعهد بمقاضاة «غوغل» لعرضها موضوعات سيئة فقط عنه

الولايات المتحدة​ المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب يتعهد بمقاضاة «غوغل» لعرضها موضوعات سيئة فقط عنه

اتهم دونالد ترمب الجمعة محرك البحث غوغل بعرض "مقالات سيئة" فقط عنه، متعهدا بمقاضاة عملاق التكنولوجيا في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
الولايات المتحدة​ هاريس وزيلينسكي في البيت الأبيض في 26 سبتمبر 2024 (د.ب.أ)

اختلافات جوهرية في سياسات ترمب وهاريس الخارجية

استغلّ كل من ترمب وهاريس وجود قادة العالم في نيويورك لإثبات أهليتهما على صعيد السياسة الخارجية.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إيران تنفي مزاعم الولايات المتحدة بالتدخل في الشؤون الأميركية (رويترز)

الولايات المتحدة توجه اتهامات لـ 3 إيرانيين بالقرصنة والتدخل في الانتخابات

كشفت الولايات المتحدة عن لائحة اتهام بحق 3 إيرانيين على خلفية القرصنة الإلكترونية التي تعرضت لها حملة ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب (يسار) ومرشحه لمنصب نائب الرئيس جيه دي فانس (أ.ب)

هاريس تدفع بسياسات ضبط الهجرة من الحدود مع المكسيك

تدفع نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس بسياساتها للحدّ من الهجرة غير القانونية، خلال زيارة تقوم بها إلى الحدود الأميركية - المكسيكية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إيران تنفي مزاعم الولايات المتحدة بالتدخل في الشؤون الأميركية (رويترز)

واشنطن تفرض عقوبات على طهران بدعوى التدخل في الانتخابات الأميركية

قالت وزارة الخزانة الأميركية إن واشنطن فرضت، الجمعة، عقوبات جديدة مرتبطة بإيران بسبب ما قالت إنه تدخل في الانتخابات المقبلة في الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بايدن يعدّ مقتل نصر الله «عدالة لضحاياه»

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مغادرته الطائرة الرئاسية التي أقلّته إلى ولاية ديلاوير أمس الجمعة (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مغادرته الطائرة الرئاسية التي أقلّته إلى ولاية ديلاوير أمس الجمعة (أ.ف.ب)
TT

بايدن يعدّ مقتل نصر الله «عدالة لضحاياه»

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مغادرته الطائرة الرئاسية التي أقلّته إلى ولاية ديلاوير أمس الجمعة (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مغادرته الطائرة الرئاسية التي أقلّته إلى ولاية ديلاوير أمس الجمعة (أ.ف.ب)

قال الرئيس جو بايدن أمس إن مقتل زعيم «حزب الله» حسن نصر الله في ضربة جوية إسرائيلية هو «قسط من العدالة لكثير من ضحاياه» ومنهم آلاف المدنيين الأميركيين والإسرائيليين واللبنانيين، بحسب ما قال.

وشدد بايدن على أن أميركا تدعم تماماً حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في وجه «حزب الله» و«حماس» والحوثيين وأي «جماعات إرهابية أخرى» مدعومة من إيران. وقال إنه وجّه وزير الدفاع لويد أوستن بتعزيز وضع القوات الأميركية في الشرق الأوسط لردع أي عدوان وتقليل مخاطر التحول إلى حرب شاملة بالمنطقة، مشدداً على «أن هدفنا هو خفض التصعيد في الصراعات الحالية سواء في غزة أو لبنان من خلال الوسائل الدبلوماسية». وقبل ذلك،

وقبل ذلك، عبّر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، (السبت)، عن دعمه الكامل لحق إسرائيل في الدفاع عن النفس في مواجهة «الجماعات الإرهابية» المدعومة من إيران.

وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن أوستن تحدّث مرتين، الجمعة، مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت بشأن الأحداث في لبنان، موضحة أن الوزير الأميركي قال إن واشنطن مستعدة لحماية قواتها ومنشآتها في المنطقة وملتزمة بالدفاع عن إسرائيل.

وصدر الموقف الأميركي بعد ساعات من تأكيد «حزب الله» مقتل أمينه العام حسن نصر الله، في الضربة الجوية التي نفّذتها إسرائيل، يوم الجمعة، على مقر القيادة المركزية للحزب في ضاحية بيروت الجنوبية.

مخاوف من توسّع الصراع

ونقلت محطة «سي إن إن» عن مسؤولين أميركيين سابقين وحاليين قولهم إن مقتل نصر الله أدى إلى تأجيج المخاوف بشكل كبير من نشوب حرب واسعة النطاق في الشرق الأوسط، وهو الاحتمال الذي سعت إدارة الرئيس جو بايدن بشدة منذ أشهر لمنعه.

لكن مسؤولاً غربياً كبيراً، لم تفصح عن هويته، قال للمحطة: «لا أرى كيف لا يتسع نطاق هذا الأمر قريباً».

وحسب المسؤول الكبير السابق في الشرق الأوسط في وزارة الدفاع، ميك مولروي، كانت الضربة أيضاً إشارة واضحة إلى استعداد إسرائيل للمخاطرة بصراع أوسع نطاقاً، وأنها لم تكن قريبة من قبول اقتراح وقف إطلاق النار المدعوم من الولايات المتحدة، ومن غير المرجح الآن أن يكون «حزب الله» مهتماً بالمفاوضات.

زعيم «حزب الله» حسن نصر الله قُتل بضربة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية الجمعة (أ.ف.ب)

إيران تشعر بالقلق

وقال مسؤول عسكري أميركي: «هناك بعض الدلائل على أن إيران قد شعرت بالقلق بالفعل بشأن درجة الضرر الذي ألحقته إسرائيل بـ(حزب الله)، أقوى الميليشيات التابعة لها وأكثرها قدرة في المنطقة». وأضاف أن الولايات المتحدة تعتقد أن إيران ستتدخل في الصراع إذا رأت أنها على وشك «خسارة (حزب الله)»، بعدما أدت التأثيرات المجمعة للعمليات الإسرائيلية ضده إلى إخراج مئات المقاتلين من ساحة المعركة. وأضافت «سي إن إن» أن المسؤولين الأميركيين قدّروا منذ فترة طويلة أن القيادة العليا لـ«حزب الله» أرادت تجنّب حرب شاملة مع إسرائيل، حتى مع اشتداد القتال في الأشهر الأخيرة، لكن مقتل نصر الله مختلف تماماً.

«حزب الله» سيرد

ووفقاً للمسؤول الاستخباراتي الكبير السابق، جوناثان بانيكوف، فإنه من المؤكد تقريباً أن «حزب الله» سيرد، ومن المرجح أن تلعب إيران دوراً. وقال بانيكوف: «من المرجح أن يكون الرد كبيراً بما يكفي لارتفاع احتمالات أن يؤدي إلى حرب واسعة النطاق». وأضاف أن قيادة «حزب الله» دأبت منذ مدة طويلة على التحريض على لعب دور أكبر في القتال ضد إسرائيل منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وهي الآن تخاطر بفقدان شرعيتها في أعين مقاتليها ومؤيديها إذا لم تقدم رداً قاسياً على مقتل زعيمها.

شنكر: لحظة أمل نادرة

وتعليقاً على مقتل زعيم «حزب الله»، قال ديفيد شنكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الشرق الأدنى، إن «نصر الله ورعاته الإيرانيين هم من طلبوا هذه الحرب ضد إسرائيل». وأضاف في تصريح لـ «الشرق الأوسط» أن نصرالله «كان بإمكانه أن ينهيها في أي وقت، لكنه اختار ألا يفعل ذلك. ومع موته فقد جر لبنان مرة أخرى إلى مواجهة مدمرة أخرى مع إسرائيل».

وحول لبنان، قال شنكر «إنها لحظة أمل نادرة، الأمل في أن تتمكن النخبة السياسية من اغتنام الفرصة لإعادة تنشيط الدولة وإعادة التوازن إلى السياسة بعيداً عن هيمنة حزب الله المستمرة منذ عقود. لكن بالنسبة لإيران، فهذه ضربة هائلة. خلال العام الماضي، شهدت وكيلها الفلسطيني، «حماس» في غزة، يشن حرباً ويخسرها أمام إسرائيل، مما تسبب في معاناة إنسانية هائلة للفلسطينيين. والآن، شهدت الجمهورية الإسلامية تدهور جوهرة التاج لوكلائها. لقد فقدت إيران مستشارها الجهادي الرئيسي. وكان نصر الله، فعلياً، بديلاً لقاسم سليماني».

المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي (د.ب.أ)

آرون ديفيد ميللر

إلى ذلك، قال آرون ديفيد ميللر، الباحث البارز ونائب رئيس معهد كارنيغي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الضربة الإسرائيلية التي استهدفت زعيم «حزب الله» حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية «توضح لي من حيث المبدأ أن جيش الدفاع الإسرائيلي ورئيس الوزراء نتنياهو استنتجا أن التهديد الاستراتيجي الحقيقي لا يتمثل في حماس في الجنوب، لكنه يكمن في الشمال (مع لبنان). وأعتقد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي توصل إلى هذا الاستنتاج واستغل أن الكنيست في عطلة، وأن الانتخابات الأميركية أمامها أسابيع، ولذلك فإن قدرة الولايات المتحدة على فرض عقوبات أو تقييد قدرات إسرائيل أو وضع شروط على المساعدات العسكرية الأميركية قد تثير انزعاجاً كبيراً، وهذا ما يعطي نتنياهو فرصة للمناورة من الآن وحتى الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)»، موعد الانتخابات الأميركية.

ويضيف الباحث البارز الذي عمل مفاوضاً في إدارات أميركية عدة، أن الانتخابات الأميركية تحتل مكانة بارزة في حسابات نتنياهو وهي أيضاً تحتل مساحة بارزة ومفهومة في حسابات إدارة بايدن، و«أسوأ شيء بالنسبة لهذه الإدارة وللمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس هو اندلاع حرب شاملة الآن وحصول تصعيد إسرائيلي ضد (حزب الله). من السهل تخيّل أن الولايات المتحدة يمكن أن تنجر إلى هذه الحرب، ولذا فإن الأمر محفوف بالمخاطر بالنسبة إلى الإدارة الأميركية». ويرى ميللر أن اغتيال حسن نصر الله لن يكون نهاية فصل أو بداية قصة جديدة، لأن إسرائيل تواجه حالياً ثلاث جبهات وحرب استنزاف، واحدة مع حماس وهي الأقل في الأهمية الاستراتيجية، والثانية مع «حزب الله» التي ستستمر بشكل ما، أما الثالثة فهي مع إيران و«من ثمّ لن تنتهي هذه الحروب في وقت قريب ولا توجد نهايات دبلوماسية لها». ويقول: «لقد أصدر حزب الله تهديدات كثيرة باستهداف إسرائيل. والسؤال الآن هل سيتراجعون عن القيام برد فعل انتقامي هائل؟ ويجب أيضاً أخذ الرأي العام اللبناني في الاعتبار لأنه المتأثر بالضربات الإسرائيلية، وفي اعتقادي أن حزب الله سيلجأ بمرور الوقت إلى استخدام القوة الناعمة».

وحول رد الفعل الإيراني، يضيف ميللر: «الإيرانيون في مأزق، فهم لا يريدون أن يروا وكيلهم الرئيسي في الصراع العربي الإسرائيلي يُغتال بهذه الطريقة، وفي الوقت نفسه لا يريدون أن ينجروا إلى مواجهة مستمرة مع إسرائيل - وهذا يتضمن أيضاً الولايات المتحدة - بما يؤدي إلى ضربات على الجيش الإيراني وربما على منشآتهم النووية».