هل يستغل مؤيدو أوكرانيا حقيقة أن أموال المساعدات تنفق بمعظمها في أميركا؟

الإنفاق الدفاعي للاتحاد الأوروبي يسجل رقماً قياسياً عند 240 مليار يورو 2022

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماعه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف في 20 نوفمبر (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماعه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف في 20 نوفمبر (أ.ب)
TT

هل يستغل مؤيدو أوكرانيا حقيقة أن أموال المساعدات تنفق بمعظمها في أميركا؟

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماعه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف في 20 نوفمبر (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال اجتماعه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف في 20 نوفمبر (أ.ب)

مع إعلان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن دعم أوكرانيا «لا يزال يلقى دعماً قوياً من الحزبين»، مشيراً إلى أن قيمة المساعدات الأميركية التي بلغت 77 مليار دولار، مقابل 110 مليارات من الحلفاء الأوروبيين، كشفت صحيفة «واشنطن بوست» عن «حقيقة» لافتة، قد تشكّل ورقة ضغط بيد إدارة الرئيس بايدن ومؤيدي أوكرانيا عموماً من الحزبين. وقال تقرير الصحيفة: إن معظم الأموال الأميركية المنفقة على المساعدات العسكرية لأوكرانيا، تذهب إلى المصانع الأميركية المنتجة للسلاح. وأوضح التقرير، أن الأموال التي يوافق عليها المشرّعون لتسليح أوكرانيا لا تذهب مباشرة إلى أوكرانيا، بل يتم استخدامها في الولايات المتحدة لإنتاج أسلحة جديدة أو لاستبدال الأسلحة المرسلة من المخزونات الأميركية.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

ووجد أحد التحليلات أن من بين 68 مليار دولار من المساعدات العسكرية والمساعدات ذات الصلة التي وافق عليها الكونغرس منذ غزو روسيا لأوكرانيا، يذهب ما يقرب من 90 في المائة منها إلى الأميركيين.

قال مساعد بمجلس الشيوخ الأميركي، اليوم (الخميس): إنه سيتم عقد إحاطة سرية أمام جميع أعضاء مجلس الشيوخ الي بشأن أوكرانيا وإسرائيل وعناصر من حزمة التمويل التكميلي للأمن القومي يوم الثلاثاء الخامس من ديسمبر (كانون الأول).

ضغوط على مشرّعي الولايات

وفي حين يخوض بعض الجمهوريين معارك سياسية ضد مواصلة تقديم المساعدات لأوكرانيا، دعا مؤيدوها إلى الضغط على هؤلاء المشرّعين في ولاياتهم، عبر إظهار الفوائد الاقتصادية التي يجنيها مواطنو تلك الولايات، من خلال تشغيل عجلة الإنتاج وإنعاش القطاعات الاقتصادية التي يرتبط بها الكثير من القطاعات المدنية.

ومع الأرقام التي تتجاوز عشرات، لا، بل مئات المليارات من الدولارات، يسعى الديمقراطيون للضغط على النواب الجمهوريين، وخصوصاً اليمينيين المتشددين في تلك الولايات للتحريض ضدهم، في هذا العام الانتخابي، في ظل محاولة الحزبين السيطرة على مجلسي الشيوخ والنواب، وليس فقط على البيت الأبيض، خصوصاً أن الاقتصاد، كان ولا يزال القضية الرئيسية التي تحدد اتجاهات الناخبين الأميركيين في اختيار مرشحيهم.

ومن بين المشرّعين الذين يمكن أن يواجهوا مشكلات مع ناخبيهم في ولاياتهم على قضية تقديم المساعدات لأوكرانيا، السناتور الجمهوري جي دي فانس، والنائب الجمهوري جيم جوردان، عن ولاية أوهايو، وهما من التيار اليميني المتشدد. وكذلك السيناتور الجمهوري جوش هاولي عن ولاية مونتانا، وتومي توبرفيل من ولاية ألاباما ومايك براون من ولاية إنديانا، بالإضافة إلى النواب الجمهوريين مات غايتز، وبيل بوسي، وآنا بولينا لونا من فلوريدا، ولانس غودن من تكساس. وبالإجمال، صوّت 31 من أعضاء مجلس الشيوخ وأعضاء مجلس النواب الذين تستفيد ولاياتهم أو مقاطعاتهم من التمويل لأوكرانيا، لصالح معارضة أو تقييد هذه المساعدات.

مصانع السلاح الأميركية المستفيد الأكبر

وفي حين تتمركز تلك المصانع في ولايات عدة، كشف التقرير عن 117 خط إنتاج في 31 ولاية على الأقل و71 مدينة أميركية، حيث يقوم العمال الأميركيون بإنتاج أنظمة أسلحة رئيسية لأوكرانيا. على سبيل المثال، تنتج دبابات «أبرامز» ومدرعات «سترايكر» القتالية في ولاية أوهايو، بينما تنتج طائرات «سويتشبليد» المسيّرة وكذلك مركبات برادلي القتالية في بنسلفانيا.

وتنتج مدافع «هاوتزر» في ساوث كارولينا وميشيغان ومينيابوليس وكذلك الصواريخ وأنظمة «هيمارس» في ويست فيرجينيا ونيوجيرسي وفلوريدا وتكساس، وصواريخ جافلين في نيومكسيكو... كما أن هناك ما لا يقل عن 13 خط إنتاج في 10 ولايات و11 مدينة أميركية تنتج أسلحة أميركية جديدة لحلفاء «الناتو» لتحل محل المعدات التي أرسلوها إلى أوكرانيا. وبحسب مارك كانسيان، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فإن «الكثير من الأموال التي تدعم أوكرانيا بشكل مباشر لا تُنفق في الخارج، بل هنا في الولايات المتحدة». وهذا يجعل من «التسمية الخاطئة» أن نطلق على مبلغ الـ68 مليار دولار الذي يحسب أننا أنفقناه لتسليح أوكرانيا على أنه «مساعدة».

وفي سياق متصل، سجل الإنفاق العسكري للاتحاد الأوروبي مستوى قياسياً بلغ 240 مليار يورو (260 مليار دولار) العام الماضي على وقع الحرب الروسية في أوكرانيا، على ما قالت وكالة الدفاع الأوروبية الخميس. ويمثل الرقم زيادة إجمالية نسبتها 6 في المائة عن 2021، في وقت زادت دول الاتحاد الـ27، مشترياتها العسكرية. وقالت وكالة الدفاع إن ست دول زادت إنفاقها بأكثر من 10 في المائة، بخلاف السويد الساعية للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي والتي عززت مشترياتها بأكثر من 30 في المائة.

وقال مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد جوزيب بوريل الذي يترأس أيضاً وكالة الدفاع: إن «على قواتنا المسلحة أن تكون مستعدة لحقبة جديدة أكثر تطلباً بكثير». وأضاف، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية، أن «التكيف مع هذه الحقائق الجديدة يعني أولاً وقبل أي شيء الاستثمار بدرجة أكبر في الدفاع».

السفيرة الأميركية في كييف بريجيت برينك خلال حضورها تسليم معدات أميركية ثقيلة لخطوط القتال مع روسيا (رويترز)

غير أن بوريل حذّر من أنه رغم تلك الزيادات، لا يزال التكتل يواجه «فجوات رئيسية في القدرات» ويستمر في «التأخر عن اللاعبين العالميين الآخرين». شكّل الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022 جرس إنذار لأوروبا ونبّهها إلى الحاجة إلى ضخ المزيد في الدفاع لتكون قادرة على مواجهة تهديد جارتها الشرقية. وبعد تراجعه لعقود في نهاية الحرب الباردة، عاد الإنفاق للارتفاع كل عام منذ ضم روسيا القرم من أوكرانيا في 2014.

وكانت الحكومة الروسية قد أعلنت عن زيادة قياسية لإنفاقها العسكري بنسبة 68 في المائة لعام 2024؛ ما يمثل نحو ثلث النفقات. وأعلنت وكالة الدفاع الأوروبية في تقريرها السنوي، أن الاتحاد الأوروبي خصص مبلغ 58 مليار يورو لاستثمارات الدفاع في 2022 «غالبيتها الساحقة لشراء معدات جديدة». لكن تراجعت مبالغ الإنفاق على الأبحاث والتطوير التكنولوجي بشكل طفيف.

مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل (أ.ف.ب)

استنفدت دول الاتحاد الأوروبي مخزوناتها من الأسلحة وأرسلت إمدادات بعشرات مليارات اليوروات إلى أوكرانيا لمساعدتها في محاربة روسيا. وتسعى بروكسل جاهدة لإقناع شركات الدفاع الأوروبية بزيادة إنتاجها للتلبية المتطلبات الجديدة التي أفرزتها الحرب. وحضّ الاتحاد الأوروبي دوله الأعضاء على إبرام عقود مشتركة وبدأت الدول في ضم جهودها لطلب قذائف هاوتزر لأوكرانيا ولقواتها أيضاً. لكن بناء القدرة الصناعية يستغرق وقتاً، ومن المتوقع أن يعجز الاتحاد عن تحقيق هدف 12 شهراً المتمثل في إرسال مليون قذيفة إلى أوكرانيا بحلول مارس (آذار).


مقالات ذات صلة

أوكرانيا: القوات الروسية أعدمت 5 من أسرى الحرب

أوروبا مظاهرات أوكرانية في كييف تطالب بتبادل الأسرى (أ.ف.ب)

أوكرانيا: القوات الروسية أعدمت 5 من أسرى الحرب

قال مفوض البرلمان الأوكراني لحقوق الإنسان، ديميترو لوبينيتس، اليوم الأحد، إن القوات الروسية أعدمت 5 من أسرى الحرب الأوكرانيين.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا أحد عناصر الإطفاء يحاول إخماد حريق في روسيا (خدمة الطوارئ الروسية عبر تلغرام)

روسيا تشهد موجة من الحرائق المتعمدة

شهدت روسيا سلسلة محاولات لإشعال حرائق بشكل متعمد استهدفت مصارف ومراكز تسوق ومكاتب بريد ومباني حكومية خلال الأيام الثلاثة الماضية وفق وسائل إعلام

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماع في كييف بأوكرانيا 9 ديسمبر 2024 (أ.ب)

زيلينسكي يعلن أنه التقى مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في كييف

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، أنه التقى مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) في كييف، في إعلان رسمي نادر عن اجتماع بينهما.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا واجهة مطار قازان الروسي (أرشيفية - ريا نوفوستي)

إعادة تشغيل مطار قازان في روسيا عقب هجوم أوكراني

أعلنت الوكالة الاتحادية للنقل الجوي في روسيا (روسافياتسيا) إعادة فتح مطار مدينة قازان بعد إغلاقه مؤقتاً عقب هجوم بطائرات مسيّرة أوكرانية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس (د.ب.أ)

وزير الدفاع الألماني: لن نرسل جنوداً إلى أوكرانيا ما دامت الحرب لم تنتهِ

لم يستبعد وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس أن تضطلع بلاده بدور عقب وقف محتمل لإطلاق النار في الحرب الروسية على أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)

ترمب يقول إنه قد يطلب من بنما تسليم القناة

تولت الولايات المتحدة مسؤولية بناء القناة وإدارة المنطقة المحيطة بالممر لعقود من الزمن (رويترز)
تولت الولايات المتحدة مسؤولية بناء القناة وإدارة المنطقة المحيطة بالممر لعقود من الزمن (رويترز)
TT

ترمب يقول إنه قد يطلب من بنما تسليم القناة

تولت الولايات المتحدة مسؤولية بناء القناة وإدارة المنطقة المحيطة بالممر لعقود من الزمن (رويترز)
تولت الولايات المتحدة مسؤولية بناء القناة وإدارة المنطقة المحيطة بالممر لعقود من الزمن (رويترز)

اتهم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بنما، أمس (السبت)، بفرض رسوم باهظة مقابل استخدام قناة بنما، وقال إنه إذا لم تُدر بنما القناة بطريقة مقبولة، فسوف يطالب البلد الحليف للولايات المتحدة بتسليمها.

وفي منشور مسائي على موقعه للتواصل الاجتماعي (تروث سوشيال)، حذر ترمب أيضاً من أنه لن يسمح للقناة بالوقوع في «الأيدي الخطأ»، وبدا كأنه يحذر من التأثير الصيني المحتمل على الممر المائي، وكتب أن القناة لا ينبغي أن تديرها الصين.

دونالد ترمب (أ.ف.ب)

كان هذا المنشور مثالاً نادراً للغاية لرئيس أميركي يقول إنه يستطيع الضغط على دولة ذات سيادة لتسليم أراضٍ. كما يؤكد التحول المتوقع بالدبلوماسية الأميركية في عهد ترمب، الذي لم يتردد من قبل في تهديد الحلفاء واستخدام الخطاب العدواني عند التعامل مع النظراء.

وتولت الولايات المتحدة مسؤولية بناء القناة وإدارة المنطقة المحيطة بالممر لعقود من الزمن. لكن الحكومة الأميركية سلمت السيطرة الكاملة على القناة إلى بنما في عام 1999، بعد فترة من الإدارة المشتركة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

الحكومة الأميركية سلمت السيطرة الكاملة على القناة إلى بنما في عام 1999(أ.ف.ب)

وكتب ترمب في منشور على موقع «تروث سوشيال»، أن «الرسوم التي تفرضها بنما سخيفة، خصوصاً بالنظر إلى الكرم الاستثنائي الذي قدمته الولايات المتحدة لها».

وأضاف: «لم يتم منحها (السيطرة) من أجل مصلحة الآخرين، بل بوصفها رمزاً للتعاون معنا ومع بنما. وإذا لم يتم اتباع المبادئ الأخلاقية والقانونية لهذه البادرة الكريمة، فإننا سنطالب بإعادة قناة بنما إلينا بالكامل، ودون أدنى شك».

ولم ترد سفارة بنما في واشنطن حتى الآن على طلب للتعليق.