الأسئلة الصعبة أمام الإدارة الأميركية بعد انتهاء الهدنة

غموض خططها للمرحلة التالية يثير التساؤلات

فلسطينيون ينتظرون لتعبئة سياراتهم بالوقود خلال الهدنة في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)
فلسطينيون ينتظرون لتعبئة سياراتهم بالوقود خلال الهدنة في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)
TT

الأسئلة الصعبة أمام الإدارة الأميركية بعد انتهاء الهدنة

فلسطينيون ينتظرون لتعبئة سياراتهم بالوقود خلال الهدنة في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)
فلسطينيون ينتظرون لتعبئة سياراتهم بالوقود خلال الهدنة في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)

قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأربعاء، إنه سيسعى إلى تمديد الهدنة في غزة خلال زيارته المرتقبة لإسرائيل.

وأوضح بلينكن بعد اجتماع لحلف شمال الأطلسي (ناتو) في بروكسل: «سنركز خلال اليومين المقبلين، على بذل كل ما في وسعنا لتمديد الهدنة حتى نتمكن من مواصلة إخراج المزيد من الرهائن وتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية».

وأضاف، بحسب «رويترز»: «نود أن نرى تمديد الهدنة بسبب ما حققت - أولاً وقبل كل شيء الإفراج عن الرهائن وعودتهم إلى ديارهم وكنف عائلاتهم». وقال بلينكن، إنه يعتقد أن التمديد يصبّ أيضاً في مصلحة إسرائيل. لافتاً إلى «أنهم يركّزون أيضاً بشكل كبير على إعادة مواطنيهم إلى إسرائيل؛ لذا نكثف جهودنا لتحقيق ذلك».

ومن المقرر أن يقوم بلينكن بزيارته الثالثة إلى الشرق الأوسط منذ اندلاع الحرب، للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب، والرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله. ومن المقرر أن تنتهي الهدنة الحالية في غزة صباح الخميس، التي بدأت قبل ستة أيام بعد الحرب التي شنّتها إسرائيل على قطاع غزة إثر هجوم «حماس» غير المسبوق في إسرائيل.

وتركزت الجهود الأميركية خلال الأسابيع الماضية على مساندة إسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها، ثم مارست بعض الضغوط لتجنب سقوط عدد كبير من المدنيين الإسرائيليين في القصف الإسرائيلي المتواصل على شمال قطاع غزة، ثم انخرطت بشكل مباشر في جهود إقرار الهدنة لأربعة أيام ثم ليومين والحفاظ على تنفيذ صفقة إطلاق سراح الرهائن وزيادة المساعدات الإنسانية. وحرصت على الترويج لاستراتيجيتها في دبلوماسية التفاوض والتواصل للإفراج عن الرهائن، واستعادة الرهائن الأميركيين لدى «حماس». إلا أن الإدارة الأميركية تواجه ضغوطاً متزايدة لتوضيح خططتها خلال الفترة المقبلة.

الرهائن وثمن الصفقات

وتواجه الإدارة الأميركية أسئلة صعبة تتعلق بقدرتها على إطلاق سراح الأميركيين الثمانية المحتجزين حالياً لدى «حماس»، فكل الانخراط الأميركي مع الوسطاء القطريين والمصريين لم تسفر سوى عن إطلاق سراح الطفلة الأميركية الإسرائيلية ابيجيل ايدان البالغة من العمر أربع سنوات.

جدار في مدينة القدس يظهِر صور 240 شخصاً من الرهائن الذين تحتجزهم حركة «حماس» (إ.ب)

ودفعت الإدارة الأميركية بأبرز مسؤوليها إلى المنطقة لبحث قضية إطلاق سراح الرهائن الأميركيين لدى «حماس». ويسعى كل من وليام بينز مدير الاستخبارات الأميركية وبريت ماكغورك كبير مستشاري البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط، إلى صفقة تحقق الإفراج عن الرهائن من الرجال الأميركيين والجنود الإسرائيليين؛ وهو ما يثير أسئلة حول الثمن والحوافز الذي يمكن تقديمها مقابل إبرام هذه الصفقة؟

ولا تملك الإدارة الأميركية إجابات حول العدد المؤكد للأميركيين المحتجزين في غزة، وما إذا كانوا أسرى لدى «حماس» أم لدى «الجهاد الإسلامي». وتتزايد الانتقادات من الحزب الجمهوري ضد إدارة بايدن وضعف نفوذها وعدم قدرتها على إبرام صفقة تفرج بها عن الرهائن الأميركيين، في حين نجحت جهود دولة تايلاند في الإفراج عن الرهائن التايلانديين والفلبينيين المحتجزين لدى «حماس».

الطفلة الأميركية التي أعلن بايدن عن إطلاق سراحها يوم الأحد ضمن صفقة الرهائن لدى «حماس» (أ.ب)

ويزيد احتمال استئناف القتال بعد انتهاء الهدنة، من حالة عدم اليقين حول مصير هؤلاء الرهائن؛ ما يجعل الإدارة الأميركية تكثف الضغوط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتمديد فترة توقف إطلاق النار وتمديد الهدنة ولو مؤقتاً، حتى تحقق هذا الهدف.

وتواجه الإدارة الأميركية أيضاً أسئلة صعبة حول المرحلة المقبلة بعد انتهاء الهدنة، خاصة أن استئناف القتال أمر مرجح للغاية، بما يحمله من زيادة أعداد الضحايا المدنيين، وتكرار ما حدث قبل الهدنة من قصف للمناطق المدنية وحصار للمستشفيات. وإذا أقدمت إسرائيل على عمليات عسكرية جنوب القطاع المكدس بالسكان الفلسطينيين، فإن احتمالات سقوط ضحايا مدنيين بأعداد كبيرة تظل احتمالات عالية للغاية.

لكن السردية الإسرائيلية تشدد على أن التمديد الطويل يعطي «حماس» فرصة لإعادة تنظيم صفوفها، والترويج لانتصارات سياسية، وكسب شعبية أكبر بين الفلسطينيين والتأثير على النفسية الإسرائيلية، وبالتالي تؤكد التصريحات الإسرائيلية استئناف القتال بعد انتهاء الهدنة.

آثار الدمار الذي أحدثه القصف الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ف.ب)

ويثير استئناف القتال مرة أخرى رد فعل إقليمياً ودولياً متزايداً ضد إسرائيل، وما له من تداعيات تتعلق بخسارة الولايات المتحدة دعم حلفاء وشركاء إقليميين ودوليين. وهو ما يثير أسئلة ما إذا كان بايدن سيتحول عن مساندته لنتنياهو في استئناف ملاحقة «حماس» واستئناف القتال في جنوب قطاع غزة، أم سيكون بإمكانه ممارسة ضغوط تدفع إلى وقف دائم لإطلاق النار، كما تطالب الهيئات الأممية والدول الغربية.

وأشار المسؤولون في البيت الأبيض للصحافيين، مساء الاثنين، إلى أن الولايات المتحدة أرسلت تحذيرات واضحة لإسرائيل بضرورة تجنب سقوط المدنيين في القتال واستئناف العمليات العسكرية «بشكل أكثر دقة» لا تعيق وصول الإمدادات الإنسانية، مع تجنب التهجير الجماعي للفلسطينيين وتجنب أزمة إنسانية تطغي على قدرة العالم على الاستجابة لها. وهو ما يبدو «أقوى تحذير» تصدره إدارة بايدن للجانب الإسرائيلي منذ بدء الحرب، إلا أنه يعطي في النهاية الضوء الأخضر لاستمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية، دون وضع خطوط حمراء واضحة لهذه العمليات.

ضغوط داخلية مستمرة

يواجه بايدن ضغوطاً داخلية أكثر دراماتيكية، وهو ما أشارت إليه صحيفة «واشنطن بوست» من انقسام بين موظفي البيت الأبيض حول سياسات الإدارة في الحرب الدائرة، والانقسام داخل الحزب الديمقراطي نفسه، إضافة إلى مخاطر ابتعاد الناخبين الأميركيين عن بايدن، من شباب الحزب الديمقراطي والتقدميين والناخبين من الجاليتين العربية والمسلمة؛ ما سيمثل صداعاً سياسياً أكثر حدة خلال الأسابيع والأشهر المقبلة إذا استمر القتال في غزة.

الكابيتول الأميركي وتساؤلات لدى المشرعين حول المرحلة المقبلة في حرب إسرائيل وغزة (إ.ب.أ)

أسئلة من المشرّعين

ويواجه بايدن أسئلة متلاحقة من المشرّعين في الكونغرس، المطالبين بتصورات حول خطط الإدارة في وقف إطلاق النار في غزة وإنهاء الحرب، والمدة المطلوبة لتحقيق ذلك. ويزيد الجدل داخل الأوساط التشريعية في الكونغرس حول مبلغ 14 مليار دولار طلبه الرئيس بايدن من الكونغرس كمساعدات عسكرية لإسرائيل. وانتقد السيناتور الديمقراطي بيرني سانذرز، ما أسماه «نهج الشيك على بياض» الذي تتبعه الولايات المتحدة مع إسرائيل.

وأثار بعض المشرّعين مسألة وضع شروط على المساعدات الأميركية لإسرائيل، وكيفية كبح جماح حملتها العسكرية الشعواء في غزة والاستماع إلى النصائح الأميركية. وذهب البعض إلى المطالبة بوضع خطوط أميركية حمراء للحكومة اليمينية - الإسرائيلية.

ويطرح المشرّعون تساؤلات مهمة حول المسؤولية عن المعاناة الإنسانية الهائلة في غزة، واحتمالات نفاذ العتاد العسكري الإسرائيلي ومدى قدرة الولايات المتحدة على الاستمرار في إمداد إسرائيل بالذخيرة، وتصورات الإدارة حول من سيحكم قطاع غزة إذا تمت ملاحقة «حماس» وإخراجها من الصورة الكلية، وقدرة السلطة الفلسطينية على القيام بهذه المهمة، ثم خطط إعادة البناء والإعمار لقطاع غزة. إضافة إلى مطالبات لتوضيح خطط الإدارة الأميركية حول تنفيذ «حل الدولتين»، ومستقبل غزة والقضية الفلسطينية برمتها.

وتتزايد المخاوف داخل الأوساط السياسية الأميركية حول الانزلاق إلى صراع إقليمي واسع بعد تعرّض المنشآت الأميركية لهجمات متكررة في سوريا والعراق، ثم المخاطر التي يتعرض لها الأميركيون من ناحية الحوثيين في اليمن بعد قيام جماعة الحوثي المدعومة من إيران، بإطلاق صاروخين باليستيين تجاه سفينة حربية أميركية في خليج عدن يوم الأحد الماضي.

المسؤولية الأخلاقية!

هناك أسئلة كثيرة وجدل على المديين المتوسط والطويل، حول مسؤولية الإدارة الأميركية من الناحية القانونية الأخلاقية وارتباطها بحملة عسكرية أسفرت عن مقتل أكثر من 13 ألف فلسطيني وتشريد الآلاف وتدمير واسع وكارثة إنسانية لم يشهدها العالم منذ القرن الماضي. وأسئلة حول مدى تأثير هذه الحرب على الإضرار بسمعة الولايات المتحدة وثقلها السياسي في المنطقة، والمعايير المزدوجة والمواقف الأميركية المغايرة في تناولها لمعطيات الحرب الإسرائيلية في غزة ومعطيات الحرب الروسية في أوكرانيا.

ورغم أن الرئيس بايدن حمل رسالة توحيد الشعب الأميركي عند مجيئه للسلطة في يناير (كانون الثاني) 2021، فإن الانقسامات الحالية داخل الإدارة وداخل الحزب الديمقراطي وفي الشارع الأميركي، تتسبب في صداع سياسي واسع قد يعصف بإدارة بايدن بسبب هذه الحرب. وأظهرت استطلاعات الرأي أن التعاطف الأميركي تحول من إسرائيل إلى الفلسطينيين وأصبحت النظرة إلى إسرائيل بمثابة «القوة الغاشمة» في مقابل الفلسطينيين المستضعفين الذين يقاتلون من اجل البقاء على قيد الحياة.

ويأمل المسؤولون ألا يمتد الصراع لأشهر بحيث يطغى على حملة بايدن الانتخابية للفوز بولاية ثانية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وسط سباق انتخابي صعب وشاق. وحتى إذا نجح بايدن من الإفلات من العاقبة السياسية لتأثير الحرب على حملته الانتخابية، فإن هذه الحرب ستظل عالقة في ثوب إرثه التاريخي.

معضلة «الدولتين»

رغم التصريحات المتفائلة التي تصدر من الإدارة الأميركية ومسؤوليها حول حل الدولتين بكونه المسار الوحيد لإنهاء الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، فإنها تواجه شكوكاً كبيرة. وتستهدف زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المنطقة وضع خطوط عريضة لاستئناف محادثات حل الدولتين بعد الحرب، بما يؤدي إلى إنشاء دولة قومية فلسطينية إلى جانب إسرائيل. لكن لا توجد مؤشرات إيجابية من الجانب الإسرائيلي حول هذا الأمر إضافة إلى شكوك الجانب الفلسطيني.

وقد دعا بلينكن إلى توحيد غزة والضفة الغربية تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، لكن هناك شكوكاً جدية بين الإسرائيليين والفلسطينيين في قدرة الرئيس محمود عباس (88 عاماً)، على توحيد الفلسطينيين وفرض السيطرة على الضفة وقطاع غزة.

ويشير محللون إلى أن هذه الحرب أدت إلى زيادة صعوبة التوصل إلى حل الدولتين وإنهاء الصراع الممتد لعقود عدة، والذي استعصى على قدرات الكثير من الإدارات الأميركية المتعاقبة سواء ديمقراطية أم جمهورية.

من جهتها، تشير مجلة «نيوزويك»، إلى أن التباعد النفسي بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في المرحلة الحالية، يعقّد فرص الجلوس على طاولة المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق يقضي إلى تنفيذ حل الدولتين.

وينبع التشاؤم حول قدرة إدارة بايدن على فرض ضغوط لتنفيذ حل الدولتين، من ضبابية الرؤية الأميركية، وعدم وجود إجابات واضحة على الأسئلة المعقدة التي تشكل جوهر هذا الصراع، فما هي الحدود التي سيتم رسمها بين الدولة الإسرائيلية والدولة الفلسطينية المأمولة؟ وما مصير مدينة القدس ومصير المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية التي يسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم عليها؟ وماذا بشأن حق العودة للاجئين، وكيف ستتعامل الإدارة الأميركية مع المطالب الإسرائيلية من ضمانات أمنية وإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح؟

والأسئلة المهمة: هل توجد نية حقيقة لدى الأطراف نحو الاتفاق على التوصل لحل دبلوماسي بمجرد انتهاء الحرب؟


مقالات ذات صلة

نتنياهو يعلن استعادة جثة رهينة إسرائيلي من قطاع غزة

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د. ب. أ)

نتنياهو يعلن استعادة جثة رهينة إسرائيلي من قطاع غزة

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم (الأربعاء)، أن إسرائيل استعادت خلال عملية خاصة جثة رهينة إسرائيلي خطف في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (القدس)
شؤون إقليمية الجيش الإسرائيلي يقول إنه استعاد جثث 6 رهائن إسرائيليين من غزة (رويترز)

مقتل 6 رهائن في غزة ربما يكون مرتبطاً بضربة إسرائيلية

قال الجيش الإسرائيلي اليوم الأربعاء إنه استعاد جثث 6 رهائن إسرائيليين من غزة في أغسطس (آب) ربما ارتبط مقتلهم بضربة جوية إسرائيلية بالقرب من موقع احتجازهم.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي فلسطينيون نازحون من بيت لاهيا يصلون إلى جباليا في شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

17 قتيلاً في قصف إسرائيلي على تجمعات للنازحين في المواصي

أفاد التلفزيون الفلسطيني اليوم الأربعاء، بمقتل 17 شخصا على الأقل وإصابة العشرات في قصف جوي إسرائيلي على تجمعات للنازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)

«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

حديث إسرائيلي عن مقترح مصري تحت النقاش لإبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، بعد تأكيد القاهرة وجود أفكار مصرية في هذا الصدد واشتراط إسرائيل رداً إيجابياً من «حماس».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الولايات المتحدة​ آدم بوهلر مبعوث ترمب الخاص لشؤون الرهائن (أ.ب)

ترمب يعين آدم بوهلر مبعوثاً خاصاً لشؤون الرهائن

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في منشور على منصة «تروث سوشيال» اليوم (الأربعاء)، أن آدم بوهلر سيكون مبعوثه الرئاسي الخاص لشؤون الرهائن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تقرير: ترمب يفكر في حاكم فلوريدا بديلاً لمرشحه لوزارة الدفاع

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
TT

تقرير: ترمب يفكر في حاكم فلوريدا بديلاً لمرشحه لوزارة الدفاع

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يفكر في ترشيح حاكم ولاية فلوريدا رون دي سانتيس بديلاً محتملاً لبيت هيغسيث، الذي اختاره وزيراً للدفاع، وسط مخاوف أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين بشأن المزاعم المتزايدة حول الحياة الشخصية لمذيع قناة «فوكس نيوز» السابق.

ووصفت الصحيفة اختيار دي سانتيس، منافس الحزب الجمهوري في الانتخابات التمهيدية لعام 2024 للرئاسة، بأنه يرقى إلى تحول مذهل لترمب، لكنه سيجد في الحاكم نفس وجهة النظر بشأن تقليص ما يعدّونه السياسات «التقدمية» في الجيش التي تدعو للتنوع.

ويعتقد حلفاء ترمب بشكل متزايد أن هيغسيث قد لا ينجو من مزيد من التدقيق، وفقاً لأشخاص مقربين من فريق الرئيس المنتخب، والذي يرى أن الساعات الثماني والأربعين المقبلة حاسمة لمصيره.

كان ديسانتيس، الذي عمل محامياً للبحرية في العراق ومعتقل غوانتانامو، على قائمة سابقة للمرشحين المحتملين لمنصب وزير الدفاع التي قدمها الفريق الانتقالي إلى ترمب الذي اختار هيغسيث، ولكن مع تعثر ترشيح هيغسيث، عادت القائمة وأصبح ديسانتيس مرة أخرى من بين الخيارات التي يفكر فيها ترمب.

رون ديسانتيس يتحدث خلال إحدى فعاليات الحملة الانتخابية (أ.ب)

وقال أحد الأشخاص إن المناقشات في مراحلها المبكرة، مضيفاً أن ترمب طرح اسم ديسانتيس في محادثات غير رسمية مع الضيوف في منتجعه مار إيه لاغو في فلوريدا.

وأضافوا أن ترمب قد يقرر عدم اختيار ديسانتيس واختيار بديل آخر، إذا فشل ترشيح هيغسيث والمرشح المحتمل الآخر هو إلبريدج كولبي، وهو مسؤول سابق في البنتاغون وحليف لنائب الرئيس المنتخب جي دي فانس، وقال بعض الأشخاص إن ترمب يفكر أيضاً في السيناتور جوني إيرنست.

وكان يُنظر إلى ديسانتيس على أنه مؤيد لترمب، لكن قراره بتحدي الرئيس السابق في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري لعام 2024 أنشأ صراعاً مريراً بينهما، حيث وصف ترمب ديسانتيس بأنه غير مخلص، وانتصر بسهولة في الانتخابات التمهيدية، وعمل أصدقاء الاثنين على إصلاح العلاقة.

وحضر ترمب وديسانتيس حفل تأبين، الثلاثاء، لضباط إنفاذ القانون الذين سقطوا في مقاطعة بالم بيتش بولاية فلوريدا، وتم تقديم الفكرة إلى ديسانتيس في الأيام الأخيرة، وفقاً لشخص مطلع.

لم يستجب متحدث باسم ديسانتيس لطلب التعليق.

ويكره بعض الأشخاص المقربين لترمب ديسانتيس، وقد يؤدي ذلك إلى إحباط أي فرصة قد تكون لديه لاستبدال هيغسيث.

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يدلي بتصريح قبل الانتخابات مع مقدم البرامج في «فوكس نيوز» بيت هيغسيث الذي رشحه لمنصب وزير الدفاع (رويترز)

ولكن إذا حصل ديسانتيس على الترشيح، فقد يكون لذلك آثار كبيرة على فلوريدا، مما يؤدي إلى صراع بين مجموعة من السياسيين الجمهوريين الطموحين.

وكان ديسانتيس يستعد لتسمية بديل مؤقت للسيناتور ماركو روبيو، الذي رشحه ترمب وزيراً للخارجية. كان حلفاء ترمب يدفعون من أجل أن يكون هذا الشخص هو لارا ترمب، زوجة ابن الرئيس المنتخب، التي انتُخبت في مارس (آذار) رئيسةً مشاركة للجنة الوطنية الجمهورية.

كان ديسانتيس عضواً في الكونغرس غير معروف عندما دخل سباق عام 2018 لمنصب الحاكم، متحدياً جمهورياً اعتقد الكثيرون أنه سينجح بسهولة لكن ديسانتيس فاز بتأييد ترمب جزئياً من خلال ظهوره على قناة «فوكس نيوز» مهاجماً التحقيق الذي أجراه المستشار الخاص روبرت مولر بشأن علاقة ترمب بروسيا.

وجعلته جائحة «كوفيد - 19» شخصية وطنية، حيث حارب عمليات الإغلاق، ولكن بعد ذلك بدأ يتطلع إلى منصب أعلى بعد فوزه المدوي في إعادة انتخابه عام 2022، وبدأ الخلاف مع ترمب وحتى قبل دخول الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في مايو (أيار) 2023، وصفه ترمب بأنه «غير متدين وغير مخلص».

وأصبح أكثر انتقاداً لترمب، ووصفه بأنه غير قادر على الفوز، وسخر من ترمب لدفعه «أموالاً لإسكات نجمة أفلام إباحية»، وقال إن ترمب قام في ولايته الأولى بترحيل عدد أقل من الأشخاص مقارنة بالرئيس باراك أوباما، وأنه لم يجعل المكسيك تدفع ثمن جدار حدودي، وهو أحد موضوعات حملة ترمب.

كما تساءل ديسانتيس عن عمر ترمب، مشيراً إلى أنه في يناير (كانون الثاني)، عندما يتولى منصبه، سيكون ترمب أكبر سناً من الرئيس جو بايدن في عام 2021.

وقال ديسانتيس لشبكة «سي إن إن»: «هذا ليس نفس الرجل الذي كان عليه ترمب في عامي 2015 و2016»، متهماً ترمب بعدم القيام بحملة قوية، لكن حملة ديسانتيس واجهت صعوبات وانسحب قبل الانتخابات التمهيدية وأيد ترمب.

وحتى الآن، لم يعلن أي من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين علناً أنهم سيعارضون ترشيح هيغسيث، ولا يزال ترمب يدعمه علناً.

ولقد فاجأت مزاعم الاعتداء الجنسي في عام 2017 التي اتُّهم بها هيغسيث، والتي دفع لاحقاً لمتهمته لإبقائها سرية، مسؤولي فريق ترمب.

واستمرت مزاعم أخرى في الظهور، مما أثار المزيد من التساؤلات حول ملاءمته للمنصب؛ ففي الأسبوع الماضي، ظهرت رسالة بريد إلكتروني إلى هيغسيث من والدته استنكرت فيها معاملته للنساء في خضم طلاقه عام 2018 من زوجته آنذاك سامانثا.

وجاء في الرسالة، التي أوردتها صحيفة «نيويورك تايمز»: «أنت مسيء للنساء»، وقالت الصحيفة إن والدته اعتذرت على الفور عن البريد الإلكتروني.

وكان ترمب خسر محاولته لترشيح النائب الجمهوري السابق مات غيتز من فلوريدا لمنصب النائب العام، بعد أن رفض أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون ذلك.