شي يسعى لتسوية العلاقة الصينية - الأميركية خلال اجتماعه مع بايدن في قمة «آيبك»

مصافحة بين وزيرة الخزانة الأميركية ونائب رئيس الوزراء الصيني في سان فرانسيسكو في 9 نوفمبر الحالي (رويترز)
مصافحة بين وزيرة الخزانة الأميركية ونائب رئيس الوزراء الصيني في سان فرانسيسكو في 9 نوفمبر الحالي (رويترز)
TT

شي يسعى لتسوية العلاقة الصينية - الأميركية خلال اجتماعه مع بايدن في قمة «آيبك»

مصافحة بين وزيرة الخزانة الأميركية ونائب رئيس الوزراء الصيني في سان فرانسيسكو في 9 نوفمبر الحالي (رويترز)
مصافحة بين وزيرة الخزانة الأميركية ونائب رئيس الوزراء الصيني في سان فرانسيسكو في 9 نوفمبر الحالي (رويترز)

توجّه الرئيس الصيني شي جينبينغ آخر مرّة إلى الولايات المتحدة قبل ست سنوات للقاء نظيره الأميركي، دونالد ترمب، الذي تعهّد حينذاك بـ«علاقة رائعة جداً».

بدلاً من ذلك، تدهورت العلاقات بين البلدين إلى حد بعيد. ويسعى شي لإضفاء الاستقرار عليها عندما يجتمع مع الرئيس الأميركي جو بايدن، في سان فرانسيسكو هذا الأسبوع.

سيجتمع الرئيسان على هامش قمة «منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي» (آبيك) في المدينة الواقعة في ولاية كاليفورنيا، ليكون اللقاء الأول بينهما منذ عام رغم التوترات التجارية والعقوبات.

الرئيسان الأميركي جو بايدن والصيني شي جينبينغ مع وفدي البلدين خلال اجتماع في مدينة بالي في 14 نوفمبر 2022 (أ.ب)

وتسبب قضية تايوان خلافات بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.

خرج الزخم الإيجابي لمحادثات شي وبايدن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 في بالي عن مساره، عندما أسقطت الولايات المتحدة ما اشتبه بأنه منطاد صيني لغرض التجسس، في حادثة أدت إلى تأجيل زيارة كانت مقررة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.

ومنذ ذلك الحين، أشارت سلسلة تحرّكات دبلوماسية عالية المستوى بما فيها زيارة بلينكن أخيراً إلى بكين في يونيو (حزيران)، إلى أن الطرفين يتطلعان لإصلاح العلاقات.

وقال جوزيف ليو، من جامعة نانيانغ للتكنولوجيا في سنغافورة: «لا أعتقد أن أحداً يعلّق آمالاً كبيرة على الاجتماع لجهة التوصل إلى نتائج ملموسة... تكمن أهمية هذا الاجتماع في رمزية أن الزعيمين يرغبان بإعادة الاستقرار إلى العلاقات».

شخصان يمران بجانب لافتة ضخمة لقمة «آبيك» في سان فرانسيسكو الاثنين (أ.ب)

ولدى سؤالها عن توقعات بكين المرتبطة بالاجتماع، التزمت وزارة الخارجية الصينية الغموض مكتفية بالإشارة إلى «تواصل معمّق» و«قضايا كبرى مرتبطة بالسلام في العالم».

وقال رئيس «معهد إنتيليسيا» للأبحاث، ومقره غوانتشو، تشين دينغدينغ، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «الصين تولي أهمية كبيرة للجهود الإيجابية الرامية لإضفاء استقرار على العلاقات بين الولايات المتحدة والصين».

بدوره، لفت خبير العلاقات الأميركية الصينية لدى الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، ليو شيانغ، إلى أن بكين ترى تكتيكياً بأن «الأساس في الوقت الحاضر هو إيجاد نقاط تعاون».

قضايا شائكة

يواجه شي ضغوطاً في الداخل بسبب ضعف الاقتصاد، لكن أيضاً نظراً إلى «الانطباع في أوساط ولو جزء على الأقل من النخبة في الصين بأن العلاقة الدبلوماسية الأهم بالنسبة للصين... تدار بشكل سيئ»، وفق ما كتبت، أليسيا غارسيا هيريرو، من «ناتيكسيس» في مذكرة.

وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين تستضيف اجتماعاً لوزراء مالية دول «آبيك» في سان فرانسيسكو الاثنين (رويترز)

ولفتت أماندا هسياو، من مجموعة الأزمات الدولية، إلى أنه من وجهة نظر شي، فإن «القدرة على الظهور بمظهر القوي والمسيطر على العلاقات الثنائية الذي يسعى لأوضاع أهدأ، هو أمر مفيد سياسياً».

لكن يمكن للعديد من القضايا الشائكة أن تقف في طريق تخفيف التوتر.

من وجهة نظر بكين، فشلت واشنطن «في تطبيق التوافق الذي توصل إليه الطرفان خلال المحادثات (في بالي)، ما أدى إلى فترة ركود في العلاقات الأميركية الصينية هذا العام»، بحسب تشين من «معهد إنتيليسيا».

وبدا تشين حذراً حيال انفتاح واشنطن على الصين، قائلاً إن بايدن يمكن أن يتبنى نهجاً أكثر تشدداً حيال بكين قبيل الانتخابات في حال اضطر لمواجهة سلفه الجمهوري ترمب.

مبعوث المناخ الأميركي جون كيري مع نظيره الصيني شيي جينهوا في بكين في 19 يوليو 2023 (أ.ب)

كما أن الصين لم تخف بأنها لن تتنازل في قضايا تعتبرها ضمن الخطوط الحمراء، مثل تايوان التي ترى بكين أنها جزء من أراضيها التي يتعين انتزاعها وتوسعها عسكرياً في بحر الصين الجنوبي.

تفاؤل حذر

حققت واشنطن وبكين بعض التقدّم في مجالات التجارة والعلاقات الاقتصادية ومحادثات تغير المناخ.

وقبيل قمة «آبيك»، اجتمع مبعوث المناخ الأميركي جون كيري، مع نظيره الصيني شيي جينهوا، بينما التقت أيضاً وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، مع نظيرها الصيني الأسبوع الماضي.

وسيتناول شي العشاء مع كبار رواد الأعمال الأميركيين خلال الزيارة، ويتوقع أن يضغط لتخفيف القيود التجارية الأميركية أثناء محادثاته مع بايدن.

وأفاد ليو بأن «حواجز الرسوم الجمركية التجارية، وضبط الصادرات في مجال التكنولوجيا، وإدراج شركات صينية على القائمة السوداء، والقيود على منتجات الطاقة النظيفة الصينية، ما زالت (إجراءات) جسيمة وغير مقبولة».

وقال: «في هذه المجالات البراغماتية، يتعيّن على الجانب الأميركي أن ينفّذ إجراءات جديّة لتحسين» الوضع.

ويمكن للزعيمين أيضاً أن يعلنا استئناف الحوار العسكري بعد تعليق استمر مدة عام، وهي نتيجة ترى هسياو، من مجموعة الأزمات الدولية، بأنها ستكون «إيجابية ومهمة للغاية».

وأكد يوان جينغ، من الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، لوسائل إعلام صينية رسمية بأنه يتوقع أن يناقش بايدن وشي حرب أوكرانيا والنزاع بين «حماس» وإسرائيل.

وقال: «بينما تسود خلافات بين الصين والولايات المتحدة حيال المسألتين، فإن هناك أيضاً بعض المصالح ووجهات النظر المشتركة».


مقالات ذات صلة

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
شمال افريقيا ممثلو دول أوروبية داخل مركز العدّ والإحصاء التابع لمفوضية الانتخابات الليبية (المفوضية)

ليبيا: إجراء الانتخابات المحلية ينعش الآمال بعقد «الرئاسية» المؤجلة

قال محمد المنفي رئيس «المجلس الرئاسي» إن إجراء الانتخابات المحلية «مؤشر على قدرة الشعب على الوصول لدولة مستقرة عبر الاستفتاءات والانتخابات العامة».

جمال جوهر (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الملياردير إيلون ماسك (رويترز)

هل يمكن أن يصبح إيلون ماسك رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل؟

مع دخوله عالم السياسة، تساءل كثيرون عن طموح الملياردير إيلون ماسك وما إذا كان باستطاعته أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الداخلية جيرالد دارمانان (اليمين) متحدثاً إلى الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي (رويترز)

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي

زلزال سياسي - قضائي في فرنسا يهدد بإخراج مرشحة اليمين المتطرف من السباق الرئاسي، إلا أن البديل جاهز بشخص رئيس «حزب التجمع الوطني» جوردان بارديلا.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا جلسة برلمانية في «البوندستاغ»... (إ.ب.أ)

أكثر من 100 برلماني يتقدمون باقتراح لحظر حزب «البديل من أجل ألمانيا»

تقدم أكثر من 100 نائب ألماني باقتراح لرئيسة البرلمان لمناقشة حظر حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف.

راغدة بهنام (برلين)

انتقادات لبلينكن بعد تقرير عن جلسات علاجية لموظفين عقب فوز ترمب

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يصل إلى مبنى الكابيتول بواشنطن في 20 نوفمبر الحالي (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يصل إلى مبنى الكابيتول بواشنطن في 20 نوفمبر الحالي (إ.ب.أ)
TT

انتقادات لبلينكن بعد تقرير عن جلسات علاجية لموظفين عقب فوز ترمب

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يصل إلى مبنى الكابيتول بواشنطن في 20 نوفمبر الحالي (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يصل إلى مبنى الكابيتول بواشنطن في 20 نوفمبر الحالي (إ.ب.أ)

انتقد نائب جمهوري من ولاية كاليفورنيا، وزير الخارجية أنتوني بلينكن، بعد أن وردت أنباء عن أن الوزارة عقدت جلسات علاجية للموظفين الذين انزعجوا من فوز الرئيس المنتخب دونالد ترمب في الانتخابات.

وقال النائب داريل عيسى، في رسالة إلى بلينكن، الأسبوع الماضي: «أنا قلِق من أن الوزارة تلبي احتياجات الموظفين الفيدراليين الذين (دمّرهم) الأداء الطبيعي للديمقراطية الأميركية، من خلال توفير المشورة الصحية العقلية المموَّلة من الحكومة؛ لأن كامالا هاريس لم تُنتخب رئيسة للولايات المتحدة».

تأتي الرسالة بعد تقريرٍ نشره موقع «فري بيكون»، في وقت سابق من هذا الشهر، والذي زعم أن جلستين علاجيتين عُقدتا في وزارة الخارجية بعد فوز ترمب، حيث أخبرت مصادر الموقع أن إحدى هذه الحالات كانت بمثابة «جلسة بكاء».

ووفق ما نقلت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية، فقد جرى إرسال بريد إلكتروني إلى موظفي الخارجية الأميركية لـ«ندوة عبر الإنترنت ثاقبة منفصلة نتعمق فيها في تقنيات إدارة الإجهاد الفعّالة لمساعدتك على التنقل في هذه الأوقات الصعبة»، بعد فوز ترمب.

الرئيس المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

ووفقاً لرسالة البريد الإلكتروني: «التغيير ثابت في حياتنا، لكنه غالباً ما يؤدي إلى التوتر وعدم اليقين، انضم إلينا في ندوة عبر الإنترنت ثاقبة نتعمق فيها في تقنيات إدارة الإجهاد الفعّالة لمساعدتك على التنقل في هذه الأوقات الصعبة. ستوفر هذه الجلسة نصائح واستراتيجيات عملية لإدارة الإجهاد والحفاظ على صحتك».

وفي رسالته إلى بلينكن، زعم عيسى أن الجلسات المبلَّغ عنها كانت «مزعجة»، وأن «المسؤولين الحكوميين غير الحزبيين» ينبغي ألا يعانوا «انهياراً شخصياً بسبب نتيجة انتخابات حرة ونزيهة».

وبينما أقر النائب الجمهوري بأن الصحة العقلية لموظفي الوكالة مهمة، فقد تساءل عن استخدام أموال دافعي الضرائب لتقديم المشورة لأولئك المنزعجين من الانتخابات، مطالباً بإجابات حول عدد الجلسات التي جرى إجراؤها، وعدد الجلسات المخطط لها، ومقدار تكلفة الجلسات على الوزارة.

كما أثار عيسى مخاوف من أن الجلسات قد تثير أيضاً تساؤلات حول استعداد بعض موظفي وزارة الخارجية لتنفيذ رؤية ترمب الجديدة لـ«الخارجية» الأميركية.

وذكرت الرسالة: «إن مجرد استضافة الوزارة هذه الجلسات يثير تساؤلات كبيرة حول استعداد موظفيها لتنفيذ أولويات السياسة القانونية التي انتخب الشعب الأميركي الرئيس ترمب لملاحقتها وتنفيذها».

وتابع النائب الأميركي: «إن إدارة ترمب لديها تفويض بالتغيير الشامل في ساحة السياسة الخارجية، وإذا لم يتمكن ضباط الخدمة الخارجية من متابعة تفضيلات الشعب الأميركي، فيجب عليهم الاستقالة والسعي إلى تعيين سياسي في الإدارة الديمقراطية المقبلة».