بايدن يستضيف قمة «أبيك» والرئيس الصيني يطغى على الحضور

بكين: الزعيمان سيبحثان «مسائل كبرى مرتبطة بالسلم والتنمية العالميين»

وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين في المركز الذي سيستضيف قمة «أبيك» في سان فرنسيسكو الأحد (أ.ف.ب)
وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين في المركز الذي سيستضيف قمة «أبيك» في سان فرنسيسكو الأحد (أ.ف.ب)
TT

بايدن يستضيف قمة «أبيك» والرئيس الصيني يطغى على الحضور

وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين في المركز الذي سيستضيف قمة «أبيك» في سان فرنسيسكو الأحد (أ.ف.ب)
وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين في المركز الذي سيستضيف قمة «أبيك» في سان فرنسيسكو الأحد (أ.ف.ب)

يترأس الرئيس الأميركي، جو بايدن، الساعي للتشديد على دور الولايات المتحدة القيادي في مواجهة بكين وموسكو، قمة أخرى بالغة الأهمية هذا الأسبوع، لن تقتصر قائمة ضيوفها على الحلفاء فحسب، بل ستضم أيضا الرئيس الصيني شي جينبينغ.

سيستقبل بايدن في سان فرنسيسكو قادة الدول العشرين الأخرى المنضوية في «منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي» (أبيك) الذي تشكّل قبل ثلاثة عقود، في حقبة كان فيها صانعو السياسات في الولايات المتحدة على قناعة بأن تعزيز التجارة سيساهم في توحيد صفوف الدول المطلة على الهادي.

لكن هذه الرؤية تلاشت، إذ كل ما باتت تسعى إليه إدارة بايدن ضمن «أبيك» هو اتفاق اقتصادي محدود، فيما كثّفت في الشهور الأخيرة العقوبات على الصين، التي تمثّل التحدي الأكبر لهيمنة الولايات المتحدة على صعيد العالم. لكن الولايات المتحدة والصين أعربتا عن أملهما في تعزيز الاستقرار.

وفي وقت يعد القيام بزيارة إلى واشنطن أمراً غير قابل للتطبيق سياسياً، فيما تستعد الولايات المتحدة للانتخابات الرئاسية بعد عام، تمثّل قمة «أبيك» فرصة فريدة لشي للقاء بايدن على الأراضي الأميركية.

الرئيسان الأميركي جو بايدن والصيني شي جينبينغ في بالي بإندونيسيا 14 نوفمبر 2022 (أ.ب)

ويتوقع أن يناقش بايدن وشي، الأربعاء، في أول لقاء يجمعهما منذ قمة لـ«مجموعة العشرين» استضافتها بالي قبل عام، جملة خلافات تشمل تايوان التي يمكن لانتخاباتها المقررة في غضون شهرين أن تثير توترات جديدة مع بكين، علماً بأن الأخيرة تعد الجزيرة الديمقراطية، التي تتمتع بحكم ذاتي، جزءا من أراضيها ولم تستبعد ضمها بالقوّة.

وأعرب مسؤول أميركي عن أمله في أن يفتح بايدن وشي «خطوط اتصال جديدة» في ظل رغبة الولايات المتحدة باستئناف الاتصالات بين الجيشين، والتي تعد ضرورية على وجه الخصوص لإدارة أزمة تايوان.

وأفادت الناطقة باسم الخارجية الصينية، ماو نينغ، بأن الزعيمين «سيتواصلان بشكّل معمّق بشأن قضايا استراتيجية وعامة ومربكة في إطار العلاقات بين الصين والولايات المتحدة، إضافة إلى مسائل كبرى مرتبطة بالسلم والتنمية العالميين». وأضافت أن بكين تعارض «تحديد العلاقات بين الصين والولايات المتحدة من منطلق المنافسة».

رجال شرطة منتشرون قرب المركز الذي سيستضيف قمة «أبيك» الأحد (رويترز)

وقد يشعر باقي القادة في سان فرنسيسكو بأن حضورهم مجرّد «عرض جانبي» لاجتماع بايدن وشي، لكنهم على الأرجح سيشعرون بالارتياح للقاء، وفق الخبير في الشأن الصيني لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، جود بلانشيت، الذي قال: «حتى دول المنطقة، التي لا تشعر بقلق استثنائي حيال تزايد الهيمنة الصينية، تقيم روابط اقتصادية متداخلة عميقة مع الصين، وتفضل إلى حد بعيد قيام علاقة أميركية صينية مستقرة، على تلك غير المستقرة».

اجتماع جديد للحلفاء

وفي تناقض مع دبلوماسيتها الرامية لتجنّب اندلاع نزاع مع الصين، تجاهلت الولايات المتحدة روسيا المنضوية في «أبيك» على خلفية غزوها لأوكرانيا.

ولم يكن من المتوقع أن يتوجّه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي يواجه مذكرة توقيف صادرة عن المحكمة الجنائية الدولية إلى سان فرنسيسكو ولم تخف الولايات المتحدة بأنه غير مرحّب به.

متظاهر يرفع لافتة كُتب عليه «لا لأبيك» خلال احتجاج في سان فرنسيسكو الأحد (أ.ف.ب)

بدلا من ذلك، سيمثّل موسكو نائب رئيس الوزراء، أليكسي أوفرتشوك، الذي ما زال الشخصية الروسية الأعلى مستوى التي تزور الولايات المتحدة منذ بدء الحرب.

وركّز بايدن، بخلاف تام عن سلفه وخصمه دونالد ترمب، على تأكيد التحالفات، بما في ذلك عبر صيغ جديدة مثل اتفاق عسكري ثلاثي مع أستراليا وبريطانيا.

ورغم حضور الصين، ستعمل الولايات المتحدة مع حلفائها في «أبيك» على «صد أي نوع من الجهود لتقويض القواعد والمعايير الدولية»، وفق ما أفاد المسؤول الأميركي الرفيع المعني بـ«أبيك» ماتو موراي «وكالة الصحافة الفرنسية». ولفت إلى أن المنتدى مناسب لعقد قمة بايدن وشي، لأن في «أبيك» يسمح للبلدان بالتحاور بغض النظر عن خلافاتها.

متظاهرون يرفعون أعلاماً فلسطينية في سان فرنسيسكو الأحد (إ.ب.أ)

ومن بين حلفاء الولايات المتحدة الذين سيحضرون قمة «أبيك» رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيزي، الذي زار واشنطن وبكين على حد سواء خلال الشهر الماضي، إضافة إلى رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، والرئيس الكوري الجنوبي يوم سوك يول.

وقبل توجهه إلى سان فرنسيسكو، سيستقبل بايدن الرئيس الإندونيسي، جوكو ويدودو، في البيت الأبيض، في إطار مساعي الولايات المتحدة للتنافس مع الصين، من أجل الاستفادة من احتياطات النيكل الكبيرة في الأرخبيل، التي تعد ضرورية لصناعة السيارات الكهربائية.

زخم بشأن الاتفاق التجاري

اختيرت سان فرنسيسكو بفضل علاقاتها التاريخية مع آسيا ودورها المركزي في التكنولوجيا العالمية، لكن يستبعد بأن توفر قمة «أبيك» فترة استراحة من القضية التي تستحوذ على جل انتباه بايدن منذ شهر: الحرب بين «حماس» وإسرائيل.

وإضافة إلى إندونيسيا، ذات الغلبة المسلمة الأكبر في العالم، تضم «أبيك» ماليزيا التي واجه رئيس وزرائها أنور إبراهيم دعوات من المعارضة لمقاطعة القمة على خلفية الدعم الأميركي لإسرائيل.

وتضم «أبيك» التي تتحدّث عن «اقتصادات» لا «بلدان» الصين وتايوان معا، وهو أمر غير مألوف.

متظاهرون يحتجون على قمة «أبيك» في سان فرنسيسكو الأحد (أ.ف.ب)

ولن تحظى تايوان بتمثيل سياسي فحسب، بل سيمثلها أيضا رجل أعمال هو موريس تشان، الذي يعد شخصية تاريخية في قطاع أشباه الموصلات في البلاد.

ولم تعد الولايات المتحدة من أنصار اتفاقيات التجارة الحرة، إذ انسحب ترمب من اتفاقية «الشراكة عبر الهادي» التي عرضها سلفه باراك أوباما على حلفاء بلاده في آسيا.

وبدلا من إعادة تفعيلها، اختار بايدن «الإطار الاقتصادي للازدهار في منطقة المحيطين الهندي والهادي» الذي لا يوفر إمكانية الوصول إلى الأسواق، بل يسعى لتسهيل الطريق للتجارة في 14 دولة تشمل اليابان والهند وأستراليا وكوريا الجنوبية ومعظم أجزاء جنوب شرقي آسيا، لكن ليس منها الصين.

اختُتمت المفاوضات بشأن أحد أجزاء «الإطار الاقتصادي للازدهار في منطقة المحيطين الهندي والهادي» الثلاثة وهو المتعلق بسلاسل الإمداد، ويمكن أن يتم خلال اجتماع «أبيك» وضع اللمسات النهائية على الجزأين الآخرين المتعلقين بالتجارة والطاقة النظيفة، بحسب ويندي كاتلر، المفاوضة التجارية الأميركية السابقة، التي تشغل حاليا منصب نائبة رئيس معهد سياسة مجتمع آسيا «Asia Society Policy Institute».


مقالات ذات صلة

بعد تعرّض أنصاره للعنف... رئيس وزراء السنغال يدعو للانتقام

أفريقيا رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو يتحدث خلال مؤتمر صحافي في داكار 26 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

بعد تعرّض أنصاره للعنف... رئيس وزراء السنغال يدعو للانتقام

دعا رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو إلى الانتقام، وذلك بعد أعمال عنف ضد أنصاره اتهم معارضين بارتكابها خلال حملة الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها الأحد.

«الشرق الأوسط» (داكار)
أوروبا وزير المالية الألماني السابق كريستيان ليندنر (أ.ف.ب)

ألمانيا تستعد لانتخابات مبكرة في فبراير بعد انهيار الائتلاف الثلاثي

المستشار شولتس وافق على تقريب موعد الانتخابات أمام ضغوط المعارضة ويستعد لطرح الثقة في حكومته 16 ديسمبر.

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس (أ.ب)

ألمانيا تحدد 23 فبراير موعداً للانتخابات المبكرة

تعتزم ألمانيا إجراء انتخابات عامة مبكرة في 23 فبراير (شباط) المقبل، بعد انهيار ائتلاف يسار الوسط بزعامة المستشار أولاف شولتس.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من «الاتفاق النووي» الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

إيران تدرس فرص التوصل إلى اتفاق مع ترمب

دعا كثير من المسؤولين السابقين والخبراء بل الصحف في إيران الحكومة علناً إلى تحسين العلاقات مع ترمب بعد إعلان فوزه الساحق بالانتخابات.

فرناز فصيح (واشنطن)
آسيا شيغيرو إيشيبا يدلي بصوته في البرلمان لاختيار رئيس وزراء اليابان (أ.ف.ب)

البرلمان الياباني يعيد انتخاب إيشيبا رئيساً للوزراء

أعاد البرلمان الياباني انتخاب شيغيرو إيشيبا رئيساً للوزراء، الاثنين، بعدما تكبّد ائتلافه الحاكم أسوأ خسارة انتخابية منذ أكثر من عقد من الزمان.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

ترحيل المهاجرين ضمن مهام ترمب في أول أيامه الرئاسية

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
TT

ترحيل المهاجرين ضمن مهام ترمب في أول أيامه الرئاسية

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

قالت ثلاثة مصادر مطلعة لـ«رويترز» إنه من المتوقع أن يتخذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب عدة إجراءات تنفيذية في أول أيام رئاسته لإنفاذ قوانين الهجرة وإلغاء برامج الرئيس جو بايدن المتعلقة بالدخول القانوني إلى الولايات المتحدة.

وأضافت المصادر أن هذه الإجراءات التنفيذية ستمنح مسؤولي الهجرة الاتحاديين حرية أكبر للقبض على الأشخاص الذين ليس لديهم سجلات جنائية، وزيادة القوات على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، واستئناف بناء الجدار الحدودي.

وتوقعت المصادر، التي رفضت الكشف عن هويتها، أن يلغي ترمب البرامج الإنسانية للرئيس بايدن التي سمحت لمئات الآلاف من المهاجرين بالدخول بصورة قانونية إلى الولايات المتحدة في السنوات القليلة الماضية.

وسوف تمثل هذه الإجراءات بداية تنفيذ سياسات ترمب المتعلقة بالهجرة، والتي تتضمن وعدا بترحيل أعداد قياسية من المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة.

وقدرت وزارة الأمن الداخلي الأميركية عدد المهاجرين الذين يعيشون في الولايات المتحدة بصورة غير قانونية بنحو 11 مليون مهاجر في عام 2022، وربما زاد هذا العدد الآن.

وكان ترمب قد هزم منافسته الديمقراطية كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية التي أجريت الأسبوع الماضي، ويستعد لتنصيبه رئيسا في يناير (كانون الثاني).

وأعلن ترمب مساء الأحد أن هومان سيتولى منصب «قيصر الحدود» في البيت الأبيض للإشراف على الأمن وتطبيق قوانين الهجرة.

ومن المرجح أن تواجه سياسات ترمب تحديات قانونية من الولايات التي يسيطر عليها الديمقراطيون ومن الاتحاد الأميركي للحريات المدنية والجماعات المدافعة عن الهجرة.

وتوقعت المصادر أن يصدر ترمب أمرا في اليوم الأول لرئاسته بخصوص ما يسمى إنفاذ القانون الداخلي والقبض على المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة واحتجازهم.

وقالوا إن ترمب يعتزم إلغاء الإرشادات التي أقرتها إدارة بايدن وأعطت الأولوية في الترحيل للأشخاص الذين لديهم سجلات إجرامية خطيرة مع تنفيذ محدود ضد غير المجرمين.

وقال مصدران إن الطلاب الدوليين الذين يدعمون «حركة المقاومة الإسلامية» (حماس) الفلسطينية أو الذين يخالفون شروط تأشيراتهم الدراسية قد تكون لهم الأولوية في الترحيل.