في زيارة هي الأرفع لمسؤول صيني إلى الولايات المتحدة منذ خمس سنوات، يصل وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، الخميس إلى واشنطن في رحلة تستمر ثلاثة أيام، لتمثل الخطوة الأحدث من الدولتين العملاقتين لإبقاء الاتصالات مفتوحة بينهما على الرغم من العلاقات الثنائية المتوترة.
ومن المقرر أن يجتمع وانغ مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن ومستشار الأمن القومي جايك سوليفان لمناقشة مجموعة من القضايا، ومنها الحرب بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، والحرب في أوكرانيا، والتوتر المتزايد أخيراً بين السفن الحربية التابعة لبلديهما في بحر الصين الجنوبي، وفقاً لما أوردته وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا»، بالإضافة إلى مسؤولين كبار من إدارة الرئيس جو بايدن اشترطوا عدم نشر أسمائهم، موضحين أن المحادثات ستشمل أيضاً الجهود لإحلال السلام في الشرق الأوسط وملف تايوان.
إدارة العلاقات
وأكد مسؤول أميركي رفيع أن الزيارة تأتي في إطار جهود أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم لـ«إدارة تنافسنا بشكل مسؤول»، مضيفاً «لا نزال نعتقد أن الدبلوماسية المباشرة هي الطريقة المثلى لطرح القضايا الصعبة، والتعامل مع سوء الفهم، والخلل في التواصل، والبحث في التعاون مع الصين في القضايا حيث تتلاقى مصالحنا».
وتأتي رحلة وانغ قبل ثلاثة أسابيع فقط من انعقاد قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي «أبيك» في سان فرنسيسكو، حيث يرتقب أن يشارك الرئيس الصيني شي جينبينغ، وأن يعقد لقاء قمة مع الرئيس بايدن. ولم يجزم المسؤولون الأميركيون اجتماع الزعيمين، ولم يذكروا أيضاً ما إذا كانت زيارة وانغ ستمهد لمثل هذا الاجتماع. وبدلاً من ذلك، وُصفت رحلة وانغ بأنها رد لزيارة بلينكن لبكين في يونيو (حزيران) الماضي. وكان بلينكن حينذاك المسؤول الأميركي الأرفع الذي يزور الصين منذ عام 2018.
مخاوف الصين
وأفادت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ بأن وانغ سيجري «تبادلاً معمّقاً لوجهات النظر مع القادة الأميركيين في شأن العلاقات الصينية الأميركية والقضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك»، موضحة أن وانغ سيعبّر عن «مبادئ الصين ومواقفها ومخاوفها المشروعة حيال العلاقات بين الصين والولايات المتحدة». وشددت على أن بكين تأمل في أن تعمل واشنطن معها من أجل «تعزيز الاتصالات والحوار وتوسيع التعاون العملي، وإدارة الخلافات بشكل مناسب، والدفع بشكل مشترك بالعلاقات بين الصين والولايات المتحدة لتعود إلى مسار التنمية الصحية والثابتة».
وخلال زيارته لبكين، اجتمع بلينكن 11 ساعة مع شخصيات كبرى في القيادة الصينية، بينهم الرئيس شي. ويتوقع دبلوماسيون أن يعقد وانغ اجتماعاً مشابهاً مع الرئيس بايدن الذي سيكون في واشنطن هذا الأسبوع.
قمة «أبيك»
وكان بايدن الذي التقى شي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على هامش اجتماعات «مجموعة العشرين» للدول الغنية في بالي، وجه دعوة لنظيره الصيني من أجل زيارة سان فرنسيسكو الشهر المقبل، حين تستضيف الولايات المتحدة قمة «أبيك».
ولدى سؤاله في شأن ما إذا كانت زيارة وانغ تعني أن زيارة شي باتت رسمية، اكتفى مسؤول أميركي آخر بأن بايدن «أعلن مرّات عدة أنه يأمل في لقاء الرئيس شي في المستقبل القريب»، رافضاً الإدلاء بتصريحات إضافية.
ويأتي الإعلان في وقت أعلنت فيه وزارة الخزانة الأميركية أن مسؤولين أميركيين وصينيين عقدوا اجتماعاً «مثمراً» الاثنين الماضي هو الأول لمجموعة عمل اقتصادية جديدة.
وعلى الرغم من ذلك، تفاقم التوتر مراراً بين الطرفين، لا سيما بعدما أجرت الصين مناورات عسكرية كبيرة قرب تايوان، وهي جزيرة تتمتع بحكم ذاتي تدعمها واشنطن، وتطالب بكين بإعادة سلطتها المباشرة عليها، وبعد زيارات لنواب أميركيين إلى الجزيرة.
حلفاء أميركا
والاثنين الماضي، اتهمت الفلبين التي تعد حليفة للولايات المتحدة الصين بأنها صدمت «عمداً» سفينتين تابعتين لها كانتا في مهمة للحصول على إمدادات في مياه متنازع عليها، ما دفع بكين لاتّهام مانيلا بنشر «معلومات خاطئة».
وكان مستشار الأمن القومي الأميركي اتصل بنظيره الفلبيني للتعبير عن دعمه له بعد «الخطوات الخطيرة وغير القانونية» التي قامت بها الصين.
ومن المقرر أن يستقبل بايدن، الأربعاء، رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيزي، الذي يقوم بزيارة دولة قبل أسابيع على زيارة مرتقبة للأخير إلى الصين، فيما تتعافى العلاقات التي كانت فاترة في الماضي بين كانبيرا وبكين.
أوكرانيا والشرق الأوسط
في المقابل، لم تتردد الصين في استعراض تحالفاتها، فاستقبلت الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الأسبوع الماضي الذي قام بإحدى أولى زياراته إلى الخارج منذ بدء حرب أوكرانيا. وقدمت بكين دعماً معنوياً لموسكو، لكنّ مسؤولين أميركيين يشيرون إلى أنها امتنعت عن تقديم دعم عسكري كامل لها، بعد تحذيرات واشنطن.
وكذلك سعت كل من الصين والولايات المتحدة للتدخل دبلوماسياً في ظل الحرب بين إسرائيل و«حماس». وخلال زيارة إلى الشرق الأوسط، اتصل بلينكن بوانغ، طالباً الضغط على إيران الداعمة لـ«حماس».
وفي المقابل، انتقدت بكين بدورها الدعم الأميركي لإسرائيل. ونددت باستخدام الولايات المتحدة حق النقض، الفيتو، في مجلس الأمن ضد قرار يدعو خصوصاً إلى «هدنة إنسانية» في الحرب بين إسرائيل و«حماس»، لعدم ذكره «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها».