واشنطن تضاعف انخراطها العسكري في آسيا لمواجهة نفوذ الصين

أوستن يلتقي نظيره الإندونيسي ومناورات مشتركة أميركية - أسترالية - فلبينية

دبابة أسترالية تشارك في المناورات المشتركة في قاعدة بحرية فلبينية الجمعة (أ.ب)
دبابة أسترالية تشارك في المناورات المشتركة في قاعدة بحرية فلبينية الجمعة (أ.ب)
TT

واشنطن تضاعف انخراطها العسكري في آسيا لمواجهة نفوذ الصين

دبابة أسترالية تشارك في المناورات المشتركة في قاعدة بحرية فلبينية الجمعة (أ.ب)
دبابة أسترالية تشارك في المناورات المشتركة في قاعدة بحرية فلبينية الجمعة (أ.ب)

ضاعفت الولايات المتحدة انخراطها العسكري وعلاقاتها مع دول جنوب شرقي آسيا، وسط تنافس متزايد مع الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، في وقت أعلن فيه وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن تأييد بلاده تحديث الجيش الإندونيسي، وشاركت فيه وحدات من مشاة البحرية الأميركيين «المارينز» في مناورات مشتركة مع القوات الأسترالية والفلبينية، لمحاكاة استعادة جزيرة استولت عليها قوات مُعادية على الساحل الشمالي الغربي للفلبين، قبالة بحر الصين الجنوبي المتنازَع عليه. وخلال اجتماع مع نظيره الإندونيسي برابوو سوبيانتو، في وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون»، شدَّد أوستن على أهمية تحديث الجيش الإندونيسي، في وقت تتطلع فيه إندونيسيا إلى تحديث جيشها، واستبدال مُعداته القديمة. وخصصت جاكرتا نحو 9 مليارات دولار، هذا العام، لموازنتها الدفاعية، في أكبر مبلغ لهذا الغرض، مع مبلغ مماثل للعام المقبل.

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن مع نظيره الإندونيسي برابوو سوبيانتو الخميس (د.ب.أ)

وأفادت وزارة الدفاع الأميركية، في بيان، أن وزيري الدفاع لديهما النية لزيادة القدرات الدفاعية، «مثل تحديث الطائرات المقاتلة، والمقاتلات الجديدة متعددة الأدوار، وطائرات النقل ذات الأجنحة الثابتة والدوّارة». وتسعى إندونيسيا إلى تحديث طائراتها المقاتلة، ومنها «إف 16» الأميركية الصنع، و«سوخوي 27»، و«سوخوي 30» الروسيتان. وأعلنت جاكرتا أخيراً أنها عقدت صفقة مع واشنطن لشراء 24 طائرة نقل هليكوبتر من شركة «لوكهيد مارتن» الأميركية لصناعة الأسلحة، بسعر لم يعلَن. وأضافت أنها اشترت 12 طائرة مسيَّرة جديدة من شركة تركية بقيمة 300 مليون دولار. ونقل «البنتاغون» عن أوستن وسوبيانتو أن مطالب الصين بالتوسع في بحر الصين الجنوبي «تتعارض مع القانون الدولي». وأكدا «قوة الركيزة الدفاعية لشراكتنا الاستراتيجية الدائمة»، مع التشديد على «الحفاظ على القوانين والأعراف الدولية، وتعزيز أمننا المتبادل وقدراتنا الدفاعية، والبقاء مسترشدين بمبادئنا الديمقراطية المشتركة». وعبّرا عن «عزمهما مواصلة تعزيز علاقتنا، والتأكد من أنها قوية وقادرة على اغتنام الفرص المستقبلية ومعالجة التحديات الناشئة في مُناخ جيوسياسي متزايد التعقيد». وكذلك اتفقا على أن «توقعات رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) في شأن منطقة المحيطين الهندي والهادئ، واستراتيجية الولايات المتحدة في المنطقة، تشتركان في المبادئ الأساسية، مثل الالتزام بالحفاظ على السلام والأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة، من خلال مركزية آسيان، وأننا يجب أن نعمل جنباً إلى جنب مع الشركاء الذين يشتركون في هذه الأهداف، والالتزام بنظام مفتوح وشامل وقائم على القواعد». واتفقا أيضاً على «وجهة النظر القائلة إن المطالبات البحرية التوسعية لجمهورية الصين الشعبية في بحر الصين الجنوبي تتعارض مع القانون الدولي، كما هو مبيَّن في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار».

طائرة للمارينز الأميركي تشارك في المناورات بالفلبين الجمعة (أ.ب)

ومع اقتراب الولايات المتحدة وإندونيسيا من الذكرى السنوية الخامسة والسبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية، أكد برابوو وأوستن أن «شراكتنا الدفاعية أقوى من أي وقت مضى»، ومنها مناورة ثنائية بين جيشي البلدين، وتمرين مشترك متعدد الجنسيات يضم أكثر من 19 دولة.

مناورة ثلاثية

وفي الفلبين، عاين الرئيس فرديناند ماركوس جونيور، ووزير الدفاع الأسترالي الزائر ريتشارد مارلز، عمليات إنزال وهمية في قاعدة بحرية فلبينية، بمشاركة 1200 جندي أسترالي، و560 جندي فلبيني، و120 من «المارينز» الأميركيين. وكانت قوات أسترالية وفلبينية وأميركية قد أجرت قبل ذلك مناورات جوية لهجوم في بلدة ريزال بمقاطعة بالاوان الغربية، التي تواجه أيضاً بحر الصين الجنوبي. وتُعدّ الدول الثلاث من بين أشد المنتقدين لتصرفات الصين، والمواجهة المتزايدة في المياه المتنازَع عليها، لكن الجيش الفلبيني قال إن «بكين ليست الهدف المتصوَّر للتدريبات القتالية»، وهي الأكبر حتى الآن مع أستراليا.

جنود أستراليون يشاركون في المناورات المشتركة الجمعة (أ.ب)

وقال ماركوس، بعد التدريبات، إنه «جانب مهم لكيفية استعدادنا لأي احتمال، وبالنظر إلى أن هناك الكثير من الأحداث التي تشهد على تقلب المنطقة». وقال مارلز، بشكل منفصل مع نظيره الفلبيني جيلبرتو تيودورو جونيور، إن التدريبات تهدف إلى تعزيز حكم القانون والسلام في المنطقة. وقال إن «الرسالة التي نريد أن ننقلها إلى المنطقة والعالم من تمرين من هذا النوع، هي أننا دولتان ملتزمتان بالنظام العالمي القائم على القواعد». وأضاف: «نحن ملتزمون بفكرة عالم تحدد فيه النزاعات بالرجوع إلى القانون الدولي». وقال مارلز وتيودورو، في بيان مشترك، إنهما سيتابعان خططاً للقيام بدوريات مشتركة في بحر الصين الجنوبي. وأكدا دعمهما حكم عام 2016 الذي أصدرته محكمة تحكيم في لاهاي، بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، والذي أبطل، إلى حد كبير، مطالبة الصين ببحر الصين الجنوبي بأكمله. وأيد سيطرة الفلبين على الموارد في مسافة 200 ميل بحري في المنطقة الاقتصادية الخالصة. ورفضت الصين المشاركة في التحكيم، وتواصل تحدي الحكم. وإلى جانب الصين والفلبين، تتداخل مطالبات فيتنام وماليزيا وبروناي وتايوان في الممر المائي، وهو نقطة ساخنة محتملة في آسيا، والتي أصبحت أيضاً جبهة حساسة في التنافس بين الولايات المتحدة والصين.


مقالات ذات صلة

اليابان وأميركا تعدان خطة عسكرية تحسباً لحالة طوارئ في تايوان

آسيا زوارق عسكرية تايوانية في ميناء كيلوناغ العسكري أكتوبر الماضي (إ.ب.أ) play-circle 01:13

اليابان وأميركا تعدان خطة عسكرية تحسباً لحالة طوارئ في تايوان

اليابان والولايات المتحدة تهدفان إلى إعداد خطة عسكرية تشمل نشر صواريخ تحسباً لحالة طوارئ محتملة في تايوان.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
أوروبا نظام مدفعية آرتشر من فوج المدفعية الملكية التاسع عشر التابع للقوات المسلحة البريطانية يطلق النار أثناء تدريب على إطلاق النار الحي في 18 نوفمبر 2024 في لابلاند الفنلندية (أ.ف.ب)

الجيش البريطاني يطلق مدفعاً جديداً للمرة الأولى خلال مناورة للناتو

قام جنود الجيش البريطاني بإطلاق مدفع جديد، يستخدم لأول مرة، وذلك خلال مناورة تكتيكية لحلف الناتو بفنلندا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا مدفع يتبع الجيش الفنلندي يطلق قذيفة خلال التدريبات (صفحة الجيش الفنلندي عبر فيسبوك)

فنلندا تستضيف لأول مرة تدريبات مدفعية لـ«الناتو»

تستضيف فنلندا، بدءاً من الأحد، مناورات مدفعية واسعة النطاق لحلف شمال الأطلسي (الناتو) للمرة الأولى منذ انضمامها إلى التحالف العسكري العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (روفانييمي )
العالم قوات أميركية ويابانية خلال أحد التدريبات المشتركة (صفحة الجيش الياباني عبر فيسبوك)

أستراليا والولايات المتحدة واليابان تعزز تعاونها العسكري

تعهدت أستراليا واليابان والولايات المتحدة التعاون عسكرياً بشكل وثيق في تدريب قواتها، بينما تعمّق هذه الدول علاقاتها في محاولة لمواجهة القوة العسكرية للصين.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
شمال افريقيا عناصر من القوات البرية والجوية والبحرية والقوات الخاصة للسعودية ومصر تشارك في تدريب «السهم الثاقب» (المتحدث العسكري المصري)

«السهم الثاقب»... انطلاق فعاليات التدريب المصري - السعودي المشترك

انطلقت في مصر فعاليات التدريب المصري - السعودي المشترك «السهم الثاقب»، الذي تستمر فعالياته على مدار أيام عدة، بنطاق «المنطقة الجنوبية العسكرية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: اتفاق وقف إطلاق النار لا يمنع عودة «حزب الله» إلى ما كان عليه

سيارة إسعاف بموقع استهدفته غارة إسرائيلية في بيروت (رويترز)
سيارة إسعاف بموقع استهدفته غارة إسرائيلية في بيروت (رويترز)
TT

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: اتفاق وقف إطلاق النار لا يمنع عودة «حزب الله» إلى ما كان عليه

سيارة إسعاف بموقع استهدفته غارة إسرائيلية في بيروت (رويترز)
سيارة إسعاف بموقع استهدفته غارة إسرائيلية في بيروت (رويترز)

حتى الآن لا تزال مضامين اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» غير واضحة، وهل الاتفاق، الذي يبدو أنه جُزّئ بين «حزب الله» و«إسرائيل»، يعني أن يدَ «الحزب» العسكرية ستبقى طليقة في لبنان، رغم الحديث عن تحويله إلى حزب سياسي؟

«حزب الله» سيواصل سياساته

أسئلة طرحتها «الشرق الأوسط» على باحثَين أميركيين بشأن الاتفاق المتوقع توقيعه، حيث أعرب مايكل روبين، كبير الباحثين في «معهد أميركان إنتربرايز» بواشنطن، عن تخوفه من أن «يواصل (حزب الله) الاحتفاظ بقدراته لمواصلة سياساته»، فيما يقول ديفيد داود، كبير الباحثين في «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات» بواشنطن، إنه «على الرغم من أن لغة الاتفاق تبدو أقوى من لغة القرار (1701)»، فإنه لا يبدو كافياً لوقف أنشطة «حزب الله» في المستقبل.

وتتضمن مسودة اتفاق وقف إطلاق النار فترة انتقالية مدتها 60 يوماً ينسحب خلالها الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، وينتشر الجيش اللبناني في المناطق القريبة من الحدود، وينقل «حزب الله» أسلحته الثقيلة إلى الشمال من نهر الليطاني. وتتضمن الصفقة لجنة إشرافية بقيادة الولايات المتحدة لمراقبة التنفيذ ومعالجة الانتهاكات.

«المحكمة الجنائية» وأموال «حزب الله»

يقول مايكل روبين لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أن هناك تقدماً كبيراً، لكن من المؤسف أن اتهامات المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو قد حولت هذه الأمور إلى مسار آخر، مما أجبر بعض الوسطاء في المنطقة على وقف الزيارات المباشرة إلى القدس ومنع نتنياهو من السفر إلى دول ثالثة». وأضاف روبين: «أعظم مخاوفي بشأن (حزب الله) هو أن شبكته المالية والإجرامية في أفريقيا وأميركا الجنوبية لا تزال على حالها. وإذا وجّه (حزب الله) بنادقه نحو بقية اللبنانيين، فسوف تكون لديه الوسائل المالية اللازمة لإعالة نفسه».

وفق الاتفاق، فقد وافقت الولايات المتحدة على إعطاء إسرائيل خطاب ضمانات يتضمن دعماً للعمل العسكري الإسرائيلي ضد التهديدات الوشيكة من الأراضي اللبنانية، واتخاذ إجراءات لتعطيل عمليات مثل إعادة تأسيس الوجود العسكري لـ«حزب الله» بالقرب من الحدود، أو تهريب الأسلحة الثقيلة. وبموجب الاتفاق، ستتخذ إسرائيل مثل هذا الإجراء بعد التشاور مع الولايات المتحدة، إذا لم يتعامل الجيش اللبناني مع التهديد.

موافقة إسرائيل غير مفهومة

يقول ديفيد داود لـ«الشرق الأوسط»: «على الرغم من أن لغة الاتفاق تبدو أقوى من لغة القرار الدولي (1701)، فإنه لا يمكن تفسير موافقة حكومة نتنياهو على هذا النوع من الاتفاقات، ما دام القانون الدولي يعطي الحق لأي دولة تتعرض لهجوم، أو ترى أن هناك هجوماً وشيكاً عليها، في أن ترد عليه». وأشار إلى أن «خرق (حزب الله) الاتفاق من دون أن يتسبب في حرب جديدة وشيكة، هو أمر ممكن، إذ يمكنه، على سبيل المثال، أن يبني مصنعاً للأسلحة لا يشكل، تبعاً لمنطوق الاتفاق، تهديداً مباشراً لإسرائيل».

وقال إن «الاتفاق يضمن لـ(حزب الله) مواصلة هيمنته وسيطرته على لبنان في ظل عدم قدرة اللبنانيين على مواجهته، وعدم قدرة الجيش اللبناني على الدخول في حرب معه، والتسبب في حرب أهلية جديدة». ويعتقد داود أن «المشهد الناجم عن قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو قد يعقد الأمور، كما قد يضعه الوضع الداخلي الإسرائيلي في مأزق؛ مما قد يعرض الاتفاق إلى الانهيار... ورغم ذلك، فإننا امام اتفاق لمدة 60 يوماً، مما قد يعطي إدارة ترمب الجديدة (صدقية) بأنها دخلت في عهد خالٍ من الحروب بالشرق الأوسط، لكن لا شيء يضمن عدم انفجارها مجدداً في سنوات مقبلة إذا لم (تتم) إزالة أسبابها».