ترمب يسلم نفسه لسجن جورجيا

هل يخضع الرئيس السابق للتصوير وأخذ بصماته كبقية المتهمين؟

عربة للشرطة عند مدخل سجن مقاطعة فولتون الثلاثاء (أ.ف.ب)
عربة للشرطة عند مدخل سجن مقاطعة فولتون الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

ترمب يسلم نفسه لسجن جورجيا

عربة للشرطة عند مدخل سجن مقاطعة فولتون الثلاثاء (أ.ف.ب)
عربة للشرطة عند مدخل سجن مقاطعة فولتون الثلاثاء (أ.ف.ب)

«هل يمكنك تصديق ذلك؟»، هذا ما كتبه الرئيس السابق دونالد ترمب، على منصبه التواصل الاجتماعي «تروث سوشيال». وهذا بالفعل ما يفكر فيه أنصاره ومعارضوه والمتابعون لقضاياه. فالرئيس السابق سيسلم نفسه يوم الخميس إلى سجن مقاطعة فولتون، حيث سيكون مشهد احتجازه في أحد سجون مدينة أتلانتا بولاية جورجيا أحد أغرب الصور لرئيس سابق، وربما رئيس محتمل في المستقبل، يتم تصويره وأخذ بصماته وإجراء فحص طبي عليه، وأخذ بعض المعلومات الشخصية عنه كما يتم مع المتهمين الآخرين. وهو الرئيس السابق الذي لا يزال يتمتع بحماية 24 ساعة يومياً من عملاء الشرطة السرية، والمؤكد حتى الآن أنه لن يتم تكبيل يدي الرئيس السابق بالأصفاد. وأعلن مأمور السجن في مقاطعة فولتون أنه سيتبع كل الإجراءات العادية المتبعة مع أي متهم، مثل تفتيش المتهم وأخذ بصماته وتصويره ما يتم إخباره بخلاف ذلك.

الرئيس السابق دونالد ترمب يدخل قاعة محكمة في نيويورك 4 أبريل 2023 (أ.ب)

ويواجه ترمب مع 18 شخصاً آخرين تهماً بالابتزاز والتآمر لإلغاء نتائج انتخابات 2020 في ولاية جورجيا، وتم منح المتهمين مهلة حتى يوم الجمعة لتسليم أنفسهم طواعية. وكما حدث في سيناريو القضايا السابقة في نيويورك وفلوريدا، سيصل الرئيس ترمب في موكب سيارات كبير إلى سجن مقاطعة فولتون لتسليم نفسه، وسط بالطبع إجراءات أمنية مكثفة ومشددة وإغلاق لكل الشوارع المؤدية إلى السجن. وقال ترمب عبر منصة «تروث سوشيال»: «سأذهب إلى أتلانتا جورجيا يوم الخميس ليتم توقيفي من قبل المدعية العامة اليسارية المتطرفة فاني ويليس». وقد اقترحت المدعية العامة لمقاطعة فولتون فاني ويليس أن تبدأ المحاكمة يوم 4 مارس (آذار) 2024، لكن الخبراء القانونيين يعتقدون أن تعقيدات القضية ووجود 19 متهماً آخرين قد تطيل من الإجراءات القانونية إلى ما بعد هذا التاريخ.

سور حديدي حول سجن مقاطعة فولتون الثلاثاء (أ.ف.ب)

كفالة بشروط، تعهد الرئيس السابق دفع كفالة 200 ألف دولار، مساء الاثنين، للمرة الأولى التي يتم فيها فرض كفالة للإفراج عن ترمب، وهو مبلغ لا يمكن قياسه بثروة ترمب، لكنه يمثل إهانة له، لأن الكفالة تعني أنه ليس شخصاً موثوقاً فيه، وأن هناك مخاطر لهروبه. وقد واجه ترمب ذلك بالسخرية قائلاً: «أصرت المدعية العامة الفاشلة لمقاطعة فولتون على الحصول على كفالة بقيمة 200 ألف دولار مني، وأفترض أنها تعتقد أنني سأكون في خطر الطيران بعيداً، ربما إلى روسيا لأكون مع فلاديمير (بوتين)، وبالطبع لن يتعرف عليّ أي شخص في المطار إذا أخذت طائرة تجارية». وكان من بين شروط الإفراج عنه بكفالة التزامه بعدم التواصل مع المتهمين الآخرين والشهود، ووقع قاضي المحكمة العليا سكوت مكافي، أمر الكفالة، ووقع محامو ترمب التعهد بألا يقوم ترمب بأي عمل لترهيب أي شخص من المدعى عليهم، أو الشهود في هذه القضية، أو محاولة عرقلة العدالة بأي شكل أو تهديد مباشر أو غير مباشر ضد المجتمع والممتلكات العامة، ويتضمن ذلك عدم نشر أي منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي. وتمكن ترمب في الملاحقات القضائية الثلاثة السابقة من تحويل تلك الاتهامات إلى وقود لحملته الانتخابية بأنه ضحية الاضطهاد السياسي. وهو يواجه في مقاطعة فولتون 13 تهمة تشمل الابتزاز والتآمر والتزوير والإدلاء ببيانات كاذبة والتآمر للدفع بمستندات مزورة، وكلها تهم جنائية تحمل عقوبة السجن في حالة الإدانة وتتراوح من عام إلى 20 عاماً وفي أفضل الحالات الغرامة المالية.

إذا أدين ترمب، فسيكون من الصعب عليه الحصول على عفو.

مراسلون خارج مدخل سجن مقاطعة فولتون الثلاثاء (أ.ف.ب)

على الأقل في أي وقت قريب. لا يسمح قانون ولاية جورجيا للحكام بالعفو عن المجرمين المدانين، بل يمنح هذه السلطة لمجلس مستقل. كما أنه من غير الممكن التقدم بطلب للحصول على عفو إلا بعد مرور خمس سنوات على الأقل على إتمام عقوبة الشخص. ويتوقع الخبراء أن يحاول ترمب نقل القضية إلى المحكمة الفيدرالية - كما طلب رئيس موظفي البيت الأبيض السابق مارك ميدوز - مجادلاً بأن أفعاله بعد الانتخابات كانت جزءاً من واجباته الرسمية كرئيس. ويمكن للمسؤولين الفيدراليين رفع قضايا الولاية إلى المحكمة الفيدرالية لأي شيء «يتعلق بأي عمل تحت لون هذا المنصب أو يتعلق به». إذا تم نقل التهم إلى محكمة فيدرالية، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة احتمالية إسقاط القضية المرفوعة ضد ترمب، لأن ذلك سيعزز حجة ترمب القائلة إن لديه حصانة رئاسية، لكن الشكوك عالية في قدرة فريق ترمب على إنجاح هذه المناورة القانونية.

المناظرة الجمهورية الأولى، تأتي كل هذه الدراما القانونية للرئيس ترمب قبل انعقاد المناظرة الأولى للحزب الجمهوري في مدينة ميلووكي بولاية ويسكنسن، ويتغيب عنها ترمب على الرغم من أنه يعد المرشح الأوفر حظاً لترشيح الحزب لخوض انتخابات 2024 الرئاسية. ولا يقتصر الأمر على تخطي المناظرة فقط، بل يحاول ترمب سرقة الأضواء بعيداً عن المرشحين الآخرين بعقد مقابلة مع تاكر كارلسون مذيع شبكة «فوكس نيوز» السابق في التوقيت نفسه. وبخلاف الرئيس ترمب، تأهل ثمانية مرشحين جمهوريين للمشاركة في المناظرة، وهم حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، وسفيرة الأمم المتحدة نيكي هايلي، وحاكم ولاية نيو جيرسي السابق كريس كريستي، وحاكم ولاية داكوتا الشمالية دوغ بورغوم، ورجل الأعمال فيفيك راماسوامي، وعضو مجلس الشيوخ عن ولاية كارولينا الجنوبية تيم سكوت، ومايك بنس نائب الرئيس السابق لترمب، وحاكم أركنساس آسا هاتشينسون.



غضب واسع من فشل احتواء حرائق لوس أنجليس

مقيمون يتفقدون الدمار الذي ألحقته الحرائق بكنيسة في «باسيفيك باليسايدز» 11 يناير (أ.ف.ب)
مقيمون يتفقدون الدمار الذي ألحقته الحرائق بكنيسة في «باسيفيك باليسايدز» 11 يناير (أ.ف.ب)
TT

غضب واسع من فشل احتواء حرائق لوس أنجليس

مقيمون يتفقدون الدمار الذي ألحقته الحرائق بكنيسة في «باسيفيك باليسايدز» 11 يناير (أ.ف.ب)
مقيمون يتفقدون الدمار الذي ألحقته الحرائق بكنيسة في «باسيفيك باليسايدز» 11 يناير (أ.ف.ب)

بينما بدأ أحد أكبر الحرائق في لوس أنجليس في الاتجاه شرقاً، عبّّرَ سكّان مناطق استحالت بمعظمها رماداً عن استيائهم من فشل السلطات في احتواء النيران. وأوقعت الحرائق الكثيرة المتواصلة على مشارف لوس أنجليس 11 قتيلاً على الأقل، فيما أتت النيران على أكثر من 10 آلاف مبنى، وأجبرت أكثر من 100 ألف شخص على مغادرة منازلهم.

تحقيق مستقل

وفي تفسير ما حصل، تتحدث السلطات حتى الآن عن الرياح العاتية التي بلغت سرعتها أحياناً 160 كيلومتراً في الساعة، والجفاف المسجل في الأشهر الأخيرة. إلا أن سكان كاليفورنيا المتضررين يعدون أن ذلك غير كافٍ. ويكثر الجدل والانتقادات من غياب رئيسة بلدية لوس أنجليس، كارين باس، التي كانت في زيارة لغانا عندما انطلقت الحرائق، وعدد عناصر الإطفاء المنخفض، ونضوب المياه في بعض الخزانات المخصّصة لمحاربة النيران، ونقص في عمليات تنظيف الأحراج.

جانب من جهود إخماد الحرائق في منطقة «باليسايدز» 11 يناير (أ.ب)

وانتقدت رئيسة جهاز الإطفاء في لوس أنجليس، كريستين كرولي، البلدية، مندّدة باقتطاعات في الميزانية طالت جهازها. وقالت إن «ثمة نقصاً متواصلاً في الطواقم والموارد والأموال». وأشارت إلى أن «حجم المدينة تضاعف منذ 1960، لكن عدد ثكنات الإطفاء تراجع». وأوضحت كذلك أنها لم تُبلّغ بأن أحد الخزانات التي تغذي المنطقة كان فارغاً، لأنه أغلق بسبب أشغال.

ويقول جيمس براون، وهو متقاعد مقيم في ألتادينا، الذي لا يزال مصدوماً بتحول مدينته إلى «ساحة حرب»: «أظن أن السلطات لم تكن بحالة جهوزية بتاتاً»، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية».

جانب من الدمار الذي خلّفته الحرائق بمنطقة «باسيفيك باليسايدز» 11 يناير (رويترز)

ووعدت رئيسة البلدية بفتح تحقيق، فيما أمر حاكم الولاية غافين نيوسوم بـ«تحقيق مستقل» حول عمليات التزود بالمياه في ثاني أكبر مدينة في الولايات المتحدة، مندّداً بمشاكل «مثيرة جداً للقلق».

جدل «سابق لأوانه»

والتحدي كبير لهذا الثنائي الديمقراطي، إذ إن كاليفورنيا، وهي أكثر ولايات البلاد تعداداً للسكان، والمعروفة بـ«غولدن ستايت»، تُعد منارة لليسار الأميركي.

الحرس الوطني التابع لولاية كاليفورنيا يستعدون للانتشار في المناطق المدمّرة 11 يناير (رويترز)

واستغلّ الرئيس الجمهوري المنتخب دونالد ترمب فشل السلطات في احتواء النيران، لتوجيه انتقادات لاذعة لإدارة جو بايدن، وذلك قبل أيام قليلة على عودته إلى البيت الأبيض. وندّد ترمب بـ«عدم كفاءة وسوء إدارة» الرئيس الديمقراطي الحالي والحاكم نيوسوم. وهو لم يتردد في نشر معلومات خاطئة، أكّد من خلالها أن كاليفورنيا تفتقر إلى المياه بسبب السياسات البيئية الديمقراطية التي تحول مياه الأمطار لاستخدامها في حماية «نوع غير مفيد من الأسماك». لكن في الواقع تتأتى غالبية المياه المستهلكة في لوس أنجليس من نهر كولورادو، وتستخدم في القطاع الزراعي بصفته أولوية.

منازل دمّرتها الحرائق في حي بمنطقة «باسيفيك باليسايدز» 11 يناير (رويترز)

وفيما يتفق كثيرون من موقف الرئيس المنتخب، أثارت تصريحاته غيظ بعض الناجين في ألتادينا. ويقول روس رامسي، متنهداً وهو يزيل الرماد من بين أنقاض منزل والدته: «هذا أمر معتاد لدى ترمب، يحاول إثارة جدل من خلال معلومات خاطئة». ويرى المهندس المعماري، البالغ 37 عاماً، متحدّثاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «من السابق لأوانه توجيه أصابع الاتهام إلى أي طرف»، مضيفاً: «يجب أن نركز على الناس الذين يحاولون استعادة حياتهم وإيجاد السبل لمساعدتهم». ومضى يقول: «بعدها يمكننا أن نستوضح الأمور بالوقائع والمعطيات الصحيحة».