يوليوس روبرت أوبنهايمر VS جون ماكارثي!

روبرت أوبنهايمر في معهد الدراسات المتقدمة في برينستون بنيوجيرسي الأميركية (أ.ب)
روبرت أوبنهايمر في معهد الدراسات المتقدمة في برينستون بنيوجيرسي الأميركية (أ.ب)
TT

يوليوس روبرت أوبنهايمر VS جون ماكارثي!

روبرت أوبنهايمر في معهد الدراسات المتقدمة في برينستون بنيوجيرسي الأميركية (أ.ب)
روبرت أوبنهايمر في معهد الدراسات المتقدمة في برينستون بنيوجيرسي الأميركية (أ.ب)

يقول العلماء إن الشمس تشبه غوّاصة نووية كبيرة، لكن في الفضاء. فيها تفاعلات نوويّة تدمج ذرّات الهيدروجين مع بعضها قسراً، فتحوّلها إلى هيليوم. تُنتج عمليّة الاندماج هذه كميّة من الطاقة كبيرة جدّاً. تُقاس هذه الطاقة بمعادلة آينشتاين الشهيرة «e=mc2». في هذه المعادلة يعد آينشتاين أن المادة والطاقة هما الشيء نفسه.

حوّل أوبنهايمر معادلة الشمس التفاعليّة إلى التطبيق العمليّ على مستوى الكرة الأرضيّة عبر مشروع مانهاتن. كما سرّعت أميركا هذا المشروع؛ لأنها كانت على سباق محموم مع ألمانيا النازيّة، فيمَن سيصل أوّلاً إلى صنع القنبلة. فكانت القنبلة النوويّة التي حسمت الحرب مع اليابان، وردعت الاتحاد السوفياتي بقيادة جوزف ستالين من تحويل كلّ أوروبا إلى اللون الأحمر بعد سقوط هتلر. ويقول بعض المحللين، إن استعمال القنبلة في اليابان، هدف أيضاً إلى ردع ستالين من التوسّع شرقاً على حساب اليابان، وذلك بعد إعلانه الحرب عليها.

منظر جوي بعد أول انفجار ذري بموقع اختبار ترينيتي في نيومكسيكو بالولايات المتحدة في 16 يوليو 1945 (أ.ب)

يقول البعض إن القنبلة النوويّة أزعجت تركيبة العالم القديم وأسسه. وغيّرت قواعد السلم والحرب. فهي أدخلت عامل قوّة جديداً، ضرب كل موازين القوّة القديمة. استُعملت مرّة واحدة فكانت كافية لإظهار مدى قوّة التدمير التي تحتويها. وبذلك، تكون القنبلة قد أرست قواعد جديدة لمنظومات الردع.

ظل السلاح النوويّ على هامش الحروب التقليديّة، لكنه منع بطريقة ما، الحرب المباشرة بين القوى العظمى. وبغضّ النظر عن الأزمة الكوبيّة في عام 1961، حلّت الحروب ذات الحدّة المنخفضة، بدل الحروب الشاملة. أصبحت القنبلة محطّ اهتمام دول العالم. فهي تعكس المستوى العلميّ والتكنولوجي المتقدّم للدولة التي تملكها. وهي أيضاً، تشكّل حصانة وقوّة ردعيّة، كما عامل توازن بين الأقوى والأضعف. هي عامل ردع ضدّ العدوان الخارجيّ.

بعد 78 سنة على التجربة الأولى للقنبلة، يُعرض حالياً في دور السينما فيلم «أوبنهايمر»، بحيث تزامن مع عرض فيلم «باربي». وبدأ الحديث عن سباق على شبابيك التذاكر؛ من سيحتلّ المركز الأوّل. يقول بعض المحلّلين، إن لكلّ من الفيلمين تداعيات سيّئة على العالم وعلى أميركا، لكن كيف؟ للقنبلة تأثيرات على الصراع العالميّ، على البيئة وعلى الحروب.

أما فيما خصّ «باربي»، فالتأثير السلبي كان على الصورة النمطيّة للمرأة التي عمّمتها باربي، خاصة في الشكل. بعد مرور 68 عاماً على ابتكار تسمية «الذكاء الاصطناعيّ» من قبل جون ماكارثي، يدور حالياً جدل عمّن هو فعلاً أبو هذا الذكاء؛ أهو جون ماكارثي العالم الأميركيّ أم هو العالم الإنجليزيّ الان تورينغ؟ عرّف ماكارثي الذكاء الاصطناعيّ على أنه علم هندسة صناعة الآلات الذكيّة. أما تورينغ، فهو من فكّك تشفير الآلة الألمانيّة العسكريّة «إينيغما»، الأمر الذي ساهم في تقصير مدّة الحرب العالميّة الثانية. بعد التفجير الأوّل للقنبلة، قال أوبنهايمر: «الآن أصبحت الموت، مُدمّر العوالم». فماذا لو تزاوج السلاح المدمّر للعوالم مع الذكاء الاصطناعيّ؟ لكن ما هو الفارق بين الذكاء الاصطناعي والسلاح النوويّ؟

الدمار الذي خلفته القنبلة الذرية في مدينة هيروشيما اليابانية عام 1945 (موقع الأمم المتحدة)

* اخترعت أميركا كلّاً من السلاح النوويّ، كما الذكاء الاصطناعيّ.

* بدأ السلاح النوويّ في أميركا أوّلاً. تمّ خرق الاحتكار من الاتحاد السوفياتيّ. وبعده توالت عمليّة انتشار السلاح على الشكل التالي: من القوى العظمى، إلى القوى الكبرى، إلى القوى الكبرى الإقليميّة. ومن يدري، فقد يصل السلاح إلى لاعبين من خارج إطار الدولة (NSA).

* عُدت مرحلة الانتشار الأولى، وكأنها العصر الأوّل للسلاح النوويّ. تجري القوى العظمى والكبرى حالياً عمليات تحديث لكل ترسانتها النوويّة القديمة، وذلك عبر إدخال التكنولوجيا الجديدة، إن كان في الدقّة، أو حجم التفجير (Yield)، أو وسيلة الإيصال للقنبلة، مثل الصواريخ الفرط صوتيّة. كما تعدّل هذه الدول استراتيجياتها النوويّة.

* بدأ عصر الذكاء الاصطناعي في أميركا، لكنه، بعكس النوويّ، لم يتّبع نفس طريقة الانتشار، حتى يمكن القول إن أميركا لم تحتكر الذكاء الاصطناعي قَطّ، كما احتكرت السلاح النوويّ.

* وأخيراً وليس آخراً، كان مشروع مانهاتن النوويّ سريّاً للغاية، وتحت إشراف الجيش الأميركيّ، وفي مكان صحراوي بعيد عن الحضارة. أما الذكاء الاصطناعي، فهو اليوم مع الشركات الخاصة، وتحت إشرافها وسيطرتها. وجُلّ ما يمكن للدولة أن تفعله الآن، هو السعيّ الجدّي لتشريع تكنولوجيا جديدة لا تفهمها، ولا تستطيع حتى اللحاق بسرعة التغيير فيها.


مقالات ذات صلة

فرنسا تغلق إحدى محطات الطاقة النووية بسبب موجة الحر الشديدة

أوروبا من المتوقع أن تستمر الموجة الحارة في فرنسا حتى منتصف الأسبوع الحالي (أ.ف.ب)

فرنسا تغلق إحدى محطات الطاقة النووية بسبب موجة الحر الشديدة

أغلقت شركة الكهرباء الفرنسية «إي دي إف» محطة جولفش للطاقة النووية في جنوب البلاد نظراً لموجة الحر الشديدة التي تشهدها تلك المنطقة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي (رويترز)

ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تندد بـ«تهديدات» إيران ضد غروسي

نددت الحكومة الفرنسية اليوم الاثنين بما وصفتها بأنها «تهديدات» موجهة إلى مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية رافائيل غروسي متحدثاً يوم 7 مايو في مطار فيينا عقب عودته من طهران (أ.ف.ب)

رافائيل غروسي... دبلوماسي لاتيني في واجهة الملف النووي العالمي

يواجه رافائيل ماريانو غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، تحديات جمة، خلال هذه الفترة، بعدما وجد نفسه في مرمى التصعيد الإيراني.

مساعد الزياني (دبي)
شؤون إقليمية المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي (أ.ف.ب) play-circle

روبيو يندد بدعوات في إيران «لاعتقال وإعدام» غروسي

ندد وزيرالخارجية الأميركي ماركو روبيو بما وصفه بـ«الدعوات في إيران لاعتقال وإعدام» المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية فرق إنقاذ تعمل في موقع بناء قصفته إيران في إسرائيل (د.ب.أ)

تركيا تُحذّر من احتمال تجدد المواجهات بين إيران وإسرائيل

حذّرت تركيا من احتمال تجدّد الصراع والمواجهات بين إسرائيل وإيران، مشيرة إلى أن القضية النووية تُمثّل بُعداً واحداً فقط من أبعاد الصراع بين البلدين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

الأمم المتحدة تعتمد قراراً يدين قمع «طالبان» للنساء ويطالب بالقضاء على الإرهاب في أفغانستان

دعت الأمم المتحدة حكام حركة «طالبان» في أفغانستان إلى التراجع عن قمعهم المزداد للنساء والفتيات (يونيسف)
دعت الأمم المتحدة حكام حركة «طالبان» في أفغانستان إلى التراجع عن قمعهم المزداد للنساء والفتيات (يونيسف)
TT

الأمم المتحدة تعتمد قراراً يدين قمع «طالبان» للنساء ويطالب بالقضاء على الإرهاب في أفغانستان

دعت الأمم المتحدة حكام حركة «طالبان» في أفغانستان إلى التراجع عن قمعهم المزداد للنساء والفتيات (يونيسف)
دعت الأمم المتحدة حكام حركة «طالبان» في أفغانستان إلى التراجع عن قمعهم المزداد للنساء والفتيات (يونيسف)

اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الاثنين، قراراً يدعو حكام حركة «طالبان» في أفغانستان إلى التراجع عن قمعهم المزداد للنساء والفتيات، والقضاء على جميع المنظمات الإرهابية، وذلك رغم اعتراضات الولايات المتحدة.

يقف أحد أفراد أمن «طالبان» حارساً بينما تسيرالأفغانيات خلال موكب ديني أقيم لإحياء ذكرى عاشوراء في اليوم العاشر من شهر المحرم - كابل - 6 يوليو 2025 (أ.ف.ب)

ويؤكد القرار، الذي يتألف من 11 صفحة، «أهمية خلق فرص للتعافي الاقتصادي والتنمية والازدهار في أفغانستان»، كما يحث المانحين على معالجة الأزمة الإنسانية والاقتصادية الخطيرة التي تمر بها البلاد.

ورغم أن القرار غير ملزم قانونياً، فإنه يعدّ انعكاساً للرأي العام الدولي. وصوتت لصالحه 116 دولة، بينما عارضته دولتان فقط؛ الولايات المتحدة وحليفتها المقربة إسرائيل، وامتنع 12 بلداً عن التصويت، من بينها روسيا والصين والهند وإيران.

أفراد أمن مسلحون من حركة «طالبان» يجلسون فوق مركبة مدرعة من طراز «هامفي» أثناء حراستهم موكباً دينياً للمسلمين الشيعة الأفغان الذين يحتفلون بعاشوراء في اليوم العاشر من شهر المحرم - هرات - 6 يوليو 2025 (أ.ف.ب)

ومنذ عودتها إلى الحكم في أفغانستان عام 2021، فرضت حركة «طالبان» إجراءات صارمة، شملت حظر النساء من دخول الأماكن العامة، ومنع الفتيات من التعليم بعد الصف السادس. وفي الأسبوع الماضي، أصبحت روسيا أول دولة تعترف رسمياً بحكومة «طالبان». وقالت السفيرة الألمانية لدى الأمم المتحدة، أنتيه ليندرتسه، التي قدمت بلادها مشروع القرار، إن ألمانيا وكثيراً من الدول الأخرى لا تزال تشعر بقلق بالغ إزاء تدهور أوضاع حقوق الإنسان في أفغانستان، خصوصاً ما وصفته بـ«الإلغاء شبه الكامل» لحقوق النساء والفتيات من قبل «طالبان».

وأضافت أن الرسالة الأساسية من القرار هي التأكيد على عدم نسيان الأمهات الأفغانيات اللاتي يحتضنّ أطفالاً مرضى، أو يعانين من سوء التغذية، أو اللاتي ينعين ضحايا الهجمات الإرهابية، بالإضافة إلى ملايين النساء والفتيات المحاصرات في منازلهن.