أميركا والصين: إنعاش للعلاقات أم تأجيل للصراعات؟

الخارجية الأميركية تحذّر من «تحول المنافسة مع بكين إلى صراع»

زيارة بلينكن هي الأولى له للصين (أسوشييتد برس)
زيارة بلينكن هي الأولى له للصين (أسوشييتد برس)
TT

أميركا والصين: إنعاش للعلاقات أم تأجيل للصراعات؟

زيارة بلينكن هي الأولى له للصين (أسوشييتد برس)
زيارة بلينكن هي الأولى له للصين (أسوشييتد برس)

في خضمّ الخلافات العالمية والصراعات الجيوسياسية، تسعى الإدارة الأميركية إلى إعادة قنوات التواصل مع منافسها الأكبر الصين، وذلك بعد تأزم في العلاقات بين البلدين يتخوف البعض من أي يؤدي إلى اندلاع موجة جديدة من صراعات تهز أسس المجتمع الدولي المتزعزعة منذ بدء الحرب الروسية - الأوكرانية.

يستعرض برنامج «تقرير واشنطن»، وهو ثمرة تعاون بين الشرق الأوسط والشرق، العلاقات الأميركية - الصينية على ضوء زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأخيرة إلى الصين، والتي هدفت إلى «تصحيح مسار العلاقات» المتأرجحة بين البلدين، على حد تعبير الطرف الأميركي.

وتتضمن لائحة «التصحيح» ملفات عدة وشائكة، من أوكرانيا وإيران مروراً بتايوان ووصولاً إلى قاعدة التجسس الصينية في كوبا، بالإضافة إلى أزمة مخدر الفنتانيل عبر الحدود الأميركية - المكسيكية.

بلينكن يجلس بعيداً عن الرئيس الصيني خلال زيارته إلى بكين- (أسوشييتد برس)

زيارة بلينكن: هل نجحت؟

ترى وزارة الخارجية الأميركية أن هدف زيارة بلينكن، وهي الأولى له منذ وصول الديمقراطيين إلى سدة الرئاسة في البيت الأبيض، هي «الحفاظ على مستوى عالٍ من التواصل مع الصين بالإضافة إلى توضيح الموقف الأميركي والنيات في المجالات التي تشهد نقاط خلاف مع بكين».

ويقول نائب المتحدث باسم الخارجية، ناثان تيك: «نعتقد أن هذه الرحلة قد تكللت بالنجاح مع تحقيق هذه الأهداف، ونحن على ثقة بعد المناقشات الصريحة البنّاءة والمثمرة التي أجراها وزير الخارجية في بكين أننا نسير على طريق مواصلة التواصل والحوار مع الصين، لكي نحرص على ألا تتحول المنافسة إلى نوع من الصراع».

وأشار تيك إلى أن الحوار بين الطرفين لم يقتصر على نقاط الخلاف بل تطرق إلى «مجالات التعاون الممكنة، حيث تلتقي مصالح البلدين خصوصاً في ما يتعلّق بالقضايا والتحديات التي تهدد البلدين».

من ناحيته رأى المستشار المتعاقد مع وزارة الخارجية جون ستيليديس، أنه «من السابق لأوانه تحديد ما إذا كانت هذه الرحلة ناجحة أم لا»، مشيراً إلى أنه على الرغم من الأهمية الجوهرية للحفاظ على تواصل عالي المستوى بين واشنطن وبكين، فإن «العامل البصري خلال اللقاء كان مثيراً للجدل»، وفسّر ستيليديس ما يقصده قائلاً: «جلس الرئيس شي خلال لقائه مع وزير الخارجية بلينكن بعيداً عنه وعلى مستوى مختلف، لكنه عندما التقى مايك بومبيو خلال رئاسة ترمب، وهيلاري كلينتون خلال رئاسة أوباما جلسا إلى جانبه». ورأى ستيليديس أن هذا العامل البصري الذي يُظهر «تفوق» الجانب الصيني مقابل الطرف الأميركي، مقصود، ويهدف إلى إرسال رسالة إلى الداخل الصيني أكثر من الخارج.

وتوافق إيلين ديزينسكي، رئيسة مركز القوة الاقتصادية والمالية في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، مع مقاربة ستيليديس، فتشير إلى أن اللقاء يعد «خطوة للأمام» في ظل التوتر بين البلدين «لكنْ هناك أمر واحد جدير بالذكر، وهو أن الصين في وضع صعب حالياً خصوصاً مع تباطؤ الاقتصاد والشيخوخة السكانية، والدفع نحو الفصل مع سلاسل التوريد الرئيسية من الصين». وتطرح ديزينكسي السؤال التالي: «هل تبحث الصين عن إعادة التواصل مع الولايات المتحدة والغرب بشكل أوسع، أم تسعى لاتخاذ مقاربة مختلفة وتعزيز مشاركتها مع أنظمة ديكتاتورية أخرى مثل روسيا وكوبا وسوريا وإيران وكوريا الشمالية...؟».

أما سوراب جوبتا، وهو كبير الباحثين في معهد الدراسات الصينية - الأميركية، فقد رأى أن الصين ليست لديها التوقعات نفسها التي تتمتع بها الولايات المتحدة في العلاقة بين البلدين. ويقول: «الصين تدرك أهمية العلاقات مع الولايات المتحدة؛ لكنها لا تملك التوقعات نفسها من هذه العلاقة، ولا تؤمن أن العلاقة ستعود إلى ما كانت عليه خلال فترة ما قبل ترمب. فهي تدرك أن العلاقة قد تعطلت مبدئياً. مع ذلك، فهي تسعى لتفاهم يمكن أن تستقر فيه هذه العلاقة وما تحاول القيام به هو تحديد إطار عمل استراتيجي جديد يشترك فيه الطرفان ليكون هناك نوع من التعايش السلمي والبنّاء».

الحرب الروسية - الأوكرانية ألقت بظلالها على الزيارة- (أ ف ب)

الحرب الروسية - الأوكرانية و«الحياد» الصيني:

أكّد نائب المتحدث باسم الخارجية ناثان تيك، أن بلينكن «كان واضحاً جداً حول المخاوف الأميركية من تحركات روسيا في أوكرانيا، كما كان واضحاً في نقل تلك المخاوف في حال قامت الصين أو أي دولة أخرى بتقديم الدعم لروسيا». وذلك في إشارة إلى التخوف الأميركي من أن تزود الصين روسيا بأسلحة فتاكة. وأضاف تيك: «نحن نؤمن بأن جميع الدول ومن ضمنها الولايات المتحدة والصين وغيرها حول العالم لديها مصلحة مشتركة في ضمان سلام عادل ودائم في أوكرانيا وسنستمر في التواصل بهذا المستوى مع جمهورية الصين الشعبية لضمان عدم تدخّل أي من الأطراف وزعزعة الوضع».

وترى ديزينسكي أن الرئيس الصيني يستطيع القيام بالمزيد لحل الأزمة الروسية - الأوكرانية «إن أراد ذلك» لكنها تشير إلى أنه «حالياً يبدو الأمر كأنه يريد أن يلعب على الأصعدة كافة». وتضيف: «نجد شركات مملوكة من الحكومة الصينية تدعم جهود الحرب، الصين تحاول دعم بوتين إلى حد ما، إذ تسمح له بالاستمرار في الحرب، ولا تضع خطاً أحمر على الأنشطة الروسية، كما أنها ترغب في المشاركة في جهود إعادة الإعمار من دون تقديم حل عملي لخطة سلام» وتختم: «المشكلة في اللعب على الجبهات كافة هي عدم وجود أي طريق واضح».

ويطرح جوبتا مقاربة مختلفة فيرجح أن الصين قد تستعين بنفوذها مع روسيا، بينما يمكن لبلد مثل فرنسا استخدام نفوذه مع أوكرانيا لخلق أرضية يستطيع الجانبان الالتقاء فيها. ويضيف أن الصين لن تستعمل نفوذها ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأنه «في حال حصول سيناريو مماثل مع تايوان، فهي ترغب في أن تكون روسيا إلى جانبها». مؤكداً أن «اهتمامات الصين في هندسة الأمن الأوروبية ضئيلة».

أما ستيليديس فيشكك في أن تكون «بكين مهتمة كثيراً برأي وزير الخارجية بلينكن حول اجتياح روسيا لأوكرانيا. فللصين مصالحها الخاصة في مسرح آسيا وأوروبا وقد استغلت بمهارة هذه الحرب». على حد قوله. ويتحدث المستشار المتعاقد مع «الخارجية» عن أن بكين تتلقى النفط الروسي والغاز الطبيعي بأسعار مخفضة جداً، كما أن الحرب الروسية - الأوكرانية تستنفد الذخيرة المدفعية للولايات المتحدة ولتحالف الناتو، و«لن تتمكن الولايات المتحدة من إعادة تجديدها قبل نصف عقد على الأقل». ويرجِّح ستيليديس أن الصين «ستجلس على الحياد وتنتظر باقي العالم أن يأتي إليها لكي تنقذ الوضع حين يتحوّل هذا الصراع إلى صراع متجمّد ونوع من الطريق المسدود. وستسمح للولايات المتحدة بأن تنفذ من الصواريخ التي يمكن أن تكون مفيدة جداً في حال بزوغ صراع على تايوان».

قاعدة التجسس الصينية في كوبا مصدر قلق أميركي- (رويترز)

قاعدة التجسس في كوبا... النفوذ الأميركي والتواصل العسكري:

رفضت «الخارجية» الدخول في تفاصيل المناقشات بين الطرفين «حول المسائل الاستخباراتية أو المحادثات الدبلوماسية الخاصة»، لكن تيك أكّد أن بلينكن أثار قضية قاعدة التجسس في كوبا مع الجانب الصيني خلال زيارته لبكين.

وشدد تيك على أهمية الاستمرار في الحوار مع الصين «لضمان عدم تحول العلاقة إلى صراع» وقال تيك: «نحن نؤمن بأن هذه العلاقة مهمة جداً بل الأكثر أهمية في القرن الحادي والعشرين وهذا ما يجعل التواصل مهماً جداً». وأشار إلى أن الولايات المتحدة «ستستمر في الإلحاح على عودة قنوات التواصل العسكرية بين البلدين».

وتشير ديزينسكي إلى أن هدف الصين من تأسيس قاعدة تجسس في كوبا على بُعد قريب من الولايات المتحدة هو نوع من «التلاعب النفسي المثير للإعجاب»، لكنها شددت على أن الحقيقة هي «أن الصين تتنصت في كل مكان في الولايات المتحدة». وتقول: «هناك تأثير صيني في الداخل الأميركي، في المؤسسات الأكاديمية وفي الشركات، وغيرها... لذا مشكلة الاستخبارات هذه وجمع البيانات أعمق بكثير من التجسس من كوبا... فهذا يحدث في كل مكان».

توتر أميركي صيني بعد وصف بايدن لشي بالديكتاتور- (أ ف ب)

سياسة أميركية «صريحة»:

وفي حين تجنَّب تيك الإجابة بشكل مباشر عن التوتر الصيني - الأميركي مباشرةً بعد زيارة بلينكن إثر توصيف بايدن الرئيس الصيني بالديكتاتور، فإنه أشار إلى أنه «من غير المفاجئ أن يعبّر الرئيس الأميركي عن وجهات نظره حول نقاط الاختلاف بين الولايات المتحدة والصين على مجموعة واسعة من القضايا»، وأضاف تيك: «ستستمر الولايات المتحدة في التنافس بقوة مع جمهورية الصين الشعبية، كما سنستمر في التعبير بوضوح وصراحة عن أي وجهات نظر مختلفة معها. لكننا سنحرص على أن تكون المنافسة بمسؤولية وحرص، لضمان أن تكون مستقرة ومسؤولة، وعدم تحولها إلى صراع».

لكنّ ستيليدس يحذّر من الاستخفاف بنيات الصين في هذه المنافسة فيقول إن بكين تشن «حرباً ممنهجة» ضد الولايات المتحدة، مضيفاً: «إنها حرب غير مقيدة بما في ذلك الحرب الكيميائية التي نراها مع أزمة مخدر الفنتانيل، والحرب البيولوجية مع فيروس كوفيد». ويضيف ستيليدس: «لا تُخفي الصين رغبتها في أن تحل مكان الولايات المتحدة كقائد اقتصادي وعسكري وسياسي عالمي بحلول 2049».

وحول تنامي نفوذ الصين في منطقة الشرق الأوسط، يقول: «أعتقد أنه كانت هناك إعادة نظر في السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، الأمر الذي ترك مجالاً لدولة مثل الصين لكي تتحرك». ويحذر: «يجب أن نكون حذرين كي لا نحول الأصدقاء والحلفاء إلى أعداء، أو إلى شركاء يحاولون التوازن بين الولايات المتحدة والصين، فهذا سيؤثر على الاستقرار في الشرق الأوسط خصوصاً إنْ نجحت إيران في تخصيب اليورانيوم لتصنيع الأسلحة ليصبح لدينا احتمال انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط في منطقة منكوبة بالحرب. لا يمكن أن نسمح بحصول ذلك».


مقالات ذات صلة

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا صحافيون يلتقطون صوراً لبقايا صاروخ استهدف منطقة دنيبرو في مركز لتحليل الطب الشرعي بمكان غير محدد بأوكرانيا الأحد (أ.ب)

موسكو تؤكد عزمها الرد على التصعيد الأميركي «غير المسبوق»

أكدت موسكو، الأحد، عزمها الرد على ما سمّته التصعيد الأميركي «غير المسبوق»، فيما دعا الرئيس الأوكراني إلى تعزيز الدفاعات الجوية لبلاده بعدما أسقطت وحدات الدفاع…

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا القوات الروسية تتقدم بأسرع وتيرة بأوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022 (تاس)

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

قال مدونون ووسائل إعلام روسية إن موسكو أقالت جنرالاً كبيراً في أوكرانيا لتقديمه تقارير مضللة عن تقدم في الحرب، بينما يحاول وزير الدفاع إقصاء القادة غير الأكفاء.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

قال الكرملين، الأحد، إن موسكو يجب أن ترد على التصعيد غير المسبوق الذي أثارته واشنطن، بسماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى قلب روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم (السبت) أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بعد اكتمال تشكيلة الحكومة... هذه أبرز الأسماء في إدارة ترمب

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بمناسبة سابقة برفقة روبيو في يوليو 2024 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بمناسبة سابقة برفقة روبيو في يوليو 2024 (أ.ف.ب)
TT

بعد اكتمال تشكيلة الحكومة... هذه أبرز الأسماء في إدارة ترمب

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بمناسبة سابقة برفقة روبيو في يوليو 2024 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بمناسبة سابقة برفقة روبيو في يوليو 2024 (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، عن أسماء جديدة لشغل مناصب رفيعة ضمن حكومته المقبلة. ودفع باسم سكوت بيسنت، مؤسس شركة الاستثمار «كي سكوير غروب» وأحد المروجين المتحمسين لفرض رقابة سياسية على «الاحتياطي الفيدرالي»، لتولي منصب وزير الخزانة. بينما رشّح الطبيبة من أصل أردني جانيت نشيوات، لمنصب «الجراح العام»، والدكتور مارتي ماكاري لقيادة إدارة الغذاء والدواء، ولاعب كرة القدم الأميركي السابق ومساعد البيت الأبيض سكوت تيرنر، لمنصب وزير الإسكان والتنمية الحضرية.

ومساء السبت، أعلن ترمب أنه رشح رئيسة مركز «أميركا فيرست بوليسي إنستيتيوت» (إيه إف بي آي)، بروك رولينز، وزيرةً للزراعة، وهو كان المنصب الأخير المتبقي لاستكمال تشكيلة حكومته.

وفيما يلي أبرز المرشّحين الذين أعلنهم ترمب في إدارته الجديدة.

بيسنت لـ«الخزانة»

المستثمر سكوت بيسنت متحدّثاً بفعالية بنورث كارولاينا في 14 أغسطس (أ.ب)

كان اسم بيسنت قد ورد بين المرشحين المفضلين لتولي هذا المنصب، وهو مُقرّب من عائلة ترمب منذ فترة طويلة، وسيضطلع بدور رئيسي في تنفيذ البرنامج الاقتصادي للرئيس الأميركي المنتخب، بالإضافة إلى السيطرة على الدين العام.

وقال ترمب في بيان، إن بيسنت «سيساعدني على إطلاق عصر ذهبي جديد للولايات المتحدة، وترسيخ دورنا كأكبر اقتصاد في العالم ومركز للابتكار وريادة الأعمال ووجهة لرؤوس الأموال، مع ضمان بقاء الدولار من دون أدنى شك العملة الاحتياطية في العالم». تخرّج بيسنت في جامعة ييل، وبدأ حياته المهنية عام 1991 في شركة الملياردير جورج سوروس الاستثمارية (إس إف إم)، وتركها مرة أولى في عام 2000 ليطلق صندوقه الاستثماري الخاص.

وبعد فشله في البداية، عاد إلى «إس إف إم» عام 2011، قبل أن يستقيل مرة أخرى ليطلق مجموعة «كي سكوير غروب». وسيؤدي دوراً أساسياً على رأس وزارة الخزانة، وهو منصب مرموق داخل الحكومة، حيث سيضطلع بدور مزدوج يتمثل في تقديم المشورة وإدارة الميزانية الفيدرالية والإشراف على السياسة الاقتصادية. وسيتعيّن على بيسنت خصوصاً زيادة وإدامة التخفيضات الضريبية، التي تحققت خلال فترة ولاية ترمب الأولى (2017 - 2021) التي ستنتهي في عام 2025. كما ستكون مهمته إدارة خفض العجز العام، والسيطرة على الدين الفيدرالي الذي يبلغ 36 تريليون دولار، وعلى العلاقات التجارية مع شركاء الولايات المتحدة الرئيسيين، بما في ذلك الصين. كذلك، سيؤدّي دوراً مُهمّاً في السيطرة على مؤسسات الإشراف المالي مثل «الاحتياطي الفيدرالي»، وهو من أشدّ المدافعين عن دور أكبر للسلطة السياسية في عملية صنع القرار بهذه المؤسسة.

وبحسب مجلة «فوربس»، فإنه بحال موافقة مجلس الشيوخ عليه، سيصبح بيسنت أول وزير في إدارة جمهورية يُجاهر بمثليته. وكان اسمه مطروحاً منذ 5 نوفمبر (تشرين الثاني) مع اسم هوارد لوتنيك، الذي عُيّن في نهاية المطاف وزيراً للتجارة الثلاثاء. وفي مقارنة بين الرجلين، قال إيلون ماسك، الملياردير المقرّب من ترمب، على حسابه في منصة «إكس» التي يملكها إن بيسنت سيكون خيار الجمود، «بينما سيطبق هوارد لوتنيك التغيير الذي يريده دونالد ترمب حقاً».

طبيبة من أصول أردنية

د. جانيت نشيوات (أ.ف.ب)

وكانت الطبيبة من أصل أردني، جانيت نشيوات، بين لائحة المرشّحين الذين أعلن عنهم ترمب الجمعة، وحظيت بمنصب الجراح العام للولايات المتحدة، بحسب قناة «فوكس نيوز» السادسة عشرة الإخبارية.

وقال ترمب، في بيان، إن الطبيبة نشيوات مدافعة شرسة ومحاورة قوية في مجال الطب الوقائي والصحة العامة. وأضاف: «أنا فخور جداً بأن أعلن اليوم أن الطبيبة نشيوات ستكون طبيبة الأمة، جراحة عامة للولايات المتحدة، وهي (...) لديها التزام لا يتزعزع بإنقاذ وعلاج الآلاف من أرواح الأميركيين، وهي مناصرة قوية ومتواصلة في مجال الطب الوقائي والصحة العامة». وتابع ترمب: «هي ملتزمة بضمان حصول الأميركيين على رعاية صحية عالية الجودة وبأسعار معقولة، وتؤمن بتمكين الأفراد من تولي مسؤولية صحتهم ليعيشوا حياة أطول وأكثر صحة»، وفق وكالة «بترا» الأردنية للأنباء.

ويعد منصب جراح عام الولايات المتحدة أعلى منصب طبي في البلاد، يمنح صاحبه القرار بإجازة أي دواء لأي وباء في العالم، ويرتبط بالرئيس الأميركي مباشرة.

وقال ترمب إنها عالجت المرضى أثناء جائحة «كوفيد - 19»، واهتمت بضحايا إعصار كاترينا وإعصار جوبلين، وعملت في منظمة إغاثة الكوارث «Samaritan's Purse» التي تقدم الرعاية في المغرب وهايتي وبولندا، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

ويعرفها كثير من الأميركيين بصفتها مساهمة في قناة «فوكس نيوز»، وناقشت قضايا مثل سلالة جدري القردة، وتأثيرات تعاطي الكحول والمخدرات، أو الإغاثة من الكوارث الطبيعية. وكانت نشيوات مساهمة طبية في شبكة «فوكس نيوز»، وقال متحدث باسم الشبكة إنه بدءاً من إعلان ترمب، لم تعد مساهمة في القناة.

ماسك لخفض الميزانية

الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

كُلف مالك منصة «إكس» وشركتي «تسلا» و«سبايس إكس»، الملياردير إيلون ماسك، قيادة عملية تدقيق في الإنفاق العام بهدف خفضه، إلى جانب رجل الأعمال فيفيك راماسوامي. ويُعرف أغنى رجل في العالم والمساهم مالياً بشكل واسع في حملة الجمهوريين، بأسلوبه الإداري «المتشدد»، وبكونه لا يتردد في تنفيذ عمليات تسريح واسعة النطاق وسريعة.

روبرت كيندي جونيور

واختير روبرت إف. كيندي جونيور، ابن شقيق الرئيس الراحل جون كيندي، لتولي حقيبة الصحة. وكيندي محامٍ سابق في مجال قانون البيئة، تحدث عن نظريات مؤامرة بشأن لقاحات مكافحة وباء «كوفيد - 19»، وسيكون مسؤولاً عن «إعادة الصحة لأميركا». وسيدعمه «دكتور أوز»، وهو جراح ونجم تلفزيوني سيقود برنامج التأمين الصحي العام الضخم، والطبيبة من أصول أردنية جانيت نشيوات.

بوندي لوزارة العدل

اختيرت بايم بوندي، وهي محامية سابقة لترمب والمدعية العامة السابقة لفلوريدا لتولي حقيبة العدل الحساسة، بعد انسحاب مات غيتز المدوي والمثير للجدل على خلفية اتهامه بتجاوزات أخلاقية مع فتاة قاصر. وبوندي مقربة من ترمب وعضو فريق الدفاع عنه خلال المحاكمة البرلمانية التي كانت ترمي لعزله عام 2020، وسيدعمها في الوزارة 3 من محامي الرئيس المنتخب الشخصيين؛ هم تود بلانش وإميل بوف وجون سوير. ومهمتهم واضحة: وضع حد لما يعدّه دونالد ترمب «استغلالاً» للقضاء.

روبيو الحازم تجاه الصين

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والسيناتور ماركو روبيو خلال مناظرة للمرشحين الرئاسيين آنذاك في فبراير 2016 (رويترز)

وسيصبح السيناتور الجمهوري البارز عن ولاية فلوريدا، ماركو روبيو، الوجه الجديد للدبلوماسية الأميركية على المستوى الدولي. وسيكون روبيو أول أميركي من أصول لاتينية يتولى وزارة الخارجية، وهو معروف بمواقفه الحازمة جداً تجاه الصين، ودعمه القوي لإسرائيل، ومعارضته الشرسة لإيران. وسيشغل مسؤول منتخب آخر من فلوريدا، هو مايك والتز الحازم جداً أيضاً تجاه الصين، وكذلك تجاه روسيا، منصب مستشار الأمن القومي. كما عيّن ترمب اثنين من أشرس المؤيدين لإسرائيل؛ هما مايك هاكابي سفيراً لدى إسرائيل، وإليز ستيفانيك سفيرة لدى الأمم المتحدة. وكان منصب السفير لدى حلف شمال الأطلسي من نصيب ماثيو ويتاكر، وكُلف مسؤولية «وضع أميركا أولاً»، وفقاً لدونالد ترمب.

هيغسيث... من «فوكس نيوز» إلى البنتاغون

ترمب يدلي بتصريح عام 2017 لمقدم البرامج في «فوكس نيوز» بيت هيغسيث الذي رشحه لمنصب وزير الدفاع (رويترز)

اتخذ ترمب قراراً مدوياً بتعيين مقدم البرامج في قناة «فوكس نيوز» بيت هيغسيث وزيراً للدفاع. ويعارض هذا الضابط السابق في الحرس الوطني الأميركي مشاركة النساء في القوات المقاتلة، ولم يسبق أن ترأس مؤسسة كبرى. ومع تعيينه وزيراً للدفاع، سيدير شؤون 3.4 مليون جندي وموظف مدني، في وزارة تخصص لها موازنة ضخمة تفوق 850 مليار دولار سنوياً. واتُّهم هيغسيث باعتداء جنسي عام 2017، من دون أن تُرفع شكوى ضده.

غابارد «ضد الحروب»

أرشيفية لمرشحة الرئيس المنتخب دونالد ترمب لإدارة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد (أ.ف.ب)

وعينت تولسي غابارد على رأس مديرية الاستخبارات الوطنية. وتُتّهم هذه المنشقة عن الحزب الديمقراطي والعسكرية السابقة باتخاذ مواقف مؤيدة للكرملين. وفي مقطع فيديو نُشر بعد بدء الحرب في أوكرانيا، دعت النائبة السابقة عن هاواي، الرؤساء الروسي والأوكراني والأميركي، إلى إنهاء الصراع.

واعترض مسؤولون استخباراتيون على ترشيحها، بينما اتّهمتها نيكي هايلي المندوبة الأميركية السابقة لدى الأمم المتحدة، بـ«التعاطف» مع الصينيين والإيرانيين والروس.

نويم للأمن الداخلي

حاكمة ساوث داكوتا كريستي نويم خلال حفل انتخابي بأوهايو في 16 مارس (أ.ف.ب)

ستؤدي حاكمة ولاية داكوتا الجنوبية، كريستي نويم، دوراً رئيسياً في تنفيذ الوعد الذي قطعه دونالد ترمب خلال حملته الانتخابية بترحيل جماعي للمهاجرين غير النظاميين، إذ اختيرت لقيادة وزارة الأمن الداخلي. وتصدّرت نويم البالغة 52 عاماً عناوين الأخبار هذا العام، بعد تفاخرها بقتل كلبتها، لأنها كانت غير قابلة للترويض، وفق تعبيرها. وقوّض ذلك التصريح مساعيها إلى الترشح مع دونالد ترمب لمنصب نائب الرئيس.