رئيس الوزراء الهندي يزور أميركا لتعزيز العلاقات في مواجهة الصين

الرئيس جو بايدن خلال لقائه في مايو العام الماضي مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي (أ.ب)
الرئيس جو بايدن خلال لقائه في مايو العام الماضي مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي (أ.ب)
TT

رئيس الوزراء الهندي يزور أميركا لتعزيز العلاقات في مواجهة الصين

الرئيس جو بايدن خلال لقائه في مايو العام الماضي مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي (أ.ب)
الرئيس جو بايدن خلال لقائه في مايو العام الماضي مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي (أ.ب)

يتوجّه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الثلاثاء، إلى الولايات المتحدة في زيارة يخاطب خلالها الكونغرس، ويلتقي الرئيس الأميركي جو بايدن، لمناقشة العلاقات في مجالَي الدفاع والتكنولوجيا، في محاولة لمواجهة العملاق الصيني.

وسيحضر زعيم أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، مأدبة عشاء رسمي في البيت الأبيض الخميس، هي الثالثة فقط لبايدن منذ تنصيبه.

وتأتي هذه الزيارة، التي اعتبرتها نيودلهي فرصة «تاريخية (...) لتوسيع وتعزيز» العلاقات، في وقت تزداد فيه المخاوف بشأن حقوق الإنسان وتراجع الديمقراطية في ظلّ حكم الزعيم الهندوسي القومي.

لكن واشنطن تسعى إلى تعزيز علاقاتها مع حليف إقليمي محتمل لمواجهة ازدياد النفوذ الصيني.

ويتوقع محللون صدور إعلانات بارزة في مجال الطاقة النظيفة والتكنولوجيا الاستراتيجية، بما في ذلك الإعلان عن صفقة لإنتاج مشترك لمحركات نفاثة.

«البراغماتية والتوافق العميق»

في زيارة أجراها مطلع هذا الشهر لنيودلهي، أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن وضع «خريطة طريق جديدة طموحة للتعاون الصناعي الدفاعي» مع الهند.

وربط محللون هذا الإعلان بإعلان متوقع هذا الأسبوع، حول خطة نوقشت منذ فترة طويلة بمليارات الدولارات للإنتاج المشترك للمحركات النفاثة في الهند.

وتحاول نيودلهي تخفيف اعتمادها على المعدات العسكرية الروسية من خلال تنويع وارداتها ودعم إنتاجها المحلي.

وتحاول عدة دول التقرب من مودي، فيما تأمل واشنطن أن تساعد عروضها في التكنولوجيا والإنتاج المشترك في ضمان تأمين سوق رئيسية.

وقال مدير الفرع الهندي في شركة «مجموعة آسيا» للاستشارات آشوك مالك، إن العلاقات الأميركية - الهندية تحددها «البراغماتية والتوافق العميق على المستوى الحكومي» مع روابط اقتصادية وتجارية «قوية جداً».

وأضاف مالك لوكالة الصحافة الفرنسية، أن الهند مهمة «كقوة متنامية» في المنطقة، «حيث يزداد حزم الصين بشكل غير عادي».

وتوترت العلاقات بين الهند والصين منذ اشتباك حدودي في جبال الهيمالايا في يونيو (حزيران) 2020، قتل فيه 20 جندياً هندياً و4 جنود صينيين على الأقل.

وتسعى الهند مذاك إلى إقامة علاقات وثيقة مع الدول الغربية، خصوصاً أعضاء التحالف الرباعي الذي يجمع الولايات المتحدة واليابان وأستراليا.

«شخصيتان متناقضتان»

تُعدّ الهند، بسوقها الضخمة وإمكاناتها كبديل لسلاسل التوريد المعتمدة على الصين، جذابة لواشنطن، لكن علاقاتها مع موسكو تشكّل مصدر إزعاج لواشنطن.

ولم تدِنْ نيودلهي الغزو الروسي لأوكرانيا وزادت وارداتها النفطية من روسيا.

ورأى دونالد كامب من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، أنه رغم دفع واشنطن الهند نحو «اتخاذ مزيد من التدابير» حيال روسيا، «لا يبدو أن العلاقة مع موسكو قد شكّلت عائقاً كبيراً في تطور العلاقات (الأميركية - الهندية) خلال العام الماضي».

وسيلتقي مودي أيضاً وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، الذي زار بكين يومَي الأحد والاثنين. وكان بلينكن أعلى مسؤول أميركي يزور الصين منذ 5 أعوام تقريباً.

وسيبدأ مودي جولته الأميركية الأربعاء، بعرض اليوغا في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، وسيلتقي رؤساء كبرى الشركات الأميركية لتقديم عرض استثماري جديد قبل الانتخابات الوطنية الهندية العام المقبل.

وتوقع رئيس معهد «ذا أوبزرفر فاونديشن» في نيودلهي سمير ساران، تعزيز العلاقات بين البلدين خلال القمة بين بايدن ومودي «على الرغم من الشخصيتين المتناقضتين للزعيمَين».

وقال ساران لوكالة الصحافة الفرنسية، إن المبادرة حول التكنولوجيا الناشئة التي أعلنتها واشنطن ونيودلهي العام الماضي، «لديها القدرة على تحديد ملامح المشهدين الجيوسياسي والتكنولوجي لهذا القرن».

ولفت إلى أنه يتوقع «أن تتعاون الديمقراطيتان في ضمان البنية التحتية التكنولوجية العالمية ووضع معايير للحوكمة ومكافحة الاستبداد التكنولوجي» في مجالات مثل الحوسبة الكمية والذكاء الاصطناعي والروبوتات.


مقالات ذات صلة

خطوة تصعيدية... الهند توقف 100 من العاملين المضربين في مصنع لـ«سامسونغ»

آسيا عمال ينظمون احتجاجاً للمطالبة بزيادة الأجور والاعتراف بنقابتهم بمصنع سامسونغ الهند في سريبيرومبودور بالقرب من تشيناي 11 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

خطوة تصعيدية... الهند توقف 100 من العاملين المضربين في مصنع لـ«سامسونغ»

ألقت الشرطة الهندية القبض على نحو 100 من العاملين والقيادات باتحاد عماليّ أضربوا احتجاجاً على تدني الأجور في مصنع لشركة سامسونغ للإلكترونيات.

«الشرق الأوسط» (تشيناي )
خاص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال اجتماع في الكرملين في موسكو بروسيا في 9 يوليو 2024 (رويترز)

خاص وزير الخارجية الهندي: علاقاتنا مع الصين تمر بمرحلة صعبة... وروسيا شريك قديم

قال وزير الخارجية الهندي، الدكتور سوبرامانيام جيشانكار، إن علاقات بلاده مع الصين تمر بمرحلة صعبة بسبب الوضع الحدودي، وإن وروسيا شريك قديم.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
الاقتصاد رجل يسير أمام مبنى بورصة مومباي في الهند (رويترز)

شركة مدعومة من «سوفت بنك» تخطط لطرح عام أولي في الهند بقيمة مليار دولار

قال أحد كبار المسؤولين التنفيذيين بشركة «أوف بيزنس» المدعومة من «سوفت بنك» إن الشركة تخطط لطرح عام أولي في سوق الأسهم الهندية بقيمة تصل إلى مليار دولار

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد رئيسة وكالة الترويج للصناعة والتجارة بحكومة الهند خلال لقائها رئيس هيئة الاستثمار المصرية في الهند (هيئة الاستثمار المصرية)

مصر: اهتمام هندي بالاستثمار في صناعات الأسمدة والهيدروجين والأغذية

أبدى بعض الشركات الهندية اهتمامها بالاستثمار في عدد من الصناعات في مصر، خصوصاً صناعات الأسمدة والهيدروجين الأخضر والأغذية، للاستفادة من الحوافز المقدمة حالياً.

آسيا رجل الأعمال الهندي موكيش أمباني خلال حفل في جامعة بانديت ديندايال للبترول في جانديناجار الهند 23 سبتمبر 2017 (رويترز)

ثراء الملياردير الهندي أمباني يعزز علاقاته بدوائر السياسة في الهند

يحصّن الملياردير الهندي موكيش أمباني ثروته، ويعززّ موقعه الاقتصادي في الهند، ناسجاً علاقات وطيدة بالحزب الحاكم ورئيس الوزراء ناريندرا مودي.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

الناخبون الأميركيون يخشون الأخبار المضللة الصادرة عن السياسيين أنفسهم

القلق من تأثير المعلومات المضللة على نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية يسيطر على أغلب الناخبين (إ.ب.أ)
القلق من تأثير المعلومات المضللة على نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية يسيطر على أغلب الناخبين (إ.ب.أ)
TT

الناخبون الأميركيون يخشون الأخبار المضللة الصادرة عن السياسيين أنفسهم

القلق من تأثير المعلومات المضللة على نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية يسيطر على أغلب الناخبين (إ.ب.أ)
القلق من تأثير المعلومات المضللة على نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية يسيطر على أغلب الناخبين (إ.ب.أ)

قبل شهر من الانتخابات الرئاسية الأميركية، تواجه الولايات المتحدة سيلاً من المعلومات الزائفة في الحملة الانتخابية؛ بين المواقع الإخبارية «الزائفة» التي أنشأتها روسيا وإيران، وانتشار الصور المولَّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي... وغيرهما، لكن أكثر ما يخشاه الناخبون هو التضليل الإعلامي الصادر عن السياسيين أنفسهم.

وقال الأستاذ في جامعة نيويورك، جوشوا تاكر، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنه بالنظر إلى 2024، فإن «المعلومات الزائفة التي نُشرت على نطاق واسع؛ إما صادرة عن سياسي، وإما جرى تضخيمها من قبله».

وذكرت دراسة نشرها موقع «أكسيوس»، الأسبوع الماضي، أن 51 في المائة من الأميركيين يعتقدون أن السياسيين؛ نساء ورجالاً، الذين ينشرون معلومات مضللة، هم مصدر قلقهم الرئيسي.

كما أظهرت أن 35 في المائة من المستطلعة آراؤهم يعدّون أن «شركات التواصل الاجتماعي لم تستطع الحد من المعلومات المضللة» وأن «الذكاء الاصطناعي يُستخدم لتضليل الناس».

كما يشعر نحو 30 في المائة بالقلق من نشر الحكومات الأجنبية معلومات زائفة.

عصر «الشك الكبير»

وقال رئيس المعهد الذي أجرى الاستطلاع، جون جيرزيما: «خلال الانتخابات السابقة، كان ثمة خوف دائم من التضليل والتدخل الآتي من الخارج».

وأثار تداول سيل من الصور المولَّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي، على وسائل التواصل الاجتماعي، ما يسميه الباحثون «عصر الشك الكبير»، الذي تراجعت فيه الثقة بالمعلومات المتداولة عبر الإنترنت.

كما دفعت المخاوف المتصاعدة من قدرات الذكاء الاصطناعي بالسياسيين إلى التشكيك في المعلومات المثبتة.

فعلى سبيل المثال، اتهم المرشح الجمهوري دونالد ترمب، دون تقديم أي دليل، منافسته الديمقراطية، كامالا هاريس، باستخدام الذكاء الاصطناعي لتعديل صورة ليبدو عدد الحضور أكبر.

ويتناقض تأكيده بشكل كبير مع الصور ومقاطع الفيديو التي التقطها مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية» الموجودون في المكان، ومع حديث الخبراء الذين التقتهم «الوكالة» كذلك.

وأوضح تاكر: «بدأ الناس تقبل انتشار الذكاء الاصطناعي التوليدي»، مضيفاً أن «السياسيين يعرفون ذلك، وبالتالي يملكون خيار محاولة التنصل من الأمور الحقيقية ووصفها بأنها من إنتاج الذكاء الاصطناعي».

«تشويه الحقيقة»

في الأشهر الأخيرة، تحقق فريق تقصي الحقائق في «وكالة الصحافة الفرنسية» من ادعاءات كاذبة عدة تتعلق بالانتخابات الرئاسية الأميركية؛ من بينها تصريحات من ترمب وجاي دي فانس؛ مرشحه لمنصب نائب الرئيس، مفادها بأن المهاجرين الهايتيين في أوهايو (شمال) يأكلون القطط والكلاب. وحتى تلك التي تؤكد فيها هاريس أن الرئيس الجمهوري السابق ترك للديمقراطيين «أسوأ مستوى بطالة منذ الكساد الكبير».

وفي استطلاع «أكسيوس»، أعرب 8 ناخبين من أصل 10 عن قلقهم من تأثير المعلومات المضللة على نتائج الانتخابات الرئاسية، وأشار أكثر من نصفهم إلى أنهم غير مكترثين بالسياسة؛ لأنهم «لا يعرفون ما الحقيقة».

ويساور القلق الناخبين الجمهوريين والديمقراطيين والمستقلين على حد سواء.

لكن السياسيين نادراً ما يواجهون تداعيات قضائية، وذلك بسبب حرية التعبير التي يضمنها الدستور الأميركي والأحكام القضائية المتعددة، وفق خبراء.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، بات الانضباط أداة لمكافحة التضليل. لكنه تعرض بدوره لانتقادات المحافظين الذين يعدّونه رقابة.

وقال الأستاذ في جامعة سيراكيوز، روي غوترمان، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «في كل دورة انتخابية، يساورنا القلق نفسه: هل يقول المرشحون الحقيقة؟».

وأضاف: «باستثناء عدم انتخابهم (...) لا تترتب عواقب حقيقية على المرشحين الذين يشوهون الحقيقة؛ سواء بالكذب حول إنجازاتهم، وانتقاد منافسيهم دون دليل».