مسؤول أميركي كبير إلى الصين في زيارة «نادرة»

دانيال كريتنبرينك مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ (أرشيفية)
دانيال كريتنبرينك مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ (أرشيفية)
TT

مسؤول أميركي كبير إلى الصين في زيارة «نادرة»

دانيال كريتنبرينك مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ (أرشيفية)
دانيال كريتنبرينك مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ (أرشيفية)

يتوجه مسؤول أميركي كبير إلى بكين، الأحد، في زيارة نادرة، وفق ما أعلنت الخارجية الأميركية السبت، بينما تسعى واشنطن إلى تخفيف التوتر بين القوتين المتنافستين.

وقالت الوزارة في بيان أوردته «فرانس برس»، إن دانيال كريتنبرينك مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ سيتوجه إلى الصين ونيوزيلندا بين الرابع والعاشر من يونيو (حزيران) الحالي.

وترافق كريتنبرينك في زيارته إلى بكين مديرة شؤون الصين وتايوان في مجلس الأمن القومي سارة بيران «لبحث القضايا الرئيسية في العلاقات الثنائية».

وبذلت واشنطن خلال الأسابيع الأخيرة جهوداً لتحسين العلاقات مع الصين، وحذر الجانبان من مخاطر اندلاع نزاع عسكري حول تايوان.

وخلال زيارة أجراها مؤخراً إلى اليابان، توقّع الرئيس الأميركي جو بايدن «تحسّناً قريباً جداً» في العلاقات بين واشنطن وبكين.

والسبت، أكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أن الحوار بين الولايات المتحدة والصين «ضروري»، وسيتيح تجنب حسابات خاطئة قد تؤدي إلى نزاع، وذلك بعد أن رفضت بكين عقد اجتماع رسمي بينه وبين نظيره الصيني.

وقال أوستن في كلمة في مؤتمر «شانغريلا» بسنغافورة، إن «الولايات المتحدة تعتقد أن خطوط اتصال مفتوحة مع جمهورية الصين الشعبية أمر ضروري، لا سيما بين مسؤولي الجيش والدفاع» في البلدين.

وأضاف: «كلما تحدثنا أكثر أمكننا تجنب سوء الفهم وسوء التقدير الذي قد يؤدي إلى أزمة أو نزاع».

وأكد عضو في الوفد الصيني لـ«فرانس برس»، أن رفع العقوبات الأميركية المفروضة على وزير الخارجية الصيني لي شانغفو شرط مسبق لإجراء المحادثات.

وفي 2018 فرضت الإدارة الأميركية عقوبات على شانغفو الذي أصبح وزيراً للدفاع في مارس (آذار) الماضي، لشرائه أسلحة روسية. لكن البنتاغون يقول إن ذلك لا يمنع أوستن من إجراء حوار رسمي معه.

وكان مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) ويليام بيرنز قد زار بكين في مايو (أيار) الماضي.

كما أعلن البيت الأبيض هذا الأسبوع استعداده لإجراء محادثات مع بكين بشأن الأسلحة النووية دون شروط مسبقة.

وتوترت العلاقات بين واشنطن وبكين في الأشهر التي تلت لقاءً جمع بين بايدن ونظيره الصيني شي جينبينغ خلال قمّة مجموعة العشرين التي عقدت في جزيرة بالي الإندونيسية في نوفمبر (تشرين الثاني).

ومن بين أسباب التوتر ملف تايوان التي تعدها الصين جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، وإسقاط منطاد صيني حلّق فوق الولايات المتحدة هذا العام، وقالت واشنطن إنه للتجسس، الأمر الذي نفته الصين.



رحيل كيسنجر مهندس «الدبلوماسية»... و«الخراب»

TT

رحيل كيسنجر مهندس «الدبلوماسية»... و«الخراب»

دونالد ترمب مستقبلاً هنري كيسنجر في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض عام 2017 (رويترز)
دونالد ترمب مستقبلاً هنري كيسنجر في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض عام 2017 (رويترز)

لم يترك هنري كيسنجر حجراً لم يقلبه في الدبلوماسية. لكنه واجه طيلة عمره المديد تهمة «هندسة الخراب» في العديد من بلدان العالم، بما في ذلك لبنان عربياً، وتشيلي والأرجنتين في أميركا الجنوبية، وفيتنام وكمبوديا في آسيا، وصولاً إلى بلدان عدة في أفريقيا.

ولولا هذه وتلك، ما كان نجم كيسنجر ليلمع منذ أكثر من نصف قرن، ثم يطبع اسمه على السياسة الخارجية الأميركية، وربما الغربية عموماً. ظلّ مهندسو الدبلوماسية الأميركية عبر الحزبين الجمهوري والديمقراطي يعودون إليه حتى أيامه الأخيرة. يقول كثيرون إنه ترك أثراً عميقاً لا يزال حيّاً حتى في الشؤون الداخلية للولايات المتحدة.

كيسنجر لدى حضوره فعالية أكاديمية في برلين عام 2010 (د.ب.أ)

بقي كيسنجر، الذي تمم عمره بمائة عام في 27 مايو (أيار) الماضي، مرجعاً دولياً كبيراً - على غرار كتابه «الدبلوماسية» لعام 1994 - في القضايا الكبرى حتى أيامه الأخيرة. في عمره المائة، سافر إلى الصين حيث صنع أحد اختراقاته التاريخية قبل نصف قرن. تحدث كثيراً عن غزو روسيا لأوكرانيا ومستقبل أوروبا. كان له رأي مسموع في أثر الذكاء الاصطناعي على العلاقات الدولية.

صنع كيسنجر «أيقونة» نفسه أيضاً في الشرق الأوسط، حيث كانت «الدبلوماسية المكوكية» التي اعتمدها كوزير للخارجية الأميركية خلال الحرب العربية - الإسرائيلية لعام 1973 بمثابة الحجر الأساس ليس فقط لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، بل أيضاً لاحتكار الولايات المتحدة رعاية ما صار الآن عملية السلام المترنحة بين الفلسطينيين والعرب من جهة، والإسرائيليين من الجهة الأخرى.

كيسنجر رفقة الرئيس الأميركي جو بايدن عام 2007 وكان بايدن حينها رئيساً للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ (أ.ب)

على أثر هجمات «حماس» الصاعقة ضد المستوطنات الإسرائيلية المحيطة بغزة، قال كيسنجر إن هذا «العمل العدواني الصريح» يجب أن يقابل بـ«بعض العقوبة»، محذراً من احتمال حدوث تصعيد خطير في المنطقة. وأضاف أن «الصراع في الشرق الأوسط ينطوي على خطر التصعيد وإدخال دول عربية أخرى تحت ضغط الرأي العام»، مشيراً إلى العبر من «حرب يوم الغفران»، التسمية الإسرائيلية لـ«حرب أكتوبر (تشرين الأول)» العربية عام 1973. رأى أن الهدف الحقيقي لـ«حماس» ومؤيديها «لا يمكن إلا أن يكون تعبئة العالم العربي ضد إسرائيل والخروج عن مسار المفاوضات السلمية»، من دون أن يستبعد أن تتخذ إسرائيل «إجراءات» ضد إيران، إذا تأكدت أن لها يداً في الهجوم. واعتبر أن غزو روسيا لأوكرانيا وهجوم «حماس» ضد إسرائيل يمثلان «هجوماً أساسياً على النظام الدولي».

معرفة كيسنجر بالسعودية والخليج

في حوار طويل أجراه الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز مع كيسنجر، خلال إعداد الأول لأطروحة الدكتوراه في جامعة أكسفورد بعنوان «إيران والسعودية والخليج 1968 - 1971»، أظهر الدبلوماسي الأميركي أن معرفته بالسعودية والخليج «كانت غير مؤثرة في سياسات مجلس الأمن القومي في الخليج». بل إنه اعترف بعدم اطلاعه ومعرفته بالتفاصيل المتعلقة بهذه المنطقة ومعرفته بـ«مسار العلاقات السعودية الإيرانية في حقبة الشاه».

وذكر الأمير فيصل بن سلمان، أمير منطقة المدينة المنورة الحالي، في كتابه: «يعتبر كثر أن سياسة مجلس الأمن القومي في الخليج تأثرت بكيسنجر إلى حد كبير». ولكن «تبدو هذه النظرة غير دقيقة، إذ إن كيسنجر نفسه أجاب عند سؤاله عن التصور الذي يملكه حول الخليج عام 1969: ليس لدي تصور، مضيفاً: أجهل مسار العلاقات السعودية - الإيرانية، الأولوية بالنسبة إلي هي إخراج السوفيات من الشرق الأوسط».

السياسة الواقعية

في عيد ميلاده المائة في مايو (أيار) الماضي، سألت «الشرق الأوسط» عدداً من الأكاديميين والدبلوماسيين الذين أعادوا إليه الفضل في إنشاء العلاقة بين الولايات المتحدة والصين، بثمن ابتعاد الأخيرة عن المنظومة الشيوعية التي تدور في فلك الاتحاد السوفياتي، مؤسساً مع ذلك لعقيدة التوازن بين القوى الدولية.

الرئيس الصيني شي جينبينغ يستقبل كيسنجر في بكين خلال زيارته للصين في 20 يوليو 2023 (أ.ب)

كما في عمله الأكاديمي من جامعة هارفرد التي تخرج فيها عام 1954 بشهادة الدكتوراه، اعتنق كيسنجر مذهب «السياسة الواقعية» الذي ابتكره الكاتب الألماني لودفيك فون روشو في القرن التاسع عشر لتقديم الاعتبارات والظروف المعينة في العمل السياسي والدبلوماسي، مقدماً إياه على اتباع نهج آيديولوجي ومفاهيم أخلاقية. واستطاع كيسنجر، المولود يهودياً في ألمانيا، قبل أن يلجأ مع عائلته إلى الولايات المتحدة عام 1938 هرباً من حكم النازيين بقيادة أدولف هتلر، ليس فقط أن يدخل عالم السياسة الأميركية، بل أيضاً أن يصير أولاً مستشاراً للأمن القومي عام 1969، ثم وزيراً للخارجية عام 1973 في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون، وبقي في منصبه الأخير حتى مطلع عام 1977، في عهد الرئيس جيرالد فورد الذي خلف نيكسون عام 1974 على أثر فضيحة «ووترغيت».

على رغم كل المآخذ، تقدم هنري كيسنجر إلى صفوف أنصار «السياسة الواقعية» البارزين خلال القرن العشرين، مثل مهندس الحرب الباردة جورج كينان، ومهندس إعادة توحيد ألمانيا هانس ديتريش غينشر، بالإضافة إلى سياسيين مثل الرئيس الفرنسي شارل ديغول.

كان لديه الكثير ليحتفل به في عيد ميلاده المائة.

اختراق تاريخي

غاب كيسنجر، وبقي كتابه «الدبلوماسية» مرجعاً رئيسياً. لكن الدبلوماسي الذي أحدث عام 1973 زلزالاً جيوسياسياً في العلاقات الدولية عندما نجحت جهوده لعقد قمة بين الرئيس نيكسون والزعيم الصيني ماو تسي تونغ، لا يزال الرجل المحبوب عند الزعماء الصينيين الحاليين، وبينهم الرئيس شي جينبينغ. كما لا يزال أثره باقياً في الشرق الأوسط لدوره في الوساطة من أجل وقف النار بين مصر وسوريا من جهة، وإسرائيل من الجهة الأخرى، مما أتاح لاحقاً عقد اتفاقات كامب ديفيد للسلام بين الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن.

كيسنجر (وسط) يناقش دينغ تشياو بينغ (يمين) خلال عشاء عام 1974 (غيتي)

رداً على سؤال من «الشرق الأوسط»، أجاب أستاذ التاريخ في جامعة «فاندربيلت» البروفسور توماس شوارتز بأن «كيسنجر كان مؤثراً بشكل غير عادي على السياسة الخارجية الأميركية»، إذ إن كثيرين ممن عملوا معه أو رافقوه، مثل برنت سكوكروفت الذي عمل مستشاراً للأمن القومي في عهدي الرئيسين جيرالد فورد وجورج بوش الأب، ووزير الخارجية سابقاً لورانس إيغلبرغر (في عهد جورج بوش الأب أيضاً)، ووزيرة الخارجية سابقاً كوندوليزا رايس (خلال عهد الرئيس جورج بوش الابن)، وغيرهم «صاغوا مكانة أميركا في العالم بعد فترة طويلة من تولي (كيسنجر) منصب وزير الخارجية».

ولا يزال من اللافت أن كيسنجر بمقاربته «الواقعية» التي «لا تحظى دائماً بشعبية»، دفعت حتى الرئيس السابق باراك أوباما إلى الادعاء بأنه تعامل مع القضايا الدولية على هذا المنوال.

«سيد اللعبة»

في الوقت ذاته، رأى الموفد الخاص للأمم المتحدة إلى لبنان سابقاً، تيري رود لارسن، أن كيسنجر شخصية «فريدة تماماً في عالم الدبلوماسية المعاصرة» لأنه يعد «أحد أبرز الباحثين عالمياً في العلاقات الدولية والدبلوماسية»، مضيفاً أن «أعماله في هذا المجال كأكاديمي رائعة للغاية»، فضلاً عن أنه «الرقم واحد بصفته دبلوماسياً عاملاً في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية». وقال لارسن لـ«الشرق الأوسط» إن كيسنجر «حقق إنجازاً هائلاً»، مشيراً أولاً إلى العلاقة بين الولايات المتحدة والصين، وثانياً إلى دبلوماسيته في الشرق الأوسط. وأكد أن «أوراق اعتماد (كيسنجر) الأكاديمية، وأوراق اعتماده بوصفه دبلوماسياً عاملاً جعلته (يجمع مزيجاً لا يوجد عند أي شخص آخر، كونه الأفضل في المجالين)». واغتنم مناسبة بلوغ كيسنجر مائة عام ليشيد به وبخدمته «طوال حياته من أجل السلام والأمن الدوليين».

«الإنجاز الحاسم» عربياً

يتفق رود لارسن، الذي كان الوسيط الرئيسي في اتفاقات أوسلو لعام 1993 بين الفلسطينيين والإسرائيليين، تماماً مع وكيل وزارة الخارجية الأميركية سابقاً مارتن إنديك الذي عمل مبعوثاً أميركياً للسلام في الشرق الأوسط، وألف أخيراً كتاباً بعنوان «هنري كيسنجر، سيد اللعبة وفن دبلوماسية الشرق الأوسط».

كيسنجر والسادات في القاهرة في 16 يناير 1974 (أ.ب)

ويعرض إنديك في كتابه بشكل شامل ومفصل لما يعتبره البعض «الإنجاز الأكثر حسماً وأهمية» لكيسنجر، الذي انخرط في «دبلوماسية مكوكية» إثر «حرب أكتوبر» عام 1973، فتوصل إلى ترتيب ثلاث اتفاقيات لفك ارتباط بين إسرائيل ومصر من جهة، وإسرائيل وسوريا من جهة ثانية، كما ساعد ثالثاً في وضع الأساس لـ«السلام في الشرق الأوسط». وكرس إنديك كتابه لدور كيسنجر الحاسم في الشرق الأوسط، واصفاً إياه بأنه «مفاوض لامع لا يكل»، كان «هدفه إقامة توازن ثابت للقوى» في الشرق الأوسط من خلال «التلاعب الماهر بخصومات القوى المتنافسة».

غير أن السرديات التأريخية التي اعتمدها مارتن إنديك اعتمدت إلى حد كبير على الأرشيفين الأميركي والإسرائيلي، بالإضافة إلى المقابلات المباشرة له مع كيسنجر وآخرين من أصحاب الشأن. لم تتح له فرصة الوصول إلى الأرشيفين المصري والسوري وغيرهما في المنطقة العربية. وعلى رغم أنه عمل مع الرئيسين بيل كلينتون وباراك أوباما، وكان ينتقد سياسة الرئيس السابق دونالد ترمب في الشرق الأوسط، قارن إنديك «اتفاقات إبراهيم» للتطبيع بين عدد من الدول العربية وإسرائيل بنجاح كيسنجر في التعامل مع الرئيس السوري حافظ الأسد، مقابل فشل إدارة كلينتون في التوصل إلى معاهدة سلام سورية - إسرائيلية، وكذلك إنجاز كيسنجر في مفاوضات سيناء الثانية التي أدت إلى أول انسحاب إسرائيلي كبير من الأراضي العربية المحتلة، وعزز العلاقات الجديدة للولايات المتحدة مع مصر، مقابل إخفاق إدارة أوباما في تسوية النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي على أساس حل الدولتين.

وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر ورئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة غولدا مائير يتحدثان بعد عشاء للأعضاء اليهود في الكونغرس، ليلة الأحد 4 نوفمبر، 1977، في نيويورك (أ.ب)

بدوره، يؤكد البروفسور شوارتز لـ«الشرق الأوسط» أن «دور كيسنجر في الشرق الأوسط كان حاسماً للغاية»، معتبراً أن «أحد أهم موروثاته (يتمثل) في وضع الأساس» لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، مما «أزال التهديد الأكبر لوجود إسرائيل وأقام تحالفاً أقوى بكثير (للولايات المتحدة) مع إسرائيل». وذهب أيضاً إلى اعتبار أن «اتفاقات إبراهيم هي أيضاً إرث من نهج كيسنجر».

ومع ذلك يعتقد إنديك أن كيسنجر «أضاع فرصة» في أوائل عام 1974 لمشاركة العاهل الأردني الملك حسين في عملية السلام بطريقة تسمح للأردن (بدلاً من منظمة التحرير الفلسطينية) بتمثيل الفلسطينيين. وهو انتقد تردد كيسنجر إلى حدٍّ سمح لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات بالحصول على «دعم عربي رئيسي تمثل بالاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد» للشعب الفلسطيني، خلال قمة الرباط لعام 1974.

«الواقعية تتلاشى»

يبدو مدير الأمم المتحدة لدى معهد الأزمات الدولية، ريتشارد غاون، أكثر تشكيكاً بما صنعه كيسنجر، معتبراً أن «العالم الذي حاول صوغه في السبعينات من القرن الماضي ينهار». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «مشاريع الاستراتيجية الكبرى لكيسنجر كانت الانفراجة مع روسيا، والانفتاح على الصين»، مضيفاً أن «الولايات المتحدة عالقة الآن في مواجهة مع القوتين». وقال إنه «بمعنى ما، كان هدف كيسنجر هو استبدال المواجهة الآيديولوجية بسياسة واقعية بين القوى العظمى»، لأنه «رأى أن السياسة الواقعية أكثر استقراراً». لكن «نحن الآن في عالم تتلاشى فيه روح الواقعية». واعتبر أيضاً أن «العديدين من منتقدي كيسنجر سيتذكرون دوره في أزمات مثل حرب بنغلاديش، عندما غضت واشنطن الطرف عن الفظائع» التي ارتكبت هناك. ومع ذلك عبر غاون عن اعتقاده بأنه «لا يزال في إمكاننا التعلم من إحساسه بالواقعية».

حتى القضايا المعاصرة

يعتقد البعض أنه ما كان لهنري كيسنجر أن يمنح جائزة نوبل للسلام عام 1973، إلا لأنه أراد استخدام ما يسمى «ورقة الصين»، لموازنة قوة الاتحاد السوفياتي، وفقاً لما قاله شوارتز، الذي لاحظ أيضاً أن ذلك حصل «في وقت كانت فيه القوة النسبية لكل منهما مختلفة تماماً عما هي اليوم»، مضيفاً أن «كيسنجر أدرك أن الصين ستضطلع بدور مهم في النظام الدولي».

كيسنجر ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في نيويورك في 21 سبتمبر 2023 (د.ب.أ)

وعلى رغم أن كثيرين اعتقدوا أن «التكامل الاقتصادي للصين سيؤدي إلى ديمقراطية سياسية»، رأى أن كيسنجر «ظل مقتنعاً بأن الولايات المتحدة والصين يمكنهما الوصول إلى نوع من التوازن» بين قوتيهما.

وكان كيسنجر علامة فارقة في الشؤون الدولية المعاصرة، مستنداً إلى نشأة الدبلوماسية الأوروبية في القرن التاسع عشر، ولاعباً كبيراً في القرن العشرين، ومؤسساً لنهج لا يزال باقياً في القرن الحادي والعشرين.


استطلاعات الرأي الأميركية تُظهر انقسامات عميقة تجاه حرب إسرائيل في غزة

بايدن مع نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مشترك في 18 أكتوبر (د.ب.أ)
بايدن مع نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مشترك في 18 أكتوبر (د.ب.أ)
TT

استطلاعات الرأي الأميركية تُظهر انقسامات عميقة تجاه حرب إسرائيل في غزة

بايدن مع نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مشترك في 18 أكتوبر (د.ب.أ)
بايدن مع نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مشترك في 18 أكتوبر (د.ب.أ)

تتزايد الانقسامات داخل الرأي العام الأميركي حول موقف إدارة بايدن من الحرب في غزة، مع انقسامات تتزايد داخل البيت الأبيض حول السياسات الأميركية تجاه هذه الحرب، وانتقادات تأتي من داخل الحزب الديمقراطي والتيار التقدمي، يطالب أصحابها، بوقف دائم لإطلاق النار ووضع شروط على المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل.

ويسود القلق مسؤولي البيت الأبيض من نتائج استطلاعات الرأي، التي تشير إلى انخفاض كبير في الدعم لبايدن بين أوساط الناخبين العرب الأميركيين في الأسابيع الأخيرة. كما تواجه الإدارة وضعاً متوتراً نتيجة الدعم المطلق لإسرائيل، و«المسؤولية الأخلاقية» في سقوط الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، والنفعية السياسية في خضم سباق انتخابي صعب لعام 2024. وقد وصفت صحيفة «واشنطن بوست» أن الحرب في غزة «هزّت إدارة بايدن أكثر من أي قضية أخرى خلال رئاسته».

ضغوط متزايدة على الرئيس بايدن وسط انقسامات في الرأي العام الأميركي تجاه الحرب في غزة (أسوشيتد برس)

ووسط هذا المناخ، تحولت تصريحات بايدن من خطابات مؤيدة بشدة لإسرائيل في البداية، إلى خطابات تشدد على المساعدات الإنسانية، وتمديد الهدنة وإطلاق سراح الرهائن، ثم توجيه تحذيرات لإسرائيل في شأن «الحرص على حياة المدنيين».

استطلاعات الرأي

وأشارت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن الحرب في غزة بين إسرائيل و«حماس» أصبحت مثالاً للانقسام والاستقطاب على المستويات كافة. واستعرضت نتائج أربعة استطلاعات للرأي رئيسية خلال الأسابيع السبعة الماضية، ومدى التغيير في النتائج. فقد أوضحت استطلاعات مؤسسة «ماريست» وشبكة «PBS»، أن عدد الأميركيين الذين يدعمون إسرائيل، أكبر من عدد الذين يدعمون الفلسطينيين. وأشار استطلاع مجلة «إيكونيميست» إلى النتائج ذاتها. فيما أشار استطلاع أجرته شبكة «NBC» إلى أن 47 في المائة من الأميركيين يؤيدون إسرائيل؛ قال 24 في المائة إن لديهم مواقف سلبية تجاهها. ويلقي معظم الأميركيين اللوم على «حماس»، ويعتبرون أن مقتل واختطاف إسرائيليين في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، هو السبب الرئيسي للحرب وليس الحصار الإسرائيلي لغزة.

بائعون فلسطينيون يعرضون بضاعتهم خلال الهدنة وسط المنازل المدمرة نتيجة القصف الإسرائيلي على غزة (رويترز)

وفي استطلاع للرأي أجرته «جامعة كوينيبياك»، حول «المسؤول الأكبر عن اندلاع أعمال العنف»، اختار 69 في المائة «حماس»، واختار 15 في المائة إسرائيل. ويعتقد معظم الأميركيين أيضاً أن إسرائيل هي «حليف مهم للولايات المتحدة»، وقال 70 في المائة إن دعمها يصب في المصلحة الوطنية للولايات المتحدة.

وخلال الأسابيع الأخيرة تراجع الدعم للأفعال الإسرائيلية... وفي استطلاع رأي حديث لشركة «ماريست» قال معظم المشاركين إن الرد العسكري الإسرائيلي «كان عدوانياً للغاية»، كما ارتفعت نسبة الأشخاص الذين قالوا إنهم «يتعاطفون مع الفلسطينيين أكثر من الإسرائيليين»، إلى 25 في المائة هذا الشهر من 15 في المائة في الشهر الماضي وفقاً لاستطلاع «كوينيبياك». وأبدى عدد كبير من الأميركيين القلق إزاء الخسائر في صفوف المدنيين في غزة ومعظمهم من النساء والأطفال.

وقال أكثر من 80 في المائة من الأميركيين لـ«إبسوس» (في استطلاع أجرته وكالة «رويترز» قبل بضعة أسابيع) إن على إسرائيل أن توقف عملياتها العسكرية، للسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة.

اختلافات آيديولوجية

وأبرزت الحرب أيضاً اختلافات آيديولوجية واسعة داخل الحزب الديمقراطي حيث تبنى الليبراليون موقفاً داعماً للفلسطينيين أكثر من الإسرائيليين. وهو ما فسر على أنه «يعكس الجدل الواسع داخل اليسار الأميركي». وليس من المستغرب وجود فجوة واسعة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

فوفقاً لاستطلاع رأي نشرته مؤسسة «غالوب»، يوافق 71 في المائة من الجمهوريين على تأييد العمل العسكري الإسرائيلي مقابل 36 في المائة من الديمقراطيين. ويؤكد الاستطلاع الانقسام المتزايد في صفوف الفئات العمرية الأقل سناً، مقارنة بالفئات العمرية الأكبر. حيث أيد 63 في المائة من الأميركيين الذين تزيد أعمارهم على 55 عاماً، إسرائيل، بينما تراجع التأييد لها بين أوساط الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 عاماً، إلى أقل من 36 في المائة.

ولم تكن مؤسسة «غالوب» هي الوحيدة التي أشارت إلى تآكل الدعم لإسرائيل بين أوساط الشباب، بل جاءت نتائج استطلاع وكالة «رويترز» و«أبسوس» في أوائل شهر نوفمبر (تشرين الثاني) مشابهة، حيث انخفض تأييد إسرائيل بين الناخبين البالغين، من 41 في المائة في أكتوبر، إلى 32 في المائة فقط في نوفمبر.

تأييد لإنهاء القتال

واستخلصت صحيفة «نيويورك تايمز» حقيقتين: الأولى، أن أغلب الأميركيين يقولون إن الرد العسكري الإسرائيلي «مفهوم ومعقول» وفقاً لاستطلاع مؤسسة «إبسوس» الذي أشار إلى أن 76 في المائة يعتبرون أن إسرائيل «تفعل ما ستفعله أي دولة رداً على هجوم إرهابي واحتجاز رهائن مدنيين».

جندي إسرائيلي فوق دبابة قرب حدود غزة خلال الهدنة المؤقتة بين إسرائيل و«حماس» (رويترز)

والحقيقة الثانية، التي أشارت إليها الصحيفة، هي أن معظم الأميركيين «يفضلون إنهاء القتال، ويدعمون وقفاً كاملاً لإطلاق النار»... وهو ما أوضحه استطلاع «يوغوف»، حيث بلغ التأييد لوقف كامل لإطلاق النار 65 في المائة، مقابل 16 في المائة. وفي استطلاع مؤسسة «إبسوس» وافق 68 في المائة على أنه ينبغي على إسرائيل الدعوة إلى وقف إطلاق النار ومحاولة التفاوض.

وتباينت الآراء إزاء وقف إطلاق النار الكامل، ومن يعتبر أن ذلك سيكون هزيمة لإسرائيل وانتصاراً لـ«حماس»... وتقول الصحيفة إن نسبة كبيرة تدعم الجهود التي تبذلها إسرائيل للإطاحة بـ«حماس»، لكن عدداً كبيراً أيضاً، يرفض مقتل الآلاف من الضحايا المدنيين من الفلسطينيين.


تقرير: ترمب «ينتهك أمر المحكمة» بنقل 40 مليون دولار من منظمته إلى حسابه الشخصي

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)
TT

تقرير: ترمب «ينتهك أمر المحكمة» بنقل 40 مليون دولار من منظمته إلى حسابه الشخصي

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)

اتُّهم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، باستخدام أموال شركته لدفع فواتيره الضريبية والقانونية، في انتهاك لحكم المحكمة الذي يلزمه بإخطار مدقق حسابات مالي قبل سحب الأموال النقدية، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

أفادت تقارير بأن الرئيس السابق قام بتحويل 40 مليون دولار (31.5 مليون جنيه إسترليني) من «منظمة ترمب» إلى حساب مصرفي شخصي، في 3 تحويلات نقدية خلال 10 أشهر من البيانات المالية، حسبما ذكرت صحيفة «ديلي بيست».

أُمر ترمب بإخطار باربرا إس جونز، القاضية الفيدرالية السابقة، قبل سحب أكثر من 5 ملايين دولار من صندوقه الائتماني، في محاولة لتنظيم الممارسات التجارية لـ«منظمة ترمب».

وأخطرت جونز محكمة ولاية نيويورك بأن ترمب قام بتحويل الأموال من حساب أعماله لدفع فاتورة ضريبية بقيمة 29 مليون دولار، وغرامة قدرها 5 ملايين دولار من دعوى إي جان كارول.

وفي تلك القضية، في مايو (أيار)، أُمر ترمب بدفع تعويضات لكارول وسط مزاعم اعتداء جنسي وتشهير.

تم فرض القيود على الأنشطة المالية للرئيس السابق من قبل آرثر إنغورون، القاضي في محاكمة الاحتيال المدنية في نيويورك، في الفترة التي تسبق الحكم الذي قد يؤدي إلى تغريمه 250 مليون دولار، ومنعه من إدارة الأعمال في المدينة.

يشرف إنغورون على محاكمة من دون هيئة محلفين لتحديد العقوبات على المبالغة الاحتيالية في صافي ثروة ترمب وقيمة أصوله.

قالت جونز إن مراجعة فريقها لعشرة أشهر من البيانات المصرفية من 12 حساباً مرتبطة بصندوق دونالد جي ترمب، وجدت 3 معاملات يبلغ مجموعها 40 مليون دولار لم تكن على علم بها من قبل.

وكتبت: «تضمنت هذه المعاملات تحويلاً نقدياً بقيمة 29 مليون دولار إلى دونالد جي ترمب، تم استخدامه لدفع الضرائب... لقد أكدت أيضاً أن التحويلات الأخرى كانت لأقساط التأمين ولحساب ضمان المحامي».

يستخدم المحامون حسابات الضمان للاحتفاظ بالأموال المدفوعة للمدعي نتيجة لتسوية في قضية مدنية.

ومن المفهوم أن الأموال التي سحبها ترمب في هذه القضية كانت لدفع أموال لكارول، التي رفعت دعوى قضائية ضده بتهمتَي الاعتداء الجنسي والتشهير.

وقال كريستوفر كيس، المستشار القانوني لترمب في قضية الاحتيال في نيويورك، لصحيفة «التليغراف»: «كما كان من قبل، يؤكد التقرير أن المتهم يواصل التعاون مع المراقب ويلتزم بأمر المحكمة. كما هي الحال من قبل أيضاً، لا يحتوي التقرير على أي إشارة إلى أي نشاط مشبوه أو احتيال مشتبه به، لأنه لا يوجد أي شيء».


عالم السياسة الأميركية يودّع هنري كيسنجر

TT

عالم السياسة الأميركية يودّع هنري كيسنجر

وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر يدخل خيمة الفعاليات في الأكاديمية الأميركية في برلين (د.ب.أ)
وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر يدخل خيمة الفعاليات في الأكاديمية الأميركية في برلين (د.ب.أ)

أشاد عالم السياسة الأميركية بوزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر الذي توفي عن عمر يناهز 100 عام.

وأعلنت عائلة الدكتور كيسنجر وفاته في منزله في ولاية كونيتيكت أمس (الأربعاء)، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز».

ووصفت ابنتا الرئيس ريتشارد نيكسون، الذي عمل والدهن معه عندما كان وزيراً للخارجية ومستشاراً للأمن القومي خلال حرب فيتنام، بأنه «أحد أمهر الدبلوماسيين الأميركيين».

الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون ووزير الخارجية هنري كيسنجر يقفان عند نافذة المكتب البيضاوي في واشنطن (رويترز)

وقالت تريشيا نيكسون كوكس وجولي نيكسون أيزنهاور: «بالنيابة عن عائلتنا، وعن جميع الذين عملوا مع والدنا والدكتور هنري كيسنجر في شراكة أنتجت جيلاً من السلام لأمتنا، نعرب عن خالص تعازينا في رحيل أحد أمهر الدبلوماسيين الأميركيين».

وتابعتا: «لقد لعب الدكتور كيسنجر دوراً مهماً في الانفتاح التاريخي على جمهورية الصين الشعبية وفي تعزيز الانفراج مع الاتحاد السوفياتي، وهي مبادرات جريئة كانت بمثابة بداية نهاية الحرب الباردة».

الأمين العام للحزب الشيوعي السوفياتي ليونيد بريجنيف (يسار) يلتقي بوزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر في موسكو عام 1974 (أ.ف.ب)

وقالتا: «ساعدت (دبلوماسيته المكوكية) إلى الشرق الأوسط على تعزيز تخفيف التوترات في تلك المنطقة».

وأضافتا: «قال لنا هنري في أكثر من مناسبة: (أنا مدين بكل شيء لريتشارد نيكسون)... لقد ساهم ريتشارد نيكسون وهنري كيسنجر معاً في تعزيز القضية العظيمة للسلام والحرية، واليوم ينضم إلى والدينا في الراحة الأبدية».

الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون ومستشار الأمن القومي هنري كيسنجر يقفان على متن طائرة الرئاسة أثناء رحلتهما إلى الصين (رويترز)

ووصف جورج دبليو بوش كيسنجر بأنه «واحد من أكثر الأصوات المميزة التي يمكن الاعتماد عليها في الشؤون الخارجية».

وأضاف في البيان، الذي تضمن أيضاً صورة للوزير السابق رسمها الرئيس السابق: «لطالما أعجبت بالرجل الذي فر من النازيين عندما كان صبياً صغيراً من عائلة يهودية، ثم حاربهم في جيش الولايات المتحدة... وعندما أصبح فيما بعد وزيراً للخارجية، فإن تعيينه كلاجئ سابق قال الكثير عن عظمته - كما عبر عن عظمة أميركا».

أشاد السيناتور والمرشح الرئاسي السابق ميت رومني بالدكتور كيسنجر على منصة «إكس»، ووصفه بأنه «شخص عظيم»، وقال: «أميركا محظوظة بالفعل بسبب حياته المليئة بالدبلوماسية والحكمة وحب الحرية».

وقال ونستون لورد، سفير الولايات المتحدة السابق لدى الصين والمساعد الخاص للدكتور كيسنجر: «لقد فقد العالم مدافعاً لا يكل عن السلام. وفقدت أميركا بطلاً كبيراً للمصلحة الوطنية. لقد فقدت صديقاً عزيزاً ومعلماً. مزج هنري بين الإحساس الأوروبي بالمأساة وشعور الأمل لدى المهاجر الأميركي».

من جهتها، أوضحت سيندي ماكين، زوجة السيناتور الراحل جون ماكين: «كان هنري كيسنجر حاضراً في حياة زوجي الراحل بينما كان جون أسير حرب وفي السنوات اللاحقة عضواً في مجلس الشيوخ ورجل دولة... ستفتقد عائلة ماكين ذكاءه وسحره».

ترك كيسنجر وراءه زوجته نانسي ماجينيس كيسنجر، وطفلين من زواجه الأول، ديفيد وإليزابيث، وخمسة أحفاد.

وجاء في بيان صادر عن «كيسنجر أسوشيتس»: «سيتم دفنه في مراسم عائلية خاصة. وفي وقت لاحق، ستكون هناك مراسم تأبين في مدينة نيويورك».


وفاة وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر عن 100 عام

TT

وفاة وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر عن 100 عام

كيسنجر خلال مشاركته في الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي دافوس عام 2008 (رويترز)
كيسنجر خلال مشاركته في الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي دافوس عام 2008 (رويترز)

توفي عملاق الدبلوماسية الأميركية وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر، عن مائة عام الأربعاء، بحسب ما أعلنت مؤسسته.

وقالت المؤسسة الاستشارية في بيان، إنّ كيسنجر الذي كان وزيراً للخارجية في عهدي الرئيسين ريتشارد نيكسون، وجيرالد فورد، وأدّى دوراً دبلوماسياً محورياً خلال الحرب الباردة «توفي اليوم في منزله بولاية كونيتيكت».

وخلال الشهور الماضية كان كيسنجر يقوم بأنشطة سياسية كثيرة ويشارك في اجتماعات بالبيت الأبيض والكونغرس، وأدلى بشهادته حول كوريا الشمالية، وفي شهر يوليو (تموز) الماضي قام بزيارة للصين والتقى بالرئيس الصيني شي جينبينغ.

ريتشارد نيكسون مستقبلاً هنري كيسنجر بعد فوزه بجائزة نوبل للسلام لعام 1973 (أ.ب)

ويعد كيسنجر من أبرز السياسيين في التاريخ الحديث للولايات المتحدة، وترك بصمة واضحة لا تمحى في السياسة الخارجية الأميركية. وسطع نجمه في سبعينات القرن العشرين، أثناء عمله كوزير للخارجية في عهد الرئيس الجمهوري ريتشارد نيكسون، وأدت جهوده إلى الانفتاح الأميركي الدبلوماسي مع الصين، وإلى محادثات الحد من الأسلحة الأميركية السوفياتية التاريخية، وكان له دور دبلوماسي خلال الحرب بين مصر وإسرائيل، كما ساهم في التوصل إلى اتفاقيات باريس للسلام مع فيتنام الشمالية.

ويعد كيسنجر الشخص الوحيد الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي الأميركي في البيت الأبيض ومنصب وزير الخارجية.

وكانت جائزة نوبل للسلام التي حصل عليها عام 1973، مناصفة مع لو دوك ثو من فيتنام الشمالية، الذي رفض الجائزة ـ واحدة من أكثر الجوائز إثارة للجدل على الإطلاق، حيث استقال اثنان من أعضاء لجنة نوبل بسبب الاختيار، وأثيرت أسئلة حول القصف السري الأميركي لكمبوديا.

كيسنجر رفقة الرئيس الأميركي جو بايدن عام 2007 وكان بايدن حينها رئيساً للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ (أ.ب)

ولد هاينز ألفريد كيسنجر في فورث بألمانيا في 27 مايو 1923، وانتقل إلى الولايات المتحدة مع عائلته في عام 1938 قبل الحملة النازية لإبادة يهود أوروبا. وغير اسمه إلى هنري وحصل على الجنسية الأميركية في عام 1943، وأصبح مجنداً خلال الحرب العالمية الثانية ثم حصل على منحة دراسة في جامعة هارفارد وترقى سريعاً في دراسته وحصل على درجة الماجستير في عام 1952 والدكتوراه في عام 1954، وخلال تلك الفترة عمل كيسنجر مستشاراً للوكالات الحكومية. وفي عام 1967 عندما عمل وسيطاً لوزارة الخارجية في فيتنام. واستخدم علاقاته مع إدارة الرئيس ليندون جونسون لنقل المعلومات حول مفاوضات السلام إلى معسكر الرئيس نيكسون. وحينما فاز نيسكون بالانتخابات الرئاسية عام 1968 قام بتعيين كيسنجر مستشاراً للأمن القومي الأميركي.

وفي عام 1973، بالإضافة إلى دوره مستشاراً للأمن القومي، تم تعيين كيسنجر وزيراً للخارجية، مما منحه سلطة لا منازع فيها في الشؤون الخارجية.

جولات مكوكية

حينما اندلع الصراع العربي الإسرائيلي قام كيسنجر بمهام مكوكية بلغت 32 رحلة ما بين القدس ودمشق لدفع الجهود نحو صياغة اتفاق طويل الأمد لفك الارتباط بين إسرائيل وسوريا في مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل. واشتهر خلال تلك الفترة بالدبلوماسية الشخصية. وفي محاولة لتقليص النفوذ السوفياتي، تواصل كيسنجر مع منافسه الشيوعي الرئيسي، الصين، وقام برحلتين إلى هناك، بما في ذلك رحلة سرية للقاء رئيس الوزراء تشو إن لاي. وكانت النتيجة قمة نيكسون التاريخية في بكين مع الرئيس ماو تسي تونغ، وإضفاء الطابع الرسمي في نهاية المطاف على العلاقات بين البلدين.

دونالد ترمب مستقبلاً هنري كيسنجر في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض عام 2017 (رويترز)

ورغم فضيحة ووترغيبت التي أجبرت الرئيس نيكسون على الاستقالة، فإن كيسنجر استمر في منصب وزير الخارجية عندما تولى الرئيس جيرالد فورد منصبه في عام 1974. وفي ذلك الوقت قام كيسنجر بالعمل على اتفاق حول الأسلحة الاستراتيجية مع الاتحاد السوفيتي، حيث سافر كيسنجر مع الرئيس فورد إلى فلاديفوستوك في الاتحاد السوفياتي، والتقى الرئيس بالزعيم السوفياتي ليونيد بريجنيف، واتفقا على إطار عمل أساسي لاتفاق الأسلحة الاستراتيجية، وهي الاتفاقية التي أدت إلى تخفيف التوترات بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي.

وتعرض كيسنجر لانتقادات لاذعة عام 1975 لفشله في إقناع إسرائيل ومصر بالموافقة على المرحلة الثانية من فك الارتباط في سيناء.

وترك كيسنجر منصبه في أروقة السلطة مع فوز الرئيس الأميركي جيمي كارتر بالرئاسة عام 1976، وأنشأ شركة استشارية في نيويورك لتقديم المشورة لكبرى الشركات في العالم. كما عمل عضواً في مجالس إدارة الشركات، ومحاضراً في العديد من منتديات السياسة الخارجية والأمن، ومعلقاً إعلامياً منتظماً في الشؤون الدولية، إضافة إلى قيامه بنشر العديد من الكتب السياسية.


أوستن ونظيره الإسرائيلي يبحثان استعادة المحتجزين والهدنة المؤقتة في غزة

أرشيفية لوزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (أسوشييتد برس)
أرشيفية لوزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (أسوشييتد برس)
TT

أوستن ونظيره الإسرائيلي يبحثان استعادة المحتجزين والهدنة المؤقتة في غزة

أرشيفية لوزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (أسوشييتد برس)
أرشيفية لوزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (أسوشييتد برس)

بحث وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، هاتفياً مع نظيره الإسرائيلي يؤاف غالانت، اليوم (الخميس)، جهود استعادة المحتجزين والهدنة المؤقتة في غزة.

وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في بيان، إن أوستن شدد لنظيره الإسرائيلي على أهمية زيادة المساعدات الإنسانية لغزة وتخفيف الضرر الذي يلحق بالمدنيين.


أكسيوس: بايدن حذر نتنياهو من عملية عسكرية في جنوب غزة بعد انتهاء الهدنة

بايدن مع نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مشترك في 18 أكتوبر (د.ب.أ)
بايدن مع نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مشترك في 18 أكتوبر (د.ب.أ)
TT

أكسيوس: بايدن حذر نتنياهو من عملية عسكرية في جنوب غزة بعد انتهاء الهدنة

بايدن مع نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مشترك في 18 أكتوبر (د.ب.أ)
بايدن مع نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مشترك في 18 أكتوبر (د.ب.أ)

قال موقع «أكسيوس» الإخباري، اليوم الأربعاء، إن الرئيس الأميركي جو بايدن عبر في اتصال مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن قلقه بشأن عملية عسكرية إسرائيلية محتملة في جنوب قطاع غزة بعد انتهاء الهدنة الحالية.

وأضاف الموقع نقلا عن مسؤولين أميركيين أن بايدن أبلغ نتنياهو في الاتصال الذي جرى يوم الأحد أن الطريقة التي عملت بها إسرائيل في شمال غزة لا يمكن تكرارها في الجنوب، نظرا لتكدس قرابة مليوني فلسطيني هناك، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى سقوط أعداد أكبر بكثير من القتلى والجرحى المدنيين ويفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع. وذكر أكسيوس نقلا عن مسؤول أميركي وآخر إسرائيلي أن نتنياهو أبلغ بايدن بأن تنفيذ عملية عسكرية في جنوب غزة ضروري لتحقيق هدف إسرائيل المتمثل في "تدمير" حماس، وأن الإسرائيليين لن يقبلوا بوقف العملية العسكرية الآن.

وقال بايدن لرئيس الوزراء إنه يريد إجراء المزيد من المناقشات مع إسرائيل حول خطط الجيش في جنوب غزة قبل أي عملية محتملة، وهو ما وافق عليه نتنياهو، بحسب الموقع الإخباري. وذكر مسؤولون أميركيون وإسرائيليون أن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن ونظيره الإسرائيلي يوآف غالانت أجريا محادثتين مماثلتين في الأيام القليلة الماضية.


جون ألترمان وديفيد ماكوفسكي لـ«الشرق الأوسط»:غزة في «اليوم التالي» لإسقاط حكم «حماس» وحكومة نتنياهو

جون ألترمان وديفيد ماكوفسكي (الشرق الأوسط)
جون ألترمان وديفيد ماكوفسكي (الشرق الأوسط)
TT

جون ألترمان وديفيد ماكوفسكي لـ«الشرق الأوسط»:غزة في «اليوم التالي» لإسقاط حكم «حماس» وحكومة نتنياهو

جون ألترمان وديفيد ماكوفسكي (الشرق الأوسط)
جون ألترمان وديفيد ماكوفسكي (الشرق الأوسط)

شكك مسؤولان أميركيان سابقان شغلا مناصب رفيعة في إدارات أميركية متلاحقة، ومتخصصان بقضايا الشرق الأوسط في أن تتمكن إسرائيل من تحقيق هدفها القضاء على «حماس». لكنهما لم يستبعدا إطاحة حكمها في غزة، مؤكدين أن هناك حاجة إلى «مكون دولي» كقوة متعددة الجنسية لحكم القطاع، وسط تساؤلات عن السقوط المتوقع لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وأثر ذلك على جهود السلام الأميركية.

وفي سياق البحث عن مآلات الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مع الهجوم الواسع النطاق الذي نفذته «حماس» ضد المستوطنات الإسرائيلية المحيطة بغزة، وما تلاه من عمليات عسكرية وغزو بري أدى إلى مقتل أكثر من 15 ألفاً من الفلسطينيين، أكثريتهم الساحقة من الأطفال والنساء، في القطاع، حاورت «الشرق الأوسط» كلاً من مدير مشروع عملية السلام في الشرق الأوسط لدى معهد واشنطن والعضو في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك والمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن ديفيد ماكوفسكي، والنائب الأول لرئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن جون ألترمان الذي يتولى أيضاً رئاسة كرسي زبيغنيو بريجنسكي للأمن العالمي والاستراتيجية وبرنامج الشرق الأوسط في المركز، عن تصورات الأميركيين حول «اليوم التالي» في غزة. وقدم الاثنان لما يمكن أن ينتج عن هذه الحرب، استناداً إلى تجارب كل منهما في مناصب حساسة خلال عدد من العهود الرئاسية في الولايات المتحدة، بما في ذلك جهود الوساطة لإحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين خصوصاً، وتطبيع العلاقات العربية - الإسرائيلية عموماً.

 

جون ألترمان وديفيد ماكوفسكي (الشرق الأوسط)

بين «حماس» و«داعش»

 

يحدد ماكوفسكي أربع جولات من القتال بين إسرائيل و«حماس»، معتبراً أن تلك الجولات «كانت محاولة لاحتواء حماس، ومحاولة من إسرائيل لإظهار الردع» بعد انسحابها من غزة عام 2005، بالإضافة إلى جولتين مع «الجهاد الإسلامي». ويصف هجمات «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأنها مثل هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 ضد الولايات المتحدة، مؤكداً أنها «كانت صدمة. وأعتقد أن إسرائيل أصبحت تنظر إلى حماس على أنها داعش». ولذلك، هناك الآن «هدفان رئيسيان مترابطان، الأول إطاحتها من السلطة، والثاني تفكيك أنظمة الأسلحة الكبيرة». ويقول: «لا أعرف إذا كان (الإسرائيليون) سيحققون ذلك»، علماً بأنه «لا يمكن إخراج حماس من قلوب الناس وعقولهم. هذا مستحيل».

ويوافقه ألترمان إلى حد بعيد، إذ إنه «قبل الحرب، كانت حماس لا تحظى بشعبية كبيرة في غزة»، عازياً ذلك إلى أنها «كانت غير فعالة» و«فاسدة». ويرى في الوقت ذاته أن «هناك إمكانية للمساعدة في إنشاء هيكل حكم أكثر فاعلية في تلبية حاجات الفلسطينيين ورغباتهم» في القطاع، ورأى أن معظم الأميركيين يحبذون الهيكل الجديد الذي «لن تكون عنده أيديولوجية قاتلة تسعى إلى تدمير دولة إسرائيل»، معبراً عن اعتقاده بأن «هذا فوز مربح: حكومة أفضل لشعب غزة، وجار أفضل لشعب إسرائيل».

ووفقاً لماكوفسكي الذي عمل في إدارات أميركية مختلفة، فإن الحرب التي تخوضها إسرائيل الآن هدفها «الدفاع عن النفس»، متسائلاً عما ينبغي فعله «عندما يقول عدوك: اسمع، لا نريد دولتين، لا نريد التسوية معك، نعتقد أنك غير شرعي (...) إما أنتم أو نحن. إنه شعور رهيب».

 

دور عربي ما

وفيما يلفت ماكوفسكي إلى أن «المهم هو إيجاد مستقبل أفضل لغزة في مرحلة ما بعد حماس»، يعتبر ألترمان الذي يتولى أيضاً رئاسة كرسي زبيغنيو بريجنسكي للأمن العالمي والاستراتيجية الجيواستراتيجية وإدارة برنامج الشرق الأوسط في المركز، أنه «لا يمكن كسر حماس بالإكراه فحسب»، بل «يجب أن تحصل أيضاً على المساعدة في إنشاء ما يعتقد الناس أنه أفضل»، ليس بالضرورة من خلال «التعجيل بالانتخابات، على رغم أني أعتقد أنه يجب أن تكون هناك درجة معينة من الدعم الشعبي والشرعية التي يتمتع بها الهيكل البديل». وتصور أنه «سيكون هناك عنصر دولي ما»، مفترضاً أنه «سيكون من الصعب جداً القيام بذلك من دون دور عربي ما». ويشير خصوصاً إلى «تردد» الحكومات العربية في لعب أي دور «يمكن أن يظهرهم وكأنهم يأتون على متن دبابة أميركية». ويستبعد في الوقت ذاته أن «تأتي السلطة الفلسطينية ببساطة»، مستشهداً بما قاله وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي حول أن «السلطة الفلسطينية منهارة»، ولذلك «لا أستطيع أن أتخيل أن السلطة الفلسطينية ستكون في أي وضع يسمح لها بالتصرف بشكل مستقل». ولكنه يذكر بأدوار يمكن أن تضطلع بها مصر أو المملكة العربية السعودية أو الأردن، أو الإمارات العربية المتحدة، وربما قطر أو المغرب. ويقول: «أستطيع أن أرى الكثير من الإمكانات. ولكن كيف سيبدو هذا؟ من سيقودها؟ تحت أي شروط؟ لأي فترة من الزمن؟ هل هي تابعة للأمم المتحدة أم لسلطات أخرى؟ كما تعلمون أن القوة المتعددة الجنسيات والمراقبين في سيناء ليست تابعة للأمم المتحدة».

 

القرار 1701 غير مطبق

سيارة متضررة تابعة لقوات الـ«يونيفيل» بعد تعرض الموكب لإطلاق نار في بلدة العقبية جنوبي لبنان (أ.ب)

ويرى ماكوفسكي أن «المشكلة ستكون في مرحلة ما بعد حماس في غزة»، مستدركاً أن «إسرائيل ستكون دائماً خائفة من أن تحاول حماس إعادة البناء». وأكد أن الإسرائيليين «لا يخططون لإعادة احتلال القطاع»، لكنهم «يرون أن غزة عبارة عن رمال متحركة (...) لا يريدون العودة، صدقوني!». ومع ذلك «هناك مشكلة فيما يتعلق بالجانب الأمني، فهم يخافون من الأمم المتحدة» لأن القرار 1701 لعام 2006 أعاد ترتيب قوة «اليونيفيل» في لبنان، ونص على منع التواجد العسكري لـ«حزب الله» جنوب نهر الليطاني، ومنع إدخال الأسلحة بصورة غير مشروعة إلى لبنان. لكن ذلك «لم يحصل». ويستطرد: «لذا، إذا لم يعجبك الكتاب في لبنان عام 2006، فلن ترغب في مشاهدة الفيلم في غزة عام 2023». ويعتبر أن هناك «معضلة» لأن الإسرائيليين «لا يمكنهم الوثوق بالأمم المتحدة» ويعتبرون أن السلطة الفلسطينية «ضعيفة للغاية». وبالتالي يريدون تسلم الملف الأمني، على أن يجري تكليف العرب أو أي طرف آخر بالاعتناء بالملف المدني، معتبراً أن ذلك «سيبدو وكأنه احتلال». وأوضح أن «المعضلة» تتمثل في «التعايش» بين هاتين المسألتين. ويعبر عن اعتقاده بأن «هناك حاجة إلى قوة متعددة الجنسيات غير تابعة للأمم المتحدة، وليست عربية، كمرحلة مؤقتة».

 

تغيير في إسرائيل

وإذ يأمل في أن تكون «هناك طريقة لإعادة إعمار غزة، وأن تكون هناك حكومة أكثر عقلانية، وإيجاد طريقة لمنح الكرامة، وإعادة حل الدولتين»، يقر ماكوفسكي بصعوبة تحقيق ذلك، قائلاً إن الأمر «سيحتاج إلى حكومة مختلفة في إسرائيل»، لأن «76 في المائة من الناس يريدون من نتنياهو أن يستقيل» الذي «لم يكن مستعداً» لهجمات 7 أكتوبر. ورأى أنه يجب تسليم غزة لـ«تشكيلات مؤقتة يفضل أن تكون من العالم العربي، لئلا تضطر إسرائيل إلى الاحتلال» مجدداً، ولكي «لا تتعرض السلطة الفلسطينية للفشل، لأن دخولها إلى غزة على دبابة إسرائيلية أمر خاطئ»، فضلاً عن أنهم «ليسوا أقوياء بما يكفي لتولي المسؤولية حتى على الضفة الغربية». وأضاف أنه «إذا كنت تريد حقاً أن ينجح الفلسطينيون، فعليك أن تفعل ذلك بطريقة يمهد بها العالم العربي الطريق لإعادة الإعمار».

ويقول ألترمان: «يبدو لي أن الدول العربية في هذه المرحلة ليست قريبة من الاتفاق على لعب دور»، مشككاً فيما يريده الإسرائيليون. ولكن «إذا كانوا حكماء، فإن هدفهم الاستراتيجي هو القضاء على حكم حماس، ويجب عليهم زرع بذور بديل ما، وأنا لا أرى أنهم يفعلون ذلك». ونبه إلى أنه «سيكون هناك وقت يتضاءل فيه العنف، والسؤال هو: ما الذي يمكنك فعله الآن لوضع نفسك في مناقشات مفيدة عندما يحدث ذلك. هذه هي الطريقة التي تعمل بها الدبلوماسية». ولكن من الآن وحتى ذلك الحين «هناك عدد من الأمور التي يمكن أن تحدث» كأن «تتمكن إسرائيل من قتل عدد كبير من كبار قادة حماس»، أو أن «يقع هجوم يخلف إصابات جماعية يغير الطريقة التي يفكر بها عدد من الدول بإسرائيل»، أو أن «تشعر إسرائيل بعزلة عميقة في العالم نتيجة للاشمئزاز من الخسائر». كما أن «هناك عدداً من الأشياء التي من شأنها أن تغير الحسابات».

 

البداية والنهاية

ويقول ماكوفسكي، الذي ألف كتاباً عن اتفاقات أوسلو، عنوانه «الخرافات والأوهام والسلام: العثور على اتجاه جديد لأميركا في الشرق الأوسط» إن «مفهوم أوسلو برمته كان أن الحركتين الوطنيتين، الصهيونية والفلسطينية، تجلسان معاً في النرويج» للبحث في كيفية تقاسم الأرض، فيما اعتبره كثيرون «نقطة الانطلاق، بعد مؤتمر مدريد، وبعد حرب الخليج، وبعد الحرب الباردة»، علماً بأنهم قالوا إن «الأمر معقد للغاية، ولا يمكننا الاتفاق على كل شيء» في قضايا الحل النهائي التي تتضمن: القدس، اللاجئين، حق العودة، المستوطنات، الدولة والحدود. ولاحظ أن «أول شيء اتفق الطرفان عليه هو غزة»، متذكراً أنه حضر أثناء مصافحة البيت الأبيض عام 1993بين الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين. ورأى أن اللحظة الكبيرة الثانية حصلت عام 2005 حين سحبت إسرائيل بقيادة آرئيل شارون 8500 مستوطن من غزة، علماً بأن شارون «مهندس حركة الاستيطان». أما الثالثة فجاءت مع «استيلاء حماس على السلطة من فتح في يونيو (حزيران) 2007»، حين صارت غزة «أرض حماس». ورأى أن ذلك «كان بمثابة صدمة» لإسرائيل، التي اعتبر زعماؤها أنهم «لم يحصلوا على أي شيء في المقابل». بل «صار من الواضح لإسرائيل فجأة أن حماس لا تهتم بما تفعله، وأنك خرجت. سيطلقون الصواريخ عليك، ثم تبدأ الحصار كرد» على ذلك.

 

توسيع الحرب

وفي ظل المخاوف المتزايدة من امتداد الحرب إلى الضفة الغربية، أو لبنان، أو ربما أبعد، يجيب ألترمان: «لا بد من القلق، لأن هناك خطر التصعيد المحسوب، كما أرى في خطاب (الأمين العام لـ«حزب الله») حسن نصر الله، والذي بدا لي حذراً نسبياً. ولكن هناك تصعيد بسبب سوء التقدير»، مشيراً إلى قصة نشرتها صحيفة «وول ستريت جورنال» حول عدد الأهداف الأميركية التي تعرضت للهجوم من الجماعات المدعومة من إيران. واستطرد أنه «إذا مات خمسة جنود أميركيون. ستكون الصورة مختلفة تماماً». وأضاف: «الآن هناك من يقول: انظروا، قتلت الولايات المتحدة (قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني الجنرال) قاسم سليماني ولم يحدث شيء. يمكنك الانتقام من الإيرانيين، ولن يفعلوا أي شيء، لأنهم خائفون. سمعت هذه الحجة عدة مرات. ربما. ولكن هذا أيضاً خطر».

ويتنفس ماكوفسكي الصعداء لأنه «حتى الآن، لا توجد جبهة ثانية»، رغم «المناوشات» مع «حزب الله». وتوقع أن تنتقل الحرب إلى جنوب غزة الذي سيكون «أصعب من الشمال».

 

لا للتهجير

فلسطينيون يعاينون أماكن سكنهم المدمَرة بفعل القصف الإسرائيلي في مخيم خان يونس جنوبي قطاع غزة (رويترز)

ورداً على تساؤلات في شأن فكرة «الترانسفير»، أو ترحيل الفلسطينيين باتجاه مصر أو الأردن، يقول ألترمان الذي عمل في مناصب رفيعة داخل وزارة الخارجية الأميركية: «أجد صعوبة بالغة في تصور أن ذلك سيكون مقبولاً لدى أي إدارة أميركية».

وإذ يرفض اعتبار الإسرائيليين بأنهم «مستعمرون»، يساوي ماكوفسكي بينهم وبين الفلسطينيين باعتبارهما «شعبين أصليين»، داعياً إلى «تقاسم الأرض»، على أن يتمتع الجانبان بـ«الكرامة» في دولتين مستقلتين. ويؤكد أن إسرائيل لا تعمل على تهجير الفلسطينيين من غزة. وإذ يعبر عن اعتقاده أن بايدن سيحاول إحياء عملية السلام. يؤكد ماكوفسكي أن الأمر «يستغرق الأمر بعض الوقت»، مكرراً أن «الإسرائيليين لا يريدون أن يصبحوا رئيس بلدية غزة. ولا يريدون أن يكونوا هناك». ويضيف جازماً: «لن تقوم إسرائيل بدفع الفلسطينيين إلى العريش أو العقبة أو إربد، كما تعلمون، هذا ليس حقيقياً».


البحرية الأميركية تسقط مسيّرة في البحر الأحمر

حاملة الطائرات الأميركي «يو إس إس دوايت أيزنهاور» في المنطقة بعد اندلاع الحرب (أ.ف.ب)
حاملة الطائرات الأميركي «يو إس إس دوايت أيزنهاور» في المنطقة بعد اندلاع الحرب (أ.ف.ب)
TT

البحرية الأميركية تسقط مسيّرة في البحر الأحمر

حاملة الطائرات الأميركي «يو إس إس دوايت أيزنهاور» في المنطقة بعد اندلاع الحرب (أ.ف.ب)
حاملة الطائرات الأميركي «يو إس إس دوايت أيزنهاور» في المنطقة بعد اندلاع الحرب (أ.ف.ب)

قال مسؤولان أميركيان، اليوم الأربعاء، إن سفينة حربية تابعة للبحرية الأميركية أسقطت طائرة مسيرة يُعتقد أنها انطلقت من اليمن في البحر الأحمر، في أحدث تحرك دفاعي للجيش الأميركي في المنطقة في الأسابيع القليلة الماضية.

وواشنطن في حالة تأهب قصوى تحسبا لنشاط الجماعات المدعومة من إيران مع تصاعد التوترات الإقليمية خلال الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين، وتسعى لضمان عدم اتساع نطاقه. وقال المسؤولان، اللذان تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتيهما، إن الطائرة المسيرة أسقطتها المدمرة كارني. وأشارا إلى أن تلك معلومات أولية يمكن أن تتغير، ولم يذكرا من الجهة التي قد تكون وراء إطلاق المسيرة في اليمن.

وفي أكتوبر (تشرين الأول)، اعترضت سفينة حربية أميركية أربعة صواريخ كروز و15 طائرة مسيرة أطلقتها جماعة الحوثي المدعومة من إيران من اليمن باتجاه إسرائيل. وأرسلت الولايات المتحدة قوة بحرية كبيرة إلى الشرق الأوسط في الشهر الماضي شملت حاملتي طائرات وسفنا مرافقة لهما وآلاف الجنود الأميركيين منذ أكتوبر (تشرين الأول).

من جهة ثانية دانت الولايات المتحدة، الأربعاء، تحليق مسيّرة إيرانية قرب حاملة الطائرات «يو إس إس دوايت دي أيزنهاور» في اليوم السابق ووصفته بأنه سلوك "غير آمن" و"غير مهني". وتعد حاملة الطائرات أيزنهاور محور إحدى مجموعتي حاملات الطائرات الضاربتين اللتين نشرتهما واشنطن لردع إيران والفصائل الموالية لها في الشرق الأوسط عن تصعيد الحرب بين إسرائيل وحماس إلى نزاع إقليمي أوسع.

وقال الأدميرال براد كوبر في بيان إن الطائرة الإيرانية المسيّرة حلقت على مسافة 1500 متر من حاملة الطائرات أيزنهاور الثلاثاء بينما كانت الحاملة تنشط في إطار عمليات طيران في الخليج، متجاهلة "العديد من التحذيرات" وانتهكت "إشعارا للطيارين" بترك مسافة تتجاوز عشرة أميال بحرية (18,5 كيلومترا).

وأضاف كوبر الذي يقود القوات البحرية الأميركية في الشرق الأوسط، "هذا السلوك غير الآمن وغير المهني وغير المسؤول من جانب إيران يخاطر بحياة (طواقم من) الولايات المتحدة والدول الشريكة ويجب أن يتوقف على الفور". وتابع "تظل القوات البحرية الأميركية يقظة وستواصل الطيران والإبحار والعمل في أي مكان يسمح به القانون الدولي لتعزيز الأمن البحري الإقليمي".

 


البيت الأبيض يعلن مشاركة كامالا هاريس في مؤتمر «كوب 28» بدبي

الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس (أ.ف.ب)
TT

البيت الأبيض يعلن مشاركة كامالا هاريس في مؤتمر «كوب 28» بدبي

الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس (أ.ف.ب)

أعلن البيت الأبيض، الأربعاء، أن نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس ستشارك في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 28) الذي تستضيفه دبي هذا الأسبوع، بعدما واجه الرئيس جو بايدن انتقادات لعدم حضوره.

وقالت الرئاسة في بيان "طلب الرئيس من نائبة الرئيس هاريس حضور قمة القادة في مؤتمر كوب28 نيابة عنه لإظهار القيادة العالمية الأميركية بشأن المناخ في الداخل والخارج".

وفي شأن متصل، ذكر البيت الأبيض أن الرئيس بايدن أجرى اتصالا هاتفيا، اليوم الأربعاء، مع رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد وناقشا الحرب في الشرق الأوسط وقمة المناخ المقبلة. وقال البيت الأبيض إن الزعيمين رحبا باتفاق الرهائن الأخير والهدنة الإنسانية في حرب غزة.