على الرغم من التقدم الكبير الذي يحرزه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في استطلاعات الرأي، على منافسه الجمهوري رون ديسانتيس حاكم ولاية فلوريدا، فإن تأكيد انتصاره في الفوز بترشيح الحزب الجمهوري لا يزال بعيد المنال. وفيما يستعد الرجلان لحملات انتخابية في أيوا، الولاية الرمزية التي تفتتح عادة الانتخابات التمهيدية الرئاسية للجمهوريين، العام المقبل، بدا أن ناخبي الولاية ومشرّعيها وعدداً من المحللين الجمهوريين الاستراتيجيين يشككون في حتمية أن يكون ترمب هو «المرشح الحتمي» للحزب، بالنظر إلى وجود عدد كبير من الأصوات الجمهورية البارزة التي تتحدى ترمب وتروّج لديسانتيس.
ويرى معلقون أن مثل هذا الدعم مرغوب فيه للغاية في مؤتمر حزبي يمكن أن يقرره بضعة آلاف من نشطاء الحزب الناشطين. وفيما بدأ ديسانتيس، الثلاثاء، أول حملة ميدانية له في ولاية أيوا، بعد أسبوع من إعلان ترشحه الرسمي، يستعد ترمب يوم الخميس للقاء مفتوح مع الجمهور في قاعة بلدية في الولاية، تستضيفه محطة «فوكس نيوز»، كالذي نظمته محطة «سي إن إن» قبل أكثر من أسبوعين. وتراهن حملة ديسانتيس على الولاية، حيث يقوم فريق من لجنة العمل السياسي الداعمة له بضخ الأموال والاهتمام بالولاية، وحشد التأييد من مشرعي الولاية، وتوظيف عملاء ذوي خبرة، وإرسال رسائل بريدية، وتنظيم الأحداث، والبدء في بناء عملية ميدانية.
وقال مات ويندشيتل، زعيم الأغلبية في ولاية آيوا، إنه يريد مرشحاً رئاسياً «يركز على المستقبل»، معرباً عن قلقه من انفتاح ترمب على مراجعة قوانين السلاح التي تتمسك بها الولاية. كما أعلن ستيف ديس، مذيع برنامج حواري محافظ في ولاية آيوا، وله عدد كبير من المتابعين في الولاية، إن انتقادات ترمب الأخيرة لحظر الإجهاض لمدة 6 أسابيع، أضرّ بموقفه مع الناخبين الإنجيليين. ورأى جوني إرنست، السيناتور الجمهوري عن الولاية، الذي لا يزال محايداً في تأييد أي مرشح جمهوري، أن التأييد الأخير من قبل ويندشيتل والمشرعين الآخرين في الولاية لديسانتيس، يعكس تحولاً تمكن ملاحظته بين الناخبين. وعلى الرغم من ذلك، يرى أرنست أن ترمب لا يزال يتمتع بقاعدة جمهورية قوية جداً، لكن هذا لا يمنع اهتمامهم بالاستماع إلى مرشحين آخرين.
وعلى الرغم من ذلك، لا يعد الفوز في الولاية مؤشراً واضحاً عن هوية الفائز في ترشيح الحزب الجمهوري، كما حصل في 3 دورات انتخابية تمهيدية سابقة، كان آخرها عام 2016، حين خسر ترمب الولاية بفارق ضئيل، لكنه عاد وفاز بترشيح الحزب. وتستمد حملة ترمب الثقة من الاستطلاعات، التي تظهر أن الناخبين الذين لديهم بالفعل رأي حول ترمب وديسانتيس، بما في ذلك أولئك الذين ينظرون لكليهما بشكل إيجابي، يقولون إنهم يفضلون ترمب.
الديمقراطيون يخشون مرشحاً غير ترمب في المقابل، وعلى جبهة الديمقراطيين، يبدي كثير من المسؤولين والاستراتيجيين ومسؤولي الحملات الانتخابية تخوفاً كبيراً من ألّا يكون ترمب هو منافس الرئيس جو بايدن، على قائمة الحزب الجمهوري. وعبّر هؤلاء عن قلقهم من أن تكون جهودهم لإقناع الناخبين ببايدن، أكثر صعوبة، بعدما نما ميدان الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري بشكل كبير الأسبوع الماضي، مع انضمام ديسانتيس، والسيناتور تيم سكوت، والسفيرة السابقة في الأمم المتحدة نيكي هايلي إلى السباق، وتفكير أعضاء كبار من الحزب في اتخاذ قرار بالترشح قريباً، على رأسهم مايك بنس. واستعداداً لهذا الاحتمال، ستطلق اللجنة الوطنية الديمقراطية حملات واسعة النطاق ضد عدد كبير من المنافسين الجمهوريين، الحاليين والمحتملين، مدفوعة بالخوف من أن الصعوبات التي يواجهها بايدن قد تصبح أكثر صعوبة مقابل أي من هؤلاء المنافسين المحتملين.
واستغلت اللجنة الديمقراطية «الإخفاق التقني» الذي واجه إعلان ديسانتيس عن ترشيحه الأسبوع الماضي، على منصة «تويتر»، بحملة سخرية واسعة النطاق من ترمب والجمهوريين الآخرين. وسخرت خصوصاً من ديسانتيس، بتغريدة على صفحة جمع التبرعات قائلة: «إن هذا الرابط يعمل»، واشترت إعلانات بحث على «غوغل»، مثل «ديسانتيس المتخبط» و«ديسانتيس الكارثة». وسلطت الضوء على عدد من مواقفه، التي يرون أنها قد تكون نقاط ضعف له في الانتخابات العامة، بما في ذلك تأييده حظر الإجهاض المقيد، ودعمه حظر الكتب التي تتحدث عن الأعراق، ومعركته مع شركة «ديزني» حول التشريعات المناهضة للمثليين. ويرى الديمقراطيون أن ذلك يسمح لهم بمواصلة الاستراتيجية التي نجحت منتصف العام الماضي في تأليب عدد كبير من الأميركيين ضد مرشحي ترمب في الانتخابات النصفية، ما يجعل أي منافس للحزب الجمهوري تقريباً، بعيداً عن معظم الأميركيين، بحسب رأيهم.
ووصف رئيس اللجنة الوطنية الديمقراطية خايمي هاريسون المرشحين الجمهوريين، بأنهم «كلهم متطرفون. لقد نشأوا في ظل حزب رونالد ريغان الجمهوري». وقال: «حسناً، جزء من أميركا هو الحرية، حرية الكلام، وحرية الاختيار. وهؤلاء الرجال هم كل شيء ضد الحرية». وفيما لا يزال بعض مساعدي بايدن يعتقدون أن قواعد اللعب القائمة ضد بايدن لا تزال تركز على الهجمات على سنه، وابنه هانتر بايدن، واتهامه بالاشتراكية، ستكون هي نفسها، التي فشلت في عام 2020. لكن بعض المقربين منه يشعرون بالقلق حيال قيام الجمهوريين بترشيح وجه جديد، يمكن له على خلفية التضخم والخلافات، الاستفادة من المشاعر المناهضة لمنصب الرئاسة المنتشرة في أميركا وفي الديمقراطيات في جميع أنحاء العالم. ودعت رونا مكدانيل، رئيسة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، الجمهوريين إلى استغلال تدني استطلاعات بايدن. وقالت: «هذا ليس الرئيس الذي يشعر الشعب الأميركي بأنه يقوم بعمل جيد نيابة عنهم... الغالبية العظمى من الأميركيين يشعرون أننا لا نسير في المسار الصحيح». وإذا واجه بايدن شخصاً آخر غير ترمب، فإن ديناميكيات السباق ستتغير على الفور، لتصبح استفتاء على سجل الرئيس. كما أنه سيركز الانتباه على عمره. فترمب أصغر من بايدن بـ3 سنوات فقط. لكن بعض الجمهوريين الآخرين أصغر منه بعقود، وسيقدمون تناقضاً صارخاً مع رئيس سيبلغ من العمر 81 عاماً، في الخريف المقبل.