حالة أميركا اليوم!

الرئيس الأميركي يتحدث في مؤتمر صحافي عقب قمة «مجموعة السبع» في هيروشيما الأحد الماضي (أ.ب)
الرئيس الأميركي يتحدث في مؤتمر صحافي عقب قمة «مجموعة السبع» في هيروشيما الأحد الماضي (أ.ب)
TT

حالة أميركا اليوم!

الرئيس الأميركي يتحدث في مؤتمر صحافي عقب قمة «مجموعة السبع» في هيروشيما الأحد الماضي (أ.ب)
الرئيس الأميركي يتحدث في مؤتمر صحافي عقب قمة «مجموعة السبع» في هيروشيما الأحد الماضي (أ.ب)

لماذا يطالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعالم متعدّد الأقطاب؟ ولماذا يقود انتفاضة كونية على الولايات المتحدّة الأميركيّة؟ وهل النظام العالميّ الحاليّ هو أحادي القطب فعلاً؟ أم أنه عالم متعدّد الأقطاب مع أفضليّة نسبيّة حتى الآن لأميركا؟ وهل تستوفي أميركا شروط تسمية «القوّة العظمى» لكن بين متساويين؟ وإذا كانت أميركا هي المُهيمن الأحادي على النظام العالميّ، فلماذا تستعين بقوى كبرى أخرى موجودة على ساحة الصراع العالميّ كي تنفذ استراتيجياتها؟ وهنا ربما يمكن قول ما يلي: «لا يمكن لأميركا أن تذهب منفردة ومتفرّدة في العالم كما فعلت قبيل غزو العراق عام 2002، ولا يمكن لقوى العالم الأخرى أن تذهب إلى مسائل العالم المهمّة دون أميركا».

مُحيطان حول أميركا يُطلق على أميركا أنها بلد بمحيطين؛ الأطلسي من الشرق، والهادئ من الغرب. هذا العازل الطبيعيّ يُعطي الولايات المتحدّة أهم جهاز إنذار في العالم. فمن يريد اجتياح أميركا، عليه أن يعبر المحيطين. خصوصاً أن المحيط الجغرافي المباشر لأميركا، هو محيط غير معادٍ، وليست لديه القدرة على تهديد الأمن القوميّ الأميركيّ. والمقصود هنا، كل من كندا والمكسيك. ومن هذا الواقع الجغرافيّ، تُستنتج أهم المسلَّمات الجيوسياسيّة للولايات المتحدة الأميركيّة، وهي على الشكل التالي:- ضرورة توافُر بحريّة قويّة لحماية أميركا من أي خطر يأتي عبر المحيطين. هكذا أرادها جورج واشنطن الرئيس الأميركي الأوّل، كما الرئيس تيودور روزفلت. ومن هنا يظهر تملّك أميركا لـ11 حاملة طائرات، وسعي أميركا المستدام لمنع قيام دولة تهيمن بشكل كامل، إن كان في الشرق الأقصى، أو حتى في أوروبا. قصفت أميركا اليابان نووياً؛ لأنها أرادت الاستئثار بمنطقة نفوذ في محيطها المباشر، وإبعاد الولايات المتحدة الأميركيّة عن هذه المنطقة قدر الإمكان. تدخّلت أميركا مرّتين في أوروبا، وفي الحالتين كان الهدف هو منع ألمانيا من الهيمنة على القارة العجوز.

أميركا مع عالم اليوم، وبغض النظر عن مشكلاتها الداخليّة، لا يزال اقتصادها الأقوى في العالم، كما لا تزال القوّة العسكريّة الأميركيّة تحتلّ المركز الأوّل، حتى إشعار آخر. كذلك الأمر، لا يزال التأثير الأميركي السياسيّ مهماً جداً، وعلى كلّ الأصعدة. وأخيراً وليس آخراً، لا تزال أميركا الرائدة في قطاع التكنولوجيا الحديثة. لكن عالم اليوم، هو غير عالم الأمس؛ فموازين القوة في العالم تبدلت، إن كان بسبب التراجع الأميركي وتآكل شرعيّة المُهيمن. أو بسبب صعود القوى الأخرى المنافسة. وعليه وجب على أميركا أن تعيد حساباتها، وأن تُصنّف وترتّب أولوياتها، وذلك عبر تركيب تحالفات جديدة، وتعزيز القديم منها في الوقت نفسه.

العودة إلى الأساس... بظروف مختلفة تعود أميركا اليوم إلى أوروبا، وذلك من ضمن المسلَّمات الجيوسياسيّة الثابتة لديها، لكن الظروف اختلفت؛ فبدل الزعيم جوزيف ستالين، والحرب الباردة معه، تقاتل أميركا والغرب كلّه الرئيس بوتين في حرب ساخنة في أوكرانيا، قد تتحوّل إلى نوويّة. وبدل قتال ألمانيا النازيّة مع هتلر في الحرب العالميّة الثانيّة، ها هي ألمانيا تصطفّ اليوم إلى جانب العم سام، وضد روسيا لتخرج في الوقت نفسه من عزلتها الجيوسياسيّة الطوعيّة.

في الموضع الآخر من المحيط الهادئ، يجتمع القادة السبعة في اليابان، على أن يلتحق بهم الرئيس الأوكرانيّ. وعليه، يبدو أن هناك ملامح تشكّل تحالفاً كبيراً في تلك المنطقة. والمقصود هو دائماً الصين.الرئيس الفلبيني يزور واشنطن ليوقّع اتفاقاً دفاعياً، وذلك بعد أن وقّع اتفاقاً مع الولايات المتحدة يسمح بنشر قوات أميركيّة في الفلبين. وفي مكان آخر، اتفقت تايوان واليابان على التنسيق بين قواتهما العسكريّة في حال الحرب مع الصين. فهل القوات الأميركيّة ستكون بعيدة عن هذا التنسيق؟ كما أن هناك مؤشرات تقول إن كوريا الجنوبيّة قد تنضم إلى هذه المنظومة، ناهيك عن الدور الأسترالي. إذن، تتمحور الأمور في غرب الباسيفيك بالنسبة لأميركا بأمرين مهمّين هما: أولاً، صعود الصين التي تريد بناء نظام عالمي جديد لكن بمواصفات وخصائص صينيّة؛ وثانياً وهو المتمثّل باحتمال سقوط جزيرة تايوان تحت السيطرة الصينيّة. فسقوط الجزيرة قد يعني التغيير الجذريّ لكل أسس وقواعد اللعبة الجيوسياسيّة القديمة في الشرق الأقصى.وأخيراً وليس آخراً، هل يعني حضور الرئيس الأوكراني قمّة السبع في اليابان أنه المرحلة الأولى من عملية الربط المؤسساتي الجيوسياسيّ بين أميركا والغرب من جهّة الأطلسيّ، مع أميركا وحلفائها في الشرق الأقصى من جهّة المحيط الهادئ لتظهّر بذلك استراتيجيّة الاحتواء المزدوج لكلّ من الصين وروسيا في السهل الأوراسيّ؟ وهل ستكون أوكرانيا رأس الحربة ضدّ روسيا، على أن تكون تايوان رأس الحربة في الشرق الأقصى ضدّ الصين؟ الأكيد أنه لا يمكن الهروب من القدر الجغرافيّ.


مقالات ذات صلة

موسكو تؤكد عزمها الرد على التصعيد الأميركي «غير المسبوق»

أوروبا صحافيون يلتقطون صوراً لبقايا صاروخ استهدف منطقة دنيبرو في مركز لتحليل الطب الشرعي بمكان غير محدد بأوكرانيا الأحد (أ.ب)

موسكو تؤكد عزمها الرد على التصعيد الأميركي «غير المسبوق»

أكدت موسكو، الأحد، عزمها الرد على ما سمّته التصعيد الأميركي «غير المسبوق»، فيما دعا الرئيس الأوكراني إلى تعزيز الدفاعات الجوية لبلاده بعدما أسقطت وحدات الدفاع…

«الشرق الأوسط» (موسكو - كييف)
أوروبا القوات الروسية تتقدم بأسرع وتيرة بأوكرانيا منذ بدء الغزو في 2022 (تاس)

تقارير: روسيا تقيل قائداً عسكرياً في أوكرانيا بسبب تقارير مضللة

قال مدونون ووسائل إعلام روسية إن موسكو أقالت جنرالاً كبيراً في أوكرانيا لتقديمه تقارير مضللة عن تقدم في الحرب، بينما يحاول وزير الدفاع إقصاء القادة غير الأكفاء.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

قال الكرملين، الأحد، إن موسكو يجب أن ترد على التصعيد غير المسبوق الذي أثارته واشنطن، بسماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى قلب روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم (السبت) أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

التقى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الجمعة، الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في بالم بيتش في ولاية فلوريدا، فيما يدرس تعيين مبعوث خاص لأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

ترمب يستكمل تعيينات حكومته الجديدة

د. جانيت نشيوات (أ.ف.ب)
د. جانيت نشيوات (أ.ف.ب)
TT

ترمب يستكمل تعيينات حكومته الجديدة

د. جانيت نشيوات (أ.ف.ب)
د. جانيت نشيوات (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب عن أسماء جديدة لشغل مناصب رفيعة ضمن حكومته المقبلة. واختار ترمب سكوت بيسنت، مؤسس شركة الاستثمار «كي سكوير غروب» وأحدَ المروجين المتحمسين لفرض رقابة سياسية على الاحتياطي الفيدرالي، لمنصب وزير الخزانة.

وكان اسم بيسنت قد ورد بين المرشحين المفضلين لتولي الخزانة، وهو مُقرّب من عائلة ترمب منذ فترة طويلة، وسيضطلع بدور رئيسي في تنفيذ البرنامج الاقتصادي للرئيس المنتخب.

وقال ترمب في بيان: إنَّ «بيسنت سيساعدني على إطلاق عصر ذهبي جديد للولايات المتحدة، وترسيخ دورنا بوصفنا أكبر اقتصاد في العالم».

كما رشّح ترمب الطبيبة من أصل أردني جانيت نشيوات لمنصب «الجراح العام»، والدكتور مارتي ماكاري لقيادة إدارة الغذاء والدواء، ولاعب كرة القدم الأميركية السابق ومساعد البيت الأبيض سكوت تيرنر لمنصب وزير الإسكان والتنمية الحضرية.