محاولات أميركية لتفادي «التداعيات الكارثية» للتخلف عن سداد الديون

بايدن يلتقي مكارثي للتفاوض حول رفع سقف الدين العام

بايدن قبيل إلقاء خطاب حول ضرورة رفع سقف الدين في نيويورك 10 مايو الحالي (أ.ف.ب)
بايدن قبيل إلقاء خطاب حول ضرورة رفع سقف الدين في نيويورك 10 مايو الحالي (أ.ف.ب)
TT

محاولات أميركية لتفادي «التداعيات الكارثية» للتخلف عن سداد الديون

بايدن قبيل إلقاء خطاب حول ضرورة رفع سقف الدين في نيويورك 10 مايو الحالي (أ.ف.ب)
بايدن قبيل إلقاء خطاب حول ضرورة رفع سقف الدين في نيويورك 10 مايو الحالي (أ.ف.ب)

أسبوعان تقريباً يفصلان الولايات المتحدة عن أزمة اقتصادية قد تولّد تداعيات كارثية. فقد جددت وزيرة الخزانة جانيت يلين، تحذيرها من أن وزارتها قد لا تتمكن من الوفاء بجميع التزامات ديون الحكومة الأميركية بحلول أوائل يونيو (حزيران)، ما سيؤدي إلى تخلف الولايات المتحدة عن السداد لأول مرة في تاريخها.

وأضافت يلين في رسالة إلى الكونغرس، هي الثانية من نوعها خلال أسبوعين، أن الولايات المتحدة قد تصل إلى حدود سقف الدين، الذي بلغ 31.4 تريليون دولار، بحلول الأول من الشهر المقبل، داعيةً الكونغرس إلى رفع هذا السقف بأسرع وقت ممكن.

وزيرة الخزانة جانيت يلين (أ.ف.ب)

تأتي هذه التحذيرات فيما يستكمل البيت الأبيض المفاوضات التي بدأها الأسبوع الماضي مع قادة الكونغرس في محاولة للتوصل إلى أرضية مشتركة للاتفاق، ويلتقي الرئيس الأميركي جو بايدن، مع رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفين مكارثي، الذي عكس نظرة تشاؤمية حول تقدم المفاوضات، فقال: «لا أعتقد أننا في مكان جيد. أنا أعلم أننا لسنا في مكان جيد».

وقرر بايدن الثلاثاء، إلغاء زيارته المقررة إلى أستراليا والعودة إلى واشنطن بعد انتهاء زيارته إلى اليابان، وذلك لاستئناف مفاوضات رفع سقف الدين العام، بحسب ما أفادت وسائل إعلامية أميركية.

بايدن ورئيس مجلس النواب الجمهوري كيفين مكارثي خلال اجتماعهما لبحث رفع سقف الدين في 9 مايو الحالي (رويترز)

موقف يتناقض إلى حد كبير مع موقف الرئيس الأميركي الذي أعرب عن تفاؤله بسير المفاوضات قائلاً في تصريح له، يوم الأحد: «أنا متفائل لأن هذه طبيعتي. فأنا أعتقد فعلاً أن هناك رغبة من جانبهم ومن جانبنا كذلك في التوصل إلى اتفاق. أعتقد انه يمكننا فعل ذلك...».

وبينما يتخبط السياسيون في دوامة التجاذبات مؤمِّلين التوصل إلى تسوية تُرضي الطرفين، يدق العسكريون ناقوس الخطر محذّرين من مخاطر تخلُّف أميركا عن السداد على الصعيدين الداخلي والخارجي؛ فأي أزمة من هذا النوع ستؤدي إلى تخلف وزارة الدفاع عن سداد رواتب عناصرها ومعاشات التقاعد للمحاربين القدامى، وهذا ما قاله وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، للمشرعين بوضوح، محذراً من أن البنتاغون «لن يتمكن في بعض الحالات من تسديد رواتب قواتنا...». ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد، فأيُّ تخلف عن السداد سوف «يعزز من قوة الصين ويزيد من المخاطر المحدقة بالولايات المتحدة»، حسب تصريحات لرئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال مارك ميلي. وهذه نقطة يوافق عليها أوستن الذي طرح كذلك مسألة ثقة الحلفاء بالولايات المتحدة فقال: «هناك عدد من الأمور التي نعمل عليها مع حلفائنا وشركائنا، وهناك تساؤلات حول ما إذا سيكون باستطاعتنا تنفيذ البرامج المرتبطة بها...».

ولا يزال التأثير الحقيقي لأي تخلف عن السداد غير واضح في تفاصيله. فوزارة الخزانة لم تتخلف قط عن سداد مستحقات الديون الأميركية. وفي حال حصل هذا الأمر مطلع الشهر المقبل، ستكون هذه هي المرة الأولى في التاريخ الأميركي التي تتخلف فيها الولايات المتحدة عن السداد، باستثناء عام 1812 خلال الحرب الأهلية، عندما اندلعت النيران في المراكز الفيدرالية الأميركية في واشنطن ووزارة الخزانة. وبعد هذا التاريخ بأعوام، تحديداً في عام 1866، تبنى مجلس الشيوخ التعديل الـ14 في الدستور الأميركي بهدف السيطرة على أي «تمرد»، وهو التعديل الذي يطالب الديمقراطيون بايدن بتفعيله في هذه الأزمة من دون العودة إلى الكونغرس، ويقول في نصه: «إن شرعية الدين العام الأميركي الذي وافق عليه القانون، بما فيه الديون التي خلّفها دفع التعويضات والكفالات في إطار وقف أي تمرد أو ثورة، لا يجب التشكيك بها». وهو ما يفسره بعض الخبراء القانونيين على أنه يعطي الرئيس الأميركي صلاحية إعطاء الأوامر لوزارة الخزانة بالاستمرار في استدانة الأموال وتجاهُل سقف الدين العام.


مقالات ذات صلة

قادة الأعمال الألمان يطالبون بالإسراع في تشكيل حكومة جديدة

الاقتصاد المنطقة المالية في فرنكفورت (رويترز)

قادة الأعمال الألمان يطالبون بالإسراع في تشكيل حكومة جديدة

دعا قادة الأعمال الألمان، يوم الاثنين، برلين إلى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة، محذّرين من أن أكبر اقتصاد بأوروبا لا يحتمل إضاعة مزيد من الوقت.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد أشخاص يسيرون في الساحة الحمراء بالقرب من كاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين وسط موسكو (رويترز)

بين العقوبات والتضخم... هل تنقذ واشنطن اقتصاد موسكو؟

يواجه الاقتصاد الروسي المتسارع خطر التباطؤ الحاد، في ظل التحفيز المالي الهائل، وارتفاع أسعار الفائدة، والتضخم العنيد، والعقوبات الغربية التي تفرض ضغوطاً كبيرة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد مشهد عام من المنامة عاصمة البحرين (أ.ف.ب)

«فيتش» تثبت تصنيف البحرين عند «بي +» وتخفض نظرتها المستقبلية لـ«سلبية»

أبقت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني تصنيفها للبحرين عند «بي +» لكنها خفضت نظرتها المستقبلية إلى «سلبية».

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ)
الاقتصاد راشيل ريفز تلقي خطاباً بوزارة المالية في لندن (رويترز)

تراجع إيرادات الضرائب يزيد الضغوط على وزيرة المالية البريطانية

تلقت وزيرة المالية البريطانية، راشيل ريفز، مزيداً من الأنباء السلبية بشأن المالية العامة يوم الجمعة، بعدما جاءت إيرادات الضرائب في يناير أقل من التوقعات.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد منظر عام للحي المالي في لندن (رويترز)

الشركات البريطانية تقلص الوظائف بأسرع وتيرة في 4 سنوات

قلصت الشركات البريطانية أعداد موظفيها بأسرع وتيرة منذ أكثر من أربع سنوات، وذلك قبيل تنفيذ الزيادات الضريبية التي أعلنتها وزيرة المالية، راشيل ريفز.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ترمب يلقي خطاباً «غير رسمي» أمام الكونغرس الثلاثاء

الرئيس دونالد ترمب يلقي خطابه عن «حالة الاتحاد» أمام الكونغرس في 5 فبراير 2019 (أ.ب)
الرئيس دونالد ترمب يلقي خطابه عن «حالة الاتحاد» أمام الكونغرس في 5 فبراير 2019 (أ.ب)
TT

ترمب يلقي خطاباً «غير رسمي» أمام الكونغرس الثلاثاء

الرئيس دونالد ترمب يلقي خطابه عن «حالة الاتحاد» أمام الكونغرس في 5 فبراير 2019 (أ.ب)
الرئيس دونالد ترمب يلقي خطابه عن «حالة الاتحاد» أمام الكونغرس في 5 فبراير 2019 (أ.ب)

يُلقي الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مساء الثلاثاء، أول خطاب له في ولايته الثانية، أمام الكونغرس بمجلسيه، لكنه خطاب غير رسمي، ولن يطلق عليه خطاب «حالة الاتحاد»، الذي يقدمه الرؤساء سنوياً أمام الكونغرس لشرح الأهداف والإنجازات والخطط التي يجري وضعها للسنوات المقبلة. وعادةً ما يقدم الرؤساء هذا الخطاب، خلال الأشهر الأولى من العام، وتبثُّه معظم القنوات الأميركية.

ومن المقرر أن يشرح الرئيس ترمب، في هذا الخطاب، أهدافه التشريعية وتوجهات ولايته الثانية في الاقتصاد والأمن القومي والسياسة الخارجية، وسط توقعات بأن يكون خطاباً على غرار خطابات حملته الانتخابية.

ويترقب المحللون هذا الخطاب، الذي سيكون مغايراً لخطابه في 28 فبراير (شباط) 2017، بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية لعام 2016 أمام مُنافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، والذي شدد فيه على دعمه حلف شمال الأطلسي وإيمانه بآليات التجارة الحرة.

ويلقي ترمب خطاب العام الحالي، بعد أيام من المشهد الكارثي في لقائه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وهجومه عليه أمام الكاميرات بالمكتب البيضاوي؛ لعدم التعبير عن الامتنان الكافي لدعم الولايات المتحدة له في الحرب مع روسيا، والذي عُدَّ عرضاً للإذلال العلني غير المسبوق من قِبل رئيس أميركي لرئيس أجنبي يزور البيت الأبيض.

وأعلن الديمقراطيون أن السيناتور أليسا سلوتكمن، من ميتشغان، ستقدم الرد الرسمي للحرب، بعد خطاب ترمب، والذي سيركز على تناقضات سياسات ترمب وأجندته المُعادية للتحالفات الدولية.

ليس خطاباً عن حالة الاتحاد

من المعتاد أن يقدم الرؤساء تقريراً سنوياً إلى جلسة مشتركة للكونغرس، ويقدم فيه الرئيس رؤيته عن الوضع الحالي والظروف في الولايات المتحدة، فيما يطلق عليه «خطاب حالة الاتحاد»، لكن الخطاب الذي يقدمه الرئيس ترمب سيُعدّ خطاباً «غير رسمي»، ولن يطلق عليه خطاب الاتحاد. ويرجع ذلك إلى أنه جرى انتخابه قبل أسابيع، حيث إن تسمية حالة الاتحاد ليست أكثر من مجرد أمر فني، وفقاً لمشروع الرئاسة الأميركية.

وتنص المادة الثانية في القسم 3 من الدستور الأميركي على أن «يقوم [الرئيس من وقت لآخر بإعطاء الكونغرس معلومات عن حالة الاتحاد، ويقدم توصيات بالنظر في مثل هذه التدابير التي يراها ضرورية ومناسبة». لكن الدستور لا يحدد كيف ومتى يجري تقديم هذا الخطاب، علماً بأن العادة جَرَت بتقديم هذا الخطاب في يناير (كانون الثاني)، أو فبراير (شباط) من العام.

ومع ذلك فان الرؤساء الذين تولوا مناصبهم للتو لا يُلقون عادة خطاباً تحت مسمى «حالة الاتحاد». وقد وجه رئيس مجلس النواب مايك جونسون دعوة للرئيس ترمب لإلقاء الخطاب في يناير الماضي، قائلاً، في دعوته: «إنه لشرف عظيم لي وامتياز عظيم أن أدعوك لإلقاء خطاب في جلسة مشتركة للكونغرس، يوم الثلاثاء 4 مارس (آذار) 2025، في قاعة مجلس النواب الأميركي، لمشاركة رؤيتك لأميركا أولاً لمستقبلنا التشريعي».

وهذا الخطاب غير الرسمي ليس استثناءً، فقد أطلق الرئيس الأسبق رونالد ريغان على خطابه اسم «الخطاب أمام جلسة مشتركة للكونغرس حول برنامج التعافي الاقتصادي». وألقى كل من جورج بوش الأب وبيل كلينتون خطابات تحت مسمى «أهداف الإدارة» في عاميْ 1989 و1993، كما ألقى كل من أوباما وترمب خطابات مشابهة لخطاب حالة الاتحاد أطلقوا عليها مسمى «خطاب أمام جلسة مشتركة للكونغرس».

تقليد أميركي

وحرص الرؤساء الأميركيون الأوائل، مثل جورج واشنطن وجون أدامز، على هذا التقليد، لكنه توقَّف مع الرئيس توماس جيفرسون، الذي كان يقدم تقريره كتابيًا إلى الكونغرس، وبرَّر ذلك بأنه يشعر بأن إلقاء الخطاب يشبه الخطابات التي يلقيها ملك المملكة المتحدة. وقد أصبح إلقاء «خطاب حالة الاتحاد» تقليداً راسخاً في عام 1913 عندما جعل الرئيس وودرو ويلسون تركيز الخطاب على أولويات الأمة وإنجازاتها وخططها التشريعية المستقبلية. وكان أول خطاب مُتَلفز هو خطاب الرئيس هاري ترومان في عام 1947.