يجد دونالد ترمب، الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري الأوفر حظاً في انتخابات الرئاسة، نفسه في مأزق كبير عقب أحكام مدنية تفرض عليه دفع ما يزيد على 443 مليون دولار.
وبعد أسابيع من تغريم ترمب بما مجموعه 88 مليون دولار في قضيتين رفعتهما ضده الكاتبة إي جين كارول، بتهمتي الاعتداء الجنسي والتشهير، فرض عليه قاض في نيويورك الجمعة غرامة ثقيلة بقيمة 355 مليون دولار بتهمة الاحتيال التجاري في نيويورك. وتهدد هذه الغرامات سيولة الرئيس السابق ورجل الأعمال الثري، وتثير تساؤلات حول مستقبله السياسي ومصير إمبراطوريته العقارية.
وفيما تستمر فواتير ترمب القانونية في التضخم، بينما يواجه 4 قضايا جنائية مختلفة، يبحث فريقه خيارات دفع الغرامات المفروضة عليه، وسط تساؤلات حول ما إذا كان سيضطر إلى الاستعانة بمصادر تمويل أخرى، أو بيع أصول وعقارات، أو إعلان إفلاسه وهو خيار لجأ إليه في السابق؟
خيارات ترمب
أسئلة عدة طرحت خلال اليومين الماضيين، ملقية بظلال كثيفة على مستقبل أعمال «قطب العقارات»، والمستثمر الجديد في قطاعات مالية باتت تدر عليه عوائد كبيرة، فضلاً عن استثماراته في منصات التواصل الاجتماعي التي أصبح واحداً من أهم المُتابعين عليها، منذ أن دخل البيت الأبيض قبل 7 سنوات.
وقدر مؤشر «بلومبرغ» للمليارديرات أخيراً، صافي ثروة ترمب بنحو 3.1 مليار دولار، مع نحو 600 مليون دولار من الأصول النقدية. ويمكن للغرامات والعقوبات الأخيرة أن تلتهم ما يزيد على نصف السيولة المالية التي راكمها على مدى سنوات عديدة. ويمكن أن تدفع شركة ترمب إلى بيع المزيد من العقارات إذا أرادت تحرير الأموال النقدية. وفي العام الماضي، خفضت مجلة «فوربس» تقديراتها لصافي ثروة ترمب إلى 2.5 مليار دولار، أي أقل بـ600 مليون دولار من تقديراتها السابقة.
وبحسب كثير من المحللين، فإنه حتى ولو كان لدى ترمب القدرة على دفع الغرامة نقدا، فإنها قد تؤدي إلى تبخر سيولته النقدية التي قدرها ترمب نفسه العام الماضي بأنها «أكثر من 400 مليون دولار».
رجّح تقرير نشرته مجلة «بوليتيكو» أن يضطر الرئيس السابق إلى بيع «شيء ما»، لكن ليس بالضرورة أن يكون عقاراً، حيث يمكنه بيع بعض الاستثمارات أو الأصول الأخرى. لكن مشكلات ترمب المالية لا تقف عند هذا الحد. فرغم إعلانه بأنه سيستأنف قرار دفع 355 مليون دولار، نافياً حصول «أي احتيال» ومندداً بـ«استغلال القضاء ضد خصم سياسي متقدم بشكل كبير في استطلاعات الرأي»، لكنه قد لا يستطيع تأخير الدفع.
وإذا لم يتمكن من دفع الأموال أو الحصول على سند كفالة خلال استئنافه الحكم، سيسري الحكم على الفور، ويمكن أن تبدأ سلطات نيويورك في مصادرة أصوله فيها. ويقول خبراء القانون إن عليه أن يضع الأموال في حسابات ضمان لدى المحاكم، أو الحصول على كفالة مقابل المبالغ الضخمة المطالب بها أثناء استئنافه الأحكام.
وأمام ترمب نافذة مدتها 30 يوما بعد الحكم الصادر في 26 يناير (كانون الثاني)، إما إيداع الغرامة إلى حساب المحكمة أو الحصول على كفالة أثناء استئنافه، وإذا اختار دفع الكفالة، فمن المرجح أن يضطر إلى تقديم وديعة بنسبة 20 في المائة من المبلغ، فضلاً عن ضمانات، ورسوم وفوائد، مما يجعل هذا الخيار أكثر تكلفة على المدى الطويل. وسيتطلب الأمر من ترمب أن يجد طرفاً ثالثاً على استعداد لتحمل إخطار إقراضه المال. كما أن هناك غرامات وعقوبات هائلة يجب دفعها، بشرط عدم إبطالها أيضا عند الاستئناف.
مصادر التمويل
ورغم تلك الصعوبات، لا تفرض المحاكم قيوداً على مصادر الأموال التي قد يستعين بها ترمب لدفع قيمة الغرامات المالية. فقد يلجأ إلى نقل أصول «منظمة ترمب» إلى نفسه، أو استخدام أموال حملته السياسية، أو الاستعانة بأموال اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري.
إلا أن القانون يضع قيوداً على استخدام أموال الحملة الانتخابية لأغراض شخصية، لا علاقة لها بالحملة، ناهيك عن أن جزءاً كبيراً منها قد استنزف في دفع رسوم الغرامات وأجور المحامين الذي يدافعون عنه في قضاياه المدنية والجنائية. وقدّرت تقارير المبالغ المنفقة في النصف الثاني من العام الماضي بنحو 29 مليون دولار من صندوق الحملة.
وفيما لا تفرض اللجنة الوطنية الجمهورية القيود نفسها، غير أن استخدام ترمب لأموالها قد يعرضها للإفلاس. لكن مساعيه لتغيير قيادتها عبر الدفع برئيس جديد، بدلا من رونا ماكدانيل، وتولي لارا ترمب، زوجة ابنه إريك، منصب نائب الرئيس، عده البعض مؤشراً على احتمال طلبه من اللجنة الوطنية مساعدته في دفع تلك الغرامات، التي قد «تهدده والحزب» بخسارة الانتخابات، على خلفية تعرضه لمؤامرة سياسية بغطاء من القضاء.