مبادرة ترمب للسلام: تغيير قواعد اللعبة في أوكرانيا وصدام المصالح بين الغرب وروسيا

روسيا ترحب بحذر والاتحاد الأوروبي يشدّد على ضرورة إشراكه وكييف لإنجاح أي خطة سلام

وزراء خارجية أوروبيون خلال مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي في بروكسل 20 نوفمبر 2025 واحتمال فرض حزمة عقوبات جديدة ضد موسكو (إ.ب.أ)
وزراء خارجية أوروبيون خلال مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي في بروكسل 20 نوفمبر 2025 واحتمال فرض حزمة عقوبات جديدة ضد موسكو (إ.ب.أ)
TT

مبادرة ترمب للسلام: تغيير قواعد اللعبة في أوكرانيا وصدام المصالح بين الغرب وروسيا

وزراء خارجية أوروبيون خلال مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي في بروكسل 20 نوفمبر 2025 واحتمال فرض حزمة عقوبات جديدة ضد موسكو (إ.ب.أ)
وزراء خارجية أوروبيون خلال مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي في بروكسل 20 نوفمبر 2025 واحتمال فرض حزمة عقوبات جديدة ضد موسكو (إ.ب.أ)

في لحظة سياسية شديدة التعقيد، تعود مفردة «السلام» إلى خطاب الحرب الأوكرانية، ولكن هذه المرة على وقع مبادرة أميركية تسربت تفاصيلها قبل إعلانها، وتحوّلت سريعاً إلى محور سجال بين واشنطن وكييف وموسكو والعواصم الأوروبية. فبين زيارة عسكرية أميركية رفيعة المستوى إلى العاصمة الأوكرانية، وفضيحة فساد تهزّ مؤسسات الدولة، وضغوط روسية ميدانية مستمرة، يبدو أن الحرب دخلت مرحلة مختلفة، تتجاوز مجرد توازنات الجبهات نحو إعادة صياغة النظام الأمني في القارة الأوروبية.

بوتين لدى استقباله ويتكوف في موسكو 6 أغسطس (رويترز)

تحرك أميركي غير تقليدي

فقد أثارت زيارة وزير الجيش الأميركي دانيال دريسكول إلى كييف جملة تساؤلات، ليس فقط بسبب مستوى الوفد العسكري الذي رافقه، بل لأن المسؤول ذاته لا يندرج ضمن الحلقة الضيقة المكلفة عادة بإدارة الملفات التفاوضية أو الاستراتيجية. والأهم أنها جاءت في سياق مفاوضات موازية يقودها المبعوث الخاص ستيف ويتكوف، الرجل المقرّب من الرئيس، الذي تحوّل إلى قناة خلفية بين واشنطن وموسكو.

ورغم أن زيارة دريسكول جرت تحت عنوان «بحث الاحتياجات العسكرية»، فإنها تزامنت مع تقارير تحدثت عن طرح إدارة الرئيس دونالد ترمب خطة سلام جديدة، ما جعل دريسكول عملياً أحد «حاملي الرسائل» الأولى إلى القيادة الأوكرانية بشأن مستقبل الحرب.

الرئيسان ماكرون وزيلينسكي يستمعان خلال زيارتهما الاثنين لمقر قيادة القوة متعددة الجنسيات من أجل أوكرانيا لشروح من أحد كبار الضباط (رويترز)

وبينما حاول البنتاغون التقليل من البعد السياسي للزيارة، نقلت وسائل إعلام أميركية عدة عن مصادر مطلعة تأكيدها أن الوفد الأميركي أجرى في كييف نقاشات تتجاوز الجوانب التقنية، ولامست «الهامش المتاح أمام أوكرانيا» في أي مفاوضات محتملة. وقالت إن مهمة الوفد العسكري كانت في جزء منها «استطلاعية»، وتهدف إلى تحديد قدرة كييف على تحمل الضغوط، واستشراف رد فعلها في حال فُرضت عليها تسوية قاسية.

ملامح خطة سلام تثير الجدل

وبينما امتنعت واشنطن عن الكشف رسمياً عن أي تفاصيل، تكفلت تسريبات صحافية أميركية برسم ملامح أولية لخطة تضمّ نحو 28 بنداً، عُدت الأكثر إثارة للجدل منذ بدء الحرب. وتشير البنود المسربة إلى أن المبادرة الأميركية تتضمن اعترافاً ضمنياً بسيطرة روسيا على القرم وأجزاء واسعة من دونيتسك ولوغانسك، وتقليص الجيش الأوكراني إلى نحو النصف، مع فرض قيود صارمة على الأسلحة بعيدة المدى، وإنشاء منطقة منزوعة السلاح على خطوط التماس جديدة، وتجميد مسار انضمام أوكرانيا إلى «الناتو» لسنوات طويلة، ووضع ضمانات أمنية أميركية لأوكرانيا وأوروبا، من دون تحديد آليات تنفيذها، وإشراك دول بينها تركيا في آليات الرقابة والضمان، على غرار ما جرى في ملفات تفاوض أخرى. ورغم أن البيت الأبيض وصف هذه البنود بأنها «أفكار» قابلة للنقاش، فإنها قوبلت بقلق واسع في كييف وأروقة الاتحاد الأوروبي، لأنها تتقاطع إلى حد كبير مع المطالب الروسية التقليدية منذ عام 2022، وتمنح موسكو مكاسب استراتيجية يصعب التراجع عنها لاحقاً.

جندي أوكراني يظهر في مدينة كوستيانتينيفكا بالخطوط الأمامية بمنطقة دونيتسك (إ.ب.أ)

كييف بين الرفض والضغوط

بالنسبة للرئيس فولوديمير زيلينسكي، تأتي الخطة الأميركية في توقيت بالغ الحساسية. فبينما تواجه قواته صعوبات كبيرة على جبهات الجنوب والشرق، انفجرت في الداخل فضيحة فساد جديدة شملت مسؤولين مقربين من الرئيس، بينهم شخصيات في مؤسسات ترتبط مباشرة بمنظومة الأمن والدفاع. هذا التطور وضع الحكومة الأوكرانية في موقف ضعيف أمام حلفائها الغربيين، وأعطى زخماً للتيار الداعي إلى ضبط الدعم الغربي، وربما إعادة تقييم جدوى استمرار الحرب بالزخم الحالي. ورغم ذلك، أكدت كييف علناً رفضها لأي تنازلات من شأنها تكريس الخسائر الإقليمية، عادةً أن «السلام الذي يمنح المعتدي مكافأة ليس سلاماً». لكن مصادر غربية تشير إلى أن هامش المناورة الأوكراني بات أضيق من أي وقت مضى، وأن واشنطن نقلت إلى زيلينسكي رسالة مفادها أن الدعم الأميركي «ليس مفتوحاً إلى ما لا نهاية»، وأن البحث عن مخرج سياسي «أصبح ضرورة استراتيجية».

الرئيسان الفرنسي والأوكراني يوقّعان في باريس الثلاثاء «رسالة النوايا» لتزويد كييف بطائرات «رافال» المقاتلة (رويترز)

وقال وزير الخارجية المجري بيتر سيارتو، الخميس، إن على الاتحاد الأوروبي أن يوقف إرسال الأموال إلى الحكومة الأوكرانية بعد الذي تردد عن وجود فساد. وأضاف لصحافيين في بروكسل قبل اجتماع مع نظرائه في الاتحاد الأوروبي: «هناك مافيا حرب... منظومة فاسدة تعمل في أوكرانيا... وفي ظل وجود ذلك، تريد رئيسة المفوضية الأوروبية إرسال 100 مليار أخرى إلى أوكرانيا بدلاً من وقف المدفوعات والمطالبة بتصفية جميع المسائل المالية فوراً... هذا جنون». وقال سيارتو إن المجر ستدعم مبادرات الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام.

وأقال البرلمان الأوكراني، الأربعاء، وزيرين أوكرانيين على خلفية تحقيق فساد كبير مع الدعوة إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات الشاملة لاستعادة الثقة في قيادة البلاد.

سيارات تحترق بالقرب من مبنى سكني تعرَّض لغارة روسية في خاركيف (رويترز)

روسيا ترحب بحذر

في موسكو، بدا التعاطي مع المبادرة الأميركية حذراً من حيث الشكل، وإن كان مرتاحاً من حيث المضمون. فالمتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف نفى وجود مفاوضات رسمية مع واشنطن، لكنه شدد على أن أي خطة سلام يجب أن «تعالج جذور الأزمة»، وهي العبارة التي تستخدمها موسكو دائماً للإشارة إلى مطالبها الجوهرية: الاعتراف بضمّ الأراضي، وضمان حياد أوكرانيا، ومنع تمدد «الناتو».

ويرى خبراء روس أن الخطة الأميركية، حتى في نسختها المسربة، تُشكل «نقطة بداية جيدة» بالنسبة لموسكو، لأنها تقترب من السقف الذي حدده الرئيس فلاديمير بوتين منذ أشهر. لكن في الوقت ذاته، لا تبدو روسيا مستعجلة لمنح الولايات المتحدة «إنجازاً دبلوماسياً» قبل التأكد من أن التسوية تضمن مصالحها بالكامل، خصوصاً مع استمرار تقدم قواتها على محاور عدة في الجنوب.

أما أوروبا، الطرف الأكثر تأثراً بمآلات الحرب، فوجدت نفسها خارج إطار المشاورات المتعلقة بالخطة. ورأى مسؤول أوكراني كبير، طلب عدم نشر اسمه، في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن الخطة الأميركية الجديدة تلحظ الشروط التي سبق أن طرحتها روسيا، وهي مطالب عدتها السلطات الأوكرانية بمثابة استسلام.

أوروبا قلقة

وقد عبّرت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس عن استياء واضح، مؤكدة أنه «لا خطة سلام قابلة للحياة من دون مشاركة الأوروبيين والأوكرانيين».

وشدد الاتحاد، الخميس، على أن إشراكه وكييف ضروري لإنجاح أي خطة للسلام مع روسيا. وفيما ارتفعت حصيلة الضربات الروسية على غرب أوكرانيا إلى 26 قتيلاً وأكثر من 90 جريحاً. سلّمت موسكو كييف، الخميس، جثامين ألف شخص، مشيرة إلى أنها عائدة لجنود أوكرانيين قُتلوا في المعارك.

وعد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو لدى وصوله لاجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل أن «السلام لا يمكن أن يعني الاستسلام». وشدد على أن «الأوكرانيين سيرفضون دائماً أي شكل من أشكال الاستسلام»، مؤكداً حرص الأوروبيين على مبدأ السلام «العادل» و«الدائم». وأضاف: «نريد سلاماً دائماً يقترن بالضمانات اللازمة لمنع أي عدوان إضافي من جانب روسيا بقيادة فلاديمير بوتين».

أما نظيره البولندي رادوسلاف سيكورسكي فعد أن الأولوية تتمثل في الحد من قدرة روسيا على إلحاق الضرر. وقال في بروكسل أيضا: «آمل في ألا تُفرض قيود على قدرة الضحية على الدفاع عن نفسها، بل على المعتدي الذي ينبغي الحد من قدراته العدوانية». وأكد وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول أن «كل المفاوضات المتعلقة بوقف إطلاق النار، وكذلك أي تطورات سلمية أخرى في أوكرانيا، لا يمكن مناقشتها والتفاوض عليها إلا مع أوكرانيا، ويجب إشراك أوروبا».

الرئيس ماكرون مرحباً بالرئيس زيلينسكي لدى وصوله إلى قصر الإليزيه (أ.ف.ب)

وأشار مسؤول كبير في الاتحاد الأوروبي، طلب عدم الإفصاح عن هويته، إلى أن هذه الخطة تستعيد خصوصاً السردية الروسية. ورأى أن موسكو تحاول صرف الانتباه في وقت بدأت العقوبات، خصوصاً الأميركية، على صادراتها النفطية تُؤتي ثمارها.

وحرص وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي المجتمعون في بروكسل على عدم التعليق بكثير من التفاصيل على خطة السلام الأميركية التي لم يعلن عنها بالكامل، لكنهم قالوا إنهم سيتصدون للمطالب بتنازل كييف عن أراض كأنه عقاب لها، وقالوا إن أي اتفاق يجب ألا يحرم أوكرانيا من القدرة على الدفاع عن نفسها.

ولم يعلق البيت الأبيض على المقترحات المذكورة. وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في العاشر من نوفمبر (تشرين الثاني) إن واشنطن «ستواصل تطوير قائمة بالأفكار المحتملة لإنهاء هذه الحرب بناء على مدخلات من طرفي هذا الصراع».

تصعيد عسكري وسط التفاوض

وفي خضم النقاشات السياسية، جاء التطور الميداني الأبرز حين استخدمت أوكرانيا للمرة الأولى صواريخ «أتاكمز» الأميركية لضرب أهداف داخل الأراضي الروسية، بعد أن رفعت واشنطن الحظر السابق على استخدامها في العمق الروسي.

هذا التحول أعطى كييف ورقة قوة مؤقتة، لكنه في الوقت ذاته أثار مخاوف من توسيع رقعة المواجهة. وقد ردت موسكو سريعاً بسلسلة ضربات واسعة على منشآت الطاقة الأوكرانية، في رسالة مفادها أن أي تصعيد سيقابله تصعيد مماثل وربما أشد.

وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي جان نويل بارو يتحدث مع وسائل الإعلام لدى وصوله إلى بروكسل 20 نوفمبر 2025 (إ.ب.أ)

ويرى مراقبون أن هذه الرسائل المتبادلة لن تخرج عن إطار «الضغط فوق طاولة المفاوضات»، لكنها تعكس هشاشة أي تسوية قد يتم التوصل إليها، ما لم تقم على ضمانات واضحة وملزمة للطرفين.

وفي ضوء ما تكشّف خلال الأيام الأخيرة، تبدو الحسابات الدولية على النحو التالي: واشنطن تسعى إلى تهدئة النزاع بأسرع وقت، من أجل التركيز على أولويات أخرى، وفي مقدمها التنافس مع الصين. موسكو تفضّل استمرار الضغط الميداني إلى حين انتزاع أكبر عدد من المكاسب قبل تثبيت خطوط وقف النار. أوروبا تحاول منع تسوية تهمّشها وتعرض أمنها للخطر. وكييف تخشى من أن يؤدي أي اتفاق يُفرض عليها إلى انهيار سياسي داخلي وخسارة ما تبقى من ثقة الشارع.

قد يكون من المبكر الحديث عن ولادة مبادرة سلام قابلة للحياة. فما عُرض حتى الآن لا يتجاوز إطار «الأفكار الأولية»، لكن مجرد طرح هذه البنود في هذا التوقيت يشير إلى أن الحرب تدخل طوراً جديداً، قد يصبح فيه الحل العسكري أكثر تكلفة، والحل السياسي أكثر تعقيداً. وفي ظل المواقف المختلفة لأطراف الصراع، تبقى الحقيقة الأهم أن الأزمة الأوكرانية لم تعد شأناً إقليمياً فحسب، بل تحولت إلى ساحة اختبار لإعادة رسم موازين القوة عالمياً. فهل ستؤدي مبادرة ترمب إلى إنهاء الحرب، أم إلى فتح باب مرحلة أشد خطورة قد تغيّر وجه أوروبا لسنوات مقبلة؟


مقالات ذات صلة

تقرير: زيلينسكي مستعد للدعوة لاستفتاء على خطة ترمب بعد التوصل لوقف النار

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ) play-circle

تقرير: زيلينسكي مستعد للدعوة لاستفتاء على خطة ترمب بعد التوصل لوقف النار

نقل موقع «أكسيوس» عن الرئيس الأوكراني قوله إنه «مستعد» للدعوة إلى إجراء استفتاء على خطة الرئيس الأميركي لإنهاء الحرب في أوكرانيا إذا وافقت روسيا على وقف النار.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ صورة للقاء عاصف بين ترمب وزيلينسكي في البيت الأبيض يوم 28 فبراير (أ.ف.ب)

ترمب وزيلينسكي يبحثان «عقبتين رئيسيتين» أمام اتفاق السلام

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه سيلتقي نظيره الأميركي دونالد ترمب، الأحد، في محاولة لوضع اللمسات الأخيرة على خطة السلام الأميركية لأوكرانيا.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي جورج دبليو بوش خلال مؤتمرهما الصحافي في مدينة سوتشي على البحر الأسود جنوب روسيا 6 أبريل 2008 (أ.ب)

بوتين لبوش عام 2001: أوكرانيا مصطنعة وكانت تابعة لروسيا

في وثائق سرية أميركية، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنظيره الأميركي جورج بوش الابن عام 2001 إن أوكرانيا «مصطنعة» وكان يفترض أن تكون تابعة لروسيا.

علي بردى (واشنطن)
تحليل إخباري ماكرون يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمقر إقامته الصيفي في حصن بريغانسون يوم 19 أغسطس 2019 (د.ب.أ)

تحليل إخباري باريس ترسم خريطة الضمانات الأمنية لكييف قبيل زيارة زيلينسكي إلى واشنطن

فرنسا تركز على تنسيق المواقف بين أوكرانيا وأوروبا والولايات المتحدة، ومصدر رئاسي فرنسي: قمة لـ«تحالف الراغبين» الشهر المقبل، ولا خطط لماكرون بعدُ لزيارة موسكو.

ميشال أبونجم (باريس)
الولايات المتحدة​ ويتكوف في برلين في 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)

مبعوثو ترمب إلى الشرق الأوسط... تغريد خارج سرب البيروقراطية

لم يدخل الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في عهده الثاني برتابة الرؤساء السابقين الذين التزموا بالسياسات الأميركية التقليدية والأعراف الدولية.

رنا أبتر (واشنطن)

إصابة 3 نساء بجروح في عمليات طعن بمترو باريس

قطار يدخل محطة مترو في باريس (أ.ف.ب)
قطار يدخل محطة مترو في باريس (أ.ف.ب)
TT

إصابة 3 نساء بجروح في عمليات طعن بمترو باريس

قطار يدخل محطة مترو في باريس (أ.ف.ب)
قطار يدخل محطة مترو في باريس (أ.ف.ب)

أقدم رجل مسلّح بسكين، الجمعة، على مهاجمة عدة نساء على الخط الثالث لمترو العاصمة الفرنسية باريس.

ووفقاً لعدة مصادر أمنية، قام رجل بإخراج سكين وطعن ثلاث نساء في محطات مختلفة على الخط الذي يربط بين باغنوليه ولوفالوا-بيريه.ووقعت الاعتداءات بين الساعة 16:15 و16:45 بالتوقيت المحلي وفق ما ذكرته وسائل إعلام فرنسية نقلاً عن مصدر أمني.

وجرى إسعاف الضحايا بسرعة من قبل فرق إطفاء باريس. وأشارت مصادر أمنية إلى أن إصابات النساء الثلاث وُصفت بالطفيفة.

وقالت شاهدة عيان كانت حاضرة في محطة ريبوبليك وقت الاعتداء: «أصيبت شابة في منطقة الفخذ، وكان هناك الكثير من الدم، لقد كان جرحاً عميقاً».

ولاذ المشتبه به بالفرار عبر الخط الثامن للمترو، قبل أن يتم توقيفه لاحقاً في منزله بمدينة سارسل الشمالية التابعة لإقليم فال دواز.

وأفاد مصدر أمني أن الرجل من أصول مالية، ومن مواليد عام 2000. واستُبعد، وفقاً للمصدر ذاته، وجود أي دافع إرهابي وراء الحادث، مرجّحاً أن يكون الفعل ناتجاً عن شخص مختل نفسياً أو يعاني من هشاشة نفسية.

وبعد نحو ساعتين من وقوع الاعتداءات، عاد الخط الثالث للمترو للعمل بشكل طبيعي.


تقرير: زيلينسكي مستعد للدعوة لاستفتاء على خطة ترمب بعد التوصل لوقف النار

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)
TT

تقرير: زيلينسكي مستعد للدعوة لاستفتاء على خطة ترمب بعد التوصل لوقف النار

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)

نقل موقع «أكسيوس» الإخباري عن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قوله إنه «مستعد» للدعوة إلى إجراء استفتاء على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الحرب في أوكرانيا إذا وافقت روسيا على اتفاق لوقف إطلاق النار.

وأكّد الموقع الأميركي أن زيلينسكي ما زال يأمل في تحسين بنود خطة ترمب لإنهاء الحرب، وأشار إلى أنه سيسعى إلى الحصول على موافقة الشعب على الخطة إذا لم يتم التوصل لاتفاق «قوي» بشأن الأراضي.

ونقل «أكسيوس» عن زيلينسكي قوله إن الحد الأدنى لمدة وقف إطلاق النار من أجل ترتيب وإجراء الاستفتاء في أوكرانيا هو 60 يوماً.

وفيما يتعلق بالاتفاقات الأميركية-الأوكرانية، قال زيلينسكي إن مدة اتفاق الضمانات الأميركية يجب ألا تقل عن 15 عاماً، مشيراً إلى أن موافقة ترمب على ذلك الأمر في الاجتماع المزمع بين الرئيسين، بعد غد الأحد، في فلوريدا سيعدّ «نجاحاً كبيراً».

وأضاف الرئيس الأوكراني أن الغرض من اجتماع الأحد المقبل هو استغلال التقدم الذي جرى إحرازه من أجل وضع إطار عام لإنهاء الحرب.

محاولة «نسف»

واتهمت روسيا، الجمعة، أوكرانيا بمحاولة «نسف» المفاوضات بشأن الخطة الأميركية لإنهاء الحرب، مشيرة إلى أن النص الجديد الذي قدّمته كييف هذا الأسبوع «يختلف اختلافاً جذرياً» عما تفاوضت عليه موسكو مع الأميركيين.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، في تصريحات متلفزة نقلتها «وكالة الصحافة الفرنسية» إن «قدرتنا على بذل الجهد النهائي والتوصل إلى اتفاق تعتمد على عملنا والإرادة السياسية للطرف الآخر، ولا سيما في ظل تكثيف كييف وداعميها -خصوصاً داخل الاتحاد الأوروبي الذين لا يؤيدون الاتفاق- جهودهم لنسفه».

وأضاف ريابكوف: «دون حلٍّ جذري للمشكلات الكامنة وراء هذه الأزمة، سيكون من المستحيل التوصل إلى اتفاق نهائي»، داعياً إلى الالتزام بالإطار الذي وضعته قمة الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترمب في ألاسكا في أغسطس (آب) 2025، وإلا «فلا يمكن التوصل إلى أي اتفاق».

وقدّم زيلينسكي، الأربعاء، النسخة المنقحة من الخطة الأميركية، التي جرى تحديثها بعد مفاوضات مع كييف مقارنة بالنسخة الأصلية التي عُرضت قبل أكثر من شهر.

وتقترح هذه الوثيقة الجديدة المكونة من 20 بنداً تجميد خطوط المواجهة من دون تقديم حل فوري للقضايا المرتبطة بالأراضي، كما تُسقط مطلبين رئيسيين من موسكو؛ هما انسحاب القوات الأوكرانية من منطقة دونباس، والتزام أوكرانيا القانوني بعدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).

وأشار ريابكوف، الجمعة، إلى أن «هذه الخطة، إن صحّ التعبير، تختلف اختلافاً جذرياً عن النقاط الـ27 التي وضعناها في الأسابيع الأخيرة، منذ بداية ديسمبر(كانون الأول) بالتعاون مع الجانب الأميركي».


باريس ترسم خريطة الضمانات الأمنية لكييف قبيل زيارة زيلينسكي إلى واشنطن

زيلينسكي يتوسّط قادة أوروبيين ومفاوضين أميركيين خلال محادثات في برلين حول أوكرانيا يوم 15 ديسمبر (د.ب.أ)
زيلينسكي يتوسّط قادة أوروبيين ومفاوضين أميركيين خلال محادثات في برلين حول أوكرانيا يوم 15 ديسمبر (د.ب.أ)
TT

باريس ترسم خريطة الضمانات الأمنية لكييف قبيل زيارة زيلينسكي إلى واشنطن

زيلينسكي يتوسّط قادة أوروبيين ومفاوضين أميركيين خلال محادثات في برلين حول أوكرانيا يوم 15 ديسمبر (د.ب.أ)
زيلينسكي يتوسّط قادة أوروبيين ومفاوضين أميركيين خلال محادثات في برلين حول أوكرانيا يوم 15 ديسمبر (د.ب.أ)

بينما تتجه الأنظار إلى الاجتماع المرتقب بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب، والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في الساعات القليلة المقبلة، بمناسبة الزيارة الجديدة التي سيقوم بها فولوديمير زيلينسكي إلى الولايات المتحدة الأحد، عجّلت باريس بعرض رؤيتها للمرحلة المقبلة وللتحركات التي تنوي القيام بها، فضلاً عن الأولويات التي يتعيّن أن تدور حولها المناقشات للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، والتي تشكل الضمانات الأمنية المفترض أن تقدم لكييف عصبها الأساسي.

ثلاث ضمانات

من هذا المنظور، ركّز مصدر رفيع المستوى في القصر الرئاسي على الأهداف التي تعمل فرنسا على تحقيقها، أبرزها «تكتيكي»، ويتمثّل في تدعيم وحدة المقاربة والهدف بين أوكرانيا وأوروبا والولايات المتحدة، بهدف التوصل إلى «قواعد واضحة» لتحقيق وقف لإطلاق النار يمكن التحقق منه، ولطمأنة الطرف الأوكراني بأن روسيا لن تعتدي عليه مجدداً.

الرئيس الفرسي إيمانويل ماكرون متحدثاً للصحافة بعد انتهاء أعمال القمة الأوروبية في بروكسل يوم 18 ديسمبر (أ.ب)

وتُركّز باريس على أن الضمانات الأمنية يتعين أن تندرج في ثلاثة سياقات: الأول، توفير الدعم الكامل للجيش الأوكراني الذي ترى فيه «الضمانة الأولى» للدفاع عن أوكرانيا. من هنا، تشيد باريس بالقرار الذي توصل إليه القادة الأوروبيون مؤخراً في بروكسل بمنح كييف قروضاً قيمتها 90 ملياراً للعامين المقبلين، تنقسم إلى مساعدات عسكرية وأخرى لدعم ميزانية البلاد. أما الضمانة الثانية، فمصدرها «تحالف الراغبين» الذي يضم نحو 35 دولة، أكثريتها الساحقة أوروبية، والذي يخطط لنشر قوة مساندة ليست مهمّتها الدخول في قتال مع القوات الروسية، بل ستنتشر بعيداً عن خط وقف إطلاق النار، فتكون بمثابة «قوة طمأنة» لأوكرانيا، وتقوم بعدة مهمات، منها التدريب ونزع الألغام والرقابة. والضمانة الثالثة يُفترض أن توفرها الولايات المتحدة لأوكرانيا ولـ«تحالف الراغبين».

ورغم غياب توصيف دقيق لما ستوفره، فإن الجانب الأوكراني يتحدث عن ضمانات تُشبه ما توفره «الفقرة الخامسة» من معاهدة الحلف الأطلسي، التي تنصّ على أن أي اعتداء على عضو في الحلف يُعدّ اعتداءً على كل الأعضاء. وأكّد المصدر الرئاسي أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الذي شارك في اجتماع سابق لـ«تحالف الراغبين»، عبّر عن التزام بهذا المعنى.

وبرأيه، فإن الطرف الأميركي منخرط «جدياً» في تقديم الضمانات التي ترى فيها باريس الشرط الأول للاتفاق. ولبّ هذه الضمانة أن معاودة روسيا حربها على أوكرانيا ستعني أنها ستجد في وجهها الأوروبيين والأميركيين معاً، ما يوفر المصداقية لـ«قوة الطمأنة».

قمة «تحالف الراغبين»

من هذه الزاوية، تُفهم أهمية القمة التي سيدعو إليها الرئيس إيمانويل ماكرون لـ«تحالف الراغبين» الشهر المقبل، وتأمل باريس أن تتم بحضور أميركي رفيع. ومن المرتقب أن يشارك في القمّة الرئيس الأوكراني، وسيكون غرضها وضع اللمسات الأخيرة على ما سيقدمه «التحالف». وتكمن أهمية المشاركة الأميركية في ملف الضمانات في أن العديد من أعضاء «التحالف» ربطوا مشاركتهم بالتزام أميركي واضح بالدفاع عن أوكرانيا (وأيضاً عن الأوروبيين)، في حال تجدد الحرب.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماعه برئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك في وارسو يوم 19 ديسمبر (إ.ب.أ)

ويتمسك الأوروبيون بأن تكون مهمة الطرف الأميركي الرقابة على خط وقف إطلاق النار، ليس من خلال نشر قوات مراقبة ميدانياً، بل من خلال وسائل المراقبة الإلكترونية والجوية عبر طائرات وأقمار اصطناعية ومجسّات.

وتجدر الإشارة إلى أن هيئة أركان مشتركة أُنشئت منذ عدة أشهر، ومقرها العاصمة الفرنسية، تعمل على بلورة الخطط العسكرية للانتشار الميداني المحتمل. لكن الصعوبة أنه، حتى اليوم، لم تُعرف هوية الدول الراغبة في إرسال وحدات عسكرية للمشاركة في «قوة الطمأنة». وعلى المستوى الأوروبي، أكّدت فرنسا وبريطانيا مشاركتهما، وهما الدولتان اللتان ترأسان بالتناوب «التحالف»، في حين تدرس ألمانيا هذه المسألة، ولم تتخذ بعدُ قرارها. وخلاصة الملف أن الأطراف الثلاثة تريد تعزيز التنسيق للتوصل إلى خطة تحرك متوافق عليها.

روسيا «ليست في موقع قوة»

تعتبر المصادر الرئاسية الفرنسية أن التوصل إلى اتفاق لوضع حدّ للحرب، الدائرة بين روسيا وأوكرانيا منذ بداية عام 2022، ممكن قبل نهاية العام، إلا أن شرطه أن تقنع المقترحات المشتركة الأوكرانية والأوروبية والأميركية روسيا بالتجاوب معها، و«هذه مسؤولية الطرف الأميركي بالتشاور والتنسيق مع الطرفين الآخرين».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)

وترفض باريس فكرة أن روسيا بصدد الانتصار وفي موقع قوة. وأدلتها على ذلك كثيرة؛ فميدانياً «عجزت القوات الروسية حتى اليوم عن تحقيق اختراق حاسم في إقليم دونباس»، في حين أن القوات الأوكرانية ما زالت صامدة. كذلك، تعاني روسيا من تمويل حربها، ما دفعها لبيع بعض مخزونها من الذهب، ولرفع مستوى ضريبة القيمة المضافة.

أما دبلوماسياً، فإن موسكو تجد نفسها في مواجهة تقارب العواصم الأوكرانية والأوروبية والأميركية، كما أنها لا تملك أفقاً واضحاً للتوصل إلى اتفاق مع واشنطن التي غيرت سياساتها مرات عديدة. وخلاصة باريس أن ما سبق يعد «أوراقاً ضاغطة» على السلطات الروسية، تُكمّل العقوبات الأوروبية والأميركية المفروضة على الاقتصاد الروسي.

اتصال ماكرون - بوتين

عند انتهاء القمة الأوروبية في بروكسل يوم 18 من الشهر الحالي، فاجأ ماكرون الجميع بإعلانه أنه ينوي التحدث مجدداً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ويعود آخر تواصل بين الرئيسين إلى شهر يوليو (تموز) الماضي، وقد كُرّس في غالبيته للملف النووي الإيراني.

ماكرون يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمقر إقامته الصيفي في حصن بريغانسون يوم 19 أغسطس 2019 (د.ب.أ)

وحرص المصدر الرئاسي على طمأنة الأوروبيين بأن ماكرون حريص على «التشاور والشفافية» مع القادة الأوروبيين، وأنه لا يقوم بخطوة منفردة. ومنطلقه في ذلك أنه «لا يجوز ترك مهمة التفاوض مع الطرف الروسي للجانب الأميركي في مسائل تهم الأمن الأوروبي»، وأن الحوار المرغوب مع بوتين يجب أن يكون «متطلباً ومتشدداً».

بيد أن الإليزيه نفى الأخبار التي نشرتها الصحافة الروسية، والتي تتحدث عن زيارة ماكرون لموسكو. كذلك نفى أن يكون قد حصل اتصال بين الرئيسين. ورحب المصدر الرئاسي بالدعوة التي صدرت عن مسؤول ألماني للقيام بمبادرة فرنسية - ألمانية مشتركة في موضوع معاودة التواصل مع بوتين، إلا أنه أعرب عن الرغبة في العمل مع الأوروبيين الآخرين «رغم المسؤولية الخاصة» التي يتحملها الطرفان الألماني والفرنسي بشأن الحرب في أوكرانيا.