فضيحة فساد واتهامات بتسييس القضاء... زيلينسكي يواجه اختباراً صعباً

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)
TT

فضيحة فساد واتهامات بتسييس القضاء... زيلينسكي يواجه اختباراً صعباً

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)

يواجه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اختباراً صعباً قد يقوّض الثقة بأدائه، في ظل فضيحة فساد كبرى تطول أحد معاونيه الرئيسيين في قطاع الطاقة، بموازاة ازدياد الاتهامات للرئاسة الأوكرانية باستخدام القضاء لترهيب المعارضين، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وقد عُلقت مهام وزير العدل جيرمان غالوشينكو الذي تولى حقيبة الطاقة سابقاً، الأربعاء بعدما وجهت النيابة العامة الأوكرانية إليه تهمة التعاون مع أحد أبرز حلفاء زيلينسكي المتهم بتدبير مخطط للحصول على رشاوى بمائة مليون دولار من قطاع الطاقة.

وبعد ظهر الأربعاء، دعاه زيلينسكي إلى الاستقالة مع وزيرة الطاقة الحالية.

وقال في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إن «وزير العدل ووزيرة الطاقة لا يمكن أن يبقيا في منصبيهما»، مؤكداً أنه من «غير المقبول إطلاقاً استمرار بعض (مخططات) الفساد في قطاع الطاقة» في وقت يعاني فيه الأوكرانيون من انقطاعات يومية للكهرباء جراء الهجمات الروسية.

وبينما ينفي غالوشينكو ارتكاب أي مخالفات، أثارت الفضيحة غضباً واسعاً في كييف في ظل التدهور الحاد في التغذية بالتيار الكهربائي في البلاد تحت وطأة الهجمات الروسية مع اقتراب فصل الشتاء.

وأعلن كل من الوزيرين في وقت لاحق استقالتيهما. وأعلنت رئيسة الوزراء الأوكرانية يوليا سفيريدينكو، الأربعاء، إن وزيري العدل والطاقة قدّما استقالتيهما على خلفية قضية الفساد الواسعة في البلاد.

تأتي هذه التحديات في وقت حرج لزيلينسكي الذي ظل يتمتع بشعبية واسعة منذ غزو روسيا عام 2022، مع تقدم قوات موسكو شرقاً.

كما يُظهر ذلك مدى التعقيدات التي تواجهها أوكرانيا في ظل ضرورة تعزيز السلطة المركزية لإدارة الحرب، والمضي قدماً في الإصلاحات الديمقراطية الأساسية للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

وقد وُجهت اتهامات لفريق زيلينسكي باستغلال النظام القضائي لترهيب المنتقدين، وآخر الدلائل على ذلك بحسب منتقديه، توقيف فولوديمير كودريتسكي الذي ترأس شركة الطاقة الوطنية «أوكرينيرجو» حتى عام 2024، الشهر الماضي بتهمة الاختلاس.

ينفي كودريتسكي وأنصاره هذه الادعاءات، ويرون أن هدفها الاقتصاص منه لانتقاده استراتيجية أوكرانيا في حماية شبكة الطاقة من الهجمات الروسية.

وقال كودريتسكي الذي أُفرج عنه بكفالة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «الأمر سياسي بحت. ما كان ذلك ليحدث من دون تدخل المكتب الرئاسي»، عادّاً أن السلطات تريد «أن تُظهر ما يمكن أن يحصل لكل من يخوض في المسائل الحساسة».

أدلة «واهية للغاية»

نجح كودريتسكي في كسب تأييد بعض الشخصيات البارزة.

قال رومان واشوك، وهو أمين مظالم في قطاع الأعمال، إن الأدلة «تبدو واهية للغاية»، محذّراً من «استهداف موجه ضد أشخاص لمجرد قيامهم بمهامهم المؤسسية الاعتيادية».

ووضعت النائبة المعارضة إينا سوفسون في تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، ما يحصل في هذا الإطار ضمن استراتيجية استخدام التحقيقات الجنائية لإسكات المعارضين.

ورداً على سؤال عن القضية الأسبوع الماضي، قال زيلينسكي إن الأمر بيد القضاء، لكن كودريتسكي «كان رئيساً لنظام كبير، وكان على هذا النظام تأمين الطاقة التي نحتاج إليها. كان عليه أن يفعل ذلك».

وترتدي الاتهامات الموجهة لكييف بالتقصير في حماية منشآت الطاقة في البلاد من الهجمات الروسية حساسية كبيرة.

ومن القضايا المرفوعة أمام القضاء أيضاً فضيحة فساد ضخمة يُتهم بالتورط فيها تيمور مينديتش، الشريك في ملكية شركة الإنتاج التي أسسها الرئيس.

وقد حاول مكتب زيلينسكي هذا الصيف ضرب استقلالية الهيئتين المسؤولتين عن التحقيق في القضية وملاحقتهما قضائياً، وهما المكتب الوطني لمكافحة الفساد، ومكتب المدعي العام المتخصص في مكافحة الفساد.

يمثل هذا الوضع تحدياً للاتحاد الأوروبي الذي يدعم مساعي أوكرانيا للانضمام إلى صفوفه، لكنه يضغط عليها للمضي قدماً في الإصلاحات الديمقراطية لبلوغ هذا الهدف.

منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، شهدت أوكرانيا فضائح فساد، فيما تُشكل الرشوة ومخالفة القانون نقطتي ضعف رئيسيتين في مساعي كييف للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

في حين أشادت بروكسل بالتقدم المحرز منذ ثورة 2014، ذكرت في أحدث تقرير لها أن «نزاهة وكفاءة وقدرات القضاء والنيابة العامة لا تزال ضعيفة».

«الناس خائفون»

وأشار ناشطون أيضاً إلى قضايا أخرى. فقد وُجهت اتهامات بالفساد في وقت سابق من هذا العام إلى سلف زيلينسكي ومنافسه السياسي بيترو بوروشينكو، في خطوة ندّد بها الأخير، عادّاً أن دوافعها سياسية.

وقد جُرّد رئيس بلدية أوديسا غينادي تروخانوف من جنسيته الأوكرانية بسبب اتهامات بحيازته جواز سفر روسي، وهو ما نفاه تروخانوف.

حتى أن البعض رأوا في الأمر محاولة من مكتب زيلينسكي لتشديد السيطرة على منطقة تديرها المعارضة.

ولا يزال أحد محققي المكتب الوطني لمكافحة الفساد، رسلان ماغاميدراسولوف، رهن الاحتجاز بتهمة مساعدة دولة معتدية، على خلفية ما نُسب له من اتهام بالتعامل التجاري مع روسيا.

ويقول مؤيدوه إن هذه القضية لُفّقت له بسبب عمله في التحقيق في الفضيحة التي كُشفت هذا الأسبوع.

وجرى اعتقال موظفين آخرين في المكتب الوطني لمكافحة الفساد أو تفتيش منازلهم، ما زاد الضغط على الوكالة.

وقال رئيس المكتب سيمين كريفونوس لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بعض الناس خائفون. ولكن إن كنت تتحدث عن الطاقم العام في المكتب الوطني لمكافحة الفساد، فإن معظمهم متحمسون للغاية».


مقالات ذات صلة

الجيش الأوكراني يعلن استهداف مصنع كبير للكيماويات في جنوب روسيا

أوروبا حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)

الجيش الأوكراني يعلن استهداف مصنع كبير للكيماويات في جنوب روسيا

قال الجيش الأوكراني في ساعة متأخرة من يوم الخميس إن قواته ضربت مصنعا كبيرا للمواد الكيميائية في منطقة ستافروبول بجنوب روسيا، ما أدى إلى اندلاع حريق.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا آليات وجنود روس في جنوب شرقي أوكرانيا (رويترز)

أوكرانيا تعبر عن رغبتها في «سلام حقيقي وليس تهدئة» مع روسيا

قال وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها اليوم الخميس في كلمة أمام منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إن أوكرانيا تريد «سلاماً حقيقياً وليس تهدئة» مع روسيا.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعقيلته أولينا يهبطان من طائرة تحمل شعار الرئاسة الأوكرانية لدى وصولهما إلى مطار دبلن (أ.ف.ب)

تقرير: رصد مسيرات قرب مسار طائرة تقل زيلينسكي إلى آيرلندا

ذكرت وسائل إعلام محلية في آيرلندا أن سفينة تابعة للبحرية الآيرلندية رصدت ما يصل إلى 5 طائرات مسيرة تحلق بالقرب من مسار طائرة الرئيس الأوكراني زيلينسكي.

«الشرق الأوسط» (دبلن)
أوروبا المستشار الألماني فريدريش ميرتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يتحدثان في برلين بألمانيا يوم 23 يوليو 2025 (إ.ب.أ)

ماكرون وميرتس قلقان من النهج الأميركي للسلام في أوكرانيا

كشفت مجلة «شبيغل» الألمانية أن الرئيس الفرنسي والمستشار الألماني عبّرا عن تشككهما في الاتجاه الذي تسلكه أميركا للتفاوض على السلام بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

أعلنت الولايات المتحدة تعليق بعض العقوبات التي فرضتها على شركة النفط الروسية العملاقة «لوك أويل»، للسماح لمحطات الوقود في خارج روسيا بمواصلة العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الجيش الأوكراني يعلن استهداف مصنع كبير للكيماويات في جنوب روسيا

حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)
حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)
TT

الجيش الأوكراني يعلن استهداف مصنع كبير للكيماويات في جنوب روسيا

حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)
حريق في منطقة ستافروبول (أرشيفية)

قال الجيش الأوكراني في ساعة متأخرة من يوم الخميس إن قواته ضربت مصنعا كبيرا للمواد الكيميائية في منطقة ستافروبول بجنوب روسيا، ما أدى إلى اندلاع حريق.

وكتبت هيئة الأركان العامة للجيش على تطبيق تلغرام أن مصنع نيفينوميسكي أزوت تعرض للقصف يوم الخميس، موضحة أن المنشأة تنتج مكونات للمتفجرات ووصفتها بأنها واحدة من أكبر المنشآت من هذا النوع في روسيا.

ولم يصدر على الفور رد فعل من جانب المسؤولين الروس، ولم تتمكن رويترز من التحقق من صحة ما أعلنه الجيش الأوكراني بشكل مستقل.


أوكرانيا تعبر عن رغبتها في «سلام حقيقي وليس تهدئة» مع روسيا

آليات وجنود روس في جنوب شرقي أوكرانيا (رويترز)
آليات وجنود روس في جنوب شرقي أوكرانيا (رويترز)
TT

أوكرانيا تعبر عن رغبتها في «سلام حقيقي وليس تهدئة» مع روسيا

آليات وجنود روس في جنوب شرقي أوكرانيا (رويترز)
آليات وجنود روس في جنوب شرقي أوكرانيا (رويترز)

قال وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها، اليوم الخميس، في كلمة أمام منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إن أوكرانيا تريد «سلاماً حقيقياً وليس تهدئة» مع روسيا.

وتسعى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وهي هيئة معنية بالأمن والحقوق، إلى الاضطلاع بدور في أوكرانيا ما بعد الحرب.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس الأربعاء، إن الطريق أمام محادثات السلام غير واضح حالياً، في تصريحات بعد محادثات وصفها بأنها «جيدة إلى حد معقول» بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومبعوثين أميركيين.

وأضاف سيبيها أمام المجلس الوزاري السنوي للمنظمة: «ما زلنا نتذكر أسماء أولئك الذين خانوا الأجيال القادمة في ميونيخ. يجب ألا يتكرر ذلك مرة أخرى. يجب عدم المساس بالمبادئ ونحن بحاجة إلى سلام حقيقي وليس إلى تهدئة».

جنود روس يقومون بدورية بمنطقة سودجا بإقليم كورسك (أرشيفية - أ.ب)

وأشار الوزير بهذا على ما يبدو إلى اتفاقية عام 1938 مع ألمانيا النازية، التي وافقت بموجبها بريطانيا وفرنسا وإيطاليا على أن يضم أدولف هتلر إقليماً فيما كان يُعرف آنذاك بتشيكوسلوفاكيا. وتستخدم هذه الاتفاقية على نطاق واسع باعتبارها إشارة إلى عدم مواجهة قوة مهددة.

ووجه سيبيها الشكر للولايات المتحدة على ما تبذله من جهود في سبيل إرساء السلام، وتعهد بأن أوكرانيا «ستستغل كل الفرص الممكنة لإنهاء هذه الحرب»، وقال: «أبرمت أوروبا الكثير للغاية من اتفاقيات السلام غير العادلة في الماضي. أسفرت جميعها عن كوارث جديدة».

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس إن فريقه يستعد لعقد اجتماعات في الولايات المتحدة وإن الحوار مع ممثلي ترمب سيستمر.

وبرزت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي تضم 57 دولة منها الولايات المتحدة وكندا وروسيا ومعظم دول أوروبا وآسيا الوسطى، بوصفها منتدى مهماً للحوار بين الشرق والغرب خلال الحرب الباردة.

وفي السنوات القلائل الماضية، وصلت المنظمة إلى طريق مسدود في كثير من الأحيان، إذ عرقلت روسيا تنفيذ قرارات مهمة، واتهمتها بالخضوع لسيطرة الغرب. واشتكت روسيا في بيانها من «هيمنة أوكرانيا الشاملة على جدول الأعمال» في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.


تقرير: رصد مسيرات قرب مسار طائرة تقل زيلينسكي إلى آيرلندا

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعقيلته أولينا يهبطان من طائرة تحمل شعار الرئاسة الأوكرانية لدى وصولهما إلى مطار دبلن (أ.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعقيلته أولينا يهبطان من طائرة تحمل شعار الرئاسة الأوكرانية لدى وصولهما إلى مطار دبلن (أ.ف.ب)
TT

تقرير: رصد مسيرات قرب مسار طائرة تقل زيلينسكي إلى آيرلندا

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعقيلته أولينا يهبطان من طائرة تحمل شعار الرئاسة الأوكرانية لدى وصولهما إلى مطار دبلن (أ.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعقيلته أولينا يهبطان من طائرة تحمل شعار الرئاسة الأوكرانية لدى وصولهما إلى مطار دبلن (أ.ف.ب)

ذكرت وسائل إعلام محلية في آيرلندا، الخميس، أن سفينة تابعة للبحرية الآيرلندية رصدت ما يصل إلى 5 طائرات مسيرة تحلق بالقرب من مسار طائرة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لدى وصوله في زيارة دولة إلى آيرلندا، يوم الاثنين.

وذكرت صحيفة «آيريش تايمز» أن عملية الرصد أثارت استنفاراً أمنياً واسعاً وسط مخاوف من أنها محاولة للتدخل في مسار الرحلة. ونقلت الصحيفة عن مصادر لم تسمّها القول إن الطائرة، التي وصلت قبل موعدها بقليل، لم تكن معرضة للخطر، وفقاً لوكالة «رويترز».

ووصل الوفد الأوكراني في ساعة متأخرة من مساء يوم الاثنين، وغادر في وقت متأخر من اليوم التالي، في إطار رحلة للمساعدة في حشد الدعم الأوروبي لكييف، في الوقت الذي تواصل فيه روسيا حربها على أوكرانيا.

وأدّت توغلات الطائرات المسيرة، التي لم يُكشف عن الجهة المسؤولة عنها حتى الآن، إلى تعطيل حركة الملاحة الجوية في أوروبا في الآونة الأخيرة. ووصفت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، هذه التوغلات بأنها «حرب متعددة الوسائل».