استرضاءً لترمب... «الناتو» لزيادة إنفاقه الدفاعي في قمة «تاريخية»

علما حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة عند مدخل مكان انعقاد القمة في اليوم الأول من قمة حلف شمال الأطلسي (رويترز)
علما حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة عند مدخل مكان انعقاد القمة في اليوم الأول من قمة حلف شمال الأطلسي (رويترز)
TT

استرضاءً لترمب... «الناتو» لزيادة إنفاقه الدفاعي في قمة «تاريخية»

علما حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة عند مدخل مكان انعقاد القمة في اليوم الأول من قمة حلف شمال الأطلسي (رويترز)
علما حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة عند مدخل مكان انعقاد القمة في اليوم الأول من قمة حلف شمال الأطلسي (رويترز)

يستعد حلف شمال الأطلسي (ناتو) لإقرار زيادة كبيرة في إنفاقه الدفاعي، تحت ضغط من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خلال قمّة تعقد يومَي الثلاثاء والأربعاء في لاهاي، في حين تتصاعد التوترات العالمية بين الحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا، والمواجهة الأخيرة بين إيران وإسرائيل، وفق ما نشرت «وكالة الصحافة الفرنسية».

ومن المتوقع أن تهيمن على الاجتماع الضربات الأميركية على إيران وإعلان ترمب وقف إطلاق النار بين الدولة العبرية وإيران، لكن الأمين العام لـ«الناتو» مارك روته، يأمل في ألا يؤدي الوضع بالشرق الأوسط إلى صرف النظر عن مسائل أخرى مهمة في قمّة وصفها بـ«التاريخية».

وستركّز القمّة التي تقام في هولندا، على استرضاء ترمب بعد عودته إلى البيت الأبيض التي أثارت مخاوف حيال وضع الحلف القائم منذ 7 عقود.

ومن المتوقع أن يحضر الرئيس الأميركي مساء الثلاثاء، مأدبة عشاء بدعوة من ملك هولندا فيليم ألكسندر.

وقد تضطر أوكرانيا، ضيفة الشرف خلال قمّة العام الماضي، إلى خفض الصوت، في ظلّ التحفّظات الأميركية على المساعدات المقدّمة لها وتبدّل موقف واشنطن من أوروبا.

وسيحضر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى لاهاي، لكن ليس بصفة مشارك رسمي في الاجتماعات. وسيكون في ضيافة الملك مساء الثلاثاء، حيث قد يتسنّى له التحدّث مع نظيره الأميركي الذي تعذّر عليه لقاؤه الأسبوع الماضي خلال قمّة مجموعة السبع في كندا.

وأفاد مصدر رفيع في الرئاسة الأوكرانية «وكالة الصحافة الفرنسية»، بلقاء بين الزعيمين الأربعاء، على هامش القمّة.

وقال المصدر إن «الفريقين يضعان اللمسات النهائية على التفاصيل»، مضيفاً أن المحادثات مقررة «في وقت مبكر من بعد الظهر»، وستركز على العقوبات بحقّ روسيا وشراء كييف أسلحة من واشنطن.

«قفزة إلى الأمام»

منذ عودته إلى البيت الأبيض، يطالب ترمب الدول الأوروبية وكندا العضو في «الناتو»، بتخصيص 5 في المائة على الأقلّ من ناتجها المحلي الإجمالي للإنفاق الدفاعي.

وعلى ضوء هذا المطلب، اتّفق الأعضاء الـ32 في الحلف على تسوية تقضي بتخصيص 3.5 في المائة من موازناتهم للنفقات العسكرية البحت، و1.5 للنفقات الأمنية بالإجمال، مثل الأمن السيبراني وتنقّل العسكر، وذلك بحلول 2035 بحيث يكون من الأسهل على الدول الأعضاء بلوغ هذا الهدف، إذ إن هذه المصاريف عادة ما تكون مدرجة في حسابات الدولة أو مخطّط لها.

وحتّى لو كانت نسبة 3.5 في المائة محدودة نسبياً في الموازنة، غير أنها تقدّر بمئات المليارات من اليورو، وتعدّ مجهوداً إضافياً كبيراً لبلدان كثيرة يصعب عليها أصلاً بلوغ هدف 2 في المائة للنفقات العسكرية الذي حدّد خلال قمّة سابقة للحلف سنة 2014.

والاثنين، أشاد مارك روته بما وصفه بـ«قفزة إلى الأمام».

وكانت الولايات المتحدة ترغب في أن يكتفي البيان النهائي بالإشارة إلى زيادة الهدف المرجوّ إلى 5 في المائة، غير أن الأوروبيين أصرّوا على ذكر التهديد الروسي.

«مسائل غير محسومة»

ومساء الاثنين، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، أن بلده سيلتزم ببلوغ هدف 5 في المائة.

وقال: «ينبغي لنا أن نبحر في زمن يخيّم عليه انعدام اليقين إلى أقصى الحدود، بمرونة وسرعة ورؤية واضحة للمصلحة الوطنية بغية ضمان أمن» السكان.

وفي مقال مشترك نشر في «فاينانشال تايمز» مساء الاثنين، أقرّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، بأن أوروبا ينبغي أن تعيد التسلّح «ليس لأنه طُلب منا ذلك؛ بل لأننا أهل بصيرة وندين بذلك لمواطنينا».

ووجّه الزعيمان الفرنسي والألماني رسالة إلى الرئيس الأميركي، لإبقاء النزاع الدائر بأوكرانيا في صدارة جدول الأعمال، مع الإشارة إلى أن «المصدر الأساسي لانعدام الاستقرار في أوروبا يأتي من روسيا»، ولا بدّ إذن من «زيادة الضغط» على موسكو «بما في ذلك من خلال عقوبات»، بغية التوصّل إلى وقف لإطلاق النار مع كييف.

ومن المرتقب تخصيص فقرة في البيان الختامي لقمّة «الناتو» لأوكرانيا. وسيعيد الحلفاء التأكيد على دعمهم لكييف الذي بلغ هذه السنة نحو 35 مليار يورو، بحسب ما أعلن مارك روته الاثنين.

غير أن ترمب قد يفجّر مفاجأة أيضاً في قمّة «الناتو»، كما فعل وقت مغادرته اجتماع مجموعة السبع، قبل اختتامه الأسبوع الماضي في كندا.

وقال كاميل غران من المجلس الأوروبي للشؤون الخارجية: «إذا جرت القمّة على ما يرام تقريباً، فسيشكّل ذلك بذاته إنجازاً».

لكن «كثيرة هي علامات الاستفهام والمسائل غير المحسومة بعد»، بحسب غران الذي أشار إلى أن «العقدة الروسية - الأوكرانية لن تحلّ في لاهاي، على الرغم من أنها الدافع الأساسي وراء زيادة إنفاق الأوروبيين».


مقالات ذات صلة

النرويج تعتزم تعزيز دفاعاتها بغواصات وصواريخ لمواجهة روسيا

أوروبا نظام «هيمارس» الأميركي (رويترز)

النرويج تعتزم تعزيز دفاعاتها بغواصات وصواريخ لمواجهة روسيا

تعتزم النرويج شراء غواصتين ألمانيتين إضافيتين وصواريخ بعيدة المدى، مع سعي البلد المحاذي لروسيا إلى تعزيز دفاعاته.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)
أوروبا الرئيس بوتين محاطاً بيوري أوشاكوف (على يمينه) وكيريل دميترييف خلال المحادثات مع ويتكوف وكوشنر في موسكو أمس (سبوتنيك - أ.ف.ب)

بعد «تعثر» مفاوضات موسكو... تساؤلات عن قدرة إدارة ترمب على كبح اندفاعة بوتين

ماركو روبيو يواصل ضخ رسائل إيجابية، مجدداً التأكيد على «إحراز تقدم» في البحث عن صيغة مقبولة لجميع الأطراف، لكن الأطراف الأوروبية ترى أن الصورة أكثر قتامة

إيلي يوسف (واشنطن)
العالم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته يتحدث إلى وسائل الإعلام خلال مؤتمر صحافي قبل الاجتماع الوزاري لوزراء خارجية الحلف بمقر «الناتو» في بروكسل اليوم (أ.ف.ب)

روته: نأمل التوصّل إلى وقف النار في أوكرانيا قبل قمة «الناتو» خلال يوليو

قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، اليوم (الثلاثاء)، إنه يأمل في التوصُّل إلى وقف لإطلاق النار بأوكرانيا قبل قمة الحلف المقررة في يوليو.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
تحليل إخباري صورة من شريط فيديو لمدفع روسي ذاتي الحركة يطلق قذيفة باتجاه مواقع أوكرانية (أرشيفية - إ.ب.أ)

تحليل إخباري المأزق الأوروبي في حرب مُحتملة مع روسيا

مطلوب اليوم من الدول الأوروبيّة الانتقال من التنافس إلى التعاون لمواجهة احتمال حرب مع روسيا.

المحلل العسكري (لندن)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يكشف عن خدمة عسكرية وطنية جديدة أثناء حديثه للجيش في القاعدة العسكرية في فارس بجبال الألب الفرنسية يوم 27 نوفمبر 2025 (أ.ب)

ماكرون يكشف عن خدمة عسكرية فرنسية جديدة قائمة على التطوّع

كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، عن خطة جديدة للخدمة العسكرية الوطنية، في إطار مسعى فرنسا لتعزيز قدراتها الدفاعية.

«الشرق الأوسط» (باريس)

زيلينسكي يزور لندن بعد غدٍ للتشاور مع ستارمر حول وضع مفاوضات السلام

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال لقاء «تحالف الراغبين» في لندن (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال لقاء «تحالف الراغبين» في لندن (إ.ب.أ)
TT

زيلينسكي يزور لندن بعد غدٍ للتشاور مع ستارمر حول وضع مفاوضات السلام

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال لقاء «تحالف الراغبين» في لندن (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال لقاء «تحالف الراغبين» في لندن (إ.ب.أ)

كشفت تقارير إعلامية عن أنه من المتوقع أن يصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى العاصمة البريطانية لندن، بعد غدٍ (الاثنين)؛ للتشاور مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، بشأن الخطوات المقبلة في الحرب الأوكرانية.

وذكرت «وكالة الأنباء البريطانية» أن مشاورات زيلينسكي وستارمر ستركز على حالة المفاوضات وخطة السلام.

وتعتزم الولايات المتحدة وأوكرانيا مواصلة محادثاتهما، اليوم (السبت)، بشأن سبل إيجاد حل للصراع الدائر بين موسكو وكييف. وكانت هذه المحادثات قد بدأت في ولاية فلوريدا الأميركية أول من أمس (الخميس). وأفاد الجانب الأميركي بأن الطرفين اتفقا على أن إنهاء الحرب يعتمد على استعداد روسيا للسلام، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

وكان المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، جاريد كوشنر، أجريا يوم الثلاثاء الماضي محادثات في موسكو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وطرحا المقترحات الأميركية لإنهاء الحرب.

وأفادت تقارير أخرى بأنه من المقرر أن يلتقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ونظيره الأوكراني زيلينسكي، ورئيس وزراء بريطانيا ستارمر، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، في لندن بعد غدٍ (الاثنين).

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه سيتوجَّه إلى لندن، يوم الاثنين؛ للقاء نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وكذلك الزعيمَين البريطاني والألماني؛ لمناقشة الوضع في أوكرانيا والمفاوضات الجارية في ظل الوساطة الأميركية.

وأضاف، عبر منصة «إكس»: «يمكن لأوكرانيا الاعتماد على دعمنا الثابت. هذا هو جوهر الجهود التي بذلناها في إطار (تحالف الراغبين)».

وتابع: «سنواصل هذه الجهود مع الأميركيين لتزويد أوكرانيا بضمانات أمنية؛ إذ لا يمكن تحقيق سلام قوي ودائم من دونها لأن ما هو على المحك في أوكرانيا يتعلق أيضاً بأمن أوروبا بأكملها».

وأبدت كل من روسيا وأوكرانيا، الأربعاء، استعدادها لمزيد من المحادثات مع الولايات المتحدة؛ لوضع حدٍّ لحرب متواصلة منذ نحو 4 سنوات، بعد أن غادر الموفدان الأميركيان، ويتكوف وكوشنر، الكرملين من دون تحقيق تقدم نحو التوصُّل إلى اتفاق سلام.

وعقد الرئيس فلاديمير بوتين محادثات استمرّت ساعات، ليل الثلاثاء، مع المسؤولين الأميركيين دون أن يعلن أي من الطرفين عن تقدم ملموس. وأعلن الكرملين عدم التوصُّل إلى «تسوية» بشأن مسألة الأراضي.


القبض على 4 أشخاص ألقوا الطعام على صندوق عرض التاج البريطاني

اثنان من أعضاء مجموعة تدعى «استعيدوا السلطة» لطخا صندوقاً يحتوي على تاج الدولة الإمبراطوري في لندن بفطيرة التفاح والكاسترد («استعيدوا السلطة» - أ.ف.ب)
اثنان من أعضاء مجموعة تدعى «استعيدوا السلطة» لطخا صندوقاً يحتوي على تاج الدولة الإمبراطوري في لندن بفطيرة التفاح والكاسترد («استعيدوا السلطة» - أ.ف.ب)
TT

القبض على 4 أشخاص ألقوا الطعام على صندوق عرض التاج البريطاني

اثنان من أعضاء مجموعة تدعى «استعيدوا السلطة» لطخا صندوقاً يحتوي على تاج الدولة الإمبراطوري في لندن بفطيرة التفاح والكاسترد («استعيدوا السلطة» - أ.ف.ب)
اثنان من أعضاء مجموعة تدعى «استعيدوا السلطة» لطخا صندوقاً يحتوي على تاج الدولة الإمبراطوري في لندن بفطيرة التفاح والكاسترد («استعيدوا السلطة» - أ.ف.ب)

قالت الشرطة البريطانية، اليوم السبت، إنها اعتقلت أربعة أشخاص في برج لندن بعد إلقاء طعام على صندوق عرض يحتوي على تاج الدولة الإمبراطوري، مضيفة أنه جرى غلق جزء من المبنى التاريخي يضم جواهر التاج الملكي أمام الجمهور.

ونشرت مجموعة تدعى «استعيدوا السلطة»، التي تصف نفسها بأنها مجموعة «مقاومة مدنية»، لقطات للواقعة على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلة إن اثنين من أعضائها لطخا صندوق العرض بفطيرة التفاح والكاسترد.

وجرى إلغاء عرض مجوهرات التاج بعد تلطيخ أفراد المجموعة صناديق العرض التي تحتوي على تاج الدولة الإمبراطوري باستخدام كراميل التفاح وكريم الكاسترد الأصفر، وهما عنصران أساسيان في قوائم الحلويات البريطانية، وفقا لوكالة «أسوشييتد برس».

وأوضحت شرطة لندن، في بيان، أنه جرى اعتقال أربعة محتجين بعد ورود تقارير عن الأضرار الجنائية التي لحقت بصندوق العرض قبل الساعة 10:00 بتوقيت غرينيتش بقليل.

وأضافت، وفقاً لوكالة «رويترز»: «جرى احتجازهم. وأغلق بيت الجواهر أمام الجمهور بينما تستمر تحقيقات الشرطة».

ويضع الملك تشارلز تاج الدولة الإمبراطوري في بعض المناسبات الرسمية، مثل الافتتاح الرسمي للبرلمان. ووضعه أيضاً عند عودته إلى قصر بكنغهام بعد تتويجه في كنيسة وستمنستر في عام 2023.

سياح يدخلون إلى المبنى التاريخي الذي يضم جواهر التاج الملكي في برج لندن (رويترز)

ولم يصدر تعليق بعد من مؤسسة القصور الملكية التاريخية، التي تدير برج لندن الذي يبلغ عمره ألف عام.

وقالت حركة «استعيدوا السلطة» إن احتجاجها كان لتسليط الضوء على مطالبتها الحكومة بفرض ضرائب على الأثرياء.


مقرر تركيا في البرلمان الأوروبي ينتقد وضع سيادة القانون وتطبيق الدستور

مقرر البرلمان الأوروبي لشؤون تركيا ناتشو سانشيز آمور خلال مؤتمر صحافي في مقر بعثة الاتحاد الأوروبي بأنقرة 5 ديسمبر (من حسابه في «إكس»)
مقرر البرلمان الأوروبي لشؤون تركيا ناتشو سانشيز آمور خلال مؤتمر صحافي في مقر بعثة الاتحاد الأوروبي بأنقرة 5 ديسمبر (من حسابه في «إكس»)
TT

مقرر تركيا في البرلمان الأوروبي ينتقد وضع سيادة القانون وتطبيق الدستور

مقرر البرلمان الأوروبي لشؤون تركيا ناتشو سانشيز آمور خلال مؤتمر صحافي في مقر بعثة الاتحاد الأوروبي بأنقرة 5 ديسمبر (من حسابه في «إكس»)
مقرر البرلمان الأوروبي لشؤون تركيا ناتشو سانشيز آمور خلال مؤتمر صحافي في مقر بعثة الاتحاد الأوروبي بأنقرة 5 ديسمبر (من حسابه في «إكس»)

وصف مسؤول أوروبي وضع سيادة القانون في تركيا بـ«الكارثة»، منتقداً ما سمّاه «الازدواجية» في جميع مناحي الحياة السياسية والتطبيق الجزئي للدستور. والتقى مقرر البرلمان الأوروبي لشؤون تركيا ناتشو سانشيز آمور، الموجود في تركيا حالياً في زيارة تقصي حقائق تسبق إصدار التقرير السنوي للبرلمان الأوروبي حولها، وزراء ومسؤولين في الحكومة والمعارضة، منهم وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك، ونائب وزير الخارجية سفير تركيا لدى الاتحاد الأوروبي محمد كمال بوزاي، ورئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل.

كما التقى مسؤولين من حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، المؤيد للأكراد، وسفراء عدد من دول الاتحاد الأوروبي في أنقرة، وممثلين عن منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان وقادة رأي.

قضية إمام أوغلو

وزار آمور، السبت، عدداً من السياسيين والناشطين المدنيين المعارضين المعتقلين، وفي مقدمتهم رئيس بلدية إسطبنول أكرم إمام أوغلو، والناشط المدني عثمان كافالا، والنائب البرلماني من حزب «العمال» التركي جان أطالاي، في سجن سيليفري بضواحي إسطنبول، والرئيس المشارك السابق لحزب الشعوب الديمقراطية (الديمقراطية والمساواة للشعوب حالياً)، صلاح الدين دميرطاش في سجن أدرنة شمال غربي تركيا.

آمور أمام مؤسسة مرمرة العقابية (سجن سيليفري) حيث ذهب لزيارة إمام أوغلو وعدد من السياسيين المعارضين الأتراك المعتقلين (إعلام تركي)

ووصف، في تصريحات عقب لقاء إمام أوغلو في سجن سيليفري (غرب إسطنبول)، محاكمته بأنها «قضية ملفقة تماماً». وأكد أن «استخدام القضاء في تركيا للقضاء على المعارضين السياسيين هو إحدى أكبر العقبات في طريق انضمامها إلى عضوية الاتحاد الأوروبي».

وعزا القضية إلى دوافع سياسية، قائلاً إنه موجود الآن في «سيليفري» بسبب فوزه على مرشحي حزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات المحلية بإسطنبول مرتين خلال عامَي 2019 و2024. وأشاد بالاحتجاجات الجماهيرية الحاشدة التي أعقبت سجن إمام أوغلو، قائلاً إن المتظاهرين عرقلوا تعيين وصي من جانب الحكومة على بلدية إسطنبول.

وانتقد آمور إغفال مبدأ شخصية العقوبة في القضايا التي تريد الحكومة من خلالها تحقيق أهداف سياسية، قائلاً: «هناك أمل ومستقبل لتركيا في الاتحاد الأوروبي يبدأ من هنا في سجن سيليفري».

استهداف «الشعب الجمهوري»

ووصف آمور، في مؤتمر صحافي عقده بمقر بعثة الاتحاد الأوروبي في أنقرة مساء الجمعة، المعايير الديمقراطية في تركيا بأنها في «حالة متردية للغاية». كما أن سيادة القانون «كارثة بكل المقاييس»، مضيفاً أن الدستور ليس قائماً بذاته، ولا يمكن تطبيقه بشكل منصف، وأنه من المذهل عدم اعتراف المحاكم الأدنى بقرارات المحكمة الدستورية. كما تُسلب حقوق الناس رغم أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وموقف القضاء تجاه أعضاء المعارضة والحكومة مختلف تماماً.

جانب من لقاء آمور ورئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل (حساب الحزب في «إكس»)

وذكر أن حزب «الشعب الجمهوري»، أصبح الآن هو «الطرف المُفضّل في سياسات الحكومة القمعية»، كونه أصبح خطراً عليها في الانتخابات المقبلة، وأن هذا يمثّل معياراً مزدوجاً آخر، إذ إن جميع القضايا المتعلقة بحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، المؤيد للأكراد، أُوقفت الآن (بسبب المفاوضات مع حزب العمال الكردستاني)، نظراً إلى الحاجة السياسية لذلك في المستقبل، والآن أصبح الهدف هو حزب الشعب الجمهوري، لأنه فاز في الانتخابات المحلية الأخيرة، ويُقدم بديلاً حقيقياً في الانتخابات القادمة.

وأشاد آمور بالعملية الجارية لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني، في إطار ما يُسمّى «عملية تركيا خالية من الإرهاب»، قائلاً: «أنا من إسبانيا، أُدرك مدى صعوبة مكافحة الإرهاب، لذا فإن نزع سلاح حزب العمال الكردستاني خبر سار للغاية حقاً».

جانب من لقاء آمور ونائب وزير الخارجية التركي محمد كمال بوزاي (من حساب آمور في «إكس»)

وأضاف أن موقف الاتحاد الأوروبي هو المساعدة عند الضرورة؛ سنشجع العملية، وبالطبع نحن سعداء بهذا التطور، لكننا لا نستطيع التدخل بأي شكل من الأشكال.

تركيا وعضوية الاتحاد الأوروبي

وعما إذا كان أمام تركيا فرصة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، قال إن «عملية الانضمام هي عملية معيارية تتعلق بتطبيق معايير كوبنهاغن، وليست عملية تفاوضية، والجميع يعلم ما هو مطلوب، أولاً، الإرادة السياسية ضرورية، ثم اتخاذ الإجراءات اللازمة».

جانب من المؤتمر الصحافي لمقرر البرلمان الأوروبي لشؤون تركيا ناتشو سانشيز آمور (من حسابه في «إكس»)

وأضاف: «أما المسألة الأخرى فهي الشراكة، التي تعني الديمقراطية وكل ما يعود بالنفع على الطرفين، هناك حسن نية من بعض النظراء الأوروبيين بشأن قضايا الأمن والدفاع وغيرها؛ تسهيل التأشيرات، وتحديث الاتحاد الجمركي، واستئناف الحوار رفيع المستوى، كلها جوانب من الشراكة. نريد علاقات وثيقة مع جميع جيراننا، سواء كانوا مرشحين للعضوية أم لا، لكننا لا نقبل فكرة أن تنعكس بيئة شراكة جيدة فوراً في عملية الانضمام، لا تُقاس جدية أي دولة بالطائرات المسيرة فحسب، بل تُقاس أيضاً بمدى الوفاء بالتزاماتها وتطبيق المعايير».

وقال: «هناك رغبة حقيقية في التوسع. يبحث الاتحاد الأوروبي عن شركاء في كل مكان، لأسباب عديدة، منها التعامل مع الوضع الدولي الراهن، ودور الحروب والاضطرابات التي أحدثتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في العلاقات الدولية. يحرص الاتحاد على إعطاء الأولوية لتوسيع نطاقه، وهذه فرصة يمكن أن تستفيد منها جميع الدول المرشحة وليس تركيا فحسب».