بوتين: أعتقد أن «أوكرانيا كلها ملكنا»... و«كل مكان تطأه قدم الجندي الروسي»

قال إن روسيا لا تسعى لاستسلام أوكرانيا بل الاعتراف بالوضع... لكنه «لا يستبعد» الاستيلاء على سومي

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
TT

بوتين: أعتقد أن «أوكرانيا كلها ملكنا»... و«كل مكان تطأه قدم الجندي الروسي»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إنه يعتقد أن «أوكرانيا بأكملها ملكنا»، في حين هدَّد للمرة الأولى، الجمعة، بالاستيلاء على مدينة سومي، الواقعة في شمال شرقي أوكرانيا. وحذَّر من أن القوات الروسية ربما تستولي على المدينة الأوكرانية في إطار سعيها للسيطرة على منطقة عازلة على طول الحدود تمتد حالياً لمسافة تتراوح بين 10 و12 كيلومتراً من الجهة الشمالية الشرقية. ويفصل خط المواجهة حالياً نحو 18 كيلومتراً فقط عن حدود مدينة سومي.

بوتين خلال اجتماع مع الرئيس التنفيذي لشركة «روستيك» في الكرملين (أ.ب)

ورداً على سؤال على هامش «المنتدى الاقتصادي الدولي» في سان بطرسبرغ، قال بوتين، الجمعة: «لا نستهدف الاستيلاء على سومي، ولكنني من حيث المبدأ، لا أستبعد حدوث ذلك».

وندَّد وزير الخارجية الأوكراني، أندريه سيبيها، بهذه التعليقات، ووصفها بأنها دليل على «ازدراء» روسيا لجهود السلام الأميركية. وقال إن موسكو عازمة على مواصلة الاستيلاء على الأراضي، وقتل الأوكرانيين.

وتسيطر روسيا حالياً على خُمس مساحة أوكرانيا تقريباً، ومنها شبه جزيرة القرم، وأكثر من 99 في المائة من منطقة لوهانسك، وأكثر من 70 في المائة من مناطق دونيتسك وزابوريجيا وخيرسون، وأجزاء من مناطق خاركيف وسومي ودنيبروبتروفسك. وهدَّدت روسيا أخيراً بضم مزيد من المناطق إذا لم توافق كييف على الحد الأقصى من الشروط التي وضعتها روسيا لإنهاء الحرب.

وخلال كلمته، الجمعة، قال الرئيس الروسي: «إن الروس والأوكرانيين شعب واحد، وبهذا المعنى، كل أوكرانيا لنا». وهذا ما رفضه مراراً الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن الروس والأوكرانيين شعب واحد، وشدَّد على أن شروط بوتين للسلام هي «أقرب إلى مطالبة بالاستسلام».

ورداً على سؤال من مدير جلسة النقاش عن حجم الأراضي الأوكرانية التي ينوي الاستيلاء عليها، أجاب بوتين: «كل مكان تطأه قدم الجندي الروسي، فهو ملك لنا». وقال: «هناك مثل يقول: أي مكان تطأه قدم جندي روسي، هو ملك لنا». وأضاف: «من هذه الزاوية، أوكرانيا بأكملها ملك لنا»، وسط تصفيق حار من الحضور، كما نقلت «الوكالة الألمانية للأنباء» من وسط الحدث.

وقال بوتين، الجمعة، إنه لا يشكِّك في استقلال أوكرانيا، ولا في سعي شعبها من أجل السيادة، لكنه أكد أن أوكرانيا عندما أعلنت استقلالها مع سقوط الاتحاد السوفياتي عام 1991 كانت أكدت حيادها أيضاً.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

وتقول كييف وحلفاؤها الغربيون إن مطالبات موسكو بالسيادة على 4 أقاليم أوكرانية، وشبه جزيرة القرم، غير قانونية. وكتب وزير الخارجية الأوكراني، على منصة «إكس»، أن «تصريحات بوتين الخبيثة تُظهر ازدراء مطلقاً لمساعي السلام الأميركية (...) السبيل الوحيد لحمل روسيا على السلام هو حرمانها من شعورها بالإفلات من العقاب». وأضاف: «بينما تدعو الولايات المتحدة وبقية العالم إلى وقف فوري للقتل، يُناقش أكبر مجرم حرب روسي خططاً للاستيلاء على مزيد من الأراضي الأوكرانية، وقتل مزيد من الأوكرانيين». وتابع: «أينما وطأت أقدام جندي روسي، لا يجلب معه سوى الموت والدمار والخراب».

وقال زيلينسكي في خطابه المسائي المُصوَّر، كما نقلت عنه «رويترز»، إن روسيا أظهرت «بكل صراحة وسخرية أنها لا ترغب في الموافقة على وقف إطلاق النار. روسيا تريد مواصلة الحرب». وأضاف أن القادة العسكريين ناقشوا العمليات الجارية في منطقة سومي شمال أوكرانيا، وأن روسيا لديها «خطط ونوايا مختلفة ومجنونة تماماً كعادتها. نحن نصدهم ونقضي على هؤلاء القتلة؛ دفاعاً عن سومي».

زيلينسكي والأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (أ.ف.ب)

على الصعيد الدبلوماسي، وصلت المحادثات بين البلدين، التي بدأت بدفع من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إلى طريق مسدود بعد جولتين من المفاوضات في إسطنبول فشلتا في التوصُّل إلى وقف لإطلاق النار يفضي إلى إنهاء صراع أودى بعشرات الآلاف خلال أكثر من 3 سنوات. ورفضت روسيا الهدنة «غير المشروطة» التي سعت إليها أوكرانيا، ووصفت كييف من جانبها مطالب موسكو بأنها «إنذارات».

ويرفض بوتين المشارَكة في محادثات السلام شخصياً، وأعلن (الخميس) أنه لن يلتقي نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلا خلال «المرحلة الأخيرة» من المفاوضات.

اتهم الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، موسكو بتسليم بلاده عمداً جثامين 20 جندياً روسياً، أحدهم يحمل الجنسية الإسرائيلية، بدلاً من رفات جنود أوكرانيين تم الاتفاق على إعادتها خلال عملية تبادل جثث جرت أخيراً. وقال الرئيس الأوكراني، خلال إحاطة صحافية الجمعة، طُلب عدم نشر مضمونها حتى السبت: «نعتقد أنهم يفعلون ذلك عمداً لإظهار عدد الجثث الأوكرانية التي يُفترَض أنها بحوزتهم» ولتقليل عدد القتلى بين الجنود الروس.

وميدانياً، نقلت وكالة «تاس» الروسية للأنباء، السبت، عن وزارة الدفاع قولها، إن القوات الروسية سيطرت على بلدة زابوريجيا في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا. لكن لم يتم التأكد بشكل مستقل من التقرير المتعلق بساحة المعركة.

ذكرت السلطات العسكرية المحلية، السبت، أن طائرات دون طيار وصواريخ أطلقتها روسيا، الليلة الماضية، ألحقت أضراراً بالبنية التحتية للطاقة في وسط أوكرانيا. وقال الحاكم العسكري للمنطقة، فولوديمير كوهوت على تطبيق «تلغرام» إنه تم تسجيل «ضربات مباشرة»، وسقوط حطام في منطقة كريمنشوك في بولتافا. وأُصيب شخص واحد في الهجوم، طبقاً للمسؤول، الذي لم يكشف عن مزيد من التفاصيل حول حجم الأضرار. وذكرت تقارير إعلامية محلية أنه تم سماع دوي انفجارات قوية في مدينة كريمنشوك الصناعية، على بعد نحو 250 كيلومتراً جنوب شرقي كييف.

صورة مُركّبة تُظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)

من جانب آخر، قال الرئيس الأوكراني، الجمعة، إن بلاده تعمل على التطوير السريع للطائرات المسيّرة الاعتراضية لمواجهة أسراب المسيّرات الروسية التي هاجمت المدن الأوكرانية بأعداد متزايدة في الأسابيع الماضية. وأشار المسؤولون الأوكرانيون إلى الزيادة الحادة في أعداد الطائرات المسيّرة من طراز «شاهد»، التي صممتها إيران، وتطلقها روسيا في الليلة الواحدة. ويقولون إنه من الضروري تطوير تكنولوجيا قادرة على التصدي للتهديد الذي تُشكِّله هذه الطائرات. وقال زيلينسكي في كلمته المسائية المصورة، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية»، «نعمل أيضاً بشكل منفصل على الطائرات المسيّرة الاعتراضية التي تهدف إلى تعزيز الحماية ضد طائرات (شاهد) المسيّرة». وأضاف: «شركات محلية عدة، وبالتالي أنواع مختلفة من الطائرات المسيّرة، تحقق نتائج. ويزداد بالفعل حجم الإنتاج من الطائرات الاعتراضية».

وتطلق القوات الروسية أكثر من 400 طائرة مسيّرة في الليلة الواحدة، وتجاوز عددها 470 في بعض الأحيان.

صورة مركبة للرئيسين الروسي والأميركي (أ.ف.ب)

وأطلقت موسكو 440 طائرة مسيّرة، بالإضافة إلى 32 صاروخاً، الأسبوع الماضي، في هجوم «مشترك» على كييف دمَّر جزءاً من مبنى سكني وقتل 28 شخصاً. ووصف زيلينسكي ومسؤولون آخرون الإنتاج المحلي للطائرات المسيّرة بأنه عنصر أساسي في الدفاع الوطني، وزاد الإنتاج كثيراً بعد أن كان شبه معدوم قبل الاجتياح الروسي في فبراير (شباط) 2022. وأخبر زيلينسكي شركات تصنيع الأسلحة الأجنبية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أن أوكرانيا يمكنها إنتاج 4 ملايين طائرة مسيّرة سنوياً، كما أنها تزيد من إنتاجها للأسلحة الأخرى بوتيرة سريعة.


مقالات ذات صلة

أوكرانيا تقترح إجراء محادثات سلام جديدة مع روسيا الأسبوع المقبل

أوروبا  الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام») play-circle

أوكرانيا تقترح إجراء محادثات سلام جديدة مع روسيا الأسبوع المقبل

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن كييف اقترحت على موسكو جولة جديدة من محادثات السلام الأسبوع المقبل، بعد تعثر المفاوضات في بداية يونيو.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا نظام صواريخ «باتريوت» في موقع غير محدّد في أوكرانيا يوم 4 أغسطس 2024 (رويترز)

إدارة ترمب تعيد جدولة تسليم الأسلحة الدفاعية للحلفاء دعماً لكييف

منحت إدارة ترمب ألمانيا الأولوية على سويسرا للحصول على أنظمة «باتريوت»، لإفساح المجال أمام برلين لدعم كييف بنظامين اثنين على الأقل.

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا جنديان أوكرانيان يشغّلان مسيّرة للتجسس قرب الحدود مع روسيا (أ.ف.ب)

روسيا: إسقاط مسيّرتين أوكرانيتين كانتا تتجهان إلى موسكو

قال رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين، اليوم (السبت)، إن أنظمة الدفاع الجوي أسقطت طائرتين مسيّرتين كانتا في طريقهما إلى العاصمة الروسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو )
أوروبا تصور فني لطائرة سلاح الجو الملكي البريطاني تيمبست المقرر أن تدخل الخدمة بحلول عام 2035 (تلغراف)

«ستكون ضخمة»... لماذا يجب أن يخشى بوتين من الطائرة المقاتلة البريطانية القادمة؟

تشير الدلائل الأولية إلى أن الطائرة المقاتلة البريطانية الجديدة «تيمبست» مصممة لمهام في عمق أراضي العدو، فماذا نعرف عنها؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
تحليل إخباري أعلام الاتحاد الأوروبي خارج مقر المفوضية في العاصمة البلجيكية بروكسل (رويترز)

تحليل إخباري سَعيٌ أوروبي مكلف إلى إنشاء كتلة جيوسياسية - عسكرية متراصّة

يرى القادة الأوروبيون أن تغيّر لهجة الرئيس دونالد ترمب لن يحل «المشكلة الأمنية الروسية» التي تهدد القارة.

أنطوان الحاج

أوكرانيا تقترح إجراء محادثات سلام جديدة مع روسيا الأسبوع المقبل

 الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)
TT

أوكرانيا تقترح إجراء محادثات سلام جديدة مع روسيا الأسبوع المقبل

 الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم السبت، أن كييف اقترحت على موسكو جولة جديدة من محادثات السلام الأسبوع المقبل، بعد تعثر المفاوضات في بداية يونيو (حزيران).

وفشلت جولتان من المحادثات في إسطنبول بين موسكو وكييف في تحقيق أي تقدم نحو وقف إطلاق النار، وأسفرت فقط عن اتفاق لعمليات تبادل كبيرة للأسرى وجثث العسكريين القتلى.

وقال زيلينسكي في خطابه المسائي: «أفاد سكرتير مجلس الأمن (رستم) عمروف أيضاً بأنه اقترح عقد الاجتماع المقبل مع الجانب الروسي الأسبوع المقبل»، مضيفاً أنه «يجب تعزيز زخم المفاوضات»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

كما أكد الرئيس الأوكراني مجدداً استعداده للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين وجهاً لوجه، قائلاً: «لا بد من لقاء على مستوى القيادة لضمان سلام حقيقي - سلام دائم».

خلال المحادثات التي جرت الشهر الماضي، حددت روسيا قائمة من المطالب الصارمة، من بينها تنازل أوكرانيا عن مزيد من الأراضي ورفض جميع أشكال الدعم العسكري الغربي لها.

ورفضت كييف المقترحات عادّة أنها غير مقبولة، وتساءلت في ذلك الوقت عن جدوى إجراء مزيد من المفاوضات إذا لم تكن موسكو مستعدة لتقديم تنازلات.

وقال الكرملين، في وقت سابق من هذا الشهر، إنه مستعد لمواصلة المحادثات مع أوكرانيا بعد أن أمهل الرئيس الأميركي دونالد ترمب روسيا 50 يوماً للتوصل إلى اتفاق سلام أو مواجهة مزيد من العقوبات.

وتعهّد ترمب أيضاً تزويد أوكرانيا بمساعدات عسكرية جديدة، برعاية شركاء من حلف شمال الأطلسي (ناتو)، فيما تتعرض مدنها لهجمات جوية روسية متزايدة.

وصعّدت روسيا هجماتها الجوية البعيدة المدى على المدن الأوكرانية، فضلا عن الهجمات والقصف على الخطوط الأمامية خلال الأشهر الأخيرة، متجاهلة تحذيرات ترمب.

والسبت، شنّت روسيا هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص في أوكرانيا.

ولقي شخصان حتفهما بعد أن سقط صاروخ روسي على منطقة دنيبروبيتروفسك بوسط أوكرانيا، وهي مركز صناعي مهم تقدمت باتجاهه القوات الروسية مؤخرا.

وأدى هجوم روسي سابق بعشرين طائرة مسيّرة على مدينة أوديسا الساحلية الأوكرانية إلى مقتل شخص واحد على الأقل خلال الليل.

اضطرت روسيا إلى تعليق حركة القطارات لنحو أربع ساعات خلال الليل، مما تسبب في تأخيرات واسعة النطاق في منطقة روستوف الجنوبية، بعد هجوم بطائرة مسيّرة أوكرانية أدى إلى إصابة أحد عمال السكك الحديد.

وتستعمل موسكو وكييف أسرابا من الطائرات المسيّرة منخفضة التكلفة لإغراق الدفاعات الجوية لكل منهما، وأعلن الطرفان المتحاربان السبت اعتراض مئات من المسيّرات التي يتم إطلاقها بأعداد كبيرة بشكل شبه يومي.

وفي إطار اتفاقات إسطنبول، تسلمت كييف جثث ألف عسكري الخميس، فيما قالت روسيا إنها تسلمت 19 جثة من أوكرانيا.

وفرض الاتحاد الأوروبي الجمعة الحزمة الثامنة عشرة من العقوبات على موسكو، مستهدفا البنوك روسية وخفض سقف أسعار صادرات النفط الروسي، في محاولة للحد من قدرتها على تمويل الحرب.