تدريس اللغة العربية في فرنسا يواجه عوائق مرتبطة خصوصاً بالتسييس

طلاب أمام مدرسة ابن رشد الثانوية في ليل شمال فرنسا 28 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)
طلاب أمام مدرسة ابن رشد الثانوية في ليل شمال فرنسا 28 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

تدريس اللغة العربية في فرنسا يواجه عوائق مرتبطة خصوصاً بالتسييس

طلاب أمام مدرسة ابن رشد الثانوية في ليل شمال فرنسا 28 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)
طلاب أمام مدرسة ابن رشد الثانوية في ليل شمال فرنسا 28 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

لم يُحرز تعليم اللغة العربية في المدارس الفرنسية تقدّماً يُذكر، رغم توصية تقرير حديث حول الإسلام السياسي بضرورة تشجيعه، مع العلم بأنّ العربية هي ثاني لغة محكية في هذه الدولة الأوروبية، فيما يُعزى سبب ذلك خصوصاً إلى مقاربة الموضوع من جانب سياسي، وهو ما يندد به المعلمون والنقابات، وفق تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

يقول محمد عطوي، وهو مدرّس لغة عربية في المدارس الثانوية والصفوف التحضيرية في ستراسبورغ: «رغم الطلب القوي، لم يبلغ يوماً ما تدريس اللغة العربية مستويات متقدمة» في فرنسا.

في حين أن اللغة العربية باللهجات العامية هي ثاني أكثر اللغات انتشاراً في فرنسا؛ حيث يتحدَّث بها ما بين 3 و4 ملايين نسمة، إلا أن 410 مدارس إعدادية وثانوية فقط تُدرّس اللغة العربية، أكثريتها بصفتها لغة حية ثانية، حسب وزارة التربية.

وتُسجّل الوزارة 222 مُعلّماً و18790 تلميذاً ناطقاً بالعربية في المدارس الثانوية، ويُمثّل هذا زيادة مقارنة بـ11 ألف تلميذ في عام 2017 (في مقابل 41 ألف تلميذ يتعلّم الصينية)، ولكنه يُمثّل قطرة في بحر مقارنة بـ5.6 مليون تلميذ في المدارس الثانوية.

ويعتقد جيروم فورنييه، من نقابة «SE Unsa» أنه «قياساً على الطلب الموجود لدى العائلات، يُرجّح أن هذا التعليم (للّغة العربية) غير مُقدّم بالشكل الكافي»، مشيراً إلى «غياب أي إرادة وزارية لتطويره».

وترى صوفي فينيتيتاي، الأمين العام لاتحاد طلاب المدارس الثانوية (Snes-FSU)، وهو الاتحاد الرئيسي للتعليم الثانوي (المدارس الإعدادية والثانوية)، أن «هذا التعليم لا يحظى بوضوح بالأهمية اللازمة»، وتعتقد أن «هذه مشكلة اليوم، لا بل ثمة خلل في نظام التعليم الوطني».

وتُدرّس اللغة العربية أيضاً في بعض المدارس الابتدائية، من خلال برامج اللغات الأجنبية الدولية (Eile)، وهي دورات اختيارية تُضاف إلى الحصص الدراسية الاعتيادية، مع معلمين من الدول الشريكة (المغرب والجزائر وتونس) لتعليم اللغة العربية.

وتقول الأمين العام لاتحاد طلاب المدارس الابتدائية (FSU-Snuipp) غيلين دافيد إن هذا النظام التعليمي «لا يصل إلى عدد كبير من الأطفال». وتُشير وزارة التربية إلى أن 60 ألف تلميذ كانوا يدرسون اللغة العربية مع بداية العام الدراسي 2024.

تلميذ يقرأ من كتاب باللغة العربية (رويترز)

ويُشير تقرير عن الإسلام السياسي نُشر الأسبوع الماضي إلى أنه «من المناسب تقييم» برامج تعليم اللغات الأجنبية الدولية هذه، بل أيضاً «تطوير» تعلم اللغة العربية «داخل مدارس الجمهورية، حتى لا يبقى احتكارها للمدارس القرآنية».

لكن هذا الاقتراح لم يؤيده وزير الداخلية برونو روتايو الذي أكّد أن «الأولوية لتعليم اللغة الفرنسية».

وفي عام 2018، أشار تقرير صادر عن معهد مونتين للأبحاث إلى أن دروس اللغة العربية «أصبحت أفضل وسيلة للإسلاميين لجذب الشباب». ووعد وزير التربية السابق، جان ميشال بلانكير، «بتوسيع» تدريس هذه اللغة في المدارس الحكومية، إلا أنه اتُّهم من بعض اليمينيين واليمين المتطرف بالرغبة في «إدخال» التيارات الإسلامية المدارس.

وتقول مديرة مركز اللغة والحضارة العربية في معهد العالم العربي بباريس، نسرين الزهر: «الجدليات تتكاثر طوال الوقت. وتُطرح تساؤلات عن جدوى تدريس اللغة العربية في حيّ ذي كثافة سكانية عالية من المهاجرين الناطقين بالعربية، وهل يندرج ذلك في إطار التقوقع الطائفي أو التمييز. وهناك رأي مضادّ يقول إنه يجب تدريس اللغة العربية هناك، لأنها تمنع انتشار التطرف».

وتضيف: «في نهاية المطاف، تُدرّس اللغة العربية في الأحياء الراقية»، مثل ثانويتي هنري الرابع ولويس لو غران في باريس.

وتقول عائشة، وهي مدرّسة في المرحلة الثانوية: «بصراحة، لم أرَ أي تقدم» في تعليم اللغة العربية، داعية إلى «تدريسها مثل أي مادة دراسية أخرى».

ويقول رئيس «مؤسسة الإسلام في فرنسا»، غالب بن شيخ، إن تعلُّم اللغة العربية ينبغي أن يكون «مهماً لجميع الفرنسيين؛ لأنها لغة حضارة، ولغة عمل في الأمم المتحدة. ولا علاقة لذلك بإضفاء طابع طائفي لهذه اللغة».

لكن بالنسبة لغيلين دافيد، «هل يمكننا أن ننجح في حلّ هذه المشكلة؟ لا أعتقد ذلك حالياً».


مقالات ذات صلة

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

العالم العربي وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم التي صاحبت تعيين الوزير محمد عبد اللطيف.

رحاب عليوة (القاهرة)
العالم العربي توقيع اتفاقية ثلاثية لدعم التعليم في اليمن بتمويل سعودي قدره 40 مليون دولار (سبأ)

40 مليون دولار دعم سعودي إضافي للتعليم في اليمن بشراكة أممية

شهدت الرياض، الخميس، توقيع اتفاقية شراكة ثلاثية بين وزارة التربية والتعليم اليمنية، والبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، ومنظمة اليونيسكو، بـ40 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق من مراسم توقيع مذكرة التفاهم بين هيئة الموسيقى السعودية وشركة «ستاينواي آند صنز» (وزارة الثقافة)

هيئة الموسيقى السعودية تُعزِّز تطوير القطاع مع «ستاينواي آند صنز»

أبرمت هيئة الموسيقى السعودية مذكرة تفاهم مع شركة «ستاينواي آند صنز» العالمية المتخصصة بصناعة البيانو؛ لدعم تطوير قطاع الموسيقى في البلاد، وتعزيز برامجه المهنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق طفلان يكتبان بالقلم (بيكساباي)

لماذا يستمر الآباء في تعليم أطفالهم الكتابة اليدوية وسط التطور الرقمي؟

في هذه الأيام، يتعجب بعض الأطفال من ضرورة تعلمهم الكتابة يدوياً، في حين أن كل شيء يُكتب عادة على لوحة المفاتيح أو يُملى على الهاتف.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (برلين)
شمال افريقيا وزارة التربية والتعليم المصرية اتخذت إجراءات صارمة ضد مدرسة دولية جديدة بالإسكندرية (الوزارة)

مصر: اتهامات متعاقبة بـ«التحرش» تُصعّد الانتقادات للتعليم الخاص

بعد اتهامات متعاقبة بوجود وقائع «تحرش جنسي» داخل مدارس خاصة ودولية في مصر، تصاعدت الانتقادات الموجهة لهذه النوعية من المدارس.

أحمد جمال (القاهرة)

ماكرون: حلفاء كييف يجتمعون في باريس مطلع يناير لبحث الضمانات الأمنية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيسان الأوكراني زيلينسكي والفرنسي ماكرون قبل اجتماع ثلاثي في الإليزيه العام الماضي (د.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيسان الأوكراني زيلينسكي والفرنسي ماكرون قبل اجتماع ثلاثي في الإليزيه العام الماضي (د.ب.أ)
TT

ماكرون: حلفاء كييف يجتمعون في باريس مطلع يناير لبحث الضمانات الأمنية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيسان الأوكراني زيلينسكي والفرنسي ماكرون قبل اجتماع ثلاثي في الإليزيه العام الماضي (د.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيسان الأوكراني زيلينسكي والفرنسي ماكرون قبل اجتماع ثلاثي في الإليزيه العام الماضي (د.ب.أ)

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاثنين عن اجتماع لحلفاء كييف في باريس مطلع يناير (كانون الثاني) لمناقشة الضمانات الأمنية التي ستقدّم لأوكرانيا في إطار اتفاق سلام مع روسيا.

وكتب ماكرون على «إكس» بعد محادثة مع نظيرَيه الأميركي دونالد ترمب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي «سنجمع دول (تحالف الراغبين) في باريس مطلع يناير لوضع اللمسات الأخيرة على المساهمات الملموسة لكل منها».

وأضاف ماكرون الذي أجرى أيضاً محادثة ثنائية مع زيلينسكي: «نحن نحرز تقدماً فيما يتعلق بالضمانات الأمنية التي ستكون أساسية لبناء سلام عادل ودائم».

ويأتي هذا الإعلان عقب اجتماع زيلينسكي وترمب الأحد في مقر إقامة الرئيس الأميركي في فلوريدا، حيث أظهر الأخير بعض التفاؤل بشأن التوصل إلى حل قريب للحرب المستمرة منذ فبراير (شباط) 2022.

وأقر دونالد ترمب بأن «المفاوضات كانت صعبة للغاية»، مشيراً إلى «إحراز تقدم كبير».


ترمب: جهود إنهاء حرب أوكرانيا في «مراحلها النهائية»

جانب من استقبال ترمب لزيلينسكي في مارالاغو يوم 28 ديسمبر (أ.ب)
جانب من استقبال ترمب لزيلينسكي في مارالاغو يوم 28 ديسمبر (أ.ب)
TT

ترمب: جهود إنهاء حرب أوكرانيا في «مراحلها النهائية»

جانب من استقبال ترمب لزيلينسكي في مارالاغو يوم 28 ديسمبر (أ.ب)
جانب من استقبال ترمب لزيلينسكي في مارالاغو يوم 28 ديسمبر (أ.ب)

بدا الرئيس الأميركي دونالد ترمب متفائلاً بقرب التوصل إلى اتفاق سلام لدى استقباله نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مارالاغو، أمس، وقال أمام الصحافيين إنّ الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب في أوكرانيا وصلت إلى «مراحلها النهائية»، معتبراً أن «زيلينسكي وبوتين جادّان بشأن السلام» ويرغبان في التوصّل إلى اتّفاق.

وقال ترمب: «أعتقد أنّنا في المراحل النهائية من المحادثات، وسنرى ما سيحدث. وإلا فسوف يستمر الأمر لفترة طويلة». كما أكّد العمل على «اتفاق أمني قوي» لصالح كييف سيشمل الدول الأوروبية، من دون تقديم تفاصيل حول طبيعة الضمانات الأميركية.

وقبل ساعات قليلة من لقائه مع زيلينسكي، أجرى ترمب مكالمة هاتفية «جيدة جداً ومثمرة» مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول جهود إنهاء الحرب في أوكرانيا. وأكّد الكرملين أنّ الرئيسين الروسي والأميركي أجريا مكالمة هاتفية «ودية»، مشيراً إلى أنّهما سيتحدثان مجدداً بعد لقاء فلوريدا.

اقرأ أيضاً


مقتل شخص وفقد 2 في جنوب إسبانيا جراء سيول

المقاطعات الجنوبية والشرقية في إسبانيا تشهد أمطاراً غزيرة تسببت في سيول (إ.ب.أ)
المقاطعات الجنوبية والشرقية في إسبانيا تشهد أمطاراً غزيرة تسببت في سيول (إ.ب.أ)
TT

مقتل شخص وفقد 2 في جنوب إسبانيا جراء سيول

المقاطعات الجنوبية والشرقية في إسبانيا تشهد أمطاراً غزيرة تسببت في سيول (إ.ب.أ)
المقاطعات الجنوبية والشرقية في إسبانيا تشهد أمطاراً غزيرة تسببت في سيول (إ.ب.أ)

شهدت المقاطعات الجنوبية والشرقية في إسبانيا أمطاراً غزيرة، أمس (السبت)، ​واليوم (الأحد)، تسببت في سيول أسفرت عن مقتل شخص وفقد اثنين آخرين، في حين جرفت مياه الأنهار المتدفقة سيارات ودراجات نارية، كما نصحت السلطات السكان بالبقاء في منازلهم، وفقاً لـ«رويترز».

وفي بلنسية، التي شهدت ‌فيضانات مدمرة ‌في أكتوبر ‌(تشرين ⁠الأول) ​من العام الماضي، ‌أسفرت عن مقتل أكثر من 220 شخصاً وإلحاق أضرار قُدرت بمليارات اليورو، أصدرت السلطات تحذيرات وحثّت السكان على البقاء في منازلهم وفي مناطق مرتفعة.

كما أصدرت 8 مناطق ⁠أخرى تحذيرات للسكان من مخاطر محتملة مؤكدة ‌على ضرورة الاستعداد لتفاقم ‍الوضع.

وفاجأت الأمطار ‍الغزيرة، التي هطلت في بلنسية ‍العام الماضي، السلطات، حيث ألقى كثيرون باللوم على المسؤولين المحليين ومسؤولي الحكومة لتأخرهم في تحذير الناس، ما دفع ​في النهاية رئيس الإقليم إلى الاستقالة.

وفي مدينة ملقة، كتب الحرس المدني ⁠الإسباني، في منشور على منصة «إكس»، أن عناصره تمكنت من العثور على جثة رجل جرفت المياه سيارته اليوم. ولا يزال شخص آخر كان برفقته في عداد المفقودين.

وذكرت وكالة الأنباء الإسبانية الرسمية أن فرق الطوارئ تجري أيضاً عمليات بحث عن شاب في غرناطة، ‌جرفته المياه لدى محاولته عبور نهر.