في إطار جهودها لمواصلة الحصول على المساعدات الغربية، والأميركية منها على وجه الخصوص، أرسلت أوكرانيا أكبر وفد كنسي يمثل الطوائف المسيحية المختلفة في البلاد، لحضور إفطار الصلاة الوطني في واشنطن، الذي أقيم الخميس، وذلك قبل أيام مع عقد مؤتمر ميونيخ للأمن، الذي سيكشف خلاله الرئيس الأميركي خطته لإنهاء الحرب الأوكرانية؛ إذ أشارت تقارير عدة إلى أن إدارة ترمب ستقدم الخطة التي طال انتظارها خلال الأسبوع المقبل، وسيطرحها الممثل الخاص للرئيس ترمب إلى روسيا وأوكرانيا، كيث كيلوغ للقادة الأوروبيين وللرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي.
وتسعى أوكرانيا إلى استغلال أكبر تجمع لقادة مسيحيين ذوي نفوذ سياسي في واشنطن؛ سعياً إلى طرح حجة مفادها أن حماية الحرية الدينية هي سبب قوي لاستمرار المساعدات الأميركية لمقاومة الهجوم الروسي.
وأعلن مسؤولون أوكرانيون أن أكثر من 100 قس، وسياسيين، وقساوسة عسكريين، وكهنة أوكرانيين، على رأسهم رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية، المطران إبيفانيوس الأول، وصلوا بالفعل إلى واشنطن لحضور الإفطار والمشاركة بالفعاليات ذات الصلة طوال الأسبوع.
ونقلت وسائل الإعلام الأميركية، عن القساوسة الأوكرانيين وأعضاء البرلمان والقساوسة العسكريين الذين سيحضرون إفطار الصلاة الوطني، قولهم إنهم يأملون أن تجد رسالة مكافحة الاضطهاد الديني صدى لدى مسؤولي إدارة ترمب وأعضاء الكونغرس الذين من المؤكد أنهم سيكونون هناك أيضاً.
وسيحاول الأوكرانيون شرح رسالتهم أمام الحاضرين، لإظهار أن المزيد من التقدم الروسي من شأنه أن يوسّع منطقة قمع الكثير من الطوائف المسيحية، فضلاً عن تدمير ونهب الكنائس واعتقال القساوسة والكهنة وقتلهم، وهي أفعال تقول جماعات حقوق الإنسان في المناطق الخاضعة بالفعل للاحتلال الروسي إنها قامت بتوثيقها.
استمالة المسيحيين المحافظين
وتهدف جهودهم إلى التأثير على أنصار الرئيس دونالد ترمب، الذي أعرب عن شكوكه بشأن المساعدات العسكرية والمالية الثقيلة التي قدمتها إدارة بايدن لأوكرانيا. وقال ترمب هذا الأسبوع إن استمرار المساعدات يمكن تبادله مع وصول الولايات المتحدة إلى المعادن الأوكرانية. وهو ما وافق عليه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي كان قد أكد في مناسبات عدة، وخصوصاً في «خطة النصر» التي طرحها نهاية العام الماضي، عندما قال إن بلاده مستعدة «لصفقة مربحة»، وإن المساعدات التي تحصل عليها من الغرب والولايات المتحدة، يمكن أن تكون ذات فائدة مشتركة.
مؤتمر ميونيخ وخطة ترمب لإنهاء الحرب
وقال كيث كيلوغ في تصريحات لشبكة «نيوز ماكس» إنه سيجري مناقشات مع القادة الأوروبيين خلال المؤتمر الذي يعقد من الرابع عشر إلى السادس عشر من الشهر الحالي، وسيقدم تقريره فيما بعد للرئيس ترمب ليعلن هذه الخطة. وأضاف كيلوغ «سألتقي حلفاء الولايات المتحدة المستعدين للعمل معنا».
وحول الأدوات التي يمكن للإدارة الأميركية استخدامها لإقناع الأطراف بالمجيء إلى المفاوضات، قال كيلوغ: «سيستخدم الرئيس حسب الضرورة جميع أدوات القوة الأميركية لإنهاء هذه المذبحة المستمرة خلال السنوات الثلاث الماضية» الخطوط العريضة للخطة. وأشار مبعوث ترمب إلى روسيا وأوكرانيا إلى أن اقتراحات الصفقة تتضمن أن تتنازل أوكرانيا عن الأراضي التي تحتلها روسيا حالياً وأن تقدم الولايات المتحدة لأوكرانيا ضمانات تمنع روسيا من معاودة الهجوم على أوكرانيا مرة أخرى، وتشكيل قوة حفظ سلام تشارك فيها الولايات المتحدة بصفتها جزءاً من أي تسوية.
وتحتل روسيا نحو 19 في المائة من الأراضي الأوكرانية وتحقق مكاسب بطيئة، لكن ثابتة. وتخوض أوكرانيا قتال خنادق شرساً على طول جبهة يبلغ طولها نحو 1000 كيلومتر. ويرى القادة الروحيون فيها، أن «جزءاً من هذه الحرب روحي، ومن المهم لأميركا أن تعرف هذا».
في المقابل، تتراجع كييف عن طلب الانضمام إلى عضوية حلف شمال الأطلسي، وأقرّت كييف بأن الانضمام إلى الحلف ليس مرجحاً في الوقت الحالي. وتتضمن الخطة أيضأً إجراء انتخابات في أوكرانيا بعد وقف إطلاق النار. وألمح كيلوغ ومسؤولون آخرون إلى أن استراتيجية إدارة ترمب تعمل بمبدأ «السلام من خلال القوة» وهو الشعار الذي تبناه الرئيس الأسبق رونالد ريغان في صراعه مع الاتحاد السوفياتي خلال فترة الحرب الباردة.
أوكرانيا تقصف مطاراً وتحصل على مقاتلات فرنسية
أعلنت كييف، الخميس، أن قواتها قصفت مطاراً في جنوب روسيا كان يستخدم لإطلاق الطائرات المسيَّرة من طراز «شاهد» إيرانية الصنع، في حين أعلنت فرنسا أنها سلمت دفعة أولى من المقاتلات من طراز «ميراج 2000 -5» إلى أوكرانيا.
وقالت هيئة الأركان العامة، عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن الهجوم الذي شنته خلال الليل على مطار بريمورسكو - أختارسك في منطقة كراسنودار الروسية تسبب في اندلاع حريق. وتستخدم موسكو المطار في تخزين الطائرات المسيَّرة وإطلاقها لمهاجمة أوكرانيا، وفي صيانة الطائرات التي تستخدم لمهاجمة المنطقة الحدودية الأوكرانية في خيرسون وزابوريجيا. من الصعب التحقق من هذه البيانات من مصدر مستقل. لكن أعلنت وزارة الدفاع الروسية إسقاط طائرات مسيَّرة أوكرانية فوق كراسنودار، لكنها لم تحدد مكان أو اسم المطار.
وطوَّرت أوكرانيا طائرات مسيَّرة طويلة المدى جزءاً من جهودها لتطوير صناعة الأسلحة المحلية لديها وتقليل اعتمادها على المساعدات الغربية في خوض حربها التي استمرت نحو ثلاث سنوات مع روسيا. وفي بعض الأحيان وصلت الطائرات المسيَّرة إلى عمق الأراضي الروسية، حيث استهدفت مصافي النفط ومستودعات الأسلحة والمطارات.
ومن جهة أخرى أعلن وزير الدفاع الفرنسي، سيباستيان ليكورنو أن أوكرانيا تسلمت أولى طائرات ميراج المقاتلة من فرنسا، حسبما ذكرت وكالات أنباء دولية عدة. وقال ليكورنو، عبر موقع «إكس»، إنه تم تسليم الدفعة مع نهاية دورة تدريب الطيارين الأوكرانيين على المقاتلات الفرنسية، مضيفاً: «ستشارك الآن في الدفاع عن المجال الجوي لأوكرانيا». لكن لم تكشف وزارة الدفاع الفرنسية عن عدد الطائرات التي تم تسليمها بالضبط والعدد الذي تعتزم فرنسا تقديمه إجمالاً.
وذكرت وسائل إعلام فرنسية، أن فرنسا تعتزم منح أوكرانيا ست طائرات من أصل 26 طائرة «ميراج 2000- 5» التي لدى سلاح الجو الفرنسي، وفق تقرير الميزانية الفرنسية الذي أصدرته الجمعية الوطنية في الخريف.
من جانبه، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن «الأسطول الجوي الأوكراني يواصل التطور، ووصلت أول طائرات (ميراج 2000 - 5) الفرنسية؛ ما عزز قدراتنا الدفاعية الجوية».
وشكر زيلينسكي نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون على «قيادته ودعمه»، ورحَّب «بخطوة جديدة في تعزيز أمن أوكرانيا». وكان قد أعلن ماكرون إرسال هذه الطائرات المقاتلة في يونيو (حزيران) 2024. وبدأ تدريب طيارين وتقنيين أوكرانيين في فرنسا على الطائرات التي تم تعديلها. وأوضح لوكورنو في أكتوبر (تشرين الأول) أنها أصبحت تتضمن معدات «قتال جو - أرض» لتنفيذ ضربات جوية و«الدفاع ضد الحرب الإلكترونية» لمقاومة التشويش الروسي. وتلقت أوكرانيا في وقت سابق طائرات «إف - 16» من دول أوروبية، غير أن المسؤولين الأوكرانيين، نادراً ما ذكروا مساهماتها في القتال.
قالت أوكرانيا، الخميس، إنها أسرت أكثر من 900 جندي روسي خلال ستة أشهر من القتال في منطقة كورسك في غرب روسيا. وتقول كييف إن الهدف الرئيسي لعمليتها المتعثرة التي بدأتها في أغسطس (آب) الماضي عبر حدودها مع روسيا، هو جمع أكبر عدد ممكن من الجنود الروس لمبادلتهم بأسرى حرب أوكرانيين.
وقال الجيش الأوكراني في بيان: «خلال العملية، أسرت القوات الأوكرانية 909 جنود روس (...)؛ ما يجعل من الممكن إعادة مئات الأوكرانيين الذين كانوا محتجزين في السجون الروسية إلى وطنهم». وما زالت كييف وموسكو تتعاونان في مجال تبادل الأسرى رغم أنهما في حالة حرب منذ نحو ثلاث سنوات. والعام الماضي، قال الجيش الأوكراني إن قواته أسرت أكثر من 700 جندي روسي خلال عمليات في منطقة كورسك.
وبعدما شنت هجومها المباغت، وهو الأكبر الذي يشنه جيش أجنبي في روسيا منذ الحرب العالمية الثانية، بدأت القوات الأوكرانية تخسر مساحات شاسعة من الأراضي الروسية التي سيطرت عليها في البداية. وتقول كييف إن الأراضي التي تسيطر عليها في كورسك ستكون ورقة مساومة مهمة في أي مفاوضات سلام مستقبلية مع روسيا التي تواصل قواتها تحقيق مكاسب عبر خط المواجهة في شرق أوكرانيا.
قالت بريطانيا، الخميس، إنها ستلغي اعتماد دبلوماسي روسي؛ وذلك رداً على إجراء مماثل اتخذته موسكو العام الماضي. وقالت روسيا في نوفمبر (تشرين الثاني) إنها طردت دبلوماسياً بريطانياً بتهمة التجسس، لكن لندن تنفي هذا الاتهام.
وذكرت وزارة الخارجية البريطانية في بيان، الخميس، أنها استدعت السفير الروسي للإعلان عن قرارها، قائلة إن ذلك جاء رداً على «قرار روسيا غير المبرر والذي لا أساس له من الصحة بسحب اعتماد دبلوماسي بريطاني في موسكو في نوفمبر». وأضاف البيان «أي إجراء إضافي تتخذه روسيا سيُعدّ تصعيداً وسيتم الرد عليه بما يتوافق معه». وجاء في البيان أن بريطانيا «لن تقبل بترهيب موظفينا بهذه الطريقة»، ووصفت قرارها بأنه إجراء متبادل. ولم يذكر البيان اسم الدبلوماسي البريطاني أو المسؤول الروسي الذي من المقرر إلغاء اعتماده.
ولم تعلق السفارة الروسية في لندن على الحادث. وتدهورت العلاقات بين بريطانيا وروسيا إلى أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة منذ بدء اندلاع الحرب في أوكرانيا. وانضمت بريطانيا إلى موجات متتالية من فرض العقوبات على روسيا وزوَّدت أوكرانيا بالأسلحة.