أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنه مستعد للدخول في مفاوضات مباشرة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء النزاع في ظل ظروف معينة، فيما وصف الكرملين، الأربعاء، التصريح بأنه «كلام أجوَف»، معتبراً زيلينسكي ليس رئيساً شرعياً.
وقال زيلينسكي في مقابلة مع الصحافي البريطاني بيرس مورغان، تم نشرها على «يوتيوب» في وقت متأخر، الثلاثاء، إنه بالإضافة إلى أوكرانيا وروسيا، يتعين على الولايات المتحدة وأوروبا أن تشاركا أيضاً في المحادثات. وأضاف: «إذا كانت هذه هي الطريقة الوحيدة لتحقيق سلام لشعب أوكرانيا ولتفادي المزيد من الخسائر في الأرواح، فإننا بالتأكيد سنذهب إلى هذا الاجتماع مع هؤلاء المشاركين الأربعة»، هم مبدئياً أوكرانيا وروسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وتابع زيلينسكي: «لن أكون لطيفاً معه، أعتبره عدواً، وبصراحة أعتقد أنه يعتبرني عدواً أيضاً».
واعترف زيلينسكي بأن أوكرانيا تكبدت 45 ألفاً و100 جندي في ساحة المعركة منذ بداية الغزو الروسي الشامل منذ نحو ثلاث سنوات، وأن عدد الجرحى من الجنود بلغ 390 ألفاً.
لكن يتعذر التحقق من هذه البيانات من مصدر مستقل.
وصرح بوتين مؤخراً بأنه مستعد للتفاوض، لكنه أكد أن زيلينسكي منع أي محادثات معه. ويشير بوتين إلى مرسوم وقعه زيلينسكي في سبتمبر (أيلول) 2022 بعد أن ضمت روسيا المقاطعات الأوكرانية الأربع المحتلة جزئياً وهي لوهانسك ودونتسك وزابوريجيا وخيرسون.
وبينما لا يحظر المرسوم المفاوضات مع الزعيم الروسي، فإنه ينص على أنها مستحيلة في ضوء الوضع الحالي. وقال زيلينسكي مؤخراً إن الوثيقة تهدف إلى منع الانفصال المحتمل؛ لأن موسكو كانت تبحث عن قنوات اتصال غير رسمية مع أوكرانيا في ذلك الوقت.
وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف للصحافيين: «حتى الآن لا يمكن اعتبار هذا الأمر سوى كلام أجوَف»، مضيفاً أن «الاستعداد يجب أن يرتكز على شيء ما. لا يمكن أن يستند إلى حظر قانوني لمحادثات مماثلة».
كما جدد بيسكوف ادعاء بلاده بأن زيلينسكي ليس رئيساً شرعياً وقال: «يواجه زيلينسكي مشكلات كبيرة بحكم القانون في أوكرانيا. لكن رغم ذلك، نحن نبقى مستعدين للمحادثات».
وأضاف أن «الواقع على الأرض يشير إلى أن كييف يجب أن تكون أول من يبدي الانفتاح والاهتمام بمحادثات مماثلة»؛ في إشارة على ما يبدو إلى التقدم العسكري الروسي ميدانياً.
ولطالما عارض زيلينسكي بشكل قاطع أي تسوية مع روسيا، لكنه راجع بعض نقاط موقفه في الأشهر الأخيرة في مواجهة الصعوبات التي يعانيها جيشه على الجبهة، خصوصاً منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض وتأكيده أنه يريد إنهاء الحرب بسرعة.
وفي توضيح لتصريحاته، قال زيلينسكي، الأربعاء، على وسائل التواصل الاجتماعي إن الاستعداد للنقاش مع بوتين هو في حد ذاته «تنازل» من جانب أوكرانيا.
ووصف الزعيم الروسي بأنه «قاتل وإرهابي». وقال: «التحدث إلى قاتل هو بمثابة تنازل من جانب أوكرانيا والعالم المُتَحضِّر بأكمله». وأقرّ بأن حلفاء كييف «يعتقدون أن الدبلوماسية هي الطريق للمضي قدماً».
وفي المقابلة، أثار زيلينسكي مجدداً احتمال حصول أوكرانيا على أسلحة نووية في حال عدم انضمامها بسرعة إلى حلف شمال الأطلسي.
وقال بيسكوف، الأربعاء، إن هذه التصريحات «تلامس الجنون»، داعياً حلفاء كييف إلى إدراك «المخاطر المحتملة لمناقشة هذا الموضوع في أوروبا». وعندما سُئل عن تعليقات الولايات المتحدة بشأن اجتماع محتمل بين ترمب وبوتين، قال الناطق باسم الكرملين إن «هناك اتصالات» بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن مواضيع محددة، لافتاً إلى أن الاتصالات «تكثفت أخيراً»، من دون أن يذكر تفاصيل إضافية.
كما أعلن زيلينسكي أن بلاده استعادت 150 جندياً من الأسر لدى روسيا، معلناً بذلك أحدث عملية تبادل للسجناء مع موسكو. وأضاف عبر تطبيق «تلغرام»: «جميعهم من قطاعات مختلفة من الجبهة... وبعضهم ظلوا في الأسر لأكثر من عامين». وأكدت وزارة الدفاع الروسية بدورها عملية تبادل الأسرى من كل جانب بعد وساطة من دولة الإمارات. وأضافت أن كل الروس المفرج عنهم موجودون حالياً في روسيا البيضاء، حيث يتلقون رعاية نفسية وطبية.
وبخصوص الخسائر في الأرواح فقد قدم زيلينسكي في عدة مناسبات أرقاماً عن عدد الضحايا، حيث أعلن منذ شهرين مقتل 43 ألف جندي أوكراني وإصابة 370 ألفاً آخرين.
وتعلن كل من أوكرانيا وروسيا عن خسائر العدو يومياً، إلا أنهما نادراً ما يكشفان عن أعداد ضحاياهما. ومن المقبول عموماً أن كلا الجانبين يقلل من خسائره ويبالغ في خسائر العدو.
وتشير تقديرات أجهزة الاستخبارات الغربية إلى أن نحو 100 ألف جندي أوكراني، وأكثر من ضعف هذا العدد من الجنود الروس، قد لقوا حتفهم منذ أن بدأت موسكو الحرب.
بالإضافة إلى ذلك، وقع آلاف الضحايا في صفوف المدنيين، معظمهم على الجانب الأوكراني.
وقالت هيئة البث العامة الأوكرانية (ساسبلن) إن شخصاً قتل وأصيب أربعة في انفجار قرب مكتب تجنيد في منطقة خميلنيتسكي بغرب أوكرانيا الأربعاء. والهجوم هو الأحدث في سلسلة أعمال عنف استهدفت مكاتب تجنيد أو ضباط تجنيد في الأيام القليلة الماضية، بما في ذلك إطلاق نار وحدوث انفجارين. وأكدت الشرطة الأوكرانية وقوع انفجار قرب مكتب تجنيد في بلدة كاميانيتس بوديلسكي غرب البلاد. ولم يذكر بيان الشرطة على «تلغرام» تفاصيل إضافية أو سقوط قتلى ومصابين. ولم يتضح سبب الانفجار بعد.
وأدان قائد الجيش الأوكراني، الاثنين، سلسلة من الهجمات العنيفة على ضباط التجنيد التي زادت الضغوط على حملة وطنية لتجنيد مدنيين يشوبها الاضطراب بالفعل مع خفوت الإقبال على الخدمة العسكرية.
أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي عن تقديم حزمة بقيمة 55 مليون جنيه إسترليني (5.68 مليون دولار) لدعم مقاومة أوكرانيا، وذلك خلال زيارته لكييف في ظل الغموض الذي يحيط بمستقبل الحرب. وقال لامي أثناء حديثه خلال زيارته الثانية لأوكرانيا منذ توليه منصبه إن الحكومة تؤمن بـ«البناء من أجل المستقبل» بين بريطانيا وأوكرانيا، بالإضافة إلى مساعدة كييف في الوقت الحالي. وأضاف: «دعمنا لأوكرانيا ما زال راسخاً». وأوضح: «نحن عازمون على وضع أوكرانيا في أقوى وضع ممكن، في معركتها ضد روسيا وبعد ذلك، من خلال علاقتنا طويلة المدى التي رسختها شراكة على مدى 100 عام».
من جانب آخر، وصفت روسيا جهود الاتحاد الأوروبي لزيادة الإنفاق الدفاعي بأنها سياسة قصيرة النظر ومدمرة. وقال المتحدث باسم الكرملين إن الاستعداد للحرب يزداد في الاتحاد الأوروبي، مما يفضي إلى زيادة الاستثمارات في الأسلحة بذريعة التهديد من روسيا. وأضاف: «من الواضح أن مزيداً من الزيادات في الإنفاق سيترتب عليه آثار سلبية للغاية، وستؤدي زيادة النفقات إلى مزيد من التدهور في الوضع الاقتصادي في أوروبا، الأمر الذي سيؤثر على كل أوروبي».
وتقدر المفوضية الأوروبية الاستثمارات الدفاعية الإضافية التي ستكون مطلوبة على مدار العقد المقبل بنحو 500 مليار يورو (نحو 513 مليار دولار). وانتقد بيسكوف أيضاً اقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإرسال أوكرانيا بعض الموارد المعدنية للولايات المتحدة مقابل المزيد من المساعدات العسكرية الأميركية.
وأضاف أنه اتفاق تجاري قائلاً: «إن هذا مقترح لشراء المساعدة. بالطبع، سيكون عدم منح أي مساعدة على الإطلاق أفضل، وبذلك سيسهل إنهاء الصراع». يشار إلى أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أكبر مانحين لمساعدات عسكرية واقتصادية لأوكرانيا منذ غزو روسيا لأراضيها في فبراير عام 2022.
وميدانياً؛ أعلنت القوات الجوية الأوكرانية، في بيان عبر تطبيق «تلغرام»، الأربعاء، أن الدفاعات الجوية الأوكرانية أسقطت 57 من أصل 104 طائرات مسيرة معادية أطلقتها روسيا على الأراضي الأوكرانية الليلة الماضية. وقال البيان إن القوات الروسية شنت هجمات على أوكرانيا، خلال الليل، باستخدام صاروخين باليستيين من طراز «إسكندر – إم»، تم إطلاقهما من منطقة كورسك، و104 طائرات مسيرة من طراز شاهد، وطرازات أخرى خادعة، تم إطلاقها من مناطق أوريل وكورسك وبريانسك وبريمورسكو - أختارسك، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الوطنية الأوكرانية «يوكرينفورم». وأضاف البيان أنه تم صد الهجوم من قبل وحدات الدفاع الجوي، ووحدات الحرب الإلكترونية، وفرق النيران المتنقلة التابعة لسلاحي الجو والدفاع الجوي الأوكرانيين.