بوتين منفتح على لقاء ترمب... ومستعد لمفاوضات «دون شروط مسبقة»

قال إن لدى روسيا «رجالها» في أوكرانيا... وعارض وقفاً مؤقتاً للقتال

TT

بوتين منفتح على لقاء ترمب... ومستعد لمفاوضات «دون شروط مسبقة»

استمر المؤتمر الصحافي السنوي الذي عقده بوتين 5 ساعات (إ.ب.أ)
استمر المؤتمر الصحافي السنوي الذي عقده بوتين 5 ساعات (إ.ب.أ)

ركز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمره الصحافي السنوي، الخميس، على أن بلاده نجحت في تجاوز آثار العقوبات الغربية، وحققت نمواً اقتصادياً متواصلاً خلال عامين. وتحدث عن تحسين مستوى المعيشة في روسيا، وتنشيط قطاعات عدة كانت مهملة في السابق.

ورغم أن أسئلة الصحافيين خلال الفعالية، التي تجاوزت مدتها خمس ساعات، تطرقت إلى الجوانب المعيشية والاقتصادية، لكن الاهتمام الأكبر انصبّ على الحرب الأوكرانية، واحتمالات الانتقال إلى مسار سياسي تفاوضي بعد تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مهامه في البيت الأبيض، الشهر المقبل.

لهجة انتصار

وقال بوتين إنه مستعد للحوار مع ترمب إذا رغب الأخير بذلك. وأكد استعداده لإطلاق «مفاوضات جادة» حول أوكرانيا. وبدا لافتاً أن بوتين كان يتحدث بلهجة المنتصر، وقال إن بلاده تقدّمت بشكل واسع على الأرض خلال العام الحالي، كما وفّرت تقنيات عسكرية حديثة تمت تجربتها مثل صاروخ «أوريتشنيك» الذي قال إن الغرب «لا يمتلك نظيراً له، ولا تقنيات قادرة على التصدي له».

وفي رسالة إلى الغرب، قال بوتين إن صاروخ «أوريشنيك» هو سلاح حديث ومتقدم للغاية، ويعتمد على التطورات السابقة، لكنه يمثل خطوة للأمام (...) هناك 24 نظام دفاع صاروخي في الخدمة القتالية برومانيا وبولندا. في رومانيا نطاق تدميرها 300 كيلومتر، وارتفاع تدميرها من 80 - 250 كيلومتراً، وفي بولندا يوجد أسلحة أفضل قليلاً، مدى اعتراضها 1000 كيلومتر، وارتفاعها 500 كيلومتر. ونحن قادرون على تشتيت الرؤوس الحربية خلال ثوان. لا فرصة لإسقاط صاروخ «أوريشنيك». دعونا نحدد نقطة لتوجيه ضربة في كييف أو أي مكان أخرى، وليركزوا كل دفاعاتهم الصاروخية هناك، ولنرَ ما يحدث».

«رجال روسيا» في أوكرانيا

تطرق بوتين إلى بعض الحشود الغربية قرب بيلاروسيا، الحليف الأقرب لبلاده، ملوحاً بأن «أي تهديدات لبيلاروسيا هو تهديد لروسيا نفسها، وسنفعل كل ما بوسعنا لحماية بيلاروسيا بالتعاون مع الرئيس ألكسندر لوكاشينكو. كما تحدث بنفس اللهجة وهو يشير إلى احتمال انطلاق مفاوضات؛ إذ أشار إلى أن لدى روسيا داخل أوكرانيا أنصاراً يمكنها أن تتحدث معهم. ووفقاً لتعبيره، «هناك العديد من رجالنا الذين يريدون، جنباً إلى جنب مع الاتحاد الروسي، تخليص بلادهم من نظام النازيين الجدد».

وأوضح: «سوف نطلب من رجالنا في أوكرانيا أن يخبرونا ما هي الحلول الحديثة والقيمة المتوفرة لنا. وعندما أقول (رجالنا)، أقول ذلك دون سخرية. لدينا أشخاص نتحدث إليهم في أوكرانيا. هناك الكثير من الأشخاص».

في المقابل، قال إن بلاده «يمكنها أن تتحدث مع فولوديمير زيلينسكي إذا ذهب إلى صناديق الاقتراع واكتسب شرعية». وأضاف: «إذا ذهب شخص ما إلى صناديق الاقتراع واكتسب الشرعية، فسوف نتحدث مع أي شخص، بمن في ذلك زيلينسكي. الآن، إذا كانت أوكرانيا تريد حقاً اتباع طريق التسوية السلمية، فهي قادرة على القيام بذلك، ويمكنها تنظيم هذه العملية داخلياً»، مشدداً: «أريد فقط التوقيع على سلام مع أشخاص شرعيين». وزاد الرئيس الروسي: «السياسة هي فن الحلول الوسطية، ونحن مستعدون دائماً للمفاوضات والحلول الوسط. لكن الخصم (أوكرانيا) هو من يرفض المفاوضات. نتائج المفاوضات يجب أن تكون الحلول الوسطية، وقد تم التوصل إلى مثل هذه الحلول في إسطنبول في مطلع 2022، وتم التصديق على الوثيقة المبدئية. ولكن بعد مجيء رئيس الوزراء بوريس جونسون - ذي تسريحة الشعر المميزة - تم التراجع عن هذه الحلول. وبدأ التأجيج. رغم ذلك، نحن مستعدون للمفاوضات ولحلول الوسط».

تفاوض «دون شروط مسبقة»

لفت بوتين إلى أن مبادرات السلام التي قدمتها الصين والبرازيل وجنوب أفريقيا «تهمنا؛ لأنها محاولات حقيقية للبحث عن حلول حقيقية ومتوازنة، ولا تلزم أي طرف سواء الأوكراني أو الروسي، وتأتي من الدول المحايدة التي لم تتدخل في الأزمة، كما يجري مع الدول الغربية».

كما أشار إلى أن روسيا «مستعدة لبدء مفاوضات السلام من دون شروط مسبقة»، ولكنه أضاف أن المحادثات ممكنة «على أساس اتفاقيات إسطنبول، وعلى أساس الحقائق التي تغيرت على الأرض»، في إشارة إلى ضم أربع مقاطعات أوكرانية إلى روسيا.

ورأى بوتين أن العملية العسكرية التي انطلقت في 2022 كانت «ضرورة ملحة»، وزاد أن «العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا أصبحت تحدياً جدياً بالنسبة لروسيا، ولي شخصياً، وكان علينا بدء هذه العملية قبل عام 2022».

ورداً على سؤال حول ما الذي تغير فيه منذ بدء العملية العسكرية، قال: «أصبحت أمزح أقل، وتقريباً لا أضحك. هناك جانب آخر، أصبحت أعمل على تحسين سبل البحث عن القضايا الجوهرية للفت الانتباه إلى أهم الأمور وتركيز القوى على حلها».

ميدانياً، أكد بوتين أن قواته تتقدم بسرعة كبيرة، وزاد: «القوات المسلحة الروسية تستعيد الأراضي من القوات الأوكرانية بالكيلومترات المربعة لا بالأمتار». وشدد على أن الهجوم المضاد الذي شنته روسيا لاستعادة السيطرة في مقاطعة كورسك يحقق نجاحات، و«العسكريون الروس يطردون العدو من أراضينا في كورسك (...) كل المنشآت والمساكن والبنى التحتية التي تضررت في المقاطعة سيتم إعادة إعمارها بسرعة».

تقدم ميداني

وشدد بوتين على معارضة هدن مؤقتة. وأوضح أن «الأمر يتعلق بما يجري على الأرض، يجري القضاء على المعدات العسكرية والأفراد في القوات المسلحة الأوكرانية. جيشنا يتقدم إلى الأمام، والعدو لا يستطيع التمركز في المناطق التي يتراجع إليها، فيتراجع بشكل منظم، لكنه يعجز عن تثبيت أقدامه في المواقع الجديدة».

ورأى أن «تجميد الصراع يعني منح العدو الفرصة للاستعداد عن طريق التجنيد بالتقاط المجندين إلى مواقع التدريب كعلف للمدافع دون تدريبهم. تلك ليست المدرسة السوفياتية، وحتى ليست المدرسة الغربية». وأضاف أن «النظام الأوكراني ورعاته أنفسهم لا يعرفون فنون الحرب، لذلك ففترة التهدئة ستسمح للعدو بأن يعزز قدراته البشرية. فالوحدات موجودة، لكن هناك نقصاً كبيراً في القدرات البشرية. نحن لسنا بحاجة إلى وقف إطلاق النار، وإنما بحاجة إلى سلام دائم وعادل يضمن الأمن للدولة والشعب الروسي».

وتطرق بوتين إلى عملية اغتيال الجنرال إيغور كيريلوف، المسؤول عن الأسلحة الإشعاعية والكيماوية في روسيا، ووصفها بأنها «عملية إرهابية. (...) كان هناك الكثير من الأعمال الإرهابية في روسيا من قبل النظام في كييف في عدد من المناطق. لم نسمع من الصحافة الغربية إدانة واحدة لهذه العمليات».


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يضغط على تركيا لتنفيذ إصلاحات لنيل عضويته

شؤون إقليمية جانب من اجتماع مجلس الشؤون العامة للاتحاد الأوروبي (إعلام تركي)

الاتحاد الأوروبي يضغط على تركيا لتنفيذ إصلاحات لنيل عضويته

كرّر الاتحاد الأوروبي مطالبة تركيا باستيفاء المعايير المؤهلة للحصول على عضويته، ولا سيما مجالات الديمقراطية وحقوق الإنسان والتعبير وسيادة القانون.

أوروبا الجنرال الروسي إيغور كيريلوف يتحدّث في مؤتمر صحافي 28 فبراير 2023 (أ.ب)

روسيا تشيع جثمان الجنرال كيريلوف في جنازة عسكرية

شيعت روسيا جثمان الجنرال الروسي إيغور كيريلوف الذي اغتالته أوكرانيا في جنازة عسكرية تزامناً مع شنها هجوماً انتقامياً.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا متحدثاً إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس في بروكسل (د.ب.أ)

زيلينسكي غير مطمئن للضمانات الأوروبية ويريدها أميركية أيضاً

الرئيس الأوكراني متمسك بالضمانات الأميركية، ويرى أن الضمانات الأوروبية «غير كافية».

ميشال أبونجم (باريس)
الاقتصاد خط أنابيب الغاز الروسي المتجه إلى تركيا (إعلام تركي)

تركيا تحصل على إعفاء أميركي من العقوبات على مدفوعات الغاز لروسيا

أعفت الولايات المتحدة تركيا من العقوبات التي تفرضها على بنك «غازبروم» فيما يخص مدفوعاتها عن واردات الغاز الطبيعي من روسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن وحفيده بو بايدن خلال مغادرة البيت الأبيض والتوجه للمروحية الرئاسية (إ.ب.أ)

غزة وأوكرانيا على رأس أولويات بايدن قبل تركه البيت الأبيض

أمام الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، جو بايدن، قائمة طويلة من التحركات على الجبهتين الخارجية والداخلية، مع تبقي شهر واحد فقط قبل تركه رئاسة الولايات المتحدة.


قتيل وإصابات في ضربات صاروخية روسية على كييف (صور)

رجال الإنقاذ وعناصر الشرطة يعملون في موقع الهجوم الصاروخي الروسي بكييف (إ.ب.أ)
رجال الإنقاذ وعناصر الشرطة يعملون في موقع الهجوم الصاروخي الروسي بكييف (إ.ب.أ)
TT

قتيل وإصابات في ضربات صاروخية روسية على كييف (صور)

رجال الإنقاذ وعناصر الشرطة يعملون في موقع الهجوم الصاروخي الروسي بكييف (إ.ب.أ)
رجال الإنقاذ وعناصر الشرطة يعملون في موقع الهجوم الصاروخي الروسي بكييف (إ.ب.أ)

أطلقت روسيا صواريخ باليستية على كييف صباح اليوم (الجمعة)، ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة تسعة وتضرر أنظمة التدفئة في مئات المباني، في هجوم نُفّذ، بحسب موسكو، «ردا» على ضربة أوكرانية بصواريخ غربية استهدفت مصنعا روسيا، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال رئيس الإدارة العسكرية في كييف سيرغي بوبكو، عبر تطبيق «تلغرام»، «بحسب المعلومات الأولية، قُتل شخص واحد».

وأوضحت القوات الجوية الأوكرانية أنّ الهجوم نُفّذ بخمسة صواريخ باليستية من نوع «إسكندر-إم/كي إن-23»، مؤكدة أنها أسقطتها كلها.

امرأة تسير بجوار السيارات المتضررة والحطام بالقرب من موقع الهجوم الصاروخي في وسط كييف (إ.ب.أ)

وأشار رئيس البلدية فيتالي كليتشكو إلى إصابة تسعة أشخاص، نُقل أربعة منهم إلى المستشفى، مؤكدا أن «أجهزة الطوارئ تعمل في مختلف الأماكن».

وأعلن الجيش الروسي من جهته أنه هاجم كييف «ردا» على ضربة أوكرانية استهدفت الأربعاء مصنعا روسيا واستُخدمت فيها صواريخ غربية.

وأفاد في بيان بأن «سلسلة من الضربات بأسلحة دقيقة بعيدة المدى نُفّذت ردا على ذلك (...) هذا الصباح، واستهدفت مركز التحكم التابع لجهاز الاستخبارات الأوكراني، ومكتب لوتش للدراسات الذي يتخذ من كييف مقرا له ويتولى تصميم وتصنيع أنظمة صواريخ نبتون». وأكد البيان أن «كل الأهداف أصيبت».

عمال أوكرانيون يزيلون الحطام في موقع الهجوم الصاروخي بوسط مدينة كييف (إ.ب.أ)

وتوعّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن موسكو سترد على كل الهجمات التي تستهدف الأراضي الروسية ويتم تنفيذها باستخدام صواريخ غربية.

وصباح الجمعة، سمع صحافيو «وكالة الصحافة الفرنسية» في كييف سلسلة انفجارات بعد إطلاق القوات الجوية الأوكرانية تحذيرات من هجوم وشيك بصواريخ باليستية.

ثم رُصد دخان يتصاعد فوق أماكن عدة من العاصمة.

وسقطت «بقايا» صاروخ على ثلاث مناطق في المدينة، ما أدى إلى تضرر نظام التدفئة، بحسب كليتشكو.

وقال رئيس البلدية إنّ «630 مبنى سكنيا و16 مؤسسة صحية» ونحو ثلاثين مدرسة «حُرمت كلها من التدفئة»، في حين تتدنّى درجات الحرارة في العاصمة الأوكرانية إلى ما دون الصفر.

ووقعت الانفجارات بعدما حذّرت القوات الجوية الأوكرانية من هجوم وشيك بالصواريخ الباليستية. وكتبت في رسالة عبر تطبيق «تلغرام» أنّ «صاروخا باليستيا رُصد من الشمال!».

خبراء ورجال شرطة أوكرانيون يعملون في موقع الهجوم الصاروخي في وسط مدينة كييف (إ.ب.أ)

وأبلغت السلطات الأوكرانية أيضا عن وقوع هجمات صاروخية في مدينة خيرسون الجنوبية حيث قتل شخص واحد وأصيب ستة، وفي بلدات وقرى أخرى.

تتقدم القوات الروسية في منطقة خاركيف المتاخمة لروسيا بهدف السيطرة مجددا على مدينة كوبيانسك التي استولت عليها خلال العام الأول من الحرب.

واحتل الجيش الروسي المدينة في بداية غزوه في فبراير (شباط) 2022، ثم استعادتها القوات الأوكرانية خلال هجوم مضاد في سبتمبر (أيلول) من العام نفسه.

امرأة تمشي بين الأنقاض في موقع هجوم صاروخي في كييف (أ.ف.ب)

وتشكل كوبيانسك مركزا مهما للسكك الحديد ويعبرها نهر أوسكيل الذي أصبح خط مواجهة بين القوات الروسية والأوكرانية.

وقد كثّف الجيش الروسي الذي يحرز تقدّما بوتيرة أسرع خلال الأشهر الأخيرة في شرق أوكرانيا هجماته في هذه المنطقة التي يحاول استعادة السيطرة عليها منذ أشهر، محاولا خصوصا معاودة عبور النهر.