ماذا يعني فوز ترمب بالنسبة لروسيا؟

محللة روسية ترى أمام موسكو 3 مسارات: العسكري واستبدال زيلينسكي وتغييرات سياسية كبيرة في الغرب

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس دونالد ترمب خلال لقاء في اليابان (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس دونالد ترمب خلال لقاء في اليابان (أ.ب)
TT

ماذا يعني فوز ترمب بالنسبة لروسيا؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس دونالد ترمب خلال لقاء في اليابان (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس دونالد ترمب خلال لقاء في اليابان (أ.ب)

ترى المحللة السياسية الروسية تاتيانا ستانوفايا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يبدو كأنه رجل محظوظ في الأشهر الأخيرة؛ فالدعم الغربي لأوكرانيا في حالة ضعف مستمر، ولم يعد إجراء مفاوضات مباشرة مع روسيا فكرة هامشية، ويستمر تحول السياسات الغربية صوب اليمين بوتيرة سريعة مع فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية. ويبدو كما لو أن موسكو على وشك الحصول على ما تريده. ومع ذلك فإن هذا أمر مضلل، حيث إن موقف روسيا الحقيقي أكثر تعقيداً مما يبدو. وبالفعل هناك أسباب قليلة للتفاؤل في الكرملين.

دونالد ترمب وفلاديمير بوتين في لقاء سابق بينهما في أوساكا باليابان عام 2019 (رويترز)

وفي تقرير نشره موقع «كارنيغي» للسلام الدولي، قالت ستانوفايا، وهي زميلة بارزة في المركز البحثي «كارنيغي روسيا أوراسيا»، إنه بعد مرور قرابة 3 سنوات من القتال في أوكرانيا - يشكك عدد قليل فقط من الأشخاص في أن روسيا لها اليد العليا في ساحة القتال. وتحرز القوات الروسية بشكل تدريجي تقدماً، حيث لديها مزيد من الأسلحة والجنود، وتضغط أيضاً على كييف من خلال مهاجمة البنية التحتية الحيوية في البلاد. ويبدو أن فرص شن هجوم أوكراني مضاد آخر ضئيلة، وليست هناك أية إشارة إلى أزمة سياسية في روسيا. وببساطة، يمكن القول إن بوتين يحقق انتصاراً.

الرئيس إيمانويل ماكرون مجتمعاً الخميس في بودابست مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على هامش قمة المجموعة السياسية الأوروبية (أ.ف.ب)

وأضافت ستانوفايا، كما جاء في تقرير «وكالة الأنباء الألمانية»، أن كثيرين يتوقعون أن يؤدي فوز ترمب إلى استئناف اتصالات عالية المستوى بين واشنطن وموسكو، وخفض في المساعدات الأميركية لأوكرانيا، وحدوث خلافات داخل حلف شمال الأطلسي (ناتو). ومع ذلك، فإن هذا لا يزيد فرص الانتصار بالنسبة للكرملين. وتتمثل المشكلة في أنه ليس لدى أي زعيم غربي، بمن في ذلك ترمب، خطة لإنهاء الحرب تلقى الحد الأدنى من القبول من جانب بوتين. ولم يقترب أي من الحلول التي تم طرحها من تلبية الطلبات الروسية، وهي ألا يقبل «الناتو» أوكرانيا عضواً، أو أن تكون الحكومة في كييف موالية لروسيا.

ورغم أن هناك مسارات عدة يمكن أن يجربها بوتين ويسلكها لتحقيق هذه الأهداف، فإنه لا يبدو أن من المرجح أن يكلَّل أي واحد منها بالنجاح. ومن الواضح أن المسار الأول هو المسار العسكري. ولكن يقول خبراء ليس لدى روسيا عدد كافٍ من الجنود أو المعدات للاستيلاء على مدن أوكرانية، وأن كل ما تستطيع موسكو عمله هو دفع الجبهة ببطء صوب الغرب، بينما تتكبد معدلات عالية من الخسائر البشرية.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (أ.ب)

المسار الثاني يتمثل في استسلام كييف، وبعبارة أخرى، استبدال الرئيس فولوديمير زيلينسكي ليحل محله زعيم مشكوك في شرعيته مستعد لتسليم البلاد لبوتين على طبق من ذهب. ولن يستلزم هذا النوع من الاستسلام الكامل ببساطة وقفاً لإطلاق النار، ولكن موافقة أوكرانيا على كل طلبات الكرملين، بما في ذلك وضع محايد، وتخفيضات دراماتيكية في حجم جيشها، وإعادة صياغة الدستور لإعطاء الأفضلية للجماعات الموالية لروسيا، وبالطبع التنازل عن الأرض.

وفي الواقع، تحاول موسكو إقناع كل من الأوكرانيين والغرب بالتخلص من زيلينسكي، واختيار زعيم أكثر مرونة. ومع ذلك ورغم كل المشكلات التي تواجه الحكومة في كييف، لم يكن هناك أي تحرك ملحوظ في هذا الاتجاه. ويبدو أن هناك فرصة ضئيلة لتغيرات سياسية في كييف تؤدي إلى ظهور حكومة مستعدة لتناقش بشكل جدي طلبات بوتين.

ويتمثل المسار الثالث في تغييرات سياسية كبيرة في الغرب من شأنها أن تؤدي إلى قيام الزعماء الغربيين بالضغط على أوكرانيا لتشكيل حكومة سوف تكون مقبولة بالنسبة لموسكو. ويعتقد كثيرون أن هذا هو السيناريو الذي يعوِّل عليه الآن الكرملين. ومع ذلك، فإنه إذا نظرت بالفعل إلى ما يقوله الزعماء الغربيون، بمن في ذلك ترمب، عندئذ، فإنه من الواضح أنه لا أحد منهم قريب حتى من الضغط من أجل تغيير الحكومة في كييف. وحتى أولئك الذين يشعرون فيما يبدو بالسعادة لرؤية مفاوضات لا يريدون استسلام أوكرانيا، أو تنصيب نظام دمية في كييف.

وقام الكرملين بإعداد الروس لهجوم نهائي على أمل تحقيق اختراق استراتيجي سوف يؤدي إلى مفاوضات بشأن استسلام أوكرانيا. وإذا لم يحدث هذا قريباً فسوف تُضطر روسيا لشن عملية تعبئة مع كل المخاطر السياسية التي تنطوي عليها، وتسعى لمزيد من التصعيد في ميدان القتال. ويعني كل هذا أن انتخاب ترمب يضع الكرملين في موقف صعب.

ومثلما قال ديميتري بيسكوف المتحدث باسم بوتين، سوف يراقب المسؤولون الروس أفعال الرئيس المنتخب من كثب، وسيرغبون في رؤية الخطوات الأولى التي سوف يتخذها ترمب لكي يفهموا على نحو أفضل ما إذا كان الحديث عن «نافذة فرصة» سوف يصل إلى أي شيء.

ومن الناحية النظرية، قد تعني لعبة الانتظار هذه أن تمتنع روسيا عن مزيد من التصعيد. وقد يخفض الكرملين حتى الضغط على كييف كإشارة إلى أنه منفتح على أفكار جديدة. ولكنْ هناك أيضاً كثير من المسؤولين الروس الذين يدفعون بالقول إنه لا يتعين على روسيا أن تفقد تفوقها الحالي في ميدان القتال مقابل تعهُّد أجوف بإجراء محادثات مع واشنطن. ووفقاً لمنطقهم، فإن الصقور في المؤسسة السياسية الأميركية هم الذين يكون لهم دائماً اليد العليا.

حريق في مبنى سكني في العاصمة الأوكرانية كييف بعد غارة من مسيَّرة روسية السبت (أ.ف.ب)

واختتمت ستانوفايا تقريرها بالقول إنه في التحليل النهائي، تعتمد استراتيجية روسيا لتحقيق النصر، مثل استراتيجية أوكرانيا، على عملية لا تسيطر عليها. ونتيجة ذلك، تتأرجح موسكو بين احتمال وقف لإطلاق النار ومزيد من التصعيد العسكري. وسوف تنطوي أي خطوة خاطئة من جانب موسكو على مخاطر كبيرة، تتضمن إرغامها على شن جولة جديدة من التعبئة، واتخاذ مزيد من الإجراءات الراديكالية للاحتفاظ بالسيطرة في الداخل، ومواجهة جنود «الناتو» بشكل مباشر. ورغم الذهول الحالي من فوز ترمب، فإن الغرب لا يزال لديه دور حاسم ليقوم به في تحديد مستقبل أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

الخارجية الأميركية: جنود من كوريا الشمالية ينضمون لروسيا في الحرب

العالم قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

الخارجية الأميركية: جنود من كوريا الشمالية ينضمون لروسيا في الحرب

قالت وزارة الخارجية الأميركية، اليوم (الثلاثاء)، إن قوات من كوريا الشمالية بدأت الاشتراك في عمليات قتالية في صفوف القوات الروسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)

كييف تقول إن موسكو تستعد لشن هجوم في جنوب أوكرانيا

عززت روسيا قواتها العسكرية وكثفت قصفها تمهيدا لتنفيذ هجوم في الجبهة الجنوبية حيث لم تتغير مواقعها إلى حد كبير خلال الأشهر الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مستقبلاً أمين عام الحلف الأطلسي مارك روته في زيارته الأولى لباريس منذ تسلمه منصبه الجديد (إ.ب.أ)

أوكرانيا والحلف الأطلسي محور الاتصالات الغربية استباقاً لخطط ترمب

المخاوف الغربية من خطط ترمب القادمة بالنسبة لأوكرانيا والحلف الأطلسي تهيمن على الاتصالات الراهنة.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا دبابة روسية مُدمَّرة على جانب طريق بمنطقة كورسك (أ.ب)

بوتين يسعى إلى استعادة كورسك قبل تنصيب ترمب

تشير تعيينات إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، التي لم تؤكد كلها بعدُ، إلى أن ملف الحرب في أوكرانيا قد لا يكون بهذه السوداوية المتوقعة.

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا يفرض القانون على الأفراد الذين يشاركون في الترويج لأسلوب حياة من دون أبناء غرامة قدرها 4250 دولاراً (إ.ب.أ)

النواب الروس أقرّوا قانوناً يحظر الترويج لحياة من دون أبناء

أقرّ النواب الروس اليوم (الثلاثاء) قانوناً يحظر الترويج لأسلوب حياة من دون أبناء، على خلفية الأزمة الديموغرافية في روسيا التي تفاقمت بسبب الحرب في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

كييف تقول إن موسكو تستعد لشن هجوم في جنوب أوكرانيا

أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)
أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)
TT

كييف تقول إن موسكو تستعد لشن هجوم في جنوب أوكرانيا

أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)
أوكرانيا تقول إن الروس يستعدون لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات (إ.ب.أ)

عززت روسيا قواتها العسكرية وكثفت قصفها تمهيدا لتنفيذ هجوم في الجبهة الجنوبية، حيث لم تتغير مواقعها إلى حد كبير خلال الأشهر الأخيرة، وفق ما أكد متحدث باسم الجيش الأوكراني اليوم الثلاثاء.

وحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، يمثل الهجوم الروسي في منطقة زابوريجيا الجنوبية تحديا للجيش الأوكراني الذي يواجه صعوبة بالفعل على الجبهة الشرقية، ولا يزال منخرطا في عملية هجومية في منطقة كورسك الروسية، على الحدود الشمالية.

وقال المتحدث باسم الجيش الأوكراني، فلاديسلاف فولوشين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «الروس يستعدون منذ فترة، منذ عدة أسابيع، لتنفيذ عمليات هجومية في عدة اتجاهات، لا سيما باتجاه زابوريجيا».

وأوضح أن الجيش الروسي يعزز قواته، خاصة في مناطق فريميفكا وغوليابول وروبوتيني.

وأضاف: «كل يوم يقوم باستطلاع جوي وفني هناك، ويتزود بالذخيرة. منذ عدة أسابيع، يستعد العدو لاستخدام المدرعات».

وامتنع فولوشين عن تحديد عدد الجنود الروس المحتشدين في هذا القطاع من الجبهة، لكنه أشار إلى أن مجموعات صغيرة تشن بالفعل هجمات كل يوم.

وأكد أن القوات الأوكرانية عززت خطوط دفاعها وهي مستعدة لصد هجوم واسع النطاق.

في الصيف الماضي، شنت القوات الأوكرانية هجوما واسع النطاق لاستعادة منطقتي زابوريجيا وخيرسون في جنوب البلاد، لكنها فشلت في إحراز تقدم ملموس.

وأوردت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أن موسكو حشدت 50 ألف جندي، بينهم كوريون شماليون، في محاولة لدحر القوات الأوكرانية التي تسيطر منذ نحو ثلاثة أشهر على جزء من منطقة كورسك الحدودية الروسية.