ارتياح روسي لهزيمة الديمقراطيين وترقّب لخطوات ترمب

موسكو منفتحة على حوار لكنها لن تبادر... وزيلينسكي يأمل في «سلام عادل»

دونالد ترمب وفلاديمير بوتين في لقاء سابق بينهما في أوساكا باليابان عام 2019 (الكرملين - رويترز)
دونالد ترمب وفلاديمير بوتين في لقاء سابق بينهما في أوساكا باليابان عام 2019 (الكرملين - رويترز)
TT

ارتياح روسي لهزيمة الديمقراطيين وترقّب لخطوات ترمب

دونالد ترمب وفلاديمير بوتين في لقاء سابق بينهما في أوساكا باليابان عام 2019 (الكرملين - رويترز)
دونالد ترمب وفلاديمير بوتين في لقاء سابق بينهما في أوساكا باليابان عام 2019 (الكرملين - رويترز)

لم تخفِ النخب السياسية الروسية ارتياحها للهزيمة القوية التي منيت بها المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية الأميركية، ورأى سياسيون مقربون من «الكرملين» أن الأميركيين «عاقبوا» إدارة الرئيس جو بايدن بمنح أصواتهم للمرشح الجمهوري.

لكن لهجة الارتياح بدت حذرة للغاية في ردود الفعل الأولى الصادرة عن الديوان الرئاسي الروسي الذي ركز على أن واشنطن «عدو» منخرط في الحرب الأوكرانية، وأن موسكو المنفتحة على أي حوار تنتظر «خطوات عملية» من الإدارة الجديدة.

وبدا أن الفوز القوي للرئيس دونالد ترمب في سباق البيت الأبيض قد يمهد لانفراجة واسعة في العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، في حال نفذ وعوده الانتخابية بالعمل على وضع حد للحرب الدائرة منذ 33 شهراً.

ورغم التحفظ الشديد في التعليقات الأولى للناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف، فإنه ترك الباب موارباً لتقارب جدي من خلال التأكيد على أن «الرئيس فلاديمير بوتين كرر مراراً استعداده للحوار وتقريب وجهات النظر لكن هذا سوف يكون مرتبطاً بخطوات الإدارة الأميركية الجديدة».

وتجنب بيسكوف الرد مباشرة على سؤال عن موقف بوتين حيال فوز ترمب، وقال إن موسكو تأخذ في الاعتبار البيانات القادمة من العاصمة الأميركية. لكنه أضاف أن «هذه دولة غير صديقة منخرطة بشكل مباشر وغير مباشر في الحرب ضد روسيا (...) نحن سنقوم باستخلاص استنتاجات بناءً على خطوات محددة».

واستبعد بيسكوف أن يبادر بوتين بالاتصال هاتفياً بترمب للتهنئة بالفوز، لكنه لم يستبعد فتح قنوات حوار إذا بادر ترمب لذلك. وقال: «لا ينبغي طلب ذلك من الجانب الروسي. وأذكّر مرة أخرى بكلمات بوتين حول انفتاحه على الاتصالات والحوار، لكن هذا هو موقفنا، وهو ثابت ومعروف (...) دعونا ننتظر بعض الإجراءات الملموسة».

وحدد بيسكوف الشروط التي توفر انفراجة جدية في العلاقات، ورأى أنها ستكون أوضح بعد إعلان تركيبة الإدارة الأميركية الجديدة، وتوضيح خطواتها الأولى تجاه الصراع في أوكرانيا، مشيراً إلى أن «قدرة الولايات المتحدة على تغيير مسار السياسة الخارجية تجاه أوكرانيا، سوف تتضح بعد يناير (كانون الثاني)»، موعد تسلم ترمب سدة الحكم.

صور للرئيسين ترمب وبوتين في متجر لبيع المقتنيات التذكارية في سانت بطرسبرغ (أ.ب)

وقال بيسكوف للصحافيين: «الولايات المتحدة قادرة على تغيير مسار سياستها الخارجية، لكن ما إذا كان سيتم ذلك وكيف، إذا حدث ذلك، سنرى بعد يناير».

في المقابل، بدت لهجة الناطقة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا، أكثر وضوحاً في تحديد موقف بلادها حيال فوز ترمب، وكتبت أن الفرصة متوفرة لترمب لتحويل كلامه عن وقف الحرب سريعاً إلى أفعال.

وتعول موسكو على تنفيذ ترمب وعوده الانتخابية بالضغط على أوكرانيا ووقف مسار تسليح كييف لدفعها إلى الجلوس سريعاً إلى طاولة مفاوضات. كما أن خبراء مقربين من «الكرملين» سارعوا إلى الحديث عن أن فوز ترمب سوف يرمي بثقل كبير على السياسات الأوروبية، خصوصاً لجهة أنه يضغط لمساهمة أوروبية أكبر في تمويل نشاط حلف الناتو. ورأى تعليق، نشرته وكالة أنباء «نوفوستي» الرسمية، أن أحد أهداف واشنطن في تأجيج حرب أوكرانيا تمثلت في ضمان خضوع أوروبا لإملاءات الولايات المتحدة، وأن فوز ترمب قد يضع ترتيبات جديدة لهذا المشهد. كما نقلت الوكالة الحكومية عن نواب في «مجلس الدوما» أن فوز ترمب يعني «إعلان الحداد» في كييف. وقال بعضهم: «من دون الرعاية الأميركية، لن يكون نظام كييف قادراً على الاستمرار ولو لمدة أسبوع. كل شيء سينتهي (..) سيكون الأمر أصعب بكثير مما كان عليه في ظل الإدارة الأميركية السابقة».

وأشارت تعليقات مشابهة إلى أنه «قد تكون هناك تغييرات إيجابية في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة. لأن انتخاب ترمب قد يعني نهاية الرعاية التي لا نهاية لها للصراعات العسكرية الأجنبية».

بدورها، علقت رئيسة مجلس الاتحاد (الشيوخ)، فالنتينا ماتفيينكو، على نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، وقالت إنها أظهرت بوضوح الاحتجاج على سياسات السلطات الحالية. ورأت فيها «تصويتاً عقابياً» ضد سياسات إدارة بايدن.

وكتبت السياسية المقربة جداً من بوتين أن «الأرقام واضحة ومقنعة، والاتجاهات مقنعة في كل من الانتخابات الرئاسية وانتخابات الكونغرس، وفي رأيي، هذا دليل واضح على موقف الأميركيين تجاه سياسات الديمقراطيين في السنوات الأخيرة: السياسة الخارجية والداخلية (...) هذا احتجاج على كل ما حدث، بما في ذلك، على ما أعتقد، فيما يتعلق بروسيا».

أوكرانيا تأمل في تحقيق «سلام عادل»

الرئيس زيلينسكي خلال استقباله وزيرة خارجية ألمانيا آنالينا بيربوك في كييف يوم الاثنين (الرئاسة الأوكرانية - رويترز)

وفي كييف، أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية» بأن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هنأ ترمب على «انتصاره المذهل» بعدما أعلن المرشح الجمهوري، الأربعاء، فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، مبدياً أمله أن يساعد انتخابه أوكرانيا في تحقيق «سلام عادل». وقال زيلينسكي: «أقدّر التزام الرئيس ترمب نهج (السلام من خلال القوة) في الشؤون العالمية. وهذا بالضبط المبدأ الذي يمكن أن يجعل أوكرانيا أقرب إلى السلام العادل».

وفي أكثر من مناسبة، قال ترمب إن في مقدوره إحلال سلام في أوكرانيا «خلال 24 ساعة»، من دون أن يفسّر كيفية قيامه بذلك، لكن مع التنديد بقيمة المساعدات المقدّمة لكييف في مواجهة روسيا. وأدلى أيضاً بتصريحات تنطوي على إطراء للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ودعا زيلينسكي الديمقراطيين والجمهوريين الأميركيين إلى توفير «دعم قوّي من كلا الحزبين لأوكرانيا». واستذكر في هذه المناسبة اللقاء «الرائع» الذي جمعه بدونالد ترمب في نيويورك في سبتمبر (أيلول) الماضي. والعلاقة بين ترمب وزيلينسكي معقّدة، لا سيّما بسبب فضيحة في السياسة الأميركية تعود إلى عام 2019. فإثر الكشف عن مضمون مكالمة هاتفية بين ترمب الذي كان يومها رئيساً للولايات المتحدة ونظيره الأوكراني، اتُّهم الأول بالضغط على أوكرانيا لتفتح تحقيقاً بتهم فساد بحق نجل جو بايدن الذي كان يتنافس معه ترمب على ولاية انتخابية جديدة. وأفضت تلك القضية إلى محاكمة بهدف إطاحة ترمب، لكن مجلس الشيوخ الأميركي برأه في نهاية المطاف.


مقالات ذات صلة

ترمب يرسل التهنئة لـ«اليساريين المجانين» ويطالب بضم كندا

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

ترمب يرسل التهنئة لـ«اليساريين المجانين» ويطالب بضم كندا

أمضى ترمب يوم الميلاد في كتابة منشورات وخصّ بالتهنئة بالعيد في إحداها «اليساريين المتطرفين المجانين الذين يحاولون باستمرار عرقلة نظام محاكمنا وانتخاباتنا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيسان بايدن وترمب في المكتب البيضاوي يوم 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 بعد فوز الثاني بالانتخابات الرئاسية الأميركية (أ.ب)

بايدن وترمب يبثان رسائل متباينة بمناسبة عيد الميلاد

بثّ الرئيس الديمقراطي جو بايدن، والرئيس الجمهوري المنتخب دونالد ترمب، رسائل متباينة بمناسبة عيد الميلاد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب يتحدث في تجمع بفينيكس الأحد (رويترز)

ترمب يهدد بضم بنما وغرينلاند

أثار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، جدلاً بطرحه ضم قناة بنما وجزيرة غرينلاند التابعة للدنمارك، إلى السيادة الأميركية، وذلك بعد تهديدات مشابهة عندما تحدث.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ السيناتور الديمقراطي بن كاردين (رويترز)

سيناتور أميركي «قلق للغاية» حيال حقوق الإنسان في عهد ترمب

قال السيناتور الديمقراطي بن كاردين، إنه يشعر بالقلق حيال تراجع الاهتمام بملف حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، خلال الفترة الثانية للرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن وحفيده بو بايدن خلال مغادرة البيت الأبيض والتوجه للمروحية الرئاسية (إ.ب.أ)

غزة وأوكرانيا على رأس أولويات بايدن قبل تركه البيت الأبيض

أمام الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، جو بايدن، قائمة طويلة من التحركات على الجبهتين الخارجية والداخلية، مع تبقي شهر واحد فقط قبل تركه رئاسة الولايات المتحدة.


روسيا تعلن إحباط مخططات أوكرانية لقتل ضباط كبار

رجل شرطة روسي يرافق المواطن الأوزبكي أحمد كوربانوف خلال جلسة استماع في المحكمة للاشتباه في تورطه بقتل الفريق الروسي إيغور كيريلوف في موسكو 19 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)
رجل شرطة روسي يرافق المواطن الأوزبكي أحمد كوربانوف خلال جلسة استماع في المحكمة للاشتباه في تورطه بقتل الفريق الروسي إيغور كيريلوف في موسكو 19 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

روسيا تعلن إحباط مخططات أوكرانية لقتل ضباط كبار

رجل شرطة روسي يرافق المواطن الأوزبكي أحمد كوربانوف خلال جلسة استماع في المحكمة للاشتباه في تورطه بقتل الفريق الروسي إيغور كيريلوف في موسكو 19 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)
رجل شرطة روسي يرافق المواطن الأوزبكي أحمد كوربانوف خلال جلسة استماع في المحكمة للاشتباه في تورطه بقتل الفريق الروسي إيغور كيريلوف في موسكو 19 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

قال جهاز الأمن الاتحادي الروسي، اليوم (الخميس)، إنه أحبط عدداً من مخططات أجهزة المخابرات الأوكرانية لقتل ضباط روس كبار وأفراد عائلاتهم في موسكو، باستخدام قنابل مخفية في شواحن احتياطية (باور بنك) أو حافظات وثائق.

وقتل جهاز الأمن الأوكراني الجنرال إيغور كيريلوف، قائد قوات الدفاع النووية والبيولوجية والكيميائية الروسية، في 17 ديسمبر (كانون الأول) في موسكو، بتفجير قنبلة مثبتة في دراجة كهربائية (سكوتر) أمام منزله.

الجنرال إيغور كيريلوف رئيس قوات الدفاع النووي والبيولوجي والكيميائي الروسية (الذي اغتالته أوكرانيا مؤخراً) يتحدث في إحاطة إعلامية في موسكو 28 فبراير 2023 (أ.ب)

وأكد مصدر في جهاز الأمن الأوكراني لوكالة «رويترز» للأنباء، أن الجهاز وراء الاغتيال. وقالت روسيا إن الاغتيال هجوم إرهابي من كييف، وتوعدت بالثأر.

وقال جهاز الأمن الاتحادي الروسي: «أحبط جهاز الأمن الاتحادي في روسيا الاتحادية سلسلة من المحاولات لاغتيال مسؤولين عسكريين كبار في وزارة الدفاع».

وأضاف: «تم اعتقال أربعة مواطنين روس ضالعين في التخطيط لهذه الهجمات».

وذكر جهاز الأمن الاتحادي الروسي أن المخابرات الأوكرانية جندت المواطنين الروس.

وأوضح أن أحد الرجال كان يتعين عليه زرع قنبلة تشبه جهاز شحن متنقلاً (باور بنك) عن طريق لصقها بمغناطيس أسفل سيارة أحد كبار المسؤولين بوزارة الدفاع.

ضابط أوكراني يتحدث عبر الراديو لجنوده أثناء عملية هجوم... الصورة في مركز قيادة قرب خط المواجهة في بوكروفسك بمنطقة دونيتسك أوكرانيا 25 ديسمبر 2024 (أ.ب)

وقال الجهاز إن رجلاً روسياً آخر كان مكلفاً بمهام مراقبة مسؤولين كبار في وزارة الدفاع الروسية، وإن أحد المخططات تضمّن إرسال قنبلة في صورة حافظة وثائق.

وعرض التلفزيون الرسمي الروسي ما قال إنه لقطات لبعض المشتبه بهم الذين اعترفوا بتجنيد المخابرات الأوكرانية لهم لزرع قنابل تستهدف مسؤولين بوزارة الدفاع الروسية.

وتحمّل موسكو أوكرانيا مسؤولية سلسلة من الاغتيالات لمسؤولين كبار على أراضيها بهدف إضعاف الروح المعنوية، وتقول إن الغرب يدعم «نظاماً إرهابياً» في كييف.

وأوضحت كييف التي تقول إن حرب روسيا ضدها تشكل تهديداً وجودياً لدولة أوكرانيا، أنها تعدّ عمليات القتل المستهدف أداة مشروعة.