ألمانيا: جدل حول غياب السلطات الكافية للقوى الأمنية للكشف عن العمليات الإرهابية

بعد القبض على ليبي خطَّط لتنفيذ هجوم على السفارة الإسرائيلية في برلين

ضابط شرطة ألماني يقف حارساً أمام السفارة الإسرائيلية ببرلين في 20 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)
ضابط شرطة ألماني يقف حارساً أمام السفارة الإسرائيلية ببرلين في 20 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

ألمانيا: جدل حول غياب السلطات الكافية للقوى الأمنية للكشف عن العمليات الإرهابية

ضابط شرطة ألماني يقف حارساً أمام السفارة الإسرائيلية ببرلين في 20 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)
ضابط شرطة ألماني يقف حارساً أمام السفارة الإسرائيلية ببرلين في 20 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

أعاد اعتقال مشتبه به ليبي قبل يومين بسبب التخطيط لهجوم إرهابي على السفارة الإسرائيلية في برلين، الجدل حول السلطات الممنوحة للمخابرات والشرطة في ألمانيا. وجاء اعتقال الشاب البالغ من العمر 28 عاماً في بارناو القريبة من برلين، بعد معلومات من «جهاز مخابرات صديق»، وليس من معلومات كشفت عنها المخابرات الألمانية.

منظر خارجي للسفارة الإسرائيلية في برلين (أ.ب)

وبينما تطالب الأجهزة الأمنية والولايات الألمانية بزيادة السلطات الممنوحة للأجهزة الأمنية، تعارض الحكومة توسيعها بشكل كبير. وقد تسببت هذه الخلافات في رفض البوندسرات، أي مجلس الولايات، تمرير خطة أمنية كان قد وافق عليها «البوندستاغ» (البرلمان الفيدرالي) تمنح السلطات الأمنية سلطات إضافية، ولكن لا تذهب بعيداً بإحداث التغييرات المطلوبة، وفق ممثلي الولايات الذين رفضوا التعديلات المقدمة من الحكومة.

وبعد اعتقال الليبي المنتمي لتنظيم «داعش»، قال رئيس ولاية براندنبورغ مايكل شتوبغن، الولاية التي اعتُقل فيه المشتبه به، إن هذه الحالة «تكشف، للأسف مرة جديدة، أن أجهزة المخابرات التابعة لنا معمية تقريباً بسبب التقييدات الأمنية». وأضاف أن الحزمة الأمنية التي قدمتها الحكومة «لن تغير ذلك».

الحزمة الأمنية

قدمت الحكومة الحزمة الأمنية بعد الحادث الإرهابي في زولنغن في نهاية أغسطس (آب)، حيث أقدم لاجئ سوري على طعن رواد حفل غنائي، وقَتَلَ 3، وأصاب 8 بجروح خطيرة.

وقبل ذلك، كشفت السلطات الأمنية عن عدد من المخططات الإرهابية الأخرى، وفي معظم الحالات كان الكشف عنها بسبب معلومات من أجهزة مخابرات «صديقة»، وليس بمعلومات من المخابرات الألمانية. ويسمح القانون الذي تقدمت به الحكومة وفشل في الغرفة السفلى، بمقارنة البيانات البيومترية على الإنترنت في بعض الحالات، ولكن لا يسمح بمقارنة الوجوه والأصوات باستخدام تطبيقات آلية من دون إذن قضائي.

واستدعى ذلك من بعض ممثلي الولايات في الغرفة السفلى التصويت ضد المشروع؛ لأنه لن يؤدي إلى إحداث التغييرات المطلوبة. وانتقد وزير داخلية بافاريا يواكيم هيرمان الذي صوَّت ضد المشروع، الحكومةَ لرفضها السماح بالسلطات الإضافية، خصوصاً تلك التي يمكن من خلالها التعرف على الوجوه في الأماكن العامة من خلال المسح الفوري رغم أن الاتحاد الأوروبي يسمح بذلك.

وقال: «من يعتقد أن منح سلطات إضافية للقوى الأمنية يعني حرية أقل هو مخطئ؛ لأن الخوف من الجريمة يمكن أن يحد من حريتنا أكثر كثيراً».

كما وصف وزير داخلية شمال الراين - ويستفاليا هربرت رويل الذي صوَّت أيضاً ضد المشروع، خُطط الائتلاف الحاكم الاتحادي بأنها «فاترة»، مضيفاً أنه يجب توسيع نطاق حقوق السلطات الأمنية بشكل كبير، مضيفاً أن ما تحتاج إليه السلطات غير متوفِّر في «الحزمة الأمنية»، وينتمي وزيرا الداخلية كلاهما إلى الاتحاد المسيحي الديمقراطي المعارض الذي تنتمي إليه المستشارة السابقة أنجيلا ميركل.

ألقت السلطات الألمانية القبض على مواطن ليبي يُشتبه في ارتباطه بتنظيم «داعش» المتطرف الذي كان يخطط لشن هجوم بالأسلحة النارية على السفارة الإسرائيلية في برلين (أ.ب)

وضمت نقابة الشرطة الألمانية صوتها للسياسيين المنادين بزيادة السلطات الأمنية لمكافحة الإرهاب، وقال رئيس النقابة يوخن كوبلكه في تصريحات لصحيفة «راينيشه بوست»: «كفى نزاعاً سياسياً: نحن بحاجة ماسَّة الآن، وبسرعة، إلى حد أدنى لفترة تخزين عناوين بروتوكول الإنترنت، والاحتفاظ بالبيانات... حينها سيكون بإمكاننا التحري عن الإرهابيين، واعتقالهم بسهولة أكبر». وأضاف: «منذ سنوات لا نسمع إلا خلافات سياسية. لا أستطيع سوى أن أهز رأسي تعجباً».

ودعا كوبلكه أيضاً الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات إلى إنهاء النزاع حول الحزمة الأمنية، مضيفاً أن ألمانيا بحاجة إلى استراتيجية أمنية مشتركة لجميع السلطات الأمنية.

استنفار أمني عند حاجز وسط زولنغن بعد هجوم الطعن الإرهابي (د.ب.أ)

وأكد رئيس نقابة الشرطة تحديداً على ضرورة السماح بالاحتفاظ ببيانات حركة المرور والموقع، وإعطاء صلاحيات للدفاع السيبراني، وإلزام مقدمي خدمات الإنترنت والاتصالات بالتعاون.

وتحدث كذلك عن الحاجة إلى مزيد من الموظفين وبرامج الدعم التكنولوجية، داعياً في الوقت نفسه إلى «وضع استراتيجية أمنية أوروبية لمكافحة التضليل المعلوماتي والإرهاب والجريمة».

وكان النواب الألمان قد وافقوا، الأسبوع الماضي، على الحزمة الأمنية المقدَّمة من الحكومة، ولكن مجلس الولايات رفض جزءاً منها. ووافق المجلس الذي يضم ممثلين عن الولايات الألمانية الـ16، على تشديد سياسة الهجرة في البلاد لجهة إلغاء المساعدات لطالبي اللجوء الذين دخلوا ألمانيا عن طريق دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي، وتسهيل طرد اللاجئين الذين استخدموا أسلحة.

وكان هذا رداً مباشراً على عملية زولنغن التي نفذها لاجئ سوري دخل ألمانيا من بلغاريا، وصدر بحقه قرار بترحيله إلى بلغاريا التي من المفترَض أن يقدِّم فيها طلب لجوء بحسب اتفاقية دبلن. كما سمح القانون بتشديد قوانين حملة الأسلحة خصوصاً السكاكين، علماً أن منفذ عملية زولنغن استخدم سكيناً كبيرة في طعنه رواد الحفل.


مقالات ذات صلة

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

أفريقيا أنصار مرشح المعارضة باسيرو ديوماي فاي يحضرون مسيرة حاشدة في أثناء فرز نتائج الانتخابات الرئاسية (إ.ب.أ)

بوتين يتباحث مع الرئيس السنغالي حول الإرهاب في الساحل

مباحثات جرت، الجمعة، بين الرئيس الروسي ونظيره السنغالي، وتم خلالها الاتفاق على «تعزيز الشراكة» بين البلدين، والعمل معاً من أجل «الاستقرار في منطقة الساحل»

الشيخ محمد (نواكشوط)
شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«المافيا» تهدد على طريقة فيلم «العراب»... رأس حصان وبقرة ممزقة يرعبان صقلية

منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)
منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)
TT

«المافيا» تهدد على طريقة فيلم «العراب»... رأس حصان وبقرة ممزقة يرعبان صقلية

منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)
منظر عام لجزيرة صقلية (وسائل إعلام إيطالية)

هزَّ العثور على رأس حصان مقطوع، وبقرة حامل ممزقة وعجلها الميت بداخلها ملطخين بالدماء، جزيرة صقلية الإيطالية، وتعاملت السلطات مع الحادث باعتباره تهديداً من قبل المافيا.

وقالت الشرطة لشبكة «سي إن إن» إنه تم اكتشاف الحيوانات النافقة في ملكية أحد مقاولي البناء في بلدة ألتوفونتي، بالقرب من باليرمو. ووفق الشبكة الأميركية، فالمشهد «المروّع» يذكّر بفيلم «العراب» أو «The Godfather» الذي عُرض عام 1972، إذ يستيقظ شخصية بالفيلم ليجد رأس حصان مقطوعاً في سريره.

وقال المقاول، الذي لم يتم الكشف عن اسمه لحمايته أثناء التحقيق الجاري، للشرطة، إنه لم يتلق أي تهديدات قبل اكتشاف الماشية النافقة، التي تم الاحتفاظ بها في عقار مجاور.

ولا تزال صناعات البناء من أبرز قطاعات الأعمال المرتبطة بالمافيا في صقلية، وفقاً لتقرير حديث صادر عن مديرية مكافحة المافيا.

وكثيراً ما كان المقاول المُستهدف ينفذ أعمال البناء لصالح البلدية المحلية، التي بذلت قصارى جهدها لمنع الشركات المرتبطة بالمافيا من الفوز بعطاءات، لكنه أخبر الشرطة أنه لم تتواصل معه أي مجموعة تطالبه بالمال أو الخدمات.

وقال متحدث باسم الشرطة لشبكة «سي إن إن» إن الحادث يتم التعامل معه على أنه أسلوب تخويف من قبل المافيا.

وقد يكون الحادث مرتبطاً بالإفراج مؤخراً عن 20 من أعضاء المافيا من السجون المحلية، الذين انتهت مدة عقوباتهم، و«ربما يسعون للانتقام» وفقاً لرئيس مديرية مكافحة المافيا، موريزيو دي لوسيا.

وقال دي لوسيا في سبتمبر (أيلول): «لا يمكننا أن نتخلى عن حذرنا، فالحرب ضد المافيا أصبحت أكثر صعوبة مع إطلاق سراح هؤلاء الرجال».

وقالت عمدة ألتوفونتي، أنجيلا دي لوسيا، إنها شعرت بالرعب عندما سمعت الأخبار. وأضافت لوسائل الإعلام المحلية: «لا أستطيع أن أفهم مثل هذه الوحشية... يبدو أن هذا الفعل يعيدنا إلى العصور الوسطى».

ويعد استخدام الحيوانات الميتة، وفي كثير من الأحيان الكلاب وليس الخيول، تكتيك ترهيب شائعاً في الجزيرة الواقعة بجنوب إيطاليا، وفق «سي إن إن».

وتم الإبلاغ عن العديد من الحوادث المماثلة التي تنطوي على رؤوس حيوانات مقطوعة من قبل رجال الأعمال المحليين في صقلية، ففي عام 2023 تم العثور على رأس خنزير مقطوع معلقاً في مركز الشرطة المحلي، بينما عثر مقاول أعمال محلي على رأس مقطوع لأحد عنزاته في حديقته.