انتخابات رئاسية واستفتاء أوروبي في مولدوفا وسط تخوف من تدخل روسي

اختباران مفصليان للجمهورية السوفياتية السابقة في خضم الحرب بأوكرانيا المجاورة

رئيسة مولدوفا مايا ساندو تدلي بصوتها في الانتخابات (رويترز)
رئيسة مولدوفا مايا ساندو تدلي بصوتها في الانتخابات (رويترز)
TT

انتخابات رئاسية واستفتاء أوروبي في مولدوفا وسط تخوف من تدخل روسي

رئيسة مولدوفا مايا ساندو تدلي بصوتها في الانتخابات (رويترز)
رئيسة مولدوفا مايا ساندو تدلي بصوتها في الانتخابات (رويترز)

يدلي المولدوفيون، اليوم الأحد، بأصواتهم في انتخابات رئاسية واستفتاء على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، في ظل مخاوف من تدخل روسي في اختبارين مفصليين يأتيان في خضم الحرب بأوكرانيا المجاورة.

وتُعد العملية الانتخابية اختباراً لتحوّل الجمهورية السوفياتية السابقة التي يقطنها 2.6 مليون شخص، نحو أوروبا في عهد الرئيسة مايا ساندو، الساعية للفوز بولاية ثانية، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

رئيسة مولدوفا مايا ساندو تصل إلى مركز اقتراع في العاصمة كيشيناو (إ.ب.أ)

وأوقفت الشرطة في مولدوفا مئات الأشخاص، خلال الفترة الماضية، وحذّرت من أن ما قد يصل إلى ربع الأصوات قد يكون جرى شراؤها بأموال مصدرها روسيا.

وقال رئيس وزراء مولدوفا، دورين ريسيان، إن «بلادنا على مفترق طرق... مجموعة من اللصوص تحاول خداع الناس وتَعِدهم بالمال وتعطيهم آمالاً زائفة»، داعياً مواطنيه إلى «اليقظة».

وفازت ساندو بالرئاسة، عام 2020، بمواجهة مرشح مدعوم من روسيا. وفي أعقاب غزو أوكرانيا، ابتداء من مطلع 2022، أعلنت الرئيسة قطع علاقات مولدوفا مع موسكو، وتقديم طلب انضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

وكررت الرئيسة التحذير من المساعي الروسية للتدخل في العملية الانتخابية بمولدوفا، وهو ما نفته موسكو.

وفي هذا الأسبوع، أكّدت واشنطن عزمها على مساعدة كيشيناو في التصدّي «للتدخّلات الروسية» في عملية الاقتراع، بينما أعلن الاتحاد الأوروبي أنّه فرض عقوبات على خمسة أشخاص وجمعية مُوالية لموسكو في مولدوفا بتهمة السعي لزعزعة استقرار البلاد عشية الانتخابات.

ناخب يدلي بصوته في مركز اقتراع بالعاصمة كيشيناو (رويترز)

11 منافساً

وساندو، البالغة 52 عاماً والخبيرة الاقتصادية السابقة بالبنك الدولي، هي المرشحة الأوفر حظاً للفوز.

لكن استطلاعات الرأي تُقدّر حصولها على 35.8 في المائة من الأصوات، وهي نسبة غير كافية لحسم النتيجة من الدورة الأولى، وتفادي خوض دورة ثانية مقررة في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وتخوض ساندو الانتخابات في مواجهة عشرة منافسين. ومن أبرز هؤلاء ألكسندر ستيانوغلو (57 عاماً)، وهو مُدّعٍ عام سابق مدعوم من الاشتراكيين المُوالين لروسيا، ويتوقع أن يحصل على نحو تسعة في المائة من الأصوات، وريناتو أوساتي (45 عاماً)، وهو رئيس بلدية سابق لبالتي، ثاني كبرى مدن مولدوفا، ويتوقع أن ينال 6.4 في المائة.

المرشح الرئاسي ألكسندر ستيانوغلو يدلي بصوته في الانتخابات (إ.ب.أ)

وفُتحت مراكز الاقتراع، الساعة السابعة صباحاً (الرابعة بتوقيت غرينتش)، تزامناً مع عزف النشيد الوطني عبر مُكبرات الصوت في العاصمة. وتغلق المراكز عند التاسعة ليلاً، على أن تبدأ النتائج الأولية الصدور بعد ساعة من ذلك.

ولدى تصويتها في العاصمة كيشيناو، قالت الخبيرة الاقتصادية أولغا سيرنيغا، البالغة 60 عاماً: «جئت لأصوِّت للازدهار والسلام ورفاهية البلاد».

في المقابل، يتخوّف آخرون، على غرار الخبير القانوني الستيني غينادي، الذي رفض كشف كامل هويته، من تحوّل مولدوفا نحو الغرب، وعَدَّ أن الحكومة الحالية «فاقمت الوضع»، في حين يغرق التضخم، الذي بلغ مستويات قياسية، قسماً من الشعب في الفقر.

«مصير بلادنا»

وبشأن استفتاء الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، أظهرت استطلاعات الرأي أن 55.1 في المائة من الناخبين سيصوّتون بـ«نعم»، في حين قال 34.5 في المائة إنهم سيرفضون الانضمام للتكتل القاري.

امرأة تدلي بصوتها في انتخابات مولدوفا (إ.ب.أ)

ويطرح الاستفتاء على الناخبين سؤالاً عما إذا كانوا يوافقون على تعديل الدستور لجعل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي هدفاً لمولدوفا، التي بدأت في يونيو (حزيران) الماضي، مفاوضات الانضمام إلى التكتل المؤلَّف من 27 دولة.

ولكي تصبح النتيجة نافذة، يتوجب ألا تقلّ نسبة المشاركة عن 33 في المائة. ودعت أحزاب مُوالية لروسيا إلى المقاطعة.

وقالت المحاسِبة ليديا سيبان إن «مستقبل مولدوفا يعتمد على ما سيختاره الناس... آملُ أن نقدم على خطوات ملموسة نحو الاتحاد الأوروبي».

وقامت ساندو بجولات انتخابية، في الآونة الأخيرة، في مختلف أنحاء البلاد، عَدَّت خلالها أن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي سيساعد على تحسين مستوى المعيشة في إحدى أفقر دول القارة.

وقالت ساندو، خلال تجمع انتخابي: «مصير بلادنا لعقود مقبلة يعتمد على هذا القرار»، في انتخابات الأحد. وشدّدت على أن التصويت سيعبّر عن «إرادة الشعب المولدوفي»، وليس عن «إرادة أشخاص آخرين أو المال القذر».

«دولة بوليسية»

في المقابل، يرى منتقدو رئيسة البلاد أنها لم تقم بما يكفي لمكافحة التضخم وإصلاح القضاء.

وخلال حملته، دعا ستيانوغلو، الذي أقالته ساندو من منصبه، إلى «استعادة العدالة»، بينما شدد أوساتي على أنه الخيار الأفضل للناخبين؛ لأنه «الوحيد غير الخاضع لسيطرة الشرق أو الغرب».

المرشح الرئاسي ريناتو أوساتي يتحدث إلى أنصاره خلال تجمع انتخابي (أ.ب)

وقال ستيانوغلو إنه يؤيد «سياسة خارجية متوازنة»، وإعادة تعزيز العلاقات مع روسيا، وامتنع عن المشاركة في الاستفتاء.

ويبدي المسؤولون في مولدوفا مخاوف من المحاولات الروسية للتأثير على الانتخابات والاستفتاء.

وقالت الشرطة، هذا الشهر، إن ملايين الدولارات جرى تهريبها إلى البلاد عبر أشخاص مرتبطين بالسياسي السابق ورجل الأعمال الفارّ من العدالة إيلان شور.

وقدّرت أن هذا المخطط «غير المسبوق» قد يؤثر على ما يصل إلى 300 ألف صوت.

وبعد محاكمة غيابية، أدان القضاء شور، العام الماضي، بتهم فساد. ويتّهم رجل الأعمال مولدوفا بأنها «دولة بوليسية» و«دمية مطيعة» للغرب.

وإضافة إلى شراء الأصوات، جرى تدريب مئات الشباب في روسيا ودول البلقان على إثارة «اضطراب عام» في مولدوفا، وفق ما أفادت الشرطة.


مقالات ذات صلة

كردستان ينتخب البرلمان السادس... ومحاولات لتغيير «ميزان القوى»

المشرق العربي ناخبون كرديون يُدلون بأصواتهم في سادس انتخابات تشريعية بكردستان العراق (أ.ف.ب)

كردستان ينتخب البرلمان السادس... ومحاولات لتغيير «ميزان القوى»

في سادس انتخابات يشهدها إقليم كردستان، صوَّت الناخبون الكرد لاختيار ممثليهم بالبرلمان الجديد، بينما تقول أحزاب ناشئة إنها تعمل على تغيير ميزان القوى.

حمزة مصطفى (بغداد) «الشرق الأوسط» (أربيل)
شمال افريقيا أعضاء هيئة الانتخابات التونسية خلال الإعلان عن فوز الرئيس قيس سعيّد بولاية ثانية (أ.ف.ب)

تونس: قيس سعيّد يؤدي اليمين الدستورية لولاية رئاسية ثانية

يضبط رئيس الجمهورية، وفق «الفصل 100» من الدستور، «السياسة العامة للدولة ويحدد اختياراتها الأساسية ويعلم بها مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم...».

«الشرق الأوسط» (تونس)
العالم العربي ملصقات الحملات الانتخابية للمرشحين في شوارع مدينة السليمانية بشمال العراق (أ.ف.ب)

سكان كردستان العراق يدلون بأصواتهم لانتخاب برلمان جديد للإقليم

يدلي الناخبون في إقليم كردستان بشمال العراق بأصواتهم اليوم (الأحد) لانتخاب برلمان جديد.

«الشرق الأوسط» (أربيل (العراق))
شمال افريقيا فاروق بوعسكر رئيس هيئة الانتخابات خلال الإعلان عن فوز الرئيس سعيّد بالانتخابات الرئاسية (أ.ف.ب)

الرئيس التونسي يؤدي القسم الدستوري خلال أيام

كشف النائب بمجلس نواب الشعب التونسي (البرلمان)، ياسر القوراري، عن أن البرلمان بغرفتيه بصدد استكمال ترتيبات جلسة أداء اليمين الدستورية من قِبَل الرئيس سعيّد.

«الشرق الأوسط» (تونس)
الولايات المتحدة​ إيلون ماسك يبدي تأييده للمرشح الجمهوري دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا (أ.ف.ب)

ماسك تبرّع بـ75 مليون دولار لمجموعة تدعم حملة ترمب

أظهرت إفصاحات أن إيلون ماسك تبرّع بنحو 75 مليون دولار لمجموعة إنفاق تابعة له مؤيدة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال 3 أشهر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

اعتقال ليبي بشبهة التخطيط لمهاجمة السفارة الإسرائيلية في ألمانيا

عناصر من الشرطة الألمانية خلال احتجاجات تضامنية مع فلسطين ولبنان (د.ب.أ)
عناصر من الشرطة الألمانية خلال احتجاجات تضامنية مع فلسطين ولبنان (د.ب.أ)
TT

اعتقال ليبي بشبهة التخطيط لمهاجمة السفارة الإسرائيلية في ألمانيا

عناصر من الشرطة الألمانية خلال احتجاجات تضامنية مع فلسطين ولبنان (د.ب.أ)
عناصر من الشرطة الألمانية خلال احتجاجات تضامنية مع فلسطين ولبنان (د.ب.أ)

اعتقلت السلطات الألمانية، أمس (السبت)، قرب برلين ليبيّاً يُشتبه بانتمائه إلى تنظيم «داعش» وبتخطيطه لشن هجوم على السفارة الإسرائيلية في ألمانيا، حسبما قالت النيابة العامة الفيدرالية لوكالة الصحافة الفرنسية.

وأفاد متحدث باسم النيابة العامة بأن السلطات تشتبه بأن الرجل «خطط لشن هجوم على السفارة الإسرائيلية في برلين» وبأنه «دعم جماعة إرهابية في الخارج»، موضحاً أن الأمر يتعلق بتنظيم «داعش».

من جهتها، ذكرت صحيفة «بيلد» أن عملية كبيرة للشرطة شاركت فيها قوات خاصة، جرت في المساء في بلدة بيرناو المجاورة لبرلين، حيث أوقف المشتبه به. وقالت النيابة العامة إنه تم تفتيش منزل الموقوف الواقع في بيرناو.

وأوردت «بيلد» أن الرجل يبلغ 28 عاماً، وقد تحركت السلطات الألمانية بعد تلقيها معلومات من أجهزة استخبارات أجنبية.

ووجّه سفير إسرائيل في برلين رون بروسور عبر منصة «إكس» الشكر للسلطات الألمانية «لضمانها أمن سفارتنا».

ومنذ هجوم حركة «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والذي أشعل شرارة الحرب في قطاع غزة، زادت السلطات الألمانية يقظتها في مواجهة «تصاعد معاداة السامية»، على غرار الكثير من البلدان حول العالم.

وفي بداية أكتوبر (تشرين الأول)، استهدفت هجمات سفارتي إسرائيل في كوبنهاغن وستوكهولم. وقال مسؤول في جهاز الاستخبارات السويدية (سابو) في ذلك الوقت إن تورط إيران هو «احتمال وارد».

وفي أوائل سبتمبر (أيلول)، أردت شرطة ميونيخ بالرصاص شاباً نمسوياً معروفاً بصلاته بـ«الإسلام المتطرف» بينما كان يستعد لتنفيذ هجوم على القنصلية العامة الإسرائيلية.

نقاش حول الهجرة

قال هيربرت رويل، وزير داخلية منطقة شمال الراين-ويستفاليا لصحيفة «بيلد»: «عملية اليوم كانت ناجحة لكنها في الوقت نفسه تحذير لأولئك الذين يريدون تهديد المجتمع اليهودي في ألمانيا: نحن نتعقبكم».

وقال مكتب المدعي العام إنه تم تفتيش شقة ثانية (السبت) في غرب ألمانيا. ووفقاً للصحافة، فإن الشقة تعود إلى عمّ المشتبه به الذي يُشتبه في أنه أراد الاختباء عنده قبل أن يغادر الأراضي الألمانية.

ومن المقرر أن يمثل المشتبه به أمام قاضٍ في محكمة العدل الاتحادية في كارلسروه (الأحد).

ووفقاً لصحيفة «بيلد»، وصل الليبي إلى ألمانيا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 وتقدّم بطلب لجوء تم رفضه في 28 سبتمبر (أيلول) 2023.

ومن المرجّح أن يؤدي عدم اتخاذ إجراءات ترحيل بحق هذا الرجل إلى إعادة إشعال جدل حاد في ألمانيا حول تنفيذ قرارات ترحيل المهاجرين غير الشرعيين.

واتخذت حكومة أولاف شولتس مؤخراً سلسلة إجراءات لتشديد ضوابط الهجرة، ويتمثل أحد هذه الالتزامات الرئيسية في تسريع عمليات ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين.

وتبنى النواب الألمان (الجمعة) قسماً مهماً من التدابير في هذا الاتجاه، في وقت يتعرض المستشار لضغوط مع صعود اليمين المتطرف في ألمانيا، كما هو الحال في أماكن أخرى في أوروبا.

وقالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر خلال إحياء الذكرى السنوية الأولى لهجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)، إن «مستوى تهديد العنف المعادي للسامية مرتفع».

وأحصت الشرطة في ألمانيا أكثر من 3200 عملاً معادياً للسامية منذ بداية العام وحتى بداية أكتوبر (تشرين الأول)، وهو ما يعادل ضعف العدد المسجل في الفترة نفسها من العام الماضي.