تراجع «تكتيكي» لموسكو في سوريا وتبدل أولوياتها

معطيات عن إخلاء مواقعها في الجولان بشكل مفاجئ

لافتة في شوارع دمشق للرئيس الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مارس 2022 (رويترز)
لافتة في شوارع دمشق للرئيس الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مارس 2022 (رويترز)
TT

تراجع «تكتيكي» لموسكو في سوريا وتبدل أولوياتها

لافتة في شوارع دمشق للرئيس الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مارس 2022 (رويترز)
لافتة في شوارع دمشق للرئيس الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مارس 2022 (رويترز)

أثارت الانسحابات العسكرية الروسية المتتالية في الأيام الأخيرة من نقاط مراقبة قرب خطوط التماس مع الجولان السوري المحتل، تساؤلات حول التموضع الروسي في إطار المواجهة المتفاقمة في لبنان، والتي انتقلت شظاياها بسرعة إلى الجغرافيا السورية، وكذلك حول أولويات روسيا خلال المرحلة المقبلة على صعيد التطورات المنتظرة، وما تطلق عليه إسرائيل والولايات المتحدة: «إعادة ترتيب الوضع الإقليمي وتقليص التأثير الإيراني في المنطقة».

خلال الأيام الأخيرة، ترددت معطيات عن إخلاء القوات العسكرية الروسية، بشكل مفاجئ، مواقع وصفتها مصادر إسرائيلية بأنها استراتيجية.

ونقلت مصادر أن أبرزها كان نقطة مراقبة في تل الحارة بريف درعا الشمالي، قبل أن تظهر معطيات إضافية عن انسحابات مماثلة من تل الشعار وتل مسحرة في ريف القنيطرة. وقامت القوات الروسية بتجميع معداتها وأنزلت العلم الروسي من المواقع قبل الانسحاب.

اللافت في الموضوع أن المؤسسة العسكرية الروسية تجنبت التعليق على المعطيات، ولم يصدر أي بيان توضيحي لأسباب هذه الانسحابات، ما أثار تكهنات كثيرة، خصوصاً في ظل تزايد نشاط القوات الإسرائيلية في المناطق المحيطة بهذه المواقع.

جنود إسرائيليون خلال تدريبات في مرتفعات الجولان عند الحدود مع لبنان وسوريا مايو الماضي (إ.ب.أ)

وبات معلوماً أن الخطوة الروسية جاءت بعد تحركات عسكرية للقوات الإسرائيلية، قبل أيام قرب الشريط الحدودي بين محافظة القنيطرة والجولان السوري المحتل. تمثلت هذه التحركات بتمركز عدد كبير من الدبابات والآليات العسكرية الإسرائيلية في هضبة الجولان السوري المحتل.

كما أن إسرائيل كانت قد شرعت، خلال الأشهر الفائتة، بفتح ممرات في الجولان السوري، وتفجير حقول ألغام بمحاذاة خط وقف إطلاق النار عدة مرات، بالتوازي مع تصاعد الاستهدافات داخل الأراضي السورية، وانتشار معلومات من الجانب الإسرائيلي عن وصول قوات نخبة من الميليشيات الإيرانية إلى الجنوب السوري.

تثبت القوات الروسية نقطة مراقبة جديدة على الحدود مع الجولان المحتل قبل فترة (المرصد)

ومعلوم أن موسكو كانت قد نشرت في وقت سابق في المنطقة، 17 نقطة مراقبة عسكرية، وسيرت دوريات قرب خطوط التماس لتثبيت وقف التصعيد بين مجموعات «حزب الله» اللبناني وإسرائيل.

يعني هذا أن الانسحابات المتتالية حالياً تترك المنطقة أمام طوفان التصعيد المتواصل.

أحد أفراد الشرطة العسكرية الروسية في الجولان السوري المحتل (أرشيفية - أ.ف.ب)

وتشكل إشارة إلى أن موسكو لن ترغب في خوض مواجهة أو أن تبقي قواتها في عين العاصفة، كما أنها ليست قادرة على ما يبدو على وقف التدهور الجاري.

وبرزت فرضيتان لتفسير الانسحابات الروسية المتتالية؛ أُولاهما أن موسكو تلقت تحذيراً من جانب إسرائيل حول عمليات عسكرية نشطة مرتقبة في المنطقة، وأن القوات الإسرائيلية عازمة على ملاحقة وتقويض مواقع تمركز «حزب الله» والميليشيات الأخرى المدعومة من جانب إيران.

أما الفرضية الثانية، فجاءت من جانب دبلوماسيين روس تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، وحملت تكهنات وليست معلومات، وفقاً لتعبير أحدهم، مفادها أن روسيا «لا تخضع لإنذارات أو إملاءات من الجانب الإسرائيلي، وهذه الانسحابات لا تعني منح إسرائيل ضوءاً أخضر لتوسيع رقعة عملياتها على الأراضي السورية، بل بالعكس من ذلك، قد تهدف إلى إعطاء إيران والمجموعات المسلحة التابعة لها مجالات أوسع للانخراط بعمليات عسكرية ضد إسرائيل».

في الحالتين، فضلت موسكو النأي بقواتها عن التطورات المحتملة، وتشير بعض التقديرات إلى أن القوات الروسية سوف تواصل إخلاء نقاط المراقبة والمواقع التي انتشرت فيها في المناطق التي تشهد تزايداً في سخونة الوضع.

لكن هذه «الانسحابات التكتيكية»، كما يصفها مراقبون روس، لا تعني أن روسيا بصدد القيام بخطوات أبعد مدى، ما يعني أن «الوجود العسكري الروسي في سوريا تزايدت أهميته على خلفية المواجهة المتفاقمة مع الغرب، ولا يمكن توقع إجراء مراجعة استراتيجية لروسيا في المنطقة على المدى المنظور»، وفقاً لمحلل روسي تحدثت معه «الشرق الأوسط».

لكن هذا التحليل يبدو مرتبطاً بطبيعة التطورات المستقبلية، خصوصاً على صعيد خطط إسرائيل المحتملة لتوسيع نطاق عملياتها داخل الجغرافيا السورية. وهو أمر دلت عليه بوضوح تحذيرات الكرملين، الخميس، من تدهور أوسع قد تشهده سوريا.

وقال الناطق الرئاسي الروسي دميتري بيسكوف إن «التوسع المحتمل لجغرافية الأعمال العدائية لإسرائيل في سوريا ستكون له عواقب كارثية على الشرق الأوسط».

لكنه تجنب الرد على أسئلة الصحافيين حول رد الفعل المحتمل من جانب روسيا، في حال وصلت التطورات إلى شن عملية عسكرية إسرائيلية برية داخل سوريا، لملاحقة القوات الإيرانية و«حزب الله». واكتفى بإشارة غامضة أنه «ليس من المناسب حالياً إطلاق تكهنات حول التطورات اللاحقة».

رسائل نارية

في الوقت ذاته، بدا أن تصعيد موسكو لهجتها في انتقاد التحركات العسكرية الإسرائيلية في سوريا، قد وصل إلى مستوى جديد. ولهجة وزارة الخارجية الغاضبة، التي وصفت الاستهدافات الأخيرة داخل سوريا بأنها «عدوان يستهدف المدنيين وينتهك بقوة القوانين الدولية»، حملت إدانة شديدة لم تكن موسكو في السابق تستخدمها.

صور انتشرت فجر 3 أكتوبر تظهر انفجارات في مخزن تابع لـ«حزب الله» قرب مطار «حميميم» (مواقع)

لكن التصعيد لا يقتصر على لهجة البيانات؛ إذ بدا في الفترة الأخيرة أن إسرائيل وروسيا تبادلتا رسائل نارية مباشرة. تمثل ذلك في القصف الذي تعرضت له منشآت تابعة لقاعدة «حميميم» الروسية، للمرة الأولى منذ بدء التمركز العسكري الروسي في سوريا خريف عام 2015.

اللافت هنا أيضاً أن موسكو لم تعلق نهائياً على التطور، وتجنبت بيانات الناطق العسكري التي تقدم إيجازاً دورياً للوضع في سوريا الإشارة إليه. في حين اتضح، وفقاً لمصادر إسرائيلية، أن القصف استهدف مستودعاً يعتقد أنه كان يحتوي على معدات قتالية وذخيرة لـ«حزب الله». فهمت موسكو الرسالة، ولم تعلق على الحدث، واكتفت بأن وجهت رسالة نارية مماثلة لهدف مختلف تماماً عندما قصفت مواقع قرب قاعدة التنف (شرق سوريا)، وقالت إنها استهدفت «إرهابيين».

مقاتلة روسية في قاعدة «حميميم» الروسية جنوب شرقي اللاذقية في سوريا أكتوبر 2015 (سبوتنيك)

ومعلوم أن موسكو التي بدأت تقليص قواتها في سوريا منذ صيف عام 2022، بعد مرور أشهر قليلة على اندلاع الحرب في أوكرانيا، كانت قد قدمت تسهيلات واسعة لـ«حزب الله» وبعض الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا. وبرز ذلك من خلال معطيات توفرت عن تسهيل القوات الروسية نقل أسلحة ومعدات لهذه المجموعة، بعد تعرض مطارات سورية تسيطر عليها إيران للقصف.

كما أن موسكو غضت الطرف عن إعادة نشر وحدات تابعة لـ«حزب الله» في الجنوب السوري، رغم أن هذا شكّل انتهاكاً لاتفاق سابق قضى بابتعاد قوات الحزب والميليشيات المتعاونة معه لمسافة 80 كيلومتراً عن الجولان باتجاه العمق السوري.

وتشير معطيات إلى أن روسيا سحبت آلاف الجنود والضباط ونقلتهم إلى أوكرانيا، حيث الجبهة الأكثر الحاحاً وأهمية في هذا التوقيت. وبررت أوساط عسكرية روسية التحرك، بأن «القوات الروسية، وخصوصاً البرية، لم تعد لها مهام محددة في سوريا بعدما أنجزت المهمة الرئيسية بمحاربة الإرهاب، وتعزيز سيطرة الحكومة السورية في مواقعها».

لكن تقليص القوات، وفقاً لمعلق عسكري، لا يعني تراجع أولويات موسكو في سوريا، باعتبار أن «الوجود الاستراتيجي للقوات الجوية والقدرات بعيدة المدى، باتت له مهام أوسع من الجغرافيا السورية وتتعلق بحضور روسيا في منطقة شرق المتوسط وشمال أفريقيا».

تبدل في الأولويات

هذا التقييم كان سابقاً بطبيعة الحال للتطورات التي بدأت في غزة، وانتقلت نيرانها إلى لبنان وتهدد سوريا حالياً بشكل جدي. وهنا يجب العودة إلى حديث الرئيس فلاديمير بوتين قبل زهاء شهرين، عندما استقبل نظيره السوري بشار الأسد في موسكو، وحذر من أن المنطقة مقبلة على تطورات خطيرة للغاية، ولن تكون سوريا بمعزل عنها».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استقبل الرئيس السوري بشار الأسد بالكرملين الأربعاء في زيارة غير معلنة سابقاً (أ.ف.ب)

كان تحذير بوتين أول إشارة من جانب روسيا إلى التوقعات المرتبطة بالمنطقة، وبأن توسيع رقعة المعركة حول غزة بات مسألة وقت ليس أكثر. وفي هذه الظروف، لم يتضح بعد ما إذا كانت موسكو وضعت خططها للتعامل مع الموقف الجديد أم لا، علماً بأن بعض الخبراء الروس البارزين انتقدوا سابقاً غياب استراتيجية روسية شاملة حيال سوريا على كل الصعد؛ بمعنى أن هذا ينسحب على رؤية موسكو البعيدة لتسوية سياسية نهائية، وللموقف حيال تركيا وتحركاتها في الشمال وفي منطقة إدلب، وأيضاً حيال الوجود الأميركي، وأخيراً حيال النشاط الإسرائيلي الذي تزايد في سوريا بشكل مطرد حتى قبل تفاقم الموقف حول غزة وانتقال الحرب إلى لبنان وسوريا.

يشير خبراء إلى أن موسكو تنطلق من أهمية المحافظة على الوجود العسكري الاستراتيجي في سوريا، لكن من دون أن يكون مكلفاً لموسكو كثيراً.

صورة مأخوذة من مقطع فيديو لوزارة الدفاع الروسية عن إبحار الفرقاطة الروسية الأدميرال جريجوروفيتش الخميس بينما تقلع مروحية كاموف كا - 27 خلال مناورات القيادة والأركان الاستراتيجية في البحر المتوسط قبالة ساحل طرطوس بسوريا (أ.ب)

في هذا الإطار، ينبغي تذكر حديث الرئيس الروسي في نهاية العام الماضي، عندما قال إن وجود قوات بلاده في سوريا «مؤقت، وسيظل مستمراً ما دام كان ذلك مفيداً لروسيا».

وأضاف أن «القوات العسكرية الروسية موجودة هناك لضمان مصالح روسيا في هذه المنطقة الحيوية من العالم، القريبة جداً منا»، مؤكداً أن موسكو «لا تخطط بعد لسحب هذه الوحدات العسكرية من سوريا».

لكن اللافت في حديث بوتين أنه أطلق على مواقع التمركز الروسية في سوريا اسم «نقاط»، وليس «قواعد»، مشيراً إلى أن موسكو لا تبني «هياكل طويلة الأجل هناك». وأضاف أن بلاده يمكنها سحب جميع أفرادها العسكريين بـ«السرعة الكافية»، دون أي خسائر مادية، إذا لزم الأمر.

موقع إسرائيلي قصفه «حزب الله» في جبل الشيخ بهضبة الجولان يوم 26 يونيو الماضي (أ.ب)

ويرى خبراء أن حديث بوتين حدد بدقة مستويات التحرك الروسي في حال تدهور الوضع أكثر، وفي حال فقدت القوات الروسية الميزة الاستراتيجية لوجودها في سوريا.

لكن هذا لا يمنع، وفقاً لبعض الخبراء، أن تواصل موسكو سياسة تعقيد الوضع أمام واشنطن، بمعنى دعم تصعيد قوى مختلفة ضد المصالح الأميركية، في المنطقة عموماً، وفي سوريا والعراق على وجه الخصوص. وهذا الأمر قد ينسحب في المرحلة المقبلة على التحركات الإسرائيلية في سوريا وفي محيطها. وهذه السياسة سوف تستمر وفقاً لمحللين، حتى تضع موسكو بناء على آليات تطور المشهد خططاً جديدة لتحركاتها في المنطقة.


مقالات ذات صلة

مصر تدعو إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني»

شؤون إقليمية جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)

مصر تدعو إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني»

تواصل مصر اتصالاتها لخفض التصعيد وتعزيز الاستقرار في المنطقة. ودعت، السبت، إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل».

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)

إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

أفاد التلفزيون الإيراني الرسمي بأن إيران أطلقت صواريخ ضخمة في بحر عمان وبالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي خلال اليوم الثاني من مناورات بحرية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية مركز كيندي سيكون مقراً لسحب قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن (رويترز)

إيران ستحضر قرعة كأس العالم بعد التلويح بالمقاطعة بسبب التأشيرات

ذكرت تقارير إعلامية، اليوم (الخميس)، أن وفداً إيرانيّاً سيحضر قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 غداً (الجمعة) رغم إعلان إيران سابقاً مقاطعة الحفل المقرر بواشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

القبض على 4 أشخاص ألقوا الطعام على صندوق عرض التاج البريطاني

اثنان من أعضاء مجموعة تدعى «استعيدوا السلطة» لطخا صندوقاً يحتوي على تاج الدولة الإمبراطوري في لندن بفطيرة التفاح والكاسترد («استعيدوا السلطة» - أ.ف.ب)
اثنان من أعضاء مجموعة تدعى «استعيدوا السلطة» لطخا صندوقاً يحتوي على تاج الدولة الإمبراطوري في لندن بفطيرة التفاح والكاسترد («استعيدوا السلطة» - أ.ف.ب)
TT

القبض على 4 أشخاص ألقوا الطعام على صندوق عرض التاج البريطاني

اثنان من أعضاء مجموعة تدعى «استعيدوا السلطة» لطخا صندوقاً يحتوي على تاج الدولة الإمبراطوري في لندن بفطيرة التفاح والكاسترد («استعيدوا السلطة» - أ.ف.ب)
اثنان من أعضاء مجموعة تدعى «استعيدوا السلطة» لطخا صندوقاً يحتوي على تاج الدولة الإمبراطوري في لندن بفطيرة التفاح والكاسترد («استعيدوا السلطة» - أ.ف.ب)

قالت الشرطة البريطانية، اليوم السبت، إنها اعتقلت أربعة أشخاص في برج لندن بعد إلقاء طعام على صندوق عرض يحتوي على تاج الدولة الإمبراطوري، مضيفة أنه جرى غلق جزء من المبنى التاريخي يضم جواهر التاج الملكي أمام الجمهور.

ونشرت مجموعة تدعى «استعيدوا السلطة»، التي تصف نفسها بأنها مجموعة «مقاومة مدنية»، لقطات للواقعة على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلة إن اثنين من أعضائها لطخا صندوق العرض بفطيرة التفاح والكاسترد.

وجرى إلغاء عرض مجوهرات التاج بعد تلطيخ أفراد المجموعة صناديق العرض التي تحتوي على تاج الدولة الإمبراطوري باستخدام كراميل التفاح وكريم الكاسترد الأصفر، وهما عنصران أساسيان في قوائم الحلويات البريطانية، وفقا لوكالة «أسوشييتد برس».

وأوضحت شرطة لندن، في بيان، أنه جرى اعتقال أربعة محتجين بعد ورود تقارير عن الأضرار الجنائية التي لحقت بصندوق العرض قبل الساعة 10:00 بتوقيت غرينيتش بقليل.

وأضافت، وفقاً لوكالة «رويترز»: «جرى احتجازهم. وأغلق بيت الجواهر أمام الجمهور بينما تستمر تحقيقات الشرطة».

ويضع الملك تشارلز تاج الدولة الإمبراطوري في بعض المناسبات الرسمية، مثل الافتتاح الرسمي للبرلمان. ووضعه أيضاً عند عودته إلى قصر بكنغهام بعد تتويجه في كنيسة وستمنستر في عام 2023.

سياح يدخلون إلى المبنى التاريخي الذي يضم جواهر التاج الملكي في برج لندن (رويترز)

ولم يصدر تعليق بعد من مؤسسة القصور الملكية التاريخية، التي تدير برج لندن الذي يبلغ عمره ألف عام.

وقالت حركة «استعيدوا السلطة» إن احتجاجها كان لتسليط الضوء على مطالبتها الحكومة بفرض ضرائب على الأثرياء.


مقرر تركيا في البرلمان الأوروبي ينتقد وضع سيادة القانون وتطبيق الدستور

مقرر البرلمان الأوروبي لشؤون تركيا ناتشو سانشيز آمور خلال مؤتمر صحافي في مقر بعثة الاتحاد الأوروبي بأنقرة 5 ديسمبر (من حسابه في «إكس»)
مقرر البرلمان الأوروبي لشؤون تركيا ناتشو سانشيز آمور خلال مؤتمر صحافي في مقر بعثة الاتحاد الأوروبي بأنقرة 5 ديسمبر (من حسابه في «إكس»)
TT

مقرر تركيا في البرلمان الأوروبي ينتقد وضع سيادة القانون وتطبيق الدستور

مقرر البرلمان الأوروبي لشؤون تركيا ناتشو سانشيز آمور خلال مؤتمر صحافي في مقر بعثة الاتحاد الأوروبي بأنقرة 5 ديسمبر (من حسابه في «إكس»)
مقرر البرلمان الأوروبي لشؤون تركيا ناتشو سانشيز آمور خلال مؤتمر صحافي في مقر بعثة الاتحاد الأوروبي بأنقرة 5 ديسمبر (من حسابه في «إكس»)

وصف مسؤول أوروبي وضع سيادة القانون في تركيا بـ«الكارثة»، منتقداً ما سمّاه «الازدواجية» في جميع مناحي الحياة السياسية والتطبيق الجزئي للدستور. والتقى مقرر البرلمان الأوروبي لشؤون تركيا ناتشو سانشيز آمور، الموجود في تركيا حالياً في زيارة تقصي حقائق تسبق إصدار التقرير السنوي للبرلمان الأوروبي حولها، وزراء ومسؤولين في الحكومة والمعارضة، منهم وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك، ونائب وزير الخارجية سفير تركيا لدى الاتحاد الأوروبي محمد كمال بوزاي، ورئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل.

كما التقى مسؤولين من حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، المؤيد للأكراد، وسفراء عدد من دول الاتحاد الأوروبي في أنقرة، وممثلين عن منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان وقادة رأي.

قضية إمام أوغلو

وزار آمور، السبت، عدداً من السياسيين والناشطين المدنيين المعارضين المعتقلين، وفي مقدمتهم رئيس بلدية إسطبنول أكرم إمام أوغلو، والناشط المدني عثمان كافالا، والنائب البرلماني من حزب «العمال» التركي جان أطالاي، في سجن سيليفري بضواحي إسطنبول، والرئيس المشارك السابق لحزب الشعوب الديمقراطية (الديمقراطية والمساواة للشعوب حالياً)، صلاح الدين دميرطاش في سجن أدرنة شمال غربي تركيا.

آمور أمام مؤسسة مرمرة العقابية (سجن سيليفري) حيث ذهب لزيارة إمام أوغلو وعدد من السياسيين المعارضين الأتراك المعتقلين (إعلام تركي)

ووصف، في تصريحات عقب لقاء إمام أوغلو في سجن سيليفري (غرب إسطنبول)، محاكمته بأنها «قضية ملفقة تماماً». وأكد أن «استخدام القضاء في تركيا للقضاء على المعارضين السياسيين هو إحدى أكبر العقبات في طريق انضمامها إلى عضوية الاتحاد الأوروبي».

وعزا القضية إلى دوافع سياسية، قائلاً إنه موجود الآن في «سيليفري» بسبب فوزه على مرشحي حزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات المحلية بإسطنبول مرتين خلال عامَي 2019 و2024. وأشاد بالاحتجاجات الجماهيرية الحاشدة التي أعقبت سجن إمام أوغلو، قائلاً إن المتظاهرين عرقلوا تعيين وصي من جانب الحكومة على بلدية إسطنبول.

وانتقد آمور إغفال مبدأ شخصية العقوبة في القضايا التي تريد الحكومة من خلالها تحقيق أهداف سياسية، قائلاً: «هناك أمل ومستقبل لتركيا في الاتحاد الأوروبي يبدأ من هنا في سجن سيليفري».

استهداف «الشعب الجمهوري»

ووصف آمور، في مؤتمر صحافي عقده بمقر بعثة الاتحاد الأوروبي في أنقرة مساء الجمعة، المعايير الديمقراطية في تركيا بأنها في «حالة متردية للغاية». كما أن سيادة القانون «كارثة بكل المقاييس»، مضيفاً أن الدستور ليس قائماً بذاته، ولا يمكن تطبيقه بشكل منصف، وأنه من المذهل عدم اعتراف المحاكم الأدنى بقرارات المحكمة الدستورية. كما تُسلب حقوق الناس رغم أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وموقف القضاء تجاه أعضاء المعارضة والحكومة مختلف تماماً.

جانب من لقاء آمور ورئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل (حساب الحزب في «إكس»)

وذكر أن حزب «الشعب الجمهوري»، أصبح الآن هو «الطرف المُفضّل في سياسات الحكومة القمعية»، كونه أصبح خطراً عليها في الانتخابات المقبلة، وأن هذا يمثّل معياراً مزدوجاً آخر، إذ إن جميع القضايا المتعلقة بحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، المؤيد للأكراد، أُوقفت الآن (بسبب المفاوضات مع حزب العمال الكردستاني)، نظراً إلى الحاجة السياسية لذلك في المستقبل، والآن أصبح الهدف هو حزب الشعب الجمهوري، لأنه فاز في الانتخابات المحلية الأخيرة، ويُقدم بديلاً حقيقياً في الانتخابات القادمة.

وأشاد آمور بالعملية الجارية لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني، في إطار ما يُسمّى «عملية تركيا خالية من الإرهاب»، قائلاً: «أنا من إسبانيا، أُدرك مدى صعوبة مكافحة الإرهاب، لذا فإن نزع سلاح حزب العمال الكردستاني خبر سار للغاية حقاً».

جانب من لقاء آمور ونائب وزير الخارجية التركي محمد كمال بوزاي (من حساب آمور في «إكس»)

وأضاف أن موقف الاتحاد الأوروبي هو المساعدة عند الضرورة؛ سنشجع العملية، وبالطبع نحن سعداء بهذا التطور، لكننا لا نستطيع التدخل بأي شكل من الأشكال.

تركيا وعضوية الاتحاد الأوروبي

وعما إذا كان أمام تركيا فرصة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، قال إن «عملية الانضمام هي عملية معيارية تتعلق بتطبيق معايير كوبنهاغن، وليست عملية تفاوضية، والجميع يعلم ما هو مطلوب، أولاً، الإرادة السياسية ضرورية، ثم اتخاذ الإجراءات اللازمة».

جانب من المؤتمر الصحافي لمقرر البرلمان الأوروبي لشؤون تركيا ناتشو سانشيز آمور (من حسابه في «إكس»)

وأضاف: «أما المسألة الأخرى فهي الشراكة، التي تعني الديمقراطية وكل ما يعود بالنفع على الطرفين، هناك حسن نية من بعض النظراء الأوروبيين بشأن قضايا الأمن والدفاع وغيرها؛ تسهيل التأشيرات، وتحديث الاتحاد الجمركي، واستئناف الحوار رفيع المستوى، كلها جوانب من الشراكة. نريد علاقات وثيقة مع جميع جيراننا، سواء كانوا مرشحين للعضوية أم لا، لكننا لا نقبل فكرة أن تنعكس بيئة شراكة جيدة فوراً في عملية الانضمام، لا تُقاس جدية أي دولة بالطائرات المسيرة فحسب، بل تُقاس أيضاً بمدى الوفاء بالتزاماتها وتطبيق المعايير».

وقال: «هناك رغبة حقيقية في التوسع. يبحث الاتحاد الأوروبي عن شركاء في كل مكان، لأسباب عديدة، منها التعامل مع الوضع الدولي الراهن، ودور الحروب والاضطرابات التي أحدثتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في العلاقات الدولية. يحرص الاتحاد على إعطاء الأولوية لتوسيع نطاقه، وهذه فرصة يمكن أن تستفيد منها جميع الدول المرشحة وليس تركيا فحسب».


البابا: لن نقف مكتوفي الأيدي أمام انتهاكات حقوق الإنسان

البابا ليو الرابع عشر يتحدث في الفاتيكان (أ.ب)
البابا ليو الرابع عشر يتحدث في الفاتيكان (أ.ب)
TT

البابا: لن نقف مكتوفي الأيدي أمام انتهاكات حقوق الإنسان

البابا ليو الرابع عشر يتحدث في الفاتيكان (أ.ب)
البابا ليو الرابع عشر يتحدث في الفاتيكان (أ.ب)

أكد البابا ليو الرابع عشر أمام سفراء جدد، اليوم (السبت)، أن الفاتيكان لن يقف مكتوف الأيدي أمام انتهاكات حقوق الإنسان في أنحاء العالم.

وهذه من أوضح التصريحات التي تكشف حتى الآن عن فلسفة البابا الأميركي، الذي انتُخب على رأس الكنيسة الكاثوليكية في العالم في مايو (أيار) عقب وفاة البابا فرنسيس.

وقال البابا أمام مجموعة السفراء الـ13: «أود أن أؤكد مجدداً أن الكرسي الرسولي لن يقف مكتوف الأيدي أمام التفاوتات الجسيمة، والظلم وانتهاكات حقوق الإنسان الأساسية في مجتمعنا العالمي الذي يزداد انقساماً وعرضة للصراعات».

و«الكرسي الرسولي» هو الهيئة الحاكمة للكنيسة التي يقودها البابا، ويمتلك سلطة روحية على 1.4 مليار كاثوليكي.

وأكد البابا أن «دبلوماسية الكرسي الرسولي تتجه باستمرار نحو خدمة خير البشرية، لا سيما من خلال مناشدة الضمائر، والإصغاء لأصوات الفقراء، أو الذين يعيشون في أوضاع هشّة، أو الذين يُدفعون إلى هامش المجتمع».

وبتركيزه على عدم المساواة، يبني ليو على أولويات سلفه البابا فرنسيس، الذي دافع عن حقوق المهاجرين وغيرهم من الفئات المستضعفة خلال حبريته.

وانتقد ليو، الذي أمضى قرابة 20 عاماً مبشّراً في البيرو، معاملة المهاجرين «غير المحترمة» في الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترمب.

والسفراء الجدد المعتمدون الذين استقبلهم الفاتيكان السبت، من أوزبكستان ومولدوفا والبحرين وسريلانكا وباكستان وليبيريا وتايلاند وليسوتو وجنوب أفريقيا وفيجي وميكرونيزيا ولاتفيا وفنلندا.