كيف سيكون حال الجيش الروسي بعد انتهاء الحرب مع أوكرانيا؟

المحلل مارك كاتز: إن الأمور تعتمد على الكيفية التي سينتهي بها النزاع... زعزعة استقرار البلاد أحد السيناريوهات

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في الكرملين الأربعاء (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في الكرملين الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

كيف سيكون حال الجيش الروسي بعد انتهاء الحرب مع أوكرانيا؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في الكرملين الأربعاء (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في الكرملين الأربعاء (أ.ف.ب)

قال المحلل الأميركي مارك كاتز إن الجيش الروسي بعد انتهاء الحرب في أوكرانيا ربما لا يكون بالحجم الكبير نفسه الذي هو عليه الآن. وتساءل عن الشكل الذي سيكون عليه الجيش بعد انتهاء هذه الحرب، مشيراً إلى أن الكثير من الأمور تعتمد على الكيفية التي ستنتهي بها الحرب.

ورأى مارك كاتز الأستاذ الفخري في كلية شار للسياسة والحكومة بجامعة جورج ماسون الأميركية، والزميل العالمي في مركز ويلسون، والزميل البارز غير المقيم بالمجلس الأطلسي، في تقرير نشرته مجلة «ناشيونال إنتريست» الأميركية، أنه إذا انتهت الحرب نتيجة لانهيار الجيش الروسي كما حدث في عام 1917، فإن شكل الجيش الروسي وروسيا نفسها سيكون سيئاً للغاية. ومع ذلك، ورغم أنه لا يمكن استبعاد ذلك، فإن هذا السيناريو يبدو غير مرجح.

صورة مأخوذة من فيديو نشرته وزارة الدفاع الروسية تُظهِر إطلاق صاروخ «غراد» باتجاه القوات الأوكرانية في موقع غير محدد (أ.ب)

وقال كاتز إن الطريقة المرجح أن تنتهي بها الحرب هي إما من خلال وقف لإطلاق النار تحتفظ من خلاله روسيا بالأراضي الأوكرانية التي تحتلها الآن، أو موافقة أوكرانيا على التخلي عن مزيد من الأراضي أكثر مما فعلت بالفعل مع تقديم تنازلات أخرى لموسكو.

ويرى كاتز أنه وفقاً لهذين السيناريوهين، فإن الجيش الروسي لن يظل سليماً فحسب، لكنه سيبدو أيضاً أكثر تهديداً من أي وقت مضى لبقية أوكرانيا وللدول الأوروبية الأخرى الأقل استعداداً وقدرة على الدفاع عن نفسها مقارنة بأوكرانيا، وأيضاً للولايات المتحدة الملتزمة بالدفاع عن حلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، لكن شعبها غير مستعد لحرب كبرى مع روسيا والخسائر التي ستنطوي عليها. والجيش الروسي حال انتصاره في أوكرانيا وتمتعه بالخبرة في حرب طويلة الأمد وواسعة النطاق سيعزز فقط هذا التصور لدى الأميركيين.

بوتين يزور مصنعاً للطائرات المسيَّرة (رويترز)

لكن على الرغم من القوة التي قد يبدو عليها الجيش الروسي بعد حرب أوكرانيا، ربما تظهر عوامل عدة قد تؤدي إلى تقييد أو حتى الحد من حجم وحتى قدرات هذا الجيش.

وقال كاتز، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية في تحليلها من واشنطن، إن أحد هذه العوامل هو أن الجيش الروسي القوي إذا لم يكن منخرطاً في حرب ربما يجعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يخشى من أن يتحول قوةً قد تحول انتباهها إلى تقييد خياراته أو حتى الإطاحة به.

دبابة في رستوف في بداية تمرد «فاغنر» الصيف الماضي (أ.ب)

ورغم أن الضباط الروس الذين حاربوا في أوكرانيا غير معارضين، فإنهم ربما يسعون إلى إصلاح استراتيجية وأساليب الجيش الروسي لتجنب نهج الهجوم الشامل الذي ينطوي على عدد كبير من الخسائر التي كان بوتين مستعداً لإجباره عليه.

صاروخ باليستي روسي خلال عرض عسكري في الساحة الحمراء بموسكو (أ.ف.ب)

وأشار كاتز إلى أن بوتين قد ينظر إلى أي حركة لإصلاح الجيش على أنها بمثابة انتقاد ضمني لقيادته، وربما يرغب في نقل ضباط الجيش الأكثر كفاءة بعيداً عن المواقع القيادية إلى أماكن أخرى يكونون فيها أقل قدرة على تهديده ودفعه للتقاعد. في الوقت نفسه، ربما يخلق عدم احترام الضباط الذين حاربوا من أجله في أوكرانيا، معارضة له في الجيش الروسي، وهذا ما يسعى بوتين لتجنبه.

وسواء اتضح أن بوتين يشعر بالارتياب إلى هذا الحد أم لا، يتوقع الجنود العاديون أن يتم تسريحهم بمجرد انتهاء الحرب. كما أن عائلاتهم ستتوقع أيضاً ذلك. بالإضافة إلى ذلك، ربما يتوقع مئات الآلاف من الجنود الروس الذين أصيبوا في الحرب، وهو أمر مفهوم تماما، أن الحكومة الروسية ستخصص موارد لرعايتهم. وعدم تحقيق هذه التوقعات سواء من خلال الإبقاء على جيش كبير أو عدم تخصيص الأموال لرعاية المحاربين القدامي المصابين يمكن أن يتسبب في زعزعة استقرار البلاد.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في صورة مشتركة مع رئيس أركان الجيش الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف (د.ب.أ)

كما سيرغب صانعو السياسات الاقتصادية الروس ومديرو الشركات في أن يتم تسريح الجنود من الجيش بعد الحرب لكي يتمكنوا من العودة إلى العمل في الاقتصاد الروسي الذي تعرّض لنقص حاد في العمالة بسبب الحرب. وسوف يتسبب عدم تسريح الجنود للعمل في الاقتصاد الروسي فقط على المدى البعيد في إضعاف الاقتصاد الروسي، وبالتالي إضعاف الجيش الروسي الذي يدعمه هذا الاقتصاد.

سيلفي مع قائد «فاغنر» الراحل يفغيني بريغوجين (أ.ب)

واختتم كاتز تحليله بالقول إنه بينما يخشى الأوكرانيون والغربيون ما سوف يفعله بوتين - الذي يعتقد أنه انتصر في الحرب ضد أوكرانيا وداعميها الغربيين - بجيشه الكبير الذي اكتسب خبرة المعارك بعد انتهاء حرب أوكرانيا، قد تظهر ضغوط سياسية واجتماعية واقتصادية تشجع بوتين أو حتى تجبره على تقليص حجم الجيش الروسي وقدراته فيما بعد.


مقالات ذات صلة

الجيش الأوكراني: دمّرنا مستودعا في جنوب روسيا يضم 400 مسيرة إيرانية

أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يقف بجانب مسيرة إيرانية من طراز «شاهد» في 27 أكتوبر 2022 (أرشيفية - الرئاسة الأوكرانية)

الجيش الأوكراني: دمّرنا مستودعا في جنوب روسيا يضم 400 مسيرة إيرانية

أعلن الجيش الأوكراني الأربعاء أنّه دمّر مستودعا في جنوب روسيا يضمّ حوالى 400 طائرة مسيّرة مفخّخة إيرانية الصنع من طراز شاهد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ صورة أرشيفية لمصافحة بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

ترمب تكـتّم على إرسال فحوص كوفيد «سراً» لبوتين

فجّرت مقتطفات من كتاب جديد للصحافي الأميركي بوب وودورد، جدلاً كبيراً في الولايات المتّحدة قبل أقلّ من شهر على موعد الانتخابات.

هبة القدسي (واشنطن)
أوروبا جنود موالون لروسيا يحملون زجاجات المياه عند إجلاء جنود أوكرانيين من مصنع آزوفستال (إ.ب.أ)

موسكو تطالب بحياد كييف وتقول السلام في أوكرانيا مستحيل إذا انضمت إلى «الناتو»

موسكو تقول إن من المستحيل تحقيق سلام عادل في أوكرانيا إذا فقدت كييف حيادها بالانضمام إلى تكتل «الأطلسي».

«الشرق الأوسط» (موسكو) «الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ)

زيلينسكي: حالة ساحة المعركة تتيح فرصة لإنهاء الحرب العام المقبل

كشف الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، اليوم (الأربعاء)، عن أن الوضع في ساحة المعركة «يتيح فرصة» لاتخاذ خطوات لإنهاء الحرب في بلاده بموعد أقصاه عام 2025.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الاقتصاد عامل بين الأنابيب في محطة ضغط وتوزيع الغاز بروسيا (رويترز)

روسيا مستعدة لمواصلة توريد الغاز لأوروبا بعد انتهاء الاتفاق... وتنتظر رداً

قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك الأربعاء إن هناك مقترحات من شركاء الاتحاد الأوروبي لمواصلة شراء الغاز الروسي بعد نهاية العام الحالي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

جندي بريطاني سابق متهم بمساعدة إيران أراد أن يكون «عميلاً مزدوجاً»

الجندي البريطاني السابق دانيال عابد خليفة (أ.ب)
الجندي البريطاني السابق دانيال عابد خليفة (أ.ب)
TT

جندي بريطاني سابق متهم بمساعدة إيران أراد أن يكون «عميلاً مزدوجاً»

الجندي البريطاني السابق دانيال عابد خليفة (أ.ب)
الجندي البريطاني السابق دانيال عابد خليفة (أ.ب)

كشف ممثلو الادعاء أمام محكمة في لندن، الثلاثاء، أن جندياً بريطانياً سابقاً نقل معلومات حساسة إلى أشخاص على صلة بـ«الحرس الثوري الإيراني» ثم فرّ لاحقاً من السجن، مما دفع السلطات لإطلاق عملية كبيرة للبحث عنه على مستوى البلاد، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال مارك هيوود، وهو أحد ممثلي الادعاء، أمام هيئة المحلفين، إن دانيال عابد خليفة جمع معلومات «حساسة وسرية في بعض الأحيان» لمدة تزيد على عامين بين مايو (أيار) 2019 ويناير (كانون الثاني) 2022، ثم ادعى أنه فعل ذلك ليصبح عميلاً مزدوجاً.

ووُجهت اتهامات إلى خليفة في وقت لاحق بترك قنبلة مزيّفة على مكتب، والفرار من ثكنته العسكرية في عام 2023 قبل القبض عليه واحتجازه على ذمة المحاكمة.

وأضاف هيوود أن خليفة، الذي لم يعد جندياً في الجيش البريطاني، فرّ بعد ذلك من السجن في سبتمبر (أيلول) 2023، مما دفع السلطات لإطلاق «عملية بحث مكثفة عنه على مستوى البلاد».

ويُحاكم الشاب البالغ من العمر 23 عاماً بتهمة جمع معلومات قد تكون مفيدة لدولة من الأعداء، في هذه الحالة إيران، وهي جريمة بموجب قانون الأسرار الرسمية.

كما وُجهت إلى خليفة اتهامات بالحصول على معلومات من المرجّح أن تكون مفيدة في أغراض إرهابية وتدبير هجوم مزيّف بقنبلة والهروب من السجن، لكنه ينفي كل هذه التهم.

وقال هيوود إن خليفة انضم إلى الجيش قبل عيد ميلاده الـ17 في عام 2018، واجتاز فحصاً أمنياً في أوائل عام 2019.

وأضاف هيوود أمام هيئة المحلفين: «بدأ (خليفة) يفكّر في التجسس خلال مرحلة مبكّرة من تعليمه، بينما كان لا يزال في الـ17 من عمره».

وأشار إلى أن خليفة أبلغ الشرطة بعد القبض عليه في 2022 بأنه تواصل في البداية مع شخص على صلة بـ«الحرس الثوري الإيراني» وأنه كان «يحاول أن يصبح عميلاً مزدوجاً».

ونقل هيوود عن خليفة قوله إنه حصل على 1500 جنيه إسترليني (2000 دولار) تقريباً من داخل حديقة بشمال لندن في أغسطس (آب) 2019 بناءً على تعليمات من الشخص المخوّل بالتعامل معه.

وبعد أسبوعين، أرسل خليفة رسالة بالبريد الإلكتروني مجهولة المصدر إلى جهاز المخابرات البريطاني (إم آي 6) قال فيها: «السبب الذي دفعني إلى الموافقة على القيام بهذا هو أنني أريد العمل عميلاً مزدوجاً لجهاز الأمن».