حزب شولتس يتقدم على اليمين المتطرف في انتخابات إقليمية بشرق ألمانيا

المستشار الألماني أولاف شولتس (د.ب.أ)
المستشار الألماني أولاف شولتس (د.ب.أ)
TT

حزب شولتس يتقدم على اليمين المتطرف في انتخابات إقليمية بشرق ألمانيا

المستشار الألماني أولاف شولتس (د.ب.أ)
المستشار الألماني أولاف شولتس (د.ب.أ)

أظهرت استطلاعات رأي تقدم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، بزعامة المستشار أولاف شولتس، بفارق ضئيل على حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف، اليوم (الأحد)، في انتخابات إقليمية بولاية براندنبورغ، التي كانت جزءاً من ألمانيا الشرقية.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، حصل الاشتراكيون الديمقراطيون على 31 إلى 32 في المائة من الأصوات، بفارق طفيف عن حزب «البديل من أجل ألمانيا» المناهض للهجرة، الذي حصل على 29 إلى 30 في المائة، وفق استطلاعين للرأي أجرتهما المحطتان الإذاعيتان العامتان الرئيسيتان.

وإذا تأكدت النتيجة، فإنها ستعطي متنفساً لحكومة شولتس الائتلافية المتعثرة، التي شهدت تراجعاً حاداً في استطلاعات الرأي قبل عام من الانتخابات الوطنية.

وتحظى الانتخابات في ولاية براندنبورغ بمتابعة دقيقة، لأن الحزب الاشتراكي الديمقراطي يحكمها منذ إعادة توحيد ألمانيا عام 1990 ولأن الدائرة الانتخابية للمستشار تقع في عاصمة الولاية بوتسدام.

وكان حزب «البديل من أجل ألمانيا» الذي يرفض طالبي اللجوء والتعددية الثقافية والإسلام وحكومة أولاف شولتس، يأمل في تكرار نجاحه الانتخابي الأخير في شرق البلاد.

قبل 3 أسابيع، فاجأ الحزب الائتلاف الحاكم بتصدره نتائج الانتخابات لأول مرة على الإطلاق في ولاية تورينغن (شرق)، وحلوله في المركز الثاني بفارق ضئيل في ولاية ساكسونيا المجاورة.

ورغم نجاحه في صناديق الاقتراع، فإنه من غير المرجح أن يتولى حزب «البديل من أجل ألمانيا» السلطة في أي ولاية، لأن جميع الأحزاب الرئيسية الأخرى استبعدت حتى الآن الدخول في تحالف حاكم معه.

وكان رئيس وزراء ولاية براندنبورغ، ديتمار فويدكه، وهو من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، قد حافظ على مسافة من شولتس خلال الحملة الانتخابية.

كما تعهد فويدكه (62 عاماً) الاستقالة من منصبه الذي تولاه قبل أكثر من عقد إذا فاز حزب «البديل من أجل ألمانيا».

خشية أمنية

استغل حزب «البديل من أجل ألمانيا» المخاوف الشعبية المتنامية من الهجرة غير النظامية، خصوصاً بعد سلسلة اعتداءات في الآونة الأخيرة نفّذها مهاجرون يشتبه في أن ميولهم إسلامية متطرفة.

وكان أبرز هذه الاعتداءات عملية طعن في مدينة زولينغن (غرب) أسفرت عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 8 أشخاص.

وبعد العملية التي تبناها «تنظيم الدولة الإسلامية»، أكدت السلطات أن شاباً سورياً كان قد طلب اللجوء ونجح في الإفلات من أمر بترحيله، سلّم نفسه وأقرّ بتنفيذ الهجوم.

وأدّى الخطاب الشعبوي لحزب «البديل من أجل ألمانيا» وجاذبيته بين كثير من الناخبين الشباب إلى زيادة الضغوط السياسية على شولتس وحلفائه الخضر والديمقراطيين الأحرار الليبراليين، الذين لم تتجاوز نتائجهم 10 في المائة في انتخابات براندنبورغ.

كما تسببت الخلافات داخل الحكومة في انخفاض شعبية شولتس بشكل كبير، في حين يتصدر وزير دفاعه بوريس بيستوريوس، وهو أيضاً اشتراكي ديمقراطي، استطلاعات الرأي غالباً، باعتباره السياسي الأكثر شعبية في ألمانيا.

من جهتهم، اختار المحافظون المعارضون في تحالف الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي، الأسبوع الماضي، زعيم حزبهم فريدريش ميرز كمرشح رئيسي في الانتخابات الوطنية في سبتمبر (أيلول) 2025.

فاغنكنخت صانعة الملوك!

يحق لنحو 2.2 مليون شخص ممن أتموا السادسة عشرة الإدلاء بأصواتهم في براندنبورغ التي تضم مزيجاً من المدن الحديثة مثل بوتسدام، والمناطق الريفية والصناعية.

وأظهر استطلاع للرأي، أجري حديثاً في براندنبورغ، أن مسألة الهجرة هي مصدر القلق الرئيسي لكثير من الناخبين.

وشهدت ألمانيا هذه السنة بروز حزب يساري، هو «تحالف زهرا فاغنكنخت» المعروف بـ«بي إس في» (BSW)، الذي حصل على نحو 12 بالمائة من الأصوات في براندنبورغ، بحسب استطلاعات الرأي.

ولدت فاغنكنخت (55 عاماً) لأب إيراني وأم ألمانية في ألمانيا الشرقية خلال حقبة الحرب الباردة، وانفصلت العام الماضي عن حزب دي لينكه اليساري المتشدد، وأسّست حزبها الخاص.

أثارت فاغنكنخت ضجة في الأوساط السياسية الألمانية بدعوتها صراحة إلى الحوار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وإنهاء دعم برلين لكييف في مواجهة غزو موسكو، والمطالبة بالتشدد في التعامل مع المهاجرين.

ووصفت فاغنكنخت سياسات حزبها بـ«اليسارية المحافظة»، وتمزج بين السياسات الاقتصادية التي تساعد العمال والطبقة الفقيرة، ومواقف محافظة، منها ضبط الهجرة.

بعد حصولها على نتائج جيدة في براندنبورغ، وقبلها في تورينغن وساكسونيا، يمكن لحزب «بي إس في» أن يتحول إلى صانع للملوك، والابتعاد عن حلف شمال الأطلسي.


مقالات ذات صلة

حزب ميركل يستعد للعودة إلى السلطة بسياسة أكثر يمينية

تحليل إخباري شولتس متحدثاً للإعلام لدى وصوله إلى مقرّ الاتحاد الأوروبي في بروكسل الأربعاء (أ.ب)

حزب ميركل يستعد للعودة إلى السلطة بسياسة أكثر يمينية

تستعد ألمانيا لتغييرات قد تكون جذرية خصوصاً في سياسات الهجرة بعد الانتخابات المبكرة التي ستجري في البلاد في 23 فبراير (شباط) المقبل.

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس يبتسم لوزير الاقتصاد وحماية المناخ بعد إعلان نتائج التصويت على الثقة في مجلس النواب الاثنين (أ.ف.ب)

المستشار الألماني يخسر ثقة النواب في تصويت يمهّد لانتخابات مبكرة

خسر المستشار الألماني أولاف شولتس، الاثنين، كما كان متوقعاً ثقة النواب في تصويت أنهى ولايته التي قوّضها انهيار الائتلاف الحكومي، ومهّد الطريق لانتخابات تشريعية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا زورابيشفيلي، الموالية للغرب، رئيسة جورجيا منذ 2018، تقول هي الرئيسة الشرعية وترافض التنحي(ا.ب.أ)

جورجيا تنتخب رئيساً مقرباً من روسيا وسط احتجاجات

تتخبّط جورجيا، الدولة القوقازية، في أزمة منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفاز بها حزب «الحلم الجورجي» الحاكم، وطعنت بنتائجها

«الشرق الأوسط» (تبليسي (جورجيا))
أوروبا آلاف المتظاهرين تجمعوا خارج البرلمان في تبليسي للتظاهر ضد تأجيل مساعي الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي يوم 30 نوفمبر (أ.ف.ب)

مخاوف من تفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب رئيس يميني مقرّب من موسكو ومناهض لأوروبا

تتفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب نواب حزب الحلم الجورجي اليميني المتطرف الحاكم مرشحه ميخائيل كافيلاشفيلي، في عملية انتخابية مثيرة للجدل.

«الشرق الأوسط» (تبليسي)
يوميات الشرق الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده، «إذا أراده السوريون»، ردوداً متباينة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

بوتين يتوعَّد أوكرانيا بمزيد من «الدمار»... ويتحدث عن «الحرب العالمية الثالثة»

TT

بوتين يتوعَّد أوكرانيا بمزيد من «الدمار»... ويتحدث عن «الحرب العالمية الثالثة»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشارك في حفل افتتاح منشآت البنية التحتية للنقل عبر رابط فيديو بموسكو (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشارك في حفل افتتاح منشآت البنية التحتية للنقل عبر رابط فيديو بموسكو (رويترز)

توعَّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم (الأحد)، بإلحاق مزيد من «الدمار» بأوكرانيا، عقب هجوم بطائرات مُسيَّرة طال برجاً سكنياً في مدينة قازان.

واتهمت موسكو كييف بالوقوف خلف هجوم أمس (السبت)، الذي أصاب مبنى شاهقاً في المدينة الواقعة على نحو ألف كيلومتر من الحدود الروسية - الأوكرانية. وأظهرت لقطات فيديو انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي، مُسيَّرةً واحدةً على الأقل ترتطم بالمبنى الزجاجي الفخم؛ ما تسبب في اندلاع كرة لهب ضخمة. ولم تعلن السلطات سقوط ضحايا.

تظهر الأضرار التي لحقت بالمجمع السكني الروسي المسمى «لازورني نيبيسا» أو «السماء الزرقاء» في قازان عقب هجمات طائرات أوكرانية من دون طيار (أ.ب)

وقال بوتين في كلمة متلفزة: «أياً كان، ومهما حاولوا التدمير، فسيواجهون دماراً مضاعفاً، وسيندمون على ما يحاولون القيام به في بلادنا».

وكان بوتين يتوجَّه بالكلام إلى رئيس جمهورية تتارستان؛ حيث تقع قازان، وذلك عبر تقنية الاتصال بالفيديو، خلال حفل تدشين طريق.

وكانت الضربة على قازان الأحدث في سلسلة من الهجمات الجوية المتصاعدة في الحرب بين روسيا وأوكرانيا، التي تقترب من إتمام عامها الثالث.

وسبق لبوتين أن توعَّد باستهداف العاصمة الأوكرانية بصواريخ فرط صوتية، رداً على الهجمات التي تستهدف بلاده.

وفي سياق آخر، قال الرئيس الروسي، اليوم (الأحد)، إن الصاروخ الفرط صوتي «أوريشنيك» علامة فارقة في تاريخ مجال صناعة الصواريخ الفضائية، مؤكداً أنه لم يوجد مثله من قبل. وأضاف بوتين، خلال مقابلة اليوم (الأحد) مع الإعلامي الروسي بافل زاروبين على قناة «روسيا 1» أن «الصاروخ (أوريشنيك) ليس إنجاز العام فحسب، لكنه إنجاز تاريخي وعلامة فارقة في تاريخ صناعة الصواريخ والفضاء، ولم يتم إنتاج أي شيء مثله من قبل، ولم يتم إنتاج أي أسلحة مماثلة على الإطلاق»، بحسب ما ذكرته وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء. وقال بوتين إنه منخرط بشكل عميق فيما يخصُّ تطوير وتصنيع هذا الصاروخ، ويعدّ ذلك جزءاً من عمله. وبخصوص استخدام «أوريشنيك» في العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، أشار بوتين إلى أن «هناك وجهات نظر مختلفة داخل وزارة الدفاع الروسية بخصوص تصنيع وتجربة الصاروخ، وقررت أولاً تخصيص الموارد المالية لتصنيعه، وثانياً اتفقت مع الفريق الذي رأى أهمية تجربته في ظروف الحرب على أرض الواقع».

رأي بوتين من «الحرب العالمية الثالثة»

وقال بوتين إن خصوم روسيا يمكنهم تصعيد الموقف ضدها، إذا أرادوا ذلك، مؤكداً أن روسيا سترد على جميع التحديات. وأضاف بوتين: «إننا نرى ما يفعله خصومنا الحاليون، وهم يصعِّدون الموقف. إذا كانوا يريدون ذلك فلندعهم يفعلونه، فلندعهم يصعِّدون أكثر. سنرد دائماً على أي تحدٍ»، حسبما أفادت «وكالة الأنباء الألمانية». وقال بوتين: «عندما يسمع خصومنا الحاليون وشركاؤنا المحتملون ذلك، ويفهمونه ويدركونه، عندئذٍ سيفهمون أنه من الضروري البحث عن حلول توافقية». وأضاف بوتين، رداً على سؤال عمّا إذا كان العالم مقبلاً على حرب عالمية ثالثة، أنه «لا داعي لتخويف أحد، ومع ذلك فهناك مخاطر كثيرة ومتزايدة».

سيطرة على قريتين شرق أوكرانيا

كما تؤكد وزارة الدفاع الروسية أن ضرباتها ضد منشآت للطاقة في أوكرانيا خلال الأسابيع الماضية، تأتي رداً على هجمات أوكرانية ضد الأراضي الروسية، تُستخدَم خلالها صواريخ أو أسلحة غربية.

وأتت تصريحات بوتين في يوم أعلنت فيه روسيا أنها سيطرت على قريتين جديدتين في شرق أوكرانيا؛ حيث تواصل منذ أشهر تحقيق تقدم تدريجي.

وأفادت وزارة الدفاع عبر «تلغرام» بأن قواتها «حرّرت» قريتي لوزوفا في شمال شرقي منطقة خاركيف، وكراسنوي (المسمَّاة سونتسيفا في أوكرانيا)، القريبتين من مدينة كوراخوفي في منطقة دونيتسك.

وباتت قوات موسكو تطوِّق المدينة بشكل شبه كامل، حسب الوزارة. وسيكون سقوط كوراخوفي مكسباً مهماً لموسكو في محاولتها السيطرة على دونيتسك كلها.

صورة التقطتها طائرة دون طيار تظهر المباني السكنية والإدارية المتضررة والمدمرة بسبب الضربات العسكرية الروسية المستمرة في بلدة توريتسك (رويترز)

وسرَّعت روسيا من تقدمها في شرق أوكرانيا خلال الأشهر الماضية، في مسعى للسيطرة على أكبر مساحة ممكنة، قبل تسلُّم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مهماته رسمياً، في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل.

ووعد الجمهوري ترمب بإنهاء الحرب في أوكرانيا بشكل سريع، من دون أن يعرض خططاً واضحة لذلك. من جهتها، تخشى كييف تراجع المساعدات العسكرية الأميركية، بعد تولي ترمب منصبه، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأعلنت موسكو أن قواتها سيطرت على أكثر من 190 تجمعاً سكانياً أوكرانياً هذه السنة، في ظل معاناة كييف للحفاظ على خطوط انتشارها، في ظل نقص العتاد والذخيرة.